ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر د. هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، ودار موضوعها حول "نبى المحبة والإنسانية"، وذلك بالتزامن مع قرب حلول ذكرى المولد النبوي الشريف.

بعثة النبى محمد أعظم نعمة مَنَّ الله بها على المؤمنين

واستهل د. هانى عودة خطبته، بالإشارة إلى أن أعظم نعمة مَنَّ الله بها على البشرية هى بعثة النبى ﷺ قال تعالى:﴿ لَقَدْ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَٰتِهِۦ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَٰلٍۢ مُّبِينٍ﴾، فلقد رسم النبى ﷺ طريق المحبة إلى الله ورسم طريق المحبة إلى نفسه ﷺ وإلى العالمين فكان ﷺ قدوة لنا فى أقواله وأفعاله، وكان ﷺ قدوة  لأصحابه أجمعين حيث نهاهم عن القيام له إذا دخل عليهم وألا يفعلوا كما كان يفعل الأعاجم مع ملوكهم، نهاهم عن فعل ذلك، لأنه ﷺ إمام المتواضعين .

وبيَّن مدير الجامع الأزهر، أن النبىﷺ رسم طريق المحبة إلى الله عزّ وجل، قال تعالى:﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾. وأمرنا باتباع ما جاء به من العقائد والمعاملات والأخلاق التى تهدف جميعها إلى المحافظة على النفس والعرض والعقل والمال، فالمولى سبحانه وتعالى أمرنا باتباع هديه ﷺ دائماً، فلقد جاء النبى ﷺ بالمنهج الذى رُسم من لدن آدم عليه السلام حتي بعثته ﷺ ، فهو خاتم الأنبياء والمرسلين، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا * وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾. جاء النبى ﷺ ليدعوا البشرية جمعاء إلى عبادة الله وحده وهذا هو نهج الأنبياء جميعاً من لدن آدم حتى بعثته ﷺ،  لم يكن النبى ﷺ بدعاً من الرسل وإنما جاء ليعظم العبادة فى نفوس كل البشر وإرساء دعائم المودة والمحبة،  فالعبادة يتقرب بها المخلوق إلى خالقه؛ وهى فى مجموعها تدعو إلى التحلى بالفرائض والتخلى عن الرذائل.

وحث خطيب الجامع الأزهر ، المسلمين على الإقتداء برسولهم ﷺ  فهو القدوة والأسوة الحسنة، كما قال تعالى: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلْأَخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيرًا﴾، فلقد بعثه الله تعالى ليتمم مكارم الأخلاق ويبعد الناس عن رزائلها، فقد حذرنا نبينا الكريم من الغيبة والنميمة وسوء الظن حتى تستقيم الحياة، وعلى المسلمين أن يتقوا الله وأن يصلحوا ذات بينهم؛ وأن يبتعدوا عن هتك الأعراض وسفك الدماء والخيانة وقطع الأرحام والكف عن المناحرات والمشاحنات.

خطيب الأوقاف: النبي كان يجبر خواطر صحابته ويشاركهم الأفراح والأحزان الصديق وقت الضيق.. خطيب الأوقاف يكشف عن مواقف النبي مع أصحابه

وأوصى د. عودة، المسلمين فى ذكرى ميلاده ﷺ أن يتعايشوا على محبته، وأن يقتدوا به فى أقواله وأفعاله، كما كان يفعل صحابته، مبينا أن جزاء ذلك هو الجنة والفوز بصحبته ﷺ، قال تعالى: ﴿وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا﴾، وقال ﷺ: ﴿يأَيُّها النَّاسُ، اسمَعوا واعقِلوا ، واعلَموا أنَّ للَّهِ عبادًا لَيسوا بأنبياءَ ولا شُهَداءَ، يغبِطُهُمُ النَّبيُّونَ والشُّهداءُ علَى مَنازلِهِم، وقُربِهِم منَ اللَّهِ﴾، فمن يحب الرسول ﷺ يجب أن يكون باراً بوالديه يصل أرحامه ويود جيرانه ولا يخوض فى عرض غيره وأن يتبع ما أُمر به وأن يجتنب ما نُهىَ عنه.

كما حث خطيب الجامع الأزهر، الشباب على عدم مخالفة شرع الله وسنة نبيه ﷺ لأن عاقبة ذلك ستكون النار، وأن الأولى بالإنسان أن يكون هدفه الدار الأخرة الباقية وليس الدنيا الفانية، قال تعالى: ﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾.

واستدل د.عودة، بقصة الشاب الذى جاء إلى النبى (ﷺ) يطلب منه أن يأذن له فى الزنا؛ فأخذ النبى بيده ووضح له عاقبة ذلك. فيجب علينا الأخذ بيد الشباب وأن نردهم إلى الحق بالصلاة لأنها تنهى عن ارتكاب الفواحش والوقوع فى الخطأ. قال تعالى: ﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾. وقال (ﷺ) فى الحديث الشريف: ﴿حُبِّبَ إليَّ من دُنْياكمُ النِّساءُ والطِّيبُ وجُعِلَت قُرَّةُ عَيني في الصَّلاةِ﴾.

وشدد على الإلتزام بالصلاة لوقتها خوفاً من أن نكون من الذين قال الله فيهم: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾. وأشار إلى أن رحمة الله بعباده واسعة. قال تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.

واختتم مدير الجامع الأزهر حديثه بالإشارة إلى أن رسالة النبى ﷺ رسالة عامة جاءت بالمودة والمحبة والرحمة للناس جميعاً على اختلاف أجناسهم وأعرافهم وطوائفهم، فكان هو اللحمة التي أرسلها لجميع الخلائق، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾.

