عربي21:
2024-06-11@20:21:14 GMT

رمال الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المتحركة

تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT

لا سكون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا جمود في التحالفات الإقليمية والدولية لحكوماتها، لا حدود لتقلبات المزاج العام للشعوب بين تفاؤل شامل بالمستقبل ويأس من قادم الأيام.

نحن سكان منطقة لا تعرف الهدوء. حين تخف وطأة العنف الأهلي في بلدان كسوريا وليبيا وتتراجع حدة المواجهات العسكرية والحرب بالوكالة في اليمن، تنفجر الأوضاع في السودان الذي تستعر به حرب أهلية تفرض مصائر التهجير على الملايين من مواطنيه وتلحق دمارا واسعا بالممتلكات العامة والخاصة وتقلل من فرص الانتقال الديمقراطي الذي كان مناط أمل الناس قبل سنوات قليلة.



نحن سكان منطقة تختلف خطوط شعوبها من ثروات الأرض والموارد البشرية، منطقة تواجه تحديات تنموية وبيئية بالغة، منطقة تهاجمها بين الحين والآخر كوارث طبيعية مدمرة لا قبل لشعوبها وحكوماتها بالتحامل الذاتي معها.

تتراكم الثروة في بلدان الخليج التي تعمل حكوماتها منذ عقود وباستراتيجيات مختلفة على توظيف عوائد الوفرة النفطية لتحقيق التنمية المستدامة ورفع معدلات التنوع الاقتصادي والرفاهة الاجتماعية، بينما تعاني البلدان غير المصدرة للنفط والغاز الطبيعي من تراكم الديون الخارجية والداخلية ومن ارتفاع نسب الفقر والبطالة والتهميش الاجتماعي، ومن ضغوط الأزمات الاقتصادية العالمية التي تحد من المردود الإيجابي لجهود تنموية حقيقية في قطاعات الطاقة المتجددة والإنتاج الصناعي والزراعي الأخضر.

وفي المنطقة الممتدة بين الخليج والمغرب، تشتد قسوة التحديات التنموية والبيئية التي تصدم الشعوب والحكومات تارة بزيادات سكانية لا تتناسب لا مع محدودية النمو الاقتصادي ولا مع المتاح من فرص عمل وخدمات أساسية في قطاعات التعليم والصحة والضمان الاجتماعي، وتارة بتداعيات التغيرات المناخية المتمثلة في ارتفاع مطرد في درجات الحرارة وتراجع مطرد في الموارد المائية وتكاثر مطرد أيضا للحوادث المناخية الحادة كالسيول والأعاصير والتي تحمل قطاعات الإنتاج الزراعي والصناعي أثمانا باهظة وتهوي بقدراتها على الوفاء باحتياجات الناس وتعمق من ثم من هشاشة المجموعات السكانية الفقيرة وغير القادرة والمقيمة في المناطق الأشد تأثرا بالتغيرات المناخية (كالمناطق الساحلية وسفوح الجبال والأقاليم شبه الصحراوية المعتمدة معيشيا وزراعيا على مياه الأمطار).

نحن أمام تناقض صادم بين شعوب ذات أغلبيات شبابية متفائلة بالحاضر والمستقبل في الخليج وشعوب ذات أغلبيات شبابية تبحث عن سبل للهجرة

وحين توضع التحديات التنموية والبيئية على منحنى واحد مع الانعكاسات السلبية للأزمات العالمية كجائحة كورونا والحرب الروسية – الأوكرانية، تكتمل ملامح مشهد غياب الأمن الإنساني والبيئي والغذائي عن الأغلبية الساحقة من شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وكأن كل هذا مصحوب بضعف أداء الحكومات في مواقع مختلفة ومحدودية التزامها بقيم الشفافية والرشادة لا تكفي، فتهاجمنا الكوارث الطبيعية المدمرة بين الحين والآخر كما في زلزال تركيا وسوريا بدايات العام الحالي وزلزال المغرب قبل أيام ولا تدع للشعوب من باب للنجاة غير الدعاء وللحكومات من باب للفعل غير طلب المساعدات الخارجية العاجلة.

ولكوننا نعيش في منطقة لا سكون فيها وتتسع بها بعيدا عن الخليج الفجوة بين الواقع المعاش بأزماته وتحدياته وبين الآمال المشروعة للمواطنات والمواطنين، فإن الحركية الدائمة أضحت أيضا الصفة المميزة لأداء العديد من الحكومات التي تبحث إقليميا ودوليا عن تحالفات تمكنها من تحقيق قدر من التنمية المستدامة وشيء من التكيّف مع التغيرات البيئية والسيطرة على أضرارها. 

