مستشفى مراكش يختزل الصورة المؤلمة لضحايا زلزال المغرب
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
أحمد حموش
مدينة مراكش- "منذ لحظة وقوع الزلزال ونحن ننقل الضحايا، وما زلنا ننقل، وأخشى أننا سنستمر في هذا العمل طيلة الأيام القادمة"، هكذا اختار سائق سيارة إسعاف أن يصف الوضع الذي يعيشه المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمدينة مراكش، والذي يحمل إليه الكثير من ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة مساء الجمعة.
كان وجه السائق متعبا شاحبا وهو يضيف في دردشة مع الجزيرة نت أن الوضع سيئ للغاية، وما لبث أن سارع إلى إغلاق باب سيارة الإسعاف مغادرا نحو منطقة جديدة لجلب ضحية جديدة.
فإلى حدود أمس السبت، لم يعتد سائق سيارة الإسعاف هذا ورفاقه على مواجهة كارثة بهذا الحجم، التي لا شك أنها ستترك ندوبا عميقة في ذاكرتهم إلى الأبد، كيف لا وهم يحملون يوميا عشرات الضحايا إلى المستشفيات، ولا يعلمون هل سينجون أم سيضافون للائحة الموتى التي لا تريد أن تتوقف عن الارتفاع.
فما يزال رقم الضحايا في ارتفاع مستمر، ولحدود كتابة هذه السطور من فجر اليوم العاشر من سبتمبر/أيلول وصل العدد إلى 2012 قتيلا، و2059 جريحا، جلهم ذوو إصابات خطرة. ومع انتشال ضحايا جدد من تحت الأنقاض الكل متأكد من أن الرقم سيرتفع.
الحركة داخل المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمدينة مراكش لا تكاد تهدأ، سيارات إسعاف خارجة، وأخرى تسارع للدخول، وهو أحد أبرز المستشفيات المركزية التي يحمل إليها ضحايا الزلزال.
بمجرد وصول سيارة إسعاف، يلتف حولها الممرضون والأهل ويحملون المصابين إلى قاعات المستشفى، حيث تواصل الكوادر الطبية عملها من دون توقف منذ الدقائق الأولى لوقوع الزلزال.
هذه سيارة إسعاف أنزل منها على ناقلة شبح إنسان مغطى بملاءة منزلية وهو لا يكاد يحس بما حوله، وتلك السيارة أنزلت منها عائلة كاملة؛ أب مصاب برضوض في رجله، وأم تحمل طفلا لف رأسه بضمادة طبية، وهناك سيارة إسعاف ثالثة أنزل منها كهل متكئ على جانبه الأيمن ولا يكاد ينبس ببنت شفة.
من خلال ملابسهم وسحنات وجوههم الحزينة، من الواضح أنهم من سكان المناطق النائية التي ضربها الزلزال مباشرة.
تمنع شركة الأمن المكلفة بحراسة المستشفى الجميع من الدخول باستثناء الأطباء والممرضين، فكل متر داخل المستشفى يُستغل لمعالجة ضحايا الزلزال.
وعاينت الجزيرة نت وجود العديد من الضحايا المصابين برضوض وكسور في بهو المستشفى الذي عادة يكون غاصا بالزوار، أما اليوم فهو مخصص للمعاينة الأولية لكل ضحية جديدة تأتي إلى المستشفى.
الأطباء والممرضون لم يتوقفوا عن العمل منذ الدقائق الأولى للزلزال، ويستغلون كل فرصة سانحة لأخذ قسط من الراحة داخل حديقة المستشفى الغاصة بالأهالي والزوار، ولا يكادون يرفعون رؤوسهم إلا للحديث إلى زملائهم في ما يشبه الفضفضة.
أحدهم (فضل عدم الكشف عن اسمه) أكد للجزيرة نت أن المستشفى استقبل عددا هائلا من الضحايا، إصاباتهم متباينة الخطورة.
وأضاف أن المستشفى يغص بالأطر الطبية والتمريضية، والمشكلة الحقيقية تكمن في إيجاد أماكن لاستقبال الضحايا، فضلا عن التنسيق بين الفرق الطبية لإجراء العلاجات اللازمة، فكل طبيب -لهول الكارثة- يجتهد في فعل ما يلزم للمصاب الذي يصل.
عدم وجود أماكن كافية لاستقبال العدد الكبير للضحايا -الذي "يصعب حصره" حسب تصريحات الأطباء- خلق مشاكل مع بعض الضحايا وأهاليهم، حيث طولب من بعض الجرحى المصابين بإصابات خفيفة مغادرة المستشفى، لترك أماكنهم للمصابين بإصابات خطيرة، وهو ما رفضه أهالي الضحايا بدعوى حاجة أقاربهم للرعاية الطبية المباشرة.
بعض الناشطين في جمعيات أهلية خيرية فاجؤوا زوار المستشفى بمساعدات بسيطة عبارة عن مياه للشرب وسندويتشات متواضعة، لكنها زرعت البسمة على وجوه متعبة حائرة خائفة مما هو آت، مثلما هي خائفة على مصير أفرادها المصابين.
