عربي21:
2025-07-29@18:36:44 GMT

رمال الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المتحركة

تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT

لا سكون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا جمود في التحالفات الإقليمية والدولية لحكوماتها، لا حدود لتقلبات المزاج العام للشعوب بين تفاؤل شامل بالمستقبل ويأس من قادم الأيام.

نحن سكان منطقة لا تعرف الهدوء. حين تخف وطأة العنف الأهلي في بلدان كسوريا وليبيا وتتراجع حدة المواجهات العسكرية والحرب بالوكالة في اليمن، تنفجر الأوضاع في السودان الذي تستعر به حرب أهلية تفرض مصائر التهجير على الملايين من مواطنيه وتلحق دمارا واسعا بالممتلكات العامة والخاصة وتقلل من فرص الانتقال الديمقراطي الذي كان مناط أمل الناس قبل سنوات قليلة.



نحن سكان منطقة تختلف خطوط شعوبها من ثروات الأرض والموارد البشرية، منطقة تواجه تحديات تنموية وبيئية بالغة، منطقة تهاجمها بين الحين والآخر كوارث طبيعية مدمرة لا قبل لشعوبها وحكوماتها بالتحامل الذاتي معها.

تتراكم الثروة في بلدان الخليج التي تعمل حكوماتها منذ عقود وباستراتيجيات مختلفة على توظيف عوائد الوفرة النفطية لتحقيق التنمية المستدامة ورفع معدلات التنوع الاقتصادي والرفاهة الاجتماعية، بينما تعاني البلدان غير المصدرة للنفط والغاز الطبيعي من تراكم الديون الخارجية والداخلية ومن ارتفاع نسب الفقر والبطالة والتهميش الاجتماعي، ومن ضغوط الأزمات الاقتصادية العالمية التي تحد من المردود الإيجابي لجهود تنموية حقيقية في قطاعات الطاقة المتجددة والإنتاج الصناعي والزراعي الأخضر.

وفي المنطقة الممتدة بين الخليج والمغرب، تشتد قسوة التحديات التنموية والبيئية التي تصدم الشعوب والحكومات تارة بزيادات سكانية لا تتناسب لا مع محدودية النمو الاقتصادي ولا مع المتاح من فرص عمل وخدمات أساسية في قطاعات التعليم والصحة والضمان الاجتماعي، وتارة بتداعيات التغيرات المناخية المتمثلة في ارتفاع مطرد في درجات الحرارة وتراجع مطرد في الموارد المائية وتكاثر مطرد أيضا للحوادث المناخية الحادة كالسيول والأعاصير والتي تحمل قطاعات الإنتاج الزراعي والصناعي أثمانا باهظة وتهوي بقدراتها على الوفاء باحتياجات الناس وتعمق من ثم من هشاشة المجموعات السكانية الفقيرة وغير القادرة والمقيمة في المناطق الأشد تأثرا بالتغيرات المناخية (كالمناطق الساحلية وسفوح الجبال والأقاليم شبه الصحراوية المعتمدة معيشيا وزراعيا على مياه الأمطار).

نحن أمام تناقض صادم بين شعوب ذات أغلبيات شبابية متفائلة بالحاضر والمستقبل في الخليج وشعوب ذات أغلبيات شبابية تبحث عن سبل للهجرة

وحين توضع التحديات التنموية والبيئية على منحنى واحد مع الانعكاسات السلبية للأزمات العالمية كجائحة كورونا والحرب الروسية – الأوكرانية، تكتمل ملامح مشهد غياب الأمن الإنساني والبيئي والغذائي عن الأغلبية الساحقة من شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وكأن كل هذا مصحوب بضعف أداء الحكومات في مواقع مختلفة ومحدودية التزامها بقيم الشفافية والرشادة لا تكفي، فتهاجمنا الكوارث الطبيعية المدمرة بين الحين والآخر كما في زلزال تركيا وسوريا بدايات العام الحالي وزلزال المغرب قبل أيام ولا تدع للشعوب من باب للنجاة غير الدعاء وللحكومات من باب للفعل غير طلب المساعدات الخارجية العاجلة.

ولكوننا نعيش في منطقة لا سكون فيها وتتسع بها بعيدا عن الخليج الفجوة بين الواقع المعاش بأزماته وتحدياته وبين الآمال المشروعة للمواطنات والمواطنين، فإن الحركية الدائمة أضحت أيضا الصفة المميزة لأداء العديد من الحكومات التي تبحث إقليميا ودوليا عن تحالفات تمكنها من تحقيق قدر من التنمية المستدامة وشيء من التكيّف مع التغيرات البيئية والسيطرة على أضرارها. 

هي، إذا، حركية في مجال السياسة الإقليمية والدولية وليس في مجال السياسات الداخلية التي لا يريد بشأنها العدد الأكبر من حكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبعد عقد الانتفاضات الشعبية غير خليط من الاستقرار والإصلاح التدريجي الذي لا يطرق أبواب تداول السلطة أو إعادة اقتسام الثروة.