هي، إذا، حركية في مجال السياسة الإقليمية والدولية وليس في مجال السياسات الداخلية التي لا يريد بشأنها العدد الأكبر من حكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبعد عقد الانتفاضات الشعبية غير خليط من الاستقرار والإصلاح التدريجي الذي لا يطرق أبواب تداول السلطة أو إعادة اقتسام الثروة.

فقط في سياق الحركية الإقليمية والدولية هذه يمكن أن تدرك الأبعاد الكاملة لترحيب بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتنامي دور الصين الاقتصادي والتجاري والسياسي وتدريجيا الأمني والدبلوماسي وبصعودها كمنافس للولايات المتحدة الأمريكية وللاتحاد الأوروبي وبتنسيقها في بعض قضايا وشؤون المنطقة مع روسيا.

فقط في سياقها أيضا يمكن أن تفهم الأهمية الكبرى لانضمام إيران والإمارات والسعودية ومصر إلى تجمع «بريكس» كأعضاء كاملين اعتبارا من 2024 وبما تؤشر عليه عضوية تجمع يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا فيما خص الرغبة الإيرانية في تهميش الدور الأمريكي في الشرق الأوسط، والتوجه الإماراتي والسعودي إلى الانفتاح على تحالفات اقتصادية وتجارية ونقدية متنوعة تقلل من تبعية البلدين للولايات المتحدة والغرب والدولار كعملة عالمية، والسعي المصري إلى التفاوض الجماعي باسم القارة الأفريقية ودول الجنوب العالمي لتسوية ديون الجنوب المتراكمة ومن داخلها الديون المصرية والحصول على عوائد تنموية حقيقية والتوسع في برامج مبادلة الاقتصاد الأخضر ونقل التكنولوجيا.

أما عن تقلبات المزاج العام لشعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تدلل عليها استطلاعات الرأي العام التي يجريها «البارومتر العربي» بانتظام، فحدث ولا حرج. نحن أمام تناقض صادم بين شعوب ذات أغلبيات شبابية متفائلة بالحاضر والمستقبل في الخليج وشعوب ذات أغلبيات شبابية تبحث عن سبل للهجرة (شرعية أو غير شرعية) بعيدا عن أوطانها.

تقلبات المزاج العام هذه، والتي تعبر عنها اليوم الإبداعات الموسيقية للشباب العربي (خاصة الراب) يتواكب معها طرح علني في الفضاء العام الذي تصيغه شبكات التواصل الاجتماعي لأسباب التفاؤل هنا والقنوط هناك على نحو يصنع، بعيدا عن السياسة ووسائل الإعلام التقليدية، حالة من حرية التفكير والتعبير وكسر المحرمات تستحق المتابعة في عموم المنطقة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الشرق الأوسط الخليج التنمية تقلبات الخليج الشرق الأوسط التنمية تقلبات اقتصاد دولي سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق الأوسط وشمال أفریقیا

إقرأ أيضاً:

رئيسة بنك التنمية الجديد: مصر تعد مركزًا إقليميًا في ظل موقعها الفريد في الشرق الأوسط وأفريقيا

استقبلت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي والمحافظ المناوب لمصر لدى بنك التنمية الجديد، ديلما روسيف، رئيسة بنك التنمية الجديد NDB ورئيسة البرازيل السابقة، وذلك بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة، حيث عقد الجانبان جلسة مباحثات قبيل انعقاد الملتقى الأول للبنك الذي ينطلق غدًا الثلاثاء، وشهد اللقاء مناقشات حول مجالات التعاون والفرص المتاحة لتعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة، في إطار استراتيجية بنك التنمية الجديد تعزيز العلاقات مع الدول النامية والاقتصاديات الناشئة، وكذلك الأولويات والاهتمامات الوطنية.

وفي مستهل اللقاء رحبت وزيرة التعاون الدولي، برئيسة بنك التنمية الجديد في زيارتها لمصر، مؤكدة على أهمية تلك الزيارة التي تأتي بعد انضمام مصر لعضوية البنك وكذلك تجمع دول "بريكس"، في إطار حرص الدولة المصرية على توطيد وتنويع علاقاتها مع شركاء التنمية المختلفين بما يلبي متطلبات التنمية ويعزز من التوجه نحو دعم إصلاح الهيكل المالي العالمي بدخول مزيد من الآليات التمويلية المبتكرة، حيث أن الجهود التي يقوم بها البنك تعزز التوجه الدولي نحو ابتكار آليات تمويل جديدة وإصلاح بنوك التنمية متعددة الأطراف

