لم يكن نصر السادس من أكتوبر عام 1973 الذي استرد الأرض ومهد طريق السلام الذي بدأته مصر لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط بالتوقيع على اتفاقية كامب ديفيد في سبتمبر عام 1978 منهية حالة الحرب التي لعقود.

وشهدت المنطقة حربا جديدة على أبوابها الشرقية في قطاع غزة بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023؛ حيث حملت مصر على عاتقها على مدار سنتين مسئولية وقف آلة الحرب والتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطيني بغزة والإفراج عن الأسرى والمحتجزين بالقطاع، وتحملت ضغوطا سياسية واقتصادية كبيرة من أجل وقف مخطط تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وعملت بلا كلل وبصبر كبير وبحكمة ذكاء من أجل التوصل إلى اتفاق المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل، وبذلك حققت نصرا جديدا لدبلوماسية السلام في أكتوبر شهر الانتصارات المجيدة.

وتستعد مدينة شرم الشيخ من جديد لاستقبال قادة العالم وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قمة استثنائية من أجل إحلال السلام وإنهاء الحرب ووضع خطة لإعادة إعمار غزة، في بداية فصل جديد من الدبلوماسية المصرية من أجل حل القضية الفلسطينية وإنهاء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على أساس حل الدولتين و قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

ولعبت الوساطة المصرية تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي على مدار عامين جهودا حثيثة لوقف الحرب، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني الذي مر بأقسى تجربة في تاريخه من التجويع ومحاولات التهجير وعمليات القتل المستمر.

ولعل من أبرز محطات الوساطة المصرية هو اتفاق 15 يناير عام 2025، الذي نص على وقف لإطلاق النار مدته 6 أسابيع، الذي كان يتم بمقتضاه انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي تدريجيا من وسط غزة مع السماح بعودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال القطاع.

ونص الاتفاق على إفراج حركة حماس عن 33 رهينة إسرائيلية بينهم جميع النساء (مجندات ومدنيات) والأطفال والرجال فوق سن 50 عاما، حيث ستقوم بالإفراج عن الرهائن الإناث والشباب تحت 19 عاما أولا، ثم الرجال فوق 50 عاما، وفي المقابل كانت ستفرج إسرائيل عن 30 معتقلا فلسطينيا مقابل كل رهينة مدنية و50 مقابل كل جندية إسرائيلية تفرج عنها حماس.

ونص الاتفاق أيضا على أن تقوم إسرائيل بالإفراج عن جميع النساء والأطفال الفلسطينيين دون سن الـ19 المحتجزين منذ 7 أكتوبر 2023 بحلول نهاية المرحلة الأولى، بينما كان على حماس الإفراج عن الرهائن على مدى 6 أسابيع، بواقع 3 رهائن كل أسبوع والبقية قبل نهاية الفترة.

كما نص الاتفاق على إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء أولا، ثم رفات الرهائن القتلى ولكن لم يستمر الاتفاق الهش أكثر من شهرين، مع عودة إسرائيل في مارس إلى عملياتها العسكرية من جديد مع فشل المفاوضات حول تنفيذ بقية مراحل الاتفاق ليتم استئناف الحرب.

وأحد أهم إنجازات الدبلوماسية المصرية، هي خطة إعادة الإعمار لمنع تنفيذ مخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، والتي سيتم تنفيذها على مدار خمس سنوات خلال مرحلتين، وترتكز على الإغاثة الطارئة وإعادة الإعمار بقيمة تصل إلى 53 مليار دولار، وكذلك إقامة صندوق تحت إشراف دولي يضمن "كفاء التمويل" وكذلك "الشفافية والمراقبة".

وتستمر المرحلة الأولي ستة أشهر بتكلفة تقدر ب 3 مليارات دولار، يتم خلالها البدء في عمليات إزالة الركام من المحور المركزي (محور صلاح الدين) وباقي مناطق القطاع، بالإضافة إلى توفير 200 ألف وحدة للسكن المؤقت سابقة التجهيز.