وأوضح د. عودة، أن صدق المحبة مع الله ورسوله طريقها الإخلاص فى القول والعمل، داعيا المتطاولين على كتاب الله إلى قراءته أولاً وأن يتدبروا ما فيه ليعلموا أنه جاء ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، فعلى الجميع أن يعلم أن الإسلام جاء بالقرآن والسنة ليضمن الحقوق والواجبات التى فيها خير البشرية وسعادتها.

وحثَّ خطيب الجامع الأزهر أمة الإسلام أن تعود وتتمسك بهديه ﷺ لعله يشفع لنا يوم القيامة؛ وأن يسيروا على نهجه وأن ينزعوا الحقد فيما بينهم وبين أرحامهم، لأننا أمة قال فيها النبى ﷺ: ﴿مَثَلُ المُؤْمِنِينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمِهِمْ وتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إذا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى له سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى﴾.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الجامع الازهر خطبة الجمعة اليوم خطيب الجامع الأزهر ذكرى المولد النبوي مولد النبوي المولد النبوي المولد النبوي الشريف خطیب الجامع الأزهر قال تعالى النبى ﷺ

إقرأ أيضاً:

الرواق الأزهري يُواصل رسالته العلمية عبر باقة متنوعة من الأنشطة العلمية بالبحر الأحمر

يواصل الرواق الأزهري تقديم باقة متكاملة ومتنوعة من الأنشطة العلمية والتعليمية والملتقيات الفكرية والفقهية والمجتمعية التي تستهدف كافة فئات المجتمع، مؤكداً دوره الريادي في نشر الفكر الوسطي المستنير، وتعزيز الهوية الإسلامية والعربية الصحيحة.

أعضاء لجنة تحكيم جائزة زايد للأخوة الإنسانيَّة يزورون الجامع الأزهر الجامع الأزهر يعقد ملتقى القراءات للختمة المرتلة برواية الإمام قالون عن الإمام نافع

وذلك تحت رعاية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وبتوجيهات الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف.

يُقدم الرواق الأزهري أنشطته عبر عدة محاور أساسية، تشمل: رواق القرآن الكريم للأطفال والكبار، حيث يوفر برامج متقدمة لحفظ وتجويد القرآن الكريم، ويستهدف فئتي الأطفال والكبار، لضمان نشأة الأجيال على كتاب الله واستمرار ارتباط الكبار به.

ورواق العلوم الشرعية والعربية، والذي يمثل النواة الأساسية، حيث يوفر دروساً ومحاضرات متخصصة في الفقه، والتفسير، والحديث، والسيرة النبوية، واللغة العربية، بهدف ترسيخ المعارف الدينية واللغوية لدى الدارسين.

والملتقيات العلمية والنوعية: تتجه هذه الملتقيات بشكل مباشر نحو معالجة القضايا المجتمعية والتحديات العصرية، وتستهدف بشكل خاص: الطفل، من خلال برامج تهتم بالبناء الأخلاقي والتربوي والوطني، والمرأة: بملتقيات تركز على دورها الحيوي في الأسرة والمجتمع، وقضايا الوعي بالفكر الوسطي، والأسرة المصرية لتقديم الدعم المعرفي والنفسي والاجتماعي اللازم لبناء أسر متماسكة ومستقرة، انطلاقاً من المبادئ الإسلامية السمحة.

أكد الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأروقة الأزهرية، أن هذه الأنشطة تأتي في إطار رسالة الرواق الأزهري للنهوض بمستوى الوعي الديني والثقافي والمجتمعي، وتوفير تعليم أزهري معتمد ومتاح للجميع، بما يسهم في بناء مواطن صالح ومجتمع قوي ومثقف.

وصرح الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، أن الرواق الأزهري هو الملاذ الآمن لطالبي العلوم الشرعية والعربية والملجأ للحريصين على معرفة أمور دينهم ودنياهم، وبفضل توجيهات فضيلة الإمام الأكبر ووكيل الأزهر، نحن حريصون على تقديم منهج متكامل يربط النشء والأسرة بالقرآن الكريم والسنة النبوية، ومعالجة القضايا المعاصرة عبر ملتقياتنا النوعية التي تستهدف الطفل والمرأة والأسرة المصرية، لنشر العلم الوسطي من منبعه الأصيل."

مقالات مشابهة

  • مدير عام الجامع الأزهر يتفقد الدراسة بالأروقة الأزهرية في صعيد مصر
  • مدير عام الجامع الأزهر يتفقد الدراسة بأروقة الصعيد
  • في مشهد مهيب بأسيوط.. تكريم 200 فائز في مسابقة بني عدي الكبرى لحفظ القرآن
  • خطيب الأوقاف: من أعظم نعم الله على الإنسان أن خلق له الوقت والزمن
  • خطيب الأوقاف: التطرف الرياضي مذموم شرعا ويجعل صاحبه يستحل الحرام
  • هل عرفت الله؟.. خطيب المسجد النبوي: تتجلى عظمته في هذا الكون الفسيح
  • خطيب المسجد النبوي: رحمة الله تسع العاصي والجاهل والمنكر فكيف بمن يطيعه ويحبه
  • بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من رحاب الجامع الأزهر الشريف
  • الرواق الأزهري يُواصل رسالته العلمية عبر باقة متنوعة من الأنشطة العلمية بالبحر الأحمر
  • الجامع الأزهر يعقد ملتقى القراءات للختمة المرتلة برواية قالون.. اليوم