بعد مرور عام كامل على تفجير خطي أنابيب غاز "نورد ستريم"، تتواصل التحقيقات ومساعي كشف أسرار العملية والجهة التي وقفت وراء الحادثة الغامضة التي أدت إلى تأجيج التوترات الجيوسياسية في بحر البلطيق.

وفي 26 سبتمبر من العام الماضي، تعرض خطا أنابيب نورد ستريم 1 و2 المخصّصين لنقل الغاز من روسيا إلى ألمانيا، لانفجارات تحت الماء، وأثارت العملية التي بدا أنّها تخريبية حالة طوارئ على مستوى المنطقة.

وسرعان ما دان المسؤولون الغربيون الهجوم الذي اعتبروه عملا "تخريبيا وخطيرا"، ومنذ ذلك الحين، تحاول العديد من التحقيقات فك لغز التفجير الذي شبهه أحد الخبراء بـ"ألغاز روايات" الكاتبة البريطانية أغاثا كريستي، التي يبدو فيها أن  جميع الأطراف، وتحديدا أوكرانيا وروسيا متورطة ومستفيدة من الحادثة، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست".

ورغم مرور 12 شهرا على العمل التخريبي، لم تجب التحقيقات الرسمية التي أطلقتها ثلاث دول سوى على القليل من الأسئلة المتعلقة بالجهة التي تقف وراء الحادثة ودوافعها.

نورد ستريم 1 و2

يدير خطي أنابيب "نورد ستريم 1 و 2"، تحالف شركات تملك شركة "غازبروم" الحكومية الروسية الغالبية فيه.

ويعد "نورد ستريم 1 "، أكبر خط أنابيب غاز روسي إلى أوروبا من ناحية الكمية التي تبلغ 55 مليار متر مكعب سنويا، ويمتد عبر بحر البلطيق من روسيا إلى ألمانيا. 

أما "نورد ستريم 2"، فهو خط أنابيب ثان مزدوج بنفس حجم الخط الأول، وتم استكماله في عام 2021 لكن ألمانيا رفضت اعتماد تشغيله بعد أن غزت موسكو أوكرانيا.

وتمثل خطوط "نورد ستريم" الناقل الرئيسي للغاز الطبيعي الروسي إلى ألمانيا وبولندا ودول أوروبية أخرى.

وتعد خطوط الأنابيب بنية تحتية "استراتيجية" تربط روسيا بأوروبا، وكانت نقطة محورية في المواجهة الأوسع بين الجانبين، بعد فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية على موسكو لمعاقبتها على غزو أوكرانيا في فبراير.

وفي 26 سبتمبر من العام الماضي، تم رصد أربع نقاط لتسرب هائل للغاز بعد انفجارات تحت الماء في الخطين، على مستوى المياه الدولية قبالة سواحل جزيرة بورنهولم الدنماركية.

وقالت رئيسة الوزراء الدنماركية، ميتي فريدريكسن، للصحفيين بعد الحادث: "هذه أفعال متعمدة وليست مجرد حادث"، مشيرة إلى خطورة الوضع.

من وراء تفجير أنابيب "نورد ستريم"؟

ولم تثمر حتى الآن أي من التحقيقات القضائية الثلاثة التي فتحتها ألمانيا والسويد والدنمارك بشكل منفصل، عن أي نتائج، وفقا لواشنطن بوست.

في أبريل الماضي، قال المدعي العام السويدي، ماتس ليونغكفيست، إن "الفرضية الرئيسية تفيد بأن دولة ما تقف وراء" هذا التفجير، مضيفا أن مرتكبيه يعلمون "جيدا أنهم سيتركون آثارا". 

وأكد مكتب المدعي العام الألماني لوكالة فرانس برس أنه "لا يمكن حاليا الإدلاء بتصريحات موثوقة" بشأن هوية مرتكبي الهجوم ودوافعهم، ولا "حول مسألة الحصول على دعم دولة ما".

واعتبر الخبير في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، كريستشن مولينغ، أنه "إما لا توجد فرضية جيدة بما فيه الكفاية أو أن الأمر حساس من الناحية السياسية".

