مجمع الّلغة العربيّة بالشّارقة يستعرض دقّة المفردة وجماليّات المعاني في القرآن الكريم
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
الشارقة في 18 سبتمبر / وام / دعا سعادة الدّكتور امحمد صافي المستغانمي أمين عام مجمع الّلغة العربيّة بالشّارقة معلمي الّلغة العربيّة إلى أن يغرسوا في وعي طلابهم ما تختزنه لغة القرآن الكريم من دقّة في معانيها وبيانها، والتنبّه إلى أنّ كلّ لفظٍ في العربيّة له كيانه وخصائصه ولا وجود لأيّ تشابه في معاني الألفاظ أو تكرار بدليل ما يحويه كتاب الله الكريم من مفردات يستخدمها النصّ القرآنيّ بمعانٍ غير متشابهة حسب سياقها.
جاء ذلك في جلسة حواريّة بعنوان "وقفةٌ معجميّةٌ في البيان القرآنيّ"، نظّمها “مجمع الّلغة العربيّة بالشّارقة” في مكتبته وهي السّادسة ضمن فعاليات المجلس الّلغوي التي تُنظّم ك لشهرين و تناولت المفردات القرآنيّة وتحليل معانيها .
وقال أمين عام المجمع إنّ النصّ القرآنيّ يحمل جمالياته ودقّة مفرداته التي تحدّثت عن نفسها قبل أن يأتي المفسّرون وعلماء البيان بشروحاتها وتحليلاتها وإنّنا عندما نقرأ الكثير من الآيات القرآنيّة نلاحظ تصويرها للمعاني باستعمال مفردات لا ترادف فيها أو تشابه في المعنى.
وأشار إلى أنّ المعنى في الذّكر الحكيم مقدّم على الفواصل وأنّ الكلمات تتّسق مع بعضها ولها درجات من المعاني وأعطى مثالاً على كلمة الصّراط التي وردت 46 مرّة في القرآن الكريم وفي كلّ مرّة تأتي لتأكيد معنى في سياق يجعلها مناسبة للموضع الّذي وردت فيه.
وبيّن أنّ تاريخ المعاجم الّتي استنطقت التّراث العربيّ حافلٌ بالاجتهاد وفيها ما يتتبّع جذور الكلمات وعلاقاتها بالسّورالقرآنيّة وتقدّم دروسًا في ثراء الّلغة العربيّة مشيرا إلى أنّ المعجم الّذي جمع أصول الكلمات العربيّة أكثر من غيره هومعجم "مقاييس الّلغة" لأحمد بن فارس.
وقال يمكن تحليل عدد من مفردات النصّ القرآنيّ في سياق تدّبر الآيات والتّعرف على دلالاتها من خلال معاني الّلفظ القرآني مثل الصّراط والمزّمّل والمدّثّر وقسمة ضيزى وغيرها من المفردات الّتي تكشف أن كلّ سورة قرآنيّة يمثّل عنوانها سلسلة من المعاني والدّلالات تعكس مفرداتها ودقّتها التّعبيريّة ومهما تناولنا مفردات من آيات القرآن الكريم فإنّها تؤّكد لنا الدقّة المتناهية والعوامل المشتركة والتّجاذب الّلفظي والهندسة البنائيّة في الذّكر الحكيم".
وأشار إلى أنّ التّجاذب الّلفظي فيما بين الكلمات يظهر في استخدام كلمات مختلفة لوصف نفس المفهوم بدرجات متباينة مثل القول الّلين والقول الثّقيل والقول المعروف والقول السّديد والقول الكريم وأن كلّ قول يشير إلى درجة مختلفة من المعنى مثل قوله الله تعالى في سورة الإسراء "وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً".
وأضاف أن هدف المفسّرين للنّصّ القرآنيّ في السّابق لم يكن الاهتمام بدراسة النّصّ القرآنيّ دراسةً شموليّة تكامليّة وأن أغراض التّفسير لم تصل إلى حدود تبيين دلالات المفردات وجذورها ودقّتها وجمال الاتّسّاق فيها وأنّ الاهتمام لديهم كان ينصبُّ على تبيين معنى المفردة في سياقها فقط، أمّا الدّراسات الحديثة فإنّها تنظر نظرة شاملة وتقارن وتبيّن اتّساق نصوص القرآن الكريم، وانسجام الألفاظ في كل سورة.
وختم الدّكتور امحمد صافي المستغانمي حديثه بالإشارة إلى أنّ معرفة الشّعر العربيّ قديمه وحديثه تُكسب القارئ فصاحة، لكنّها لا تتفوّق على ما تحويه لغة القرآن الكريم من فصاحة وبيان "لأنّ من يقرأ القرآن وهو واعٍ يُدرك الفرق بين الكلمات والمعاني ويُدقّق في حقائقها.
اسلامه الحسين/ بتول كشوانيالمصدر: وكالة أنباء الإمارات
كلمات دلالية: القرآن الکریم إلى أن
إقرأ أيضاً:
تأملات قرآنية
#تأملات_قرآنية
د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآية 29 من سورة الشورى: “وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ”.
