عربي21:
2025-06-25@16:06:02 GMT

حين بدأت المقاومة من بيروت

تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT

لم ينلْ يوم الخامس عشر من أيلول/سبتمبر 1982، يوم الاحتلال الإسرائيلي للعاصمة اللبنانية، بيروت، ما يستحقّه من اهتمام رغم الدلالات الهامة التي حملها ذلك اليوم.

ففي ذلك اليوم جرى احتلال ثاني عاصمة عربية بعد القدس، لكن الاحتلال لم يستمر سوى بضعة أيام بسبب مقاومة باسلة انطلقت من شوارع العاصمةوأحيائها، شاركت فيها كل القوى الوطنية ومن بقي في بيروت من المقاتلين الفلسطينيين الذين لم يخرجوا مع قوات الثورة الفلسطينية والجيش العربي السوري والمتطوعين العرب بعد اتفاق أبرمه المبعوث الأمريكي فيليب حبيب بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة بيغن الصهيونية بعد شهرين من حرب عظمى شنّها العدو على لبنان مع بداية صيف 1982، حتى بداية الخريف من العام ذاته.



وفي اليوم الثاني من الاحتلال ارتكب العدو الصهيوني وعملائه في الداخل واحدة من أكبر مجازر العصر، وهي مجزرة صبرا وشاتيلا، التي أودت بحياة الآلاف من المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين والمصريين والعرب الذين كانوا يقيمون في تلك المنطقة الواقعة بين بيروت الغربية والضاحية الجنوبية، تلك المجزرة كشفت الوجه الحقيقي للصهيونية وعملائها والذي لا نشهد اليوم فصولاً متجددة منه فحسب، ولا فقط نتعرف إلى حجم التواطؤ الدولي مع مرتكبيها حيث انسحبت القوات المتعددة الجنسية، وأغلبها إيطالي، من محيط المخيم الذي كان بحمايتها بموجب اتفاق فيليب حبيب المشؤوم، بل كشفت أيضاً كيف يتعامل العدو الصهيوني وحلفاؤه في المجتمع الدولي مع الاتفاقات والمعاهدات والوعود.

ومن الدلالات المهمة لاحتلال العاصمة اللبنانية هو أن ذلك الاحتلال أطلق المقاومة اللبنانية، سواء بعنوانها الوطني الذي شاركت فيه كل الأحزاب والقوى الوطنية، أو بعنوانها الإسلامي الذي وصل إلى أوجه مع المقاومة الإسلامية (حزب الله).بل وكشفت تلك المجزرة، كيف أن المخيمات الفلسطينية سواء في لبنان أم سوريا، مستهدفة من أجل شطب حق العودة للشعب الفلسطيني الذي يذكّر وجود المخيمات به بشكل دائم، لذلك كان تدمير مخيم النبطية الذي دمره القصف الصهيوني في أوائل سبعينيات القرن الماضي، ثم مخيمات ضبية ونهر الباشا وتل الزعتر في أواسط سبعينيات ذلك القرن، وصولاً إلى مخيم نهر البارد عام 2007، في شمال لبنان، ومخيم اليرموك في جوار دمشق عام 2012، وصولاً إلى ما نشهده اليوم في مخيم عين الحلوة الذي لا نستطيع أن نفهم اغتيال اللواء العرموشي ورفاقه وما تلاه من اشتباكات إلاّ في إطار هذا المشروع، وهو تدمير المخيمات كمقدمة لشطب حق العودة، تماماً كما نقرأ التضييق على وكالة غوث اللاجئين وتقليل خدماتها.

ومن الدلالات المهمة لاحتلال العاصمة اللبنانية هو أن ذلك الاحتلال أطلق المقاومة اللبنانية، سواء بعنوانها الوطني الذي شاركت فيه كل الأحزاب والقوى الوطنية، أو بعنوانها الإسلامي الذي وصل إلى أوجه مع المقاومة الإسلامية (حزب الله).