لكن المدعي العام السويدي صرح لوكالة فرانس برس أنه "في المرحلة النهائية من التحقيق"، معربا عن أمله في التوصل إلى "قرار" بحلول عام 2024.

ونفت موسكو وكييف مسؤوليتهما.

وفي البداية ألقى المسؤولون الأميركيون والأوروبيون اللوم على روسيا، لكن هذا التوجه تغير مع تقدم التحقيقات، وفقا لواشنطن بوست.

وفي ديسمبر 2022، قال مسؤول أوروبي إنه لا يوجد دليل قاطع في تلك المرحلة يشير إلى تورط روسي، حسبما ذكرت صحيفة واشنطن بوست، وهو رأي ردده ما يقرب من عشرين مسؤولا دبلوماسيا واستخباراتيا في تسع دول.

وأظهرت بعض المعلومات الاستخبارية الغربية الأخرى أنه تم اكتشاف سفن بحرية روسية حول مواقع الهجوم في الأسابيع التي سبقت التفجيرات.

وفي مطلع مارس، نسبت صحيفة نيويورك تايمز،  استنادا إلى معلومات حصلت عليها الاستخبارات الأميركية، العملية التخريبية إلى "جماعة موالية لأوكرانيا" من دون أن يكون للرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، يد فيها.

وفي الوقت نفسه، أعلنت النيابة الألمانية فتح تحقيق بشأن قارب يشتبه في أنه قام بنقل المتفجرات. 

وفي فبراير، زعم الصحفي الأميركي، سيمور هيرش، في مقال على موقع "Substack" أن غواصين تابعين للبحرية الأميركية، يعملون تحت غطاء مناورة لحلف شمال الأطلسي مع النرويج في بحر البلطيق، وضعوا متفجرات على خطي الأنابيب في صيف عام 2022، ثم أُمروا لاحقا بتفجيرها. ردا على الغزو الروسي لأوكرانيا.

ونفت إدارة بايدن هذا الادعاء بشكل قاطع. واستندت رواية هيرش إلى مصدر واحد مجهول، ولم تؤكدها أي وسيلة إعلامية أخرى.

التحقيقات متواصلة

وفي يوليو الماضي، قدمت دول ألمانيا والدنمارك والسويد في رسالة إلى مجلس الأمن تتضمن مستجدات عن تحقيقاتها، وأفادت بأن  "طبيعة الأعمال التخريبية غير مسبوقة والتحقيقات معقدة". 

ويرأس التحقيق في ألمانيا المدعي العام لمحكمة العدل الفيدرالية، إلى جانب الشرطة الوطنية.

وقالت ألمانيا في الرسالة الموجهة إلى الأمم المتحدة، إن التحقيق مستمر، ولم يكن من الممكن بعد تحديد هوية الجناة أو ما إذا كان الهجوم نفذته دولة ما أو جهة فاعلة تابعة لها.

وقال  المدعي العام السويدي، ماتس ليونجكفيست، لرويترز الأسبوع الماضي: "نأمل أن يختتم التحقيق قريبا، لكن لا يزال هناك الكثير للقيام به، ولن يحدث شيء خلال الأسابيع الأربعة المقبلة".

من جانبها، تشارك وكالات الأمن والمخابرات والشرطة في التحقيق الذي تجريه الدنمارك وتعمل بتنسيق مع السلطات الأجنبية، من أجل كشف المتورطين في هذا الهجوم.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: المدعی العام نورد ستریم 1

إقرأ أيضاً:

اعتداء وشتائم على المرشح «ممداني» في نيويورك.. هل يتصاعد العنف السياسي بأمريكا؟

تعرض المرشح الاشتراكي لمنصب عمدة نيويورك، زهران ممداني، لحادثة اعتداء وطرد من قبل أحد المحتجين المعروفين بمهاجمة السياسيين في المدينة، وذلك أثناء مشاركته في احتجاج دعم المدعية العامة لولاية نيويورك، ليتيشا جيمس، المتهمة بقضية احتيال مصرفي وتقديم بيانات كاذبة.

ووقعت الحادثة في ساحة فولي بمانهاتن، حيث أظهر فيديو لحظة ملاحقة المحتج راؤول ريفيرا (55 عامًا من حي برونكس) لممداني أثناء مغادرته المكان، مصحوبًا بحراس الأمن إلى سيارته السوداء.