كما يفترض خلال هذه المرحلة إنشاء سبعة مواقع تستوعب ما يقرب من 5ر1 مليون فرد على أن يتم تسكين الفلسطينيين بوحدات مؤقتة (حاويات)، تستوعب متوسط 6 أفراد، فضلا عن ترميم 60 ألف وحدة مدمّرة جزئيا بهدف استيعاب 360 ألف فرد عند الانتهاء من عملية الترميم.

وتبلغ القيمة الإجمالية للمرحلة الأولى من التمويل 20 مليار دولار، وتمتد حتى عام 2027، وتشمل إنشاء أعمال المرافق والشبكات والمباني الخدمية وإنشاء وحدات سكنية دائمة واستصلاح 20 ألف فدان من الأراضي الزراعية، بينما تبلغ قيمة تمويل المرحلة الثانية لإعادة الإعمار 30 مليار دولار و تمتد حتى عام 2030 وتشمل إنشاء مناطق صناعية وميناء صيد وميناء بحري ومطار.

وأخيرا يأتي اتفاق المرحلة الأولى من خطة السلام التي اقترحها الرئيس ترامب وتم التوصل إليها بواسطة مصرية قطرية وتركية؛ لينهي حالة الحرب التي استمرت عامين في غزة ويفتح باب الأمل على مصراعيه من أجل تحقيق سلام دائم ومستدام في المنطقة. 

وينص هذا الاتفاق على انسحاب فوري تدريجي لإسرائيل من غزة وأن تقوم حماس في غضون 72 ساعة بتسليم جميع الأسرى الأحياء الموجودين لدى الفصائل في القطاع وعددهم 20 ثم تقوم بتسليم رفات 28 أسير إسرائيلي في غزة.

كما ينص الاتفاق الجديد تشكيل آلية تبادل المعلومات عن الأسرى بين حماس وإسرائيل عبر الوسطاء والصليب الأحمر الدولي وكذلك قيام إسرائيل بالإفراج عن نحو ألفي أسير فلسطيني من بينهم 250 محكم عليهم بالمؤبد و1700 اعتقلوا منذ بداية الحرب عام 2023.

طباعة شارك نصر السادس من أكتوبر تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط قطاع غزة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: نصر السادس من أكتوبر تحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط قطاع غزة من أجل

إقرأ أيضاً:

“بدونكم ما كنا حققنا هذا”.. تصريحات ويتكوف أمام السيسي ورئيس المخابرات المصرية

مصر – التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، امس الخميس في القاهرة، بمبعوثي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى مفاوضات شرم الشيخ حول السلام في قطاع غزة، والتي أثارت تصريحاتهما تفاعلا واسعا.

قال السيسي، في اللقاء بحسب فيديو بثته الرئاسة المصرية، إنه كان متأكدا من الوصول إلى اتفاق يوقف الحرب الدائرة منذ سنتين في ظل وجود المبعوثين الأمريكيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، معربا عن أمله في البدء الفوري في وقف إطلاق النار.

وأضاف السيسي أن “التقدير الكبير هو للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي لولا جهده لما تحقق هذا الاتفاق”، موضحا أن إعلانه ضرورة وقف الحرب كان تلك الإشارة التي تلقفها الجميع لتحقيقها في أقرب وقت ممكن.

وشدد على دعم مصر للاتفاق، واستعدادها للتحرك سريعا لتنفيذه في أقرب وقت ممكن، داعيا المبعوثين الأمريكيين إلى إقناع الإسرائيليين بوقف إطلاق النار حتى توقيع الاتفاق الذي تم التوصل إليه وبما يتماشى مع “روح وقف الحرب”.

من جهته، قال المبعوث الخاص الأمريكي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، إن “الأيام القليلة الماضية كانت من أكثر اللحظات قيمة في حياتي، أن نحظى بفرصة العمل معا للقيام بأشياء عظيمة للعالم”، آملا أن “تسهم في إنقاذ أرواح كثيرة وأن تقود إلى سلام دائم”.