كثيرا ما ينزعج المكذبون بدين الله عندما ينبري أحد الدعاة لتبيان دليل جديد على إعجاز القرآن العلمي، معتمد على حقيقة علمية لم يكتشفها الإنسان الا حديثا، فيبين أن كتاب الله أوردها حين نزوله قبل أربعة عشر قرنا، وفي زمن لم يكن أحد يعرفها، فيتخذ ذلك دليلا على أن القرآن من عند الله العليم والخبير، وليس من قول البشر كما يحاول المكذبون اقناع الناس به.
بطبيعة الحال ليس لدى هؤلاء المكذبين أي دليل على قولهم، بل هو مكابرة وإصرارا على الضلال، وليس لديهم أية مصداقية على ادعائهم بأنهم لا يقبلون إلا ما يوافق العقل، ولا يؤمنون إلا بالإثبات العلمي، فهم يصدقون بكل الروايات التاريخية من أخبار الأحداث السابقة التي كتبها بشر ذوي هوى أو خاضعين لجبروت أو رشى الغزاة والأباطرة، رغم أنهم يعلمون أنه حتى في الأحداث المعاصرة والتي تنقلها الكاميرات، هنالك الكثير من التزوير والتحريف، هذا بما نشهده.. فكيف بما كان في زمن ليس فيه توثيق ولا تزوير!؟.
هل سمعنا من أحدهم يوما تكذيبا لقصة من القصص الخيالية للإغريق؟، أو تشكيكا في صحة الروايات عن الفراعنة أو البابليين، أو مطالبة بالتحقق من صحة قول منسوب الى افلاطون أو زرادشت؟.
بالمقابل هنالك العديد من الأدلة العلمية والبلاغية والمنطقية على ان كتاب الله لا يمكن أن يكون من وضع البشر، لكن المكذبين به لن يتخلوا عن رفضهم الإيمان به، ولو جئتهم بألف دليل، لا يختلف الأوائل منهم المعاصرون لتنزيله، عن المتأخرين الحاليين في هذا العصر.
وإن ألجمت ألسنتهم الحقيقة التي تثبت الإعجاز العلمي، سيقولون أنتم دائما لا تتذكرون ما جاء به قرآنكم إلا حينما يكتشف العلماء الكافرون اكتشافا علميا، فاءتونا مرة واحدة بحقيقة علمية قبل أن يكتتشفها علمائنا.
هذه الآية تدل على وجود حياة خارج الكرة الأرضية، وهو أمر لم يكتشفه الإنسان بعد، ولو أن المسلمين أتيحت لهم الظروف التي اتيحت للكفار، من توفر الامكانات والأدوات التي تحتضن العلماء وتشجع البحث العلمي لربما استفادوا من هذه المعلومة القرآنية ومن غيرها.
أمتنا أغدق الله عليها نعمه من موارد طبيعية وثروات، لكن حكامها الذين نصبهم المستعمر ملتزمون بإملاءاته في إدامة تخلفها وإبقائها تابعة ذليلة له، فيبددون الثروات على شهواتهم وفي البذخ الفارغ والتعالي بالبنيان، كما أن سياساتهم طاردة للكفاءات العلمية، لآجل أن يتلقفها الغرب.
ربما هذا هو الرد على أقوال هؤلاء المكذبين: لماذا تكتفون بالقول ان هذا موجود في كتابنا.. فلماذا تركتموه للكافرين ليكتشفوه ولم تسبقوهم إليه!؟.
إن تصديقنا بكتاب الله يبين أن هنالك حقا حياة عاقلة خارج الكرة الأرضية، بدليل قوله تعالى: “وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ”، (فيهما) تعني أنها ليست في الأرض فقط، و(دابة) تعني كائنا حيا يدب أي يتحرك.
بالطبع نحن نعرف مما أخبرنا به الله أن هنالك مخلوقات حية في مكان ما في السموات هي الملائكة، وقطعا ليست هي المقصودة بدليل قوله تعالى: “وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُون” [النحل:49].
كما قال الله تعالى على لسان الهدهد: “أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ” [النمل:25]، ومعروف ان الخبء هو ما هو مجهول مكانه مستور عن النظر، وفسره المفسرون بأنه البذور في التربة، وإخراجها هو انباتها، لكنهم أخطؤا اذ فسروا الذي في السموات بأنه المطر، فالمطر ظاهر للعيان بهيئة غيوم وليس مخبوءا.
إذن فهنالك في الكون كائنات نبتية مثلما الكائنات الحيوانية، ربما بأشكال مختلفة عما نعرفه في الأرض.
هذه حقيقة ثابتة وان لم يكتشفها الانسان بعد.
وهنالك إشارات كثيرة الى أن هنالك نهاية للكون، مثل “وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا” [يس:38]، وتوصل العلماء الى فرضيات تؤيدها وتمثل نهاية المجموعة الشمسية ونهاية الحياة على الأرض، وعلاماتها القرآنية كثيرة مثل الشمس الحمراء والدخان وزلزلة الأرض وانهدام الجبال.
صحيح ان القرآن كتاب هداية ومرجع موثوق للدين، لكن أكثر من ثلثه كان لمحاججة المكذبين.