ولعل المواجهة الأولى مع محاولات التوغل الصهيوني في بيروت التي جرت في محور جامعة بيروت العربية في الطريق الجديدة، حيث أوقف المقاومون ذلك التوغل وقدموا أكثر من شهيد، فيهما عضو الرابطة في تجمع اللجان والرابط الشعبية محمد الصيداني وعصام اليسير، أوضح تأكيد على دور بيروت الطليعي في مقاومة الاحتلال، وهو دور جرى التشويش عليه في إطار التشويش على هوية العاصمة التي كانت وما تزال قلعة للعروبة والكرامة والحرية والمقاومة ومناهضة المشاريع الاستعمارية والانتصار لحركة التحرر العربي.

إن استعادة ذكرى ملحمة بيروت اليوم في الخامس عشر من أيلول، يوم احتلالها من قوات الاحتلال الصهيوني قبل 41 عاماً، يبقى ضرورياً في زمن الترويج لمنطق الاستسلام ولمشاريع التطبيع التي يفخر الشعب اللبناني أنه بالتعاون مع أشقائه الفلسطينيين والسوريين والعرب قد أسقط واحداً من أخطر مشاريع الاستسلام للعدو وهو اتفاق 17 أيار 1983 بعد أقل من عام على توقيعهولقد جاءت عمليات المقاومة التي ملأت شوارع بيروت وأحيائها على يد المقاومة الوطنية وأبطالها من ناصريين وبعثيين وشيوعيين وقوميين سوريين وإسلاميين، والتي توجها البطل القومي السوري الاجتماعي خالد علوان في مقهى الويمبي لتؤكّد أن بيروت هي أول مدينة عربية تطرد الاحتلال من أرضها بفعل المقاومة، بعد أن كانت ثاني عاصمة عربية يدنسها هذا الاحتلال.

وهكذا يمكن القول إن بيروت، عاصمة الجمهورية اللبنانية، نجحت أن تكون أيضاً عاصمة المقاومة اللبنانية التي أطلقت معادلة جديدة في الصراع مع العدو، وتكاملت مقاومتها مع ما رأيناه من بطولات في ساحل الشوف وصيدا وصور والنبطية وبنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا وراشيا والبقاع الغربي والشوف وعاليه وكل المناطق التي احتلها الصهاينة في حرب 1982، ثم اندحر عنها دون قيد أو شرط.

إن استعادة ذكرى ملحمة بيروت اليوم في الخامس عشر من أيلول، يوم احتلالها من قوات الاحتلال الصهيوني قبل 41 عاماً، يبقى ضرورياً في زمن الترويج لمنطق الاستسلام ولمشاريع التطبيع التي يفخر الشعب اللبناني أنه بالتعاون مع أشقائه الفلسطينيين والسوريين والعرب قد أسقط واحداً من أخطر مشاريع الاستسلام للعدو وهو اتفاق 17 أيار 1983 بعد أقل من عام على توقيعه، ليشكْل إسقاط ذلك الاتفاق نموذجاً تقتدى به كل الشعوب التي فرض عليها حكامها التطبيع مع العدو.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال اللبنانية مقاومة لبنان احتلال مقاومة رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

كمائن غزة.. المقاومة تربك الاحتلال بتكتيكات ميدانية جديدة

غزة- بثت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، قبل أيام، مشاهد لكمين مركب هاجمت فيه قوة من جيش الاحتلال في منطقة الزنة شرق مدينة خان يونس، مما أدى لمقتل ضابط وجندي إسرائيليين.

ورغم أن الجيش الإسرائيلي يحاول حصر تحركاته في مناطق حدودية مدمرة بعدما أجبر سكانها على إخلائها، لتجنب الاحتكاك المباشر مع المقاتلين الفلسطينيين، فإن الكمين الأخير وما سبقه من عمليات مشابهة شرقي غزة وجباليا وبيت حانون، يكشف عن تخطيط ورصد ميداني دقيق من قبل المقاومة الفلسطينية لتحركات الجيش الإسرائيلي في أماكن وجوده داخل قطاع غزة.