بعض الأهالي افترشوا الحديقة البسيطة داخل المستشفى للنوم وأخذ قسط من الراحة بعد يوم متعب صاحبوا فيه أفراد عائلاتهم من أعالي الجبال التي ضربها الزلزال إلى مدينة مراكش لأجل العلاج، ولا يريدون المغادرة قبل الاطمئنان على مصيرهم.
وعندما ضاق المكان بالضحايا والأهالي والزوار، اجتمع خلق كثير خارج المستشفى؛ نساء ورجال وشباب وشيب، يجاهدون فقط حتى لا يغلقوا الباب الرئيسي للمستشفى الذي تدخل منه سيارات الإسعاف أساسا.
وبين الفينة والأخرى يسمع صوت مخيف لسيارات إسعاف لا تدخل من الباب الرئيسي للمستشفى، وعندما تسأل عن ذلك يجيبك أحدهم: إنها تخرج من باب آخر حاملة إلى المشرحة جثث مصابين التحقوا بالرفيق الأعلى، ثم ما يلبث أن يواصل ما كان منشغلا فيه قبل أن يجيبك.
فهنا، رائحة الموت الصامت تغمر المكان، ولم يعد خبر وفاة ضحية جُلب قبل دقائق إلى المستشفى حدثا يستوجب التوقف والحزن.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: داخل المستشفى سیارة إسعاف
إقرأ أيضاً:
5 أسئلة عن زلزال كامتشاتكا الهائل
ضرب أحد أعنف الزلازل المسجلة حتى الآن (8.8 درجات على مقياس ريختر) قبالة الساحل الروسي لشبه جزيرة كامتشاتكا ليل الثلاثاء، مما أدى إلى أمواج تسونامي غمرت مناطق ساحلية في شمال جزر الكوريل وتهدد بالانتشار إلى مناطق أخرى، بما في ذلك اليابان والولايات المتحدة.
وتقع شبه جزيرة كامتشاتكا في الشرق الأقصى الروسي، وهي واحدة من أكثر المناطق نشاطا زلزاليا في العالم، ويرجع ذلك إلى موقعها على "حلقة النار" في المحيط الهادي، حيث تنغمس صفيحة المحيط الهادي تحت صفيحة أوخوتسك الصغيرة، ويؤدي هذا النشاط التكتوني المستمر إلى زلازل متكررة وقوية، وغالبا ما يولّد موجات تسونامي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2موقع أميركي: الكنيسة العالمية فشلت بواجبها إزاء الإبادة في غزةlist 2 of 2كاتب تركي: إسرائيل لن تدرك حجم خسارتها إلا بعد سنواتend of listوفيما يلي 5 أسئلة لتوضيح ما حصل:
أولا: ما حجمه؟ ومتى وقع؟ وما عمقه؟ وما مركزه؟حدثت الهزة الرئيسية في حوالي الساعة 11:25 صباحا بتوقيت كامتشاتكا (الجزيرة+1)، وأُبلغ عن قوة مبدئية بلغت 8.7 درجات، ثم عُدِّلت إلى 8.8 ميغاواطات من قبل هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
وكان العمق ضحلا للغاية، حيث بلغ حوالي 19.3 كيلومترا تحت قاع البحر، أما مركز الزلزال فكان على بعد نحو 136 كيلومترا جنوب شرق بتروبافلوفسك كامتشاتسكي، وهي مدينة ساحلية رئيسية في أقصى شرق روسيا.
ويعد هذا الزلزال الأقوى في منطقة كامتشاتكا منذ الزلزال المدمر الذي بلغت قوته 9 درجات عام 1952، ويحتل المرتبة السادسة بين أقوى الزلازل المسجلة على الإطلاق في العالم.
ثانيا: هل له هزات ارتدادية؟هناك توقعات بحدوث عشرات الهزات الارتدادية، بعضها قوي قد تصل قوته إلى 7.5 درجات قرب مركز الزلزال، وكانت هذه المنطقة قد شهدت في الأيام السابقة زلزالا بقوة 7.4 درجات على مقياس ريختر في 20 يوليو/تموز الجاري، وزلزالا بقوة 6.8 درجات على مقياس ريختر في الـ22 من الشهر نفسه، مما يشير إلى ارتفاع النشاط الزلزالي.
وهذه الهزات الارتدادية الكبيرة والملحوظة يتوقع أن تستمر لمدة شهر آخر على الأقل.
إعلان ثالثا: هل تسبب في تحذيرات تسونامي؟نعم، ففي روسيا وصلت أمواج تسونامي إلى ارتفاعات كبيرة في أجزاء من كامتشاتكا، حيث أفادت التقارير بوصولها إلى 4 أمتار، وأُبلغ عن موجة ضخمة للغاية بلغ ارتفاعها 5 أمتار (16 قدما) في سيفيرو-كوريلسك بجزر الكوريل المجاورة، مما أدى إلى فيضانات وأضرار في المباني، بما في ذلك مصنع لتجهيز الأسماك، كما صدرت أوامر بإخلاء المناطق الساحلية المتضررة.