وأشاد ويتكوف بفريق العمل المصري خلال المفاوضات، وقال: “أود الإشارة إلى أن لديكم فريقا مذهلا”، مضيفا: “لولا قيادتكم ومهارات فريقكم الفريدة، لما كنا استطعنا تحقيق الكثير. لقد أثبتوا كفاءة استثنائية في اللحظات الحاسمة”.

وأضاف مشيرا إلى رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء حسن رشاد: “ربما لن تسجل كتب التاريخ تفاصيل ما جرى، ولكن بدونكم سيدي لم نكن لنصل إلى هذه النتيجة”.

وأكد أن “ما تحقق سيمهد لمرحلة جديدة في العلاقات بين مصر والولايات المتحدة”، لافتا إلى “ضرورة الإقرار بالشراكة التي تمت على أرض الواقع، والتي أتاحت لهذه المفاوضات أن تصل إلى خاتمة ناجحة”.

وأوضح أن “الجميع كانوا على طاولة واحدة” وأن “هذا كان مثالا رائعا على قدرة العالم على الاتحاد عندما تتوافر الإرادة”، مشيرا إلى أن “إسرائيل كانت أيضًا على الطاولة، وقدّمت تنازلات. وكان من دواعي الشرف بالنسبة لي أن أشهد كل ذلك”.

وأكد أنه وجاريد كوشنر، سيدفعان إسرائيل إلى البدء فورًا في مرحلة تنفيذ الاتفاق، متابعا: “أمضينا كامل الرحلة الجوية ونحن نناقشها مع اللواء حسن، ووجهنا له دعوة للانضمام إلينا، لكنه مرتبط بمهام أخرى حاليا”.

ونوه إلى تطلعهما لضمان تنفيذ خطة السلام التي قدمها ترامب بنجاح، وضمان أنها ستعمل من أجل شعب غزة.

وأكد أن “الرئيس ترامب متحمّس جدا لزيارة مصر”، وأن من المخطط أن يزورها الأسبوع المقبل، مضيفا أنه (ترامب) “رجل مميز ويسعى لتحقيق السلام وتقليل الصراعات وضمان أن يعيش الناس حياة أفضل”.

من جهته، قال جاريد كوشنر، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي، إن ما حدث “اختراق كبير”، وإن هذا الاتفاق كان بالغ الأهمية لترامب، مشيرا إلى إنهاء فصل مظلم من تاريخ المنطقة، متمثل في الحرب على غزة.

وأشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، أبديا مرونة كبيرة في المحادثات، وقدما تنازلات ومخاطرات حقيقية من أجل الوصول إلى هذه النتيجة.

وفي هذا السياق، أجرى السيسي، اتصالا هاتفيا بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، امس الخميس، ودعاه للمشاركة في الاحتفالية التي ستعقد في مصر بمناسبة إبرام اتفاق وقف الحرب في قطاع غزة، “باعتباره اتفاقا تاريخيا يتوج الجهود المشتركة لمصر والولايات المتحدة والوسطاء في الفترة الماضية”.

وبحسب الرئاسة المصرية، رحب ترامب بالدعوة، مشيرا إلى سعادته بزيارة مصر خاصة مع كونها دولة يكن لها كل الاعتزاز والتقدير.

 

المصدر: RT

مقالات مشابهة

  • غزة.. اكتمال الاستعدادات لتبادل الأسرى والرهائن
  • حماس: لن نشارك في حكم قطاع غزة
  • ما الذي يفهم من تصريح وزير الدفاع الإسرائيلي بشأن الأنفاق؟
  • ترامب: قادة حماس مفاوضون جيدون وأقوياء جدا وأذكياء
  • وزيرا خارجية مصر وأمريكا يبحثان تفاصيل قمة السلام بشرم الشيخ
  • وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية السابق يوضح كيف عملت مصر في قضية الإفراج عن جلعاد شاليط؟
  • نتانياهو: 48 رهينة في غزة بينهم 20 أحياء.. ونتطلع إلى يوم فرح وطني مساء الاثنين
  • المنوفي الذي هزم أمريكا وإسرائيل
  • “بدونكم ما كنا حققنا هذا”.. تصريحات ويتكوف أمام السيسي ورئيس المخابرات المصرية