وتشير عمليات المقاومة الأخيرة إلى اعتماد الفصائل الفلسطينية بغزة على تكتيكات جديدة تمكنهم من الاستمرار في المواجهة، بعد مرور 21 شهرا على الحرب، وبما يضمن إيقاع أكبر قدر من الخسائر في صفوف جنود الاحتلال.

مراقبة الجيش

تركزت العمليات الأخيرة التي نفذتها عناصر المقاومة في مناطق ملاصقة للشريط الحدودي الشرقي لقطاع غزة، والتي تعتبرها قوات الاحتلال خاضعة لسيطرتها بشكل كامل، بعدما اعتقدت أن عملياتها المتواصلة منذ بداية الحرب أزالت أي تهديد تشكله عليها.

وتقع منطقة الزنة التي نفذت فيها كتائب القسام الكمين الذي يعود تاريخه إلى 14 يونيو/حزيران الجاري ضمن بلدة بني سهيلا شرق محافظة خان يونس، والتي معظم أراضيها مخصصة للزراعة، وتم تدميرها بشكل كامل وتهجير سكانها منذ بداية الحرب.

ونفذ المقاتلون في الزنة عدة كمائن ضد قوات الاحتلال، وأوقعوا في صفوفها خسائر محققة، كان أبرزها "كمين الأبرار" الذي نفذته كتائب القسام في رمضان الماضي، وذلك ضمن سجل طويل من المواجهة مع الجيش الإسرائيلي في هذه المنطقة بحكم موقعها الحدودي، حيث سبق تدميرها أكثر من مرة كما جرى خلال عدوان عام 2014.

ويكشف قيادي ميداني في المقاومة الفلسطينية عن مراقبة المقاتلين لتحركات وسلوك الجيش الإسرائيلي بدقة منذ عودته للعدوان في 19 مارس/آذار الماضي، بحيث يعمد لتدمير المناطق بشكل كامل وتفجير مبانيها قبل الدخول إليها، وذلك في محاولة منه لتجنب المواجهة المباشرة مع عناصر المقاومة على الأرض، ومنعا لتكبده أي خسارة.

إعلان

وأكد القيادي الميداني، في حديث خاص للجزيرة نت، أن جيش الاحتلال يتحرك ببطء داخل المناطق خاصة الشرقية لقطاع غزة، في الوقت الذي يسيطر فيه بالنار على معظم المساحات التي حددها بالحمراء وطالب بإخلائها، والتي تصل إلى ما يزيد على 70% من مساحة قطاع غزة.

ويفسر القيادي تصرف جيش الاحتلال بأنه فقد دافعية القتال لديه، لأنه كرر دخول معظم المناطق أكثر من مرة، ولم يعد يحتمل أي خسائر في صفوفه، ويريد فقط تشكيل ضغط على المواطنين لتنفيذ أجندة سياسية لدى الحكومة الإسرائيلية.

وبناء على الخلاصات التي وصلت إليها فصائل المقاومة الفلسطينية، فقد أعادت الوحدات المقاتلة تشكيل تكتيكاتها بما يتلاءم مع تحرك جيش الاحتلال على الأرض.

منطقة الزنة جنوب قطاع غزة شهدت مجموعة من كمائن المقاومة أبرزها كمين الأبرار (مواقع التواصل) صيد ثمين

وتكشف التفاصيل التي حصلت عليها الجزيرة نت أن قيادة فصائل المقاومة ارتأت اعتماد سياسة الانتظار والنفَس الطويل ضد قوات الجيش المتوغلة على الأرض، بحيث تتم مراقبتها ورصدها لأيام طويلة، حتى تعتقد أنها باتت في مأمن وتطمئن بعدم وجود أي مقاتلين لمواجهتهم، ومن ثم تبدأ بمباغتتها.