وهناك تحذيرات من آثار واسعة النطاق في المحيط الهادئ نظرا لقوة الزلزال وضحالة عمقه:
في اليابان، أصدرت تحذيرات من تسونامي، حيث إن هناك تقارير عن موجات أولية في شمال اليابان، بما في ذلك هوكايدو (نحو 30 سنتيمترا)، ثم إن موجة بلغ ارتفاعها 1.3 متر ضربت كوجي، وحثت السلطات على الإخلاء، حتى إنها أغلقت مطار سينداي كإجراء احترازي.
أما هاواي فصدر فيها تحذير من تسونامي، وتم حث السكان على إخلاء المناطق الساحلية، كما سجلت أمواج يصل ارتفاعها إلى 1.2 متر فوق مستوى سطح البحر في بعض المواقع.
وفي الساحل الغربي للولايات المتحدة وألاسكا، صدرت تحذيرات من تسونامي في أجزاء من ألاسكا، وبريتش كولومبيا، وواشنطن، وأوريغون، وكاليفورنيا، وثمة إنذار من أمواج خطيرة.
وفي دول أخرى بالمحيط الهادي صدرت تحذيرات في كل من الفلبين وإندونيسيا والإكوادور -بما في ذلك جزر غالاباغوس- وتشيلي وبيرو وكوستاريكا ونيوزيلندا، وأستراليا.
رابعا: ما الأضرار المسجلة حتى الآن؟وعلى الرغم من وقوع إصابات فإنه لم يبلغ أن أيا منها كان خطيرا، لكنْ ثمة أضرار محلية جسيمة وفيضانات في روسيا، ويبدو أن التحذيرات واسعة النطاق في المحيط الهادي وعمليات الإجلاء في الوقت المناسب قد ساهمت في التخفيف من الخسائر الفادحة والدمار الواسع النطاق في مناطق نائية أخرى، على الرغم من وصول تسونامي إلى العديد من السواحل، وسيتضح الأثر طويل المدى على البنية التحتية والنظم البيئية -خاصة في كامتشاتكا وجزر الكوريل- مع استمرار التقييمات.
ويمكن تلخيص ما حصل حتى الآن فيما يلي:
في كامتشاتكا، أُبلغ عن إصابات طفيفة وأضرار في بعض المباني -بما في ذلك روضة أطفال- وفيضانات محلية، ولا سيما في سيفيرو-كوريلسك، حيث جرت عمليات إخلاء بعد غمر أمواج بلغ ارتفاعها أمتارا عدة.
كما أجلت اليابان أكثر من 900 ألف ساكن في 133 بلدية على الرغم من انخفاض شدة الأمواج، وأعلنت هاواي حالة الطوارئ وأخلت المناطق الساحلية، وأصدرت سلطات الساحل الغربي للولايات المتحدة تحذيرات من تسونامي.
خامسا: ما هي الزلازل الكبرى في تاريخ كامتشاتكا؟1- زلزال كامتشاتكا عام 1737 القوة: قُدِّرت قوته بين 9 و9.3 درجات.
وقع هذا الزلزال بالقرب من الطرف الجنوبي لشبه جزيرة كامتشاتكا، وتسبب في حدوث تسونامي هائل، ويُعتبر من بين أكبر موجات التسونامي المسجلة في المنطقة على الإطلاق، ودمر هذا الزلزال العديد من مستوطنات السكان الأصليين، واستمرت الهزات الارتدادية حتى ربيع عام 1738.
إعلان2- زلزال كامتشاتكا عام 1841 القوة: قُدِّرت بـ9 درجات أو أكثر.
ضرب الزلزال قبالة ساحل شبه جزيرة كامتشاتكا، مسببا هزات عنيفة وتسونامي وصل ارتفاعه إلى 15 مترا، وأثر التسونامي على المناطق الساحلية، بما في ذلك هاواي، حيث سُجل ارتفاعه بـ4.6 أمتار.
3- زلزال كامتشاتكا عام 1952 القوة: 9 درجات.
هذا خامس أكبر زلزال مسجل آليا في التاريخ، وقد تسبب في حدوث تسونامي مدمر، حيث وصل ارتفاع الأمواج إلى 12 مترا على طول ساحل باراموشير، مما ألحق أضرارا جسيمة بمدينة سيفيرو-كوريلسك.
4- زلزال كامتشاتكا عام 1923 القوة: بين 6.8 و8.2 درجات.
وقع قبالة الساحل الشمالي لشبه جزيرة كامتشاتكا، وتسبب الزلزال في حدوث تسونامي، حيث وصل ارتفاع الأمواج إلى 30 مترا، مما تسبب في أضرار جسيمة و36 وفاة، وسُجل التسونامي في أماكن بعيدة، مثل هاواي والساحل الغربي للولايات المتحدة.