واستعرضت وزيرة التعاون الدولي، الجهود الوطنية لتحقيق التنمية المستدامة من خلال تنفيذ استراتيجية 2030 التي تتضمن خطوطًا عريضة للعلاقات ما بين القطاعات المختلفة، وكذلك الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050، التي تُعزز جهود التنمية في مجالات مختلفة مثل الطاقة المتجددة، والهيدروجين الأخضر، حيث يتم العمل على دفع تلك القطاعات من خلال العلاقات مع شركاء التنمية متعددي الأطراف والثنائيين، وحشد استثمارات القطاع الخاص للعمل المناخي، إلى جانب ذلك تعمل مصر على تنفيذ الاستراتيجية المتكاملة للطاقة المستدامة 2030، حيث نفذت الدولة إصلاحات هيكلية مكنتها من توسيع مظلة استثمارات القطاع الخاص في الطاقة المتجددة ومن بين أبرز تلك المشروعات مجمع بنبان للطاقة الشمسية بأسوان.

كما أشارت وزيرة التعاون الدولي، إلى مشروعات البنية التحتية التي تم تنفيذها وتحفيز البيئة الاستثمارية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس والشراكات مع العديد من الشركات العالمية التي تستفيد من الميزة النسبية للمنطقة في تصدير منتجاتها لأفريقيا، وكذلك التوسع في بناء الموانئ الجافة في مختلف أنحاء مصر، بما يجعل مصر محورًا رئيسيًا في المبادرات العالمية ومن بينها مبادرة الحزام والطريق، ويفتح مجالات كبيرة للتعاون مع بنك التنمية الجديد والدول الأعضاء مع البنك. فضلًا عن توجه الدولة نحو التوسع في التكنولوجيا والابتكار ومراكز البيانات.

من جانب آخر عرضت «المشاط»، تقرير الوزارة لعام 2023 والذي يتضمن تفاصيل الشراكات مع شركاء التنمية خلال الفترة من 2020 إلى 2023، والمشروعات المختلفة التي تم تنفيذها من شركاء التنمية، فضلًا عن جهود تحفيز العمل المناخي من خلال برنامج «نُوَفّي»، والمشروعات الرائدة التي تم تنفيذها مع شركاء لتنمية مثل برنامج الحماية الاجتماعية "تكافل وكرامة"، وبرنامج الإسكان الاجتماعي.

وأكدت وزيرة التعاون الدولي، أن هناك اهتمام كبير من مجتمع الأعمال ومراكز الفكر ومختلف الأطراف المعنية بانعقاد الملتقى الأول للبنك في مصر، للتعرف على الفرص المتاحة للتعاون والرؤية التي يعمل من خلالها لدعم التنمية في الدول النامية والاقتصاديات الناشئة.

من جانبها وجهت رئيسة بنك التنمية الجديد، الشكر للدولة المصرية على حفاوة الاستقبال، مؤكدة على أهمية العلاقات مع مصر والفرص الكبيرة المتاحة للاستثمار في ظل تواجد المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وشبكة الطرق والبنية التحتية الضخمة، والفرص المتاحة للاستثمار في التعليم والتكنولوجيا والصحة، مؤكدة أن مصر تعد مركزًا إقليميًا في ظل موقعها الفريد بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا لاسيما خصوصًا مع تواجد الموانئ الجافة. وأكدت في ذات الوقت أهمية توجه الدول الناشئة نحو زيادة استثماراتها في مجال التكنولوجيا والابتكار لمواكبة التطورات العالمية وتعزيز جهود توطين الصناعة والمساهمة في تطوير سلاسل القيمة.

مقالات مشابهة

  • Aleph تعلن عن التوسع الإستراتيجي لمبادرتها “علامة تجارية موحدة”
  • أقوى الشركات العقارية في الشرق الأوسط لعام 2024
  • «الشرقية إيسترن كومباني» ضمن أقوى 50 شركة في مصر بقائمة فوربس الشرق الأوسط
  • الشرق الأوسط يحل ثانيا.. أكبر عدد من النزاعات المسلحة منذ 78 عاما
  • رئيسة بنك التنمية الجديد: مصر تعد مركزًا إقليميًا في ظل موقعها الفريد في الشرق الأوسط وأفريقيا
  • رزان المبارك: مخرجات COP28 نجحت في دمج الحفاظ على المحيطات ضمن أجندة المناخ
  • رزان المبارك : مخرجات “COP28” نجحت في دمج الحفاظ على المحيطات ضمن أجندة المناخ
  • الشارقة تصعد للمركز الرابع خليجياً والسابع في تصنيف منظومة الشركات الناشئة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2024
  • بلينكن في الشرق الأوسط للمرة الثامنة.. هل ينجح في وقف إطلاق النار
  • سفارة المملكة في قرغيزستان تحتفي باليوم العالمي للبيئة