ورافق ريفيرا سلسلة من الشتائم والاتهامات، مطالبًا المرشح بالتبرؤ من الشريعة الإسلامية و”حزب الله”، واتهمه بالتهرب من المواقف السياسية.

وتصاعدت المشادة عندما اقترب ريفيرا من السيارة، حيث تدخل أحد أعضاء حملة ممداني لدفعه بعيدًا، لكن المحتج رد بدفع عدة مرات وهو يلوح بعلم يحمل شعار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

وشهد الموقف مرور المدافع العام للمدينة، جوماني ويليامز، الذي علق على الحادثة أمام الكاميرا قائلاً: “من حسنات الديمقراطية السماح للناس بالتعبير عن آرائهم حتى بهذه الطريقة”، وأضاف أن مثل هؤلاء في الأنظمة السلطوية كانوا سيسجنون، لكن في أمريكا يُحمى حقهم في التعبير.

وقبل انطلاق السيارة، وجهت السائقة ريفيرا صرخة طالبة منه “أن يبحث عن عمل”، قبل أن تنطلق مبتعدة بممداني داخلها.

ويُعرف ريفيرا في الأوساط السياسية بأنه معارض دائم للسياسيين من مختلف الاتجاهات، إذ يحضر فعالياتهم بشكل مستمر لمقاطعتهم. ووصفه أحد أعضاء المجلس الديمقراطيين بأنه “يضايق الجميع” و”فاشل”.

وفي يونيو الماضي، اعتدى ريفيرا على متطوعة تبلغ من العمر 29 عامًا خلال مؤتمر صحفي في مانهاتن السفلى، حيث قام بعض يدها مما استدعى نقلها إلى المستشفى، واعتقل لاحقًا بتهمة الاعتداء.

يبدو أن توتر ريفيرا الأخير مرتبط بتصريحات ممداني في الذكرى الثانية لهجوم السابع من أكتوبر، حيث اتهم الحكومة الإسرائيلية بشن “حرب إبادة جماعية” في غزة بمشاركة أمريكية، ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بسياسة “الفصل العنصري” ضد الفلسطينيين، ما أثار انتقادات واسعة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

ورفض ممداني التعليق على الحادثة الأخيرة، كما لم يصدر ريفيرا أي موقف رسمي حتى الآن. ويواجه ممداني انتقادات سابقة بسبب رفضه التراجع عن استخدام عبارة “تعميم الانتفاضة”، رغم محاولاته لاحقًا التأكيد على دعمه لإسرائيل ورفضه لمعاداة السامية.

جاءت المواجهة بعد دفاع ممداني عن المدعية العامة ليتيشا جيمس ضد إدارة ترامب، واصفًا لائحة الاتهام الفدرالية ضدها بأنها “انتقام سياسي فاضح”، مشددًا على أن محاكمتها تمثل “إساءة واضحة للعدالة”، وقال إن على ترامب أن يحاسب نفسه بدلًا من مهاجمتها.

وكانت جيمس قد حصلت العام الماضي على حكم مدني ضد ترامب ومنظمته بتهمة تضخيم قيمة أصوله العقارية، مما أدى إلى فرض غرامة 355 مليون دولار، أُلغيت لاحقًا بعد الاستئناف، ما أثار غضب الرئيس الأمريكي.

At Foley Square, counter-protesters chased Zohran Mamdani, shouting "antisemite" and demanding he denounce Hezbollah and Sharia. His security intervened. Politics is turning ugly in NYC. pic.twitter.com/ruGMGppub5

— The US Ledger (@The_US_Ledger) October 11, 2025

مقالات مشابهة

  • الإثارة تتواصل في منافسات الدوري الأولمبي
  • نتنياهو: المعركة لم تنجز ولا يزال لدينا تحديات أمنية
  • التحقيقات تكشف مفاجأة.. سوزي تمتلك 3 عقارات وحسابات بنكية ومحافظ إلكترونية
  • تحقيق أمني يقترب.. ماذا وراء مقتل دبلوماسيي قطر؟
  • واردات ألمانيا من الغاز المسال بلغت أعلى مستوى منذ 2022
  • ألمانيا