قانون المقاطعة.. مشروع بريطاني يدعم الاحتلال ويتناقض مع التزامات المملكة
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
تناول مقال للصحفي بيتر أوبورن، نشره موقع "ميديل إيست آي"، مشروع القانون البريطاني المناهض لحركة مقاطعة الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدا أن المشروع يمرغ سمعة بريطانيا العالمية في التراب.
وأشار الكاتب إلى أن حكومة ريشي سوناك، المنكسرة أخلاقياً تصر على الدفع بالمشروع به ليصبح تشريعاً بدون أدنى درجة من التدقيق الجاد.
وفيما يلي نص المقال الكامل الذي ترجمته "عربي21":
هذا الأسبوع، سوف يُستقبل وزير الخارجية جيمس كليفرلي استقبال الأبطال من قبل حكومة الاحتلال بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وذلك حينما يزور إسرائيل في مهمة يقال إن الغاية منها هي بناء الروابط التجارية بين البلدين.
ولكن في واقع الأمر لم تتوان الحكومة البريطانية حتى الآن عن تقديم كل ما في وسعها تقديمه لحكومة نتنياهو.
والحبل على الجرار.
خذ على سبيل المثال "خطة طريق 2030 للعلاقات الثنائية بين بريطانيا وإسرائيل"، والتي تجاهلت الاحتلال ووصفت إسرائيل بأنها ديمقراطية "مزدهرة"، وهي الخطة التي وقع عليها وزير الخارجية كليفرلي قبيل قيام نتنياهو بزيارة إلى بريطانيا في شهر مارس (آذار) الماضي. والآن لدينا مشروع قانون، أطلق عليه الاسم المشؤوم "النشاط التجاري لمؤسسات القطاع العام" (شؤون الخارج)، والذي دخل الأسبوع المنصرم مرحلة اللجنة الخاصة به في مجلس العموم.
يحقق مشروع القانون هذا واحداً من أهم الأهداف المركزية للسياسة الخارجية لحكومة نتنياهو – ألا وهو حماية إسرائيل من خطر الوقوع في العزلة الدولية، وذلك من خلال سد المنافذ على المؤسسات العامة فلا تتمكن من دعم حملة مقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها وسحب الاستثمارات منها.
وأغرب ما في الأمر أن مشروع القانون يخص بالحماية الخاصة إسرائيل دون غيرها بما في ذلك المستوطنات الإسرائيلية داخل الضفة الغربية المحتلة ومرتفعات الجولان المحتلة. وبذلك فهو يحصن ليس فقط إسرائيل، بل ومستوطناتها المقامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي مرتفعات الجولان، المحتلة من سطوة حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (بي دي إس). وليس هذا فحسب.
من خلال الدمج بين إسرائيل والمناطق التي تحتلها بقوة السلاح، يتناقض مشروع القانون بشكل سافر مع كل الالتزامات التي تم التعهد بها من خلال السياسة الخارجية لبريطانيا.
التزامات بريطانيا تجاه الأمم المتحدة
من المعروف أن بريطانيا واحدة من الدول الموقعة على قرار 2334 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
يدعو هذا القرار، بما يعتبر بمثابة التزام تتعهد به الدول الأعضاء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، "جميع الدول إلى التمييز، في تعاملاتها ذات العلاقة بالأمر، ما بين أراضي دولة إسرائيل والأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967."
ولذلك فإن الحماية التي يمنحها مشروع القانون الجديد للمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة يسخف من التزامات بريطانيا "الموقرة" أمام الأمم المتحدة.
والأدهى والأمر أنه يجري الدفع بمشروع القانون داخل مجلس العموم البريطاني بينما تدخل حكومة ريشي سوناك، التي تعاني من انكسار أخلاقي وسياسي، شهورها الأخيرة في السلطة.
والعجيب في الأمر أن ريشي سوناك مضى قدماً في خطته على الرغم من تحذيرات متكررة صدرت عن كبار المسؤولين في وزارة الخارجية من أن مشروع القانون لا يتناقض فقط مع منطلقات السياسة الخارجية البريطانية، بل ويمثل في واقع الأمر هدية تقدم على طبق من ذهب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ليستخدمها في حربه الدعائية ضد خصومه في الغرب.
فكما كشف صحفيان يعملان في البي بي سي، هما إيون ويلز وطوم بيتمان، ورد في خطاب وجهته وزارة الخارجية إلى مكتب رئيس الوزراء في داونينغ ستريت في شهر مايو (أيار) الماضي "ما يفيد بأن موسكو لسوف تستخدم مشروع القانون لإثبات أن بريطانيا لا تتمسك بالأنظمة والقواعد المتوافق على العمل بها دولياً، وأنها بذلك تتصرف بازدواجية من المعايير وتثبت نفاقها إزاء تعاملنا مع "المناطق التي تم ضمها" حينما تتصدر للتنديد بالغزو الروسي لأوكرانيا."
يضاف إلى ذلك ما ورد في تقرير للبي بي سي من أن المحامين الذين يمثلون وزارة الخارجية حذروا من أن بنداً وارداً في نص مشروع القانون "من شأنه أن يزيد إلى حد كبير من خطورة وقوع بريطانيا في انتهاك الالتزامات التي نتعهد بها بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334."
على الرغم من هذا التحذير القوي (والخارق للعادة)، إلا أن ريشي سوناكيصر على تجاهل النصيحة المقدمة له، ويصر على المضي قدماً في الدفع بمشروع القانون. بل وتلجأ حكومته بكل مكر إلى استخدام كل ألوان الخداع التي يمكن تصورها من أجل تمرير مشروع القانون داخل البرلمان.
انعدام التوازن
ثمة مشاكل كبيرة وعميقة في الطريقة التي تدير بها الحكومة ما يعرف بمرحلة اللجنة الخاصة بمشروع القانون.
وكما كتب أريب الله في تقرير نشره له موقع ميدل إيست آي في الأسبوع الماضي، لم تتم دعوة فلسطيني واحد للإدلاء بشهادته أمام البرلمان، ولا واحد على الإطلاق. في المقابل، جرى الاستماع إلى حشد من الأصوات المؤيدة لإسرائيل.
ومن الشخصيات التي دعيت للإدلاء بشهادتها في هذا الأمر الصحفية ميلاني فيليبس، التي تعمل في صحيفة التايمز اللندنية. ومعروف عن هذه الصحفية أنها كثيراً ما تستخدم عمودها الدوري لإنكار وجود الإسلاموفوبياناهيك عن نقدها اللاذع لكل من ينتقد إسرائيل، حتى لو كانوا من اليهود.
كتبت ميلاني فيليبس في عمود لها تقول "إنه لا توجد أسباب حسنة لمعارضة مشروع القانون." وعندما تحدثت أمام اللجنة البرلمانية، استمع لها الأعضاء بكل إصغاء وتزلف وتوقير.
وما كان من جورج هاوارث، عضو البرلمان عن حزب العمال ورئيس اللجنة، إلا أن شكر ميلاني فيليبس على "إجاباتها التي تميزت بالوضوح والصراحة مما ساعد اللجنة كثيراً في عملها."
وفي هذا، دون أدنى شك، أوضح مؤشر على التوجه الحالي الذي يتبناه حزب العمال بقيادة كير ستارمر إزاء قضية فلسطين.
من المثير للانتباه أنه لم تتم دعوة أي كاتب صحفي مؤيد لفلسطين ليدلي بشهادة تقابل شهادة ميلاني فيليبس وتحدث نوعاً من التوازن. فلماذا لم يحصل ذلك؟
انحياز جوهري
وإليكم نموذجاً آخر على انعدام الإنصاف. لقد أدلى أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين بشهادتهم، بينما لم يُدع للشهادة أحد من أصدقاء فلسطين في حزب المحافظين، برئاسة الوزيرة السابقة سيدة وارسي، ولو من باب تحقيق شيء من التوازن.
وهنا لا مفر من التساؤل تارة أخرى، لماذا لم يتم ذلك؟
كما أدلى ممثلون عن مجموعة "محامون بريطانيون من أجل إسرائيل" بدلوهم، ولكن لم يقابل ذلك بدعوة أحد من مجموعة "محامون من أجل حقوق الإنسان الفلسطينية" ليدلي بدلوه في القضية.
وتارة أخرى نتساءل، لماذا لم يحصل ذلك؟
وعلى نفس النسق، أدلى ممثلون عن مجلس الزعامة اليهودية بشهادتهم، بينما لم يدع للشهادة أحد من أعضاء لجنة الفلسطينيين البريطانيين. وهكذا دواليك.
تجلى الانحياز الجوهري منذ اللحظة الأولى التي بدأت فيها مرحلة اللجنة الخاصة بمشروع القانون يوم الثلاثاء الماضي، وذلك حينما تم الطلب (كما هو منصوص عليه في قواعد وأحكام مجلس العموم البريطاني) من أعضاء اللجنة الإعلان عن اهتماماتهم.
وما تم الكشف عنه كان مذهلاً.
فسبعة من عشرة من أعضاء البرلمان عن حزب المحافظين ضمن اللجنة المكونة من تسعة عشر عضواً قالوا إنهم زاروا إسرائيل ضمن رحلات نظمتها لهم مجموعة أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين.
وكشف ستة منهم عن أنهم من الأصدقاء المقربين بشكل شخصي لجيمز غارد، المدير التنفيذي لمجموعة أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين، والذي كان هو نفسه واحداً من الشهود الذين دعوا للإدلاء بشهاداتهم.
وقال سبعة من أعضاء اللجنة من النواب عن حزب العمال في البرلمان إنهم قاموا بزيارات إلى إسرائيل ضمن رحلات نظمتها لهم مجموعة أصدقاء إسرائيل في حزب العمال – ومن بين هؤلاء جورج هوارث نفسه المكلف برئاسة اللجنة.
فقط نائب واحد، وهو النائب في البرلمان عن حزب العمال كيم ليدبيتر، قال إنه قام بزيارة ضمن رحلة نظمها مجلس التفاهم العربي البريطاني، والذي يتصدر للدفاع عن حقوق الإنسان الفلسطيني.
هدية سياسية تقدم لنتنياهو
ولعل من أبرز ما يلاحظ في عمل اللجنة المعنية من عوار أنه لم تتم دعوة مسؤول واحد من وزارة الخارجية البريطانية ليدلي بشهادته حول الأضرار التي يمكن أن تنجم عن تبني مشروع القانون، والتي قد تؤدي إلى تقويض مكانة بريطانيا على المستوى الدولي.
وهذا يمكن تفهمه إذا ما أخدنا بالاعتبار أنه لا توجد من بين الحكومات من ترغب في الكشف عما في داخلها من انقسامات وتباينات. إلا أن الشهادة التي تتضمنها المذكرة المسربة لوزارة الخارجية، والتي تفيد بأن مشروع القانون سوف يساعد فلاديمير بوتين على تنظيف سمعته الملطخة بالدماء، تتطلب عناية فائقة وتحقيقاً استقصائياً شاملاً.
من المفترض أن تسترشد الحكومة البريطانية بما يعرف بمبادئ نولان، والتي تشتمل على الإيثار، والنزاهة، والموضوعية، والشعور بالمسؤولية، والانفتاح والشفافية، والأمانة، وحسن الإدارة.
لقد ثبت بما لا مجال معه للشك، ومن خلال اختيار الشهود، وكذلك من خلال اختيار أعضاء اللجنة، أن مبادئ نولان لا وجود لها حين يتعلق الأمر بمشروع قانون "النشاطات الاقتصادية للمؤسسات العامة (شؤون الخارج)."
بالمختصر المفيد، مشروع القانون هذا عبارة عن تلفيق في تلفيق.
لا ترغب الحكومة في أن يتم إجراء أي تحليل جاد لمشروع قانون، يعتبر من ناحية هدية على طبق من ذهب لرئيس وزراء إسرائيل المتأزم وكذلك للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويعتبر من ناحية أخرى مهدداً بإلحاق ضرر جسيم ودائم بسمعة بريطانيا كدولة تتحرى الإنصاف في تعاملاتها.
وثمة نقطة أخرى أخيرة، ألا وهي لماذا الآن بالذات؟
منذ أن عاد نتنياهو لتسلم منصب رئيس وزراء إسرائيل في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والأمور داخل إسرائيل، وبشكل خاص داخل الضفة الغربية المحتلة، تتجه من سيء إلى أسوأ.
ما فعله نتنياهو هو أنه رقى إيتا بن غفير من سياسي كاهاني يميني متطرف وكاره للفلسطينيين إلى سياسي يحتل منصب وزير الأمن الوطني. وفي نفس الوقت سلم نتنياهو مقاليد أمور المستوطنات غير القانونية داخل الضفة الغربية إلى وزير المالية بيزاليل سموتريتش، وبذلك أقدم على ما لم يسبقه إليه أحد، مما نجم عنه تسريع وتيرة ضم أراضي الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل.
تصاعد العنف الذي يمارسه المستوطنون ضد الفلسطينيين بشكل مخيف، وبات التوسع الكبير في بناء المستوطنات جزءاً من برنامج منتظم للحيلولة دون قيام الدولة الفلسطينية.
في هذه الأثناء، راح نتنياهو يطبق برنامجاً للإصلاح القضائي يهدد بتقويض النظام الديمقراطي داخل إسرائيل نفسها.
ومع ذلك، وبينما تتجه إسرائيل في هذا المسار المرعب، تعمل حكومة سوناكعلى الدفع بتشريع من شأنه أن يبعث برسالة مفادها أن بإمكان إسرائيل المضي قدماً في برنامج الاستيطان، بكل ما يصاحب ذلك من عنف استيطاني رهيب، دونما رقيب أو حسيب.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الاحتلال بريطانيا سوناك بريطانيا الاحتلال سوناك سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی حزب المحافظین بمشروع القانون وزارة الخارجیة الضفة الغربیة مشروع القانون حزب العمال من أعضاء من خلال عن حزب
إقرأ أيضاً:
معركة الإيجارات تصل القومي لحقوق الإنسان.. شكوك حول المادة 5 من القانون
عقد المجلس القومي لحقوق الإنسان، "اللجنة التشريعية"، برئاسة السفيرة مشيرة خطاب رئيسة المجلس حلقة نقاشية بعنوان: "نحو مشروع قانون إيجارات متوازن بين المالك والمستأجر"، وذلك في إطار حرص المجلس على تعزيز العدالة الاجتماعية وترسيخ مبادئ حقوق الإنسان وتأكيد دوره في مناقشة القضايا الملحة التي تمس المواطنين.
شارك في الجلسة عصام شيحة عضو المجلس وأمين اللجنة التشريعية، وأعضاء المجلس الدكتور أنس جعفر، عبد الجواد أحمد، الدكتور إسماعيل عبد الرحمن، والدكتور هاني إبراهيم الأمين العام للمجلس.
كما شارك في الحلقة النقاشية الدكتور جمال عبد العزيز أستاذ القانون وعميد التعليم المتميز بجامعة القاهرة سابقاً، الدكتور عاطف مغاوري عضو مجلس النواب، الدكتور محمد مؤمن أستاذ القانون المدني بجامعة القاهرة، الدكتور شوقي صلاح أستاذ القانون بأكاديمية الشرطة، والدكتور محمد الجندي المحامي بالنقض.
مشروع قانون الإيجاراتوأكدت "خطاب"، أن المجلس يسعى إلى إعادة تشكيل العلاقة بين المالك والمستأجر في ضوء الظروف السياسية والاقتصادية الراهنة، وأن مشروع القانون الحالي يثير تساؤلات حول مدى توافقه مع مبادئ العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، مشيرة إلى أن المجلس يعمل على مراجعة شاملة لنصوص المشروع لضمان عدم تحول حق الملكية إلى أداة لحرمان الفئات الأكثر ضعفاً من حقهم في السكن.
وأشارت إلى أن المادة الخامسة التي تقضي بإنهاء التعاقد بمجرد دخول القانون حيز التنفيذ تتطلب إعادة تقييم دقيقة، خاصة في ظل التحذيرات من تأثيراتها المحتملة على السوق العقارية واستقرار الأسر.
كما شددت على أن المجلس يولي أهمية قصوى لخلق حالة من التوازن بين حقوق الملاك وحقوق المستأجرين، ووضع آليات واضحة لضمان الاستخدام العادل للملكية العقارية بما لا يتعارض مع حقوق الإنسان.
من جانبه، أكد عصام شيحة، أن المجلس يسعى إلى تقديم رؤية تشريعية تتسم بالواقعية والعدالة لضمان حماية حقوق الملاك والمستأجرين معاً، مشيراً إلى أن المجلس يدرس بعناية كافة الاقتراحات المقدمة بشأن مشروع القانون الجديد لضمان أن تكون التعديلات المقترحة متسقة مع أحكام الدستور ومبادئ حقوق الإنسان، مشدداً على أن المجلس سيواصل عقد جلسات نقاشية موسعة لضمان مشاركة كافة الأطراف المعنية.
وشدد الدكتور أنس جعفر على أهمية معالجة العلاقة بين المالك والمستأجر كقضية محورية تمس حياة ملايين المصريين، لافتاً إلى أن غياب التوافق المجتمعي حول هذه القضية يعكس تعقيداتها وتشابك المصالح بين الطرفين.
وأشار إلى أن التوازن المطلوب لا يمكن تحقيقه إلا من خلال حوار مجتمعي جاد ودراسات معمقة، وأن تعديل القيمة الإيجارية يمثل تحدياً يتطلب دراسة دقيقة لضمان تحقيق التوازن بين حقوق الملكية والاستخدام العادل للعقارات بما يتماشى مع المبادئ الدستورية وحقوق الإنسان.
وأكد أهمية إرساء رؤية متكاملة تراعي مصالح جميع الأطراف دون إجحاف، وأن قضية الامتداد القانوني تمثل تحدياً كبيراً يتطلب معالجة دقيقة خاصة بعد حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية ثبات الأجرة السنوية، وهو ما دفع المجلس إلى طرح رؤية متوازنة تراعي حقوق الملاك دون إغفال لحق المستأجر في السكن الآمن.
وأوضح عبد الجواد أحمد، أن المجلس يضطلع بدور جوهري في متابعة التشريعات لضمان اتساقها مع مبادئ حقوق الإنسان، مشيراً إلى أن المجلس على مدار السنوات الثلاث الماضية حرص على التدخل الفعّال في عدد من مشروعات القوانين ، لتأكيد التزام الدولة بحماية الحقوق دون تمييز.
وفيما يتعلق بقانون الإيجارات أوضح عبد الجواد، أن المجلس يولى هذا الملف أهمية كبيرة خاصة بعد حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية ثبات الأجرة السنوية، مؤكداً أن المجلس لن يتهاون في تقديم توصيات تضمن التوازن بين حق الملكية وحق السكن وتحافظ على استقرار المجتمع دون الإضرار بأي طرف، مشدداً على أن إنهاء العقود الإيجارية القديمة بعد خمس سنوات قد يشكل قنبلة اجتماعية إذا لم يتم التعامل معها بحكمة لذا المجلس سيواصل التنسيق مع الجهات التشريعية والتنفيذية لضمان وضع حلول استثنائية عادلة تضمن حق الملاك في ملكياتهم دون المساس بحقوق المستأجرين الذين قد يجدون أنفسهم بلا مأوى.
فيما أكد الدكتور إسماعيل عبد الرحمن، أن العلاقة بين المالك والمستأجر تتجاوز كونها مجرد مسألة قانونية بل ترتبط بحقوق الإنسان بشكل مباشر وتمثل اختباراً جوهرياً لمفهوم العدالة الإجتماعية في المجتمع المصري، وأن حق الملكية حق دستوري أصيل وغير منقوص حتى وإن فُرضت عليه بعض القيود القانونية.
وأضاف أن الاستحقاق الدستوري يجب أن يُراعى بشكل شامل دون إغفال حقوق المستأجرين، مؤكداً أن الحفاظ على التوازن بين حق الملكية وحق الانتفاع يمثل جوهر النقاش الدائر حول مشروع القانون الجديد.
واستعرضت الحلقة النقاشية عدة محاور هامة “السكن بين القانون الإستثنائي والقانون المدني، ملامح مشروع قانون الإيجارات المعروض أمام مجلس النواب، وحق المالك في إستعادة العقار بعد إنتهاء الفترة الإنتقالية وإمتناع المستأجر عن تسليم العين”.
وقد شارك في الحلقة النقاشية نخبة من الخبراء والمتخصصين في مجال القانون والتشريع، بما في ذلك أساتذة القانون والمحامين وأعضاء مجلس النواب، بهدف تسليط الضوء على أبعاد مشروع القانون وتداعياته المحتملة على حقوق الملاك والمستأجرين.
وتأتي الحلقة النقاشية التي أسفرت عن عدة توصيات في سياق اهتمام المجلس بمناقشة مشروع قانون الإيجارات وتأثيراته على حقوق الملاك والمستأجرين وطرح رؤى تشريعية عادلة تضمن التوازن بين الطرفين وتدعم الحوار المجتمعي وتعزز التشريعات التي تصون حقوق المواطنين وتحفظ استقرار المجتمع في ظل الأزمات الاقتصادية المتلاحقة.