وبحسب القيادي الميداني في فصائل المقاومة الفلسطينية فإن المجموعات المقاتلة على الأرض تراقب خطوط إمداد الجيش الإسرائيلي بشكل مكثف، وتتوقع مسارات تحركه داخل المناطق، وبناء على ذلك تضع خططها المحكمة لتنفيذ الكمائن.

وتشير المعلومات إلى أن هناك توجها لدى فصائل المقاومة بتوفير الذخيرة التي تمتلكها المجموعات العنقودية الكامنة في أماكن توغل الجيش الإسرائيلي، من خلال استبعاد استهداف الآليات بشكل منفرد، والتي غالبا ما يكون بداخلها عدد محدود من الجنود، والانتظار حتى وقوع مجموعة جنود في الكمين، مما يحقق خسائر أكبر في صفوف الاحتلال.

وخلال الأشهر الطويلة من الحرب، باتت لدى المقاتلين جرأة عالية في الاقتراب من جنود الاحتلال والاشتباك معهم من نقطة صفر، وهو ما أظهره كمين الزنة الأخير حينما لاحقت عناصر المقاومة بأسلحة خفيفة دبابة إسرائيلية، واضطرتها للهروب من المكان.

من بين الركام

ولا تزال فصائل المقاومة الفلسطينية تحتفظ بالأنفاق الموجودة على مسافة قريبة من الحدود الشرقية لقطاع غزة، وهو ما بدا واضحا من مقاطع فيديو العمليات الأخيرة في خان يونس، وقبلها في بيت حانون، رغم أن جيش الاحتلال ادعى أنه دمر معظم هذه الأنفاق.

وبحسب المؤشرات الميدانية، فإن المقاومة أعادت ترميم الكثير من الأنفاق وأوجدت لها مسارات بديلة عن تلك التي قال الاحتلال إنه دمرها، واستبعد أي تهديد قد تشكله عليه.

وطوّعت المجموعات الميدانية المقاتلة الدمار الذي أحدثه الجيش الإسرائيلي في المناطق لصالح تحركهم على الأرض، بالاختباء والتخفي بعيدا عن أعينهم، وهو ما أظهرته المقاطع التي تبثها فصائل المقاومة وتظهر خروج المقاتلين من بين ركام المنازل، حيث أتاح الدمار للمقاتلين هامشا جديدا للمناورة، فباتت كأنها كهوف ومخابئ، واتخذوها أماكن للتمركز داخلها دون أن يتم اكتشافهم.

وبينما تستبعد قوات الاحتلال انطلاق المقاتلين من بين الركام، بعدما دمرت مساحات سكنية واسعة كما جرى في رفح وشمال غزة، وجميع المناطق الشرقية للقطاع، تستفيد المجموعات المقاتلة من معرفتها تفاصيل الأرض بشكل جيد، بما يوفر بيئة مثالية للتخفي والكمون لفترات طويلة.

إعلان

مقالات مشابهة

  • حماس تكشف سبب فشل التوصل لإنهاء الحرب في غزة
  • بين قنص المدنيين وكمائن المقاومة.. تصعيد ميداني يكشف ارتباك الاحتلال في غزة
  • سبعة قتلوا حرقا.. تفاصيل جديدة حول كمين خان يونس
  • أكاذيب أمريكية وإسرائيلية بدأت تتكشف.. ما حقيقة تدمير المشروع النووي لإيران؟ 
  • الرئيس الإيراني: إسرائيل بدأت الحرب وإيران أنهتها بنجاح
  • 3 قتلى و7 جرحى من جيش الاحتلال في كمين بغزة
  • حماس تعلق علي مجـ.ازر الاحتلال بحق الفلسطينين في نقاط توزيع المساعدات
  • كمائن غزة.. المقاومة تربك الاحتلال بتكتيكات ميدانية جديدة
  • اللبنانية الأولى استقبلت وفدا من جمعية سطوح بيروت
  • رئيس الحكومة اللبنانية يدين التفجير الإرهابي الذي استهدف كنيسة بدمشق