فقط في سياق الحركية الإقليمية والدولية هذه يمكن أن تدرك الأبعاد الكاملة لترحيب بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتنامي دور الصين الاقتصادي والتجاري والسياسي وتدريجيا الأمني والدبلوماسي وبصعودها كمنافس للولايات المتحدة الأمريكية وللاتحاد الأوروبي وبتنسيقها في بعض قضايا وشؤون المنطقة مع روسيا.

فقط في سياقها أيضا يمكن أن تفهم الأهمية الكبرى لانضمام إيران والإمارات والسعودية ومصر إلى تجمع «بريكس» كأعضاء كاملين اعتبارا من 2024 وبما تؤشر عليه عضوية تجمع يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا فيما خص الرغبة الإيرانية في تهميش الدور الأمريكي في الشرق الأوسط، والتوجه الإماراتي والسعودي إلى الانفتاح على تحالفات اقتصادية وتجارية ونقدية متنوعة تقلل من تبعية البلدين للولايات المتحدة والغرب والدولار كعملة عالمية، والسعي المصري إلى التفاوض الجماعي باسم القارة الأفريقية ودول الجنوب العالمي لتسوية ديون الجنوب المتراكمة ومن داخلها الديون المصرية والحصول على عوائد تنموية حقيقية والتوسع في برامج مبادلة الاقتصاد الأخضر ونقل التكنولوجيا.

أما عن تقلبات المزاج العام لشعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تدلل عليها استطلاعات الرأي العام التي يجريها «البارومتر العربي» بانتظام، فحدث ولا حرج. نحن أمام تناقض صادم بين شعوب ذات أغلبيات شبابية متفائلة بالحاضر والمستقبل في الخليج وشعوب ذات أغلبيات شبابية تبحث عن سبل للهجرة (شرعية أو غير شرعية) بعيدا عن أوطانها.

تقلبات المزاج العام هذه، والتي تعبر عنها اليوم الإبداعات الموسيقية للشباب العربي (خاصة الراب) يتواكب معها طرح علني في الفضاء العام الذي تصيغه شبكات التواصل الاجتماعي لأسباب التفاؤل هنا والقنوط هناك على نحو يصنع، بعيدا عن السياسة ووسائل الإعلام التقليدية، حالة من حرية التفكير والتعبير وكسر المحرمات تستحق المتابعة في عموم المنطقة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الشرق الأوسط الخليج التنمية تقلبات الخليج الشرق الأوسط التنمية تقلبات اقتصاد دولي سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق الأوسط وشمال أفریقیا

إقرأ أيضاً:

السعودية: نواصل جهود التوصل إلى سلام عادل بالشرق الأوسط

الرياض - صفا

أكدت السعودية، يوم الثلاثاء، مواصلة جهود التوصل إلى سلام عادل في الشرق الأوسط.

وقال مجلس الوزراء السعودي خلال جلسته التي عقدت اليوم الثلاثاء، في جدة، برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، التطلع إلى أن يسهم "المؤتمر الدولي رفيع المستوى حول التسوية السلمية للقضية الفلسطينية" الذي ترأسه السعودية بالشراكة مع فرنسا؛ في كل ما من شأنه تسريع الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإرساء مسار توافقي لتنفيذ حل الدولتين، وتعزيز أمن دول المنطقة واستقرارها.

وأدان المجلس مطالبة الكنيست الإسرائيلية بفرض السيطرة على الضفة الغربية والأغوار الفلسطينية المحتلة، وما تُمثل من تقويض جهود السلام والإصرار على التخريب والدمار، مشددا على رفض المملكة التام لانتهاكات سلطات الاحتلال للقوانين الدولية وقرارات الأمم المتحدة.

وأردف "تواصل المملكة جهودها الرامية إلى إرساء السلام العادل في منطقة الشرق الأوسط ونشر الأمن والاستقرار الدوليين، وإيقاف دائرة العنف التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء".

وجدد المجلس ترحيب السعودية بإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عزم بلاده الاعتراف بدولة فلسطين، ويدعو بقية الدول إلى اتخاذ خطوات مماثلة ومواقف داعمة للسلام وحقوق الشعب الفلسطيني.

 

مقالات مشابهة

  • السعودية: نواصل جهود التوصل إلى سلام عادل بالشرق الأوسط
  • مجلس الوزراء: المملكة تواصل جهودها لإرساء السلام العادل في منطقة الشرق الأوسط
  • جوتيرش: سلام الشرق الأوسط يتحقق بحل الدولتين
  • منتخب مصر لكرة السلة على الكراسي المتحركة يغادر إلى جنوب أفريقيا للمشاركة في بطولة العالم 3×3
  • غوتيريش: حل الدولتين هو المسار الوحيد لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط
  • أبوالغيط: الحرب توسعت خارج غزة وعواقبها طالت الشرق الأوسط بأكمله
  • هل قُتل شيمون بيريز في غزة؟
  • فيصل بن فرحان: مؤتمر "تنفيذ حل الدولتين" يهدف لإرساء السلام
  • «ويتكوف»: اتفاقيات أبراهام مرشحة للتوسع.. و10 دول قد تنضم هذا العام
  • تحذير: الطاعون في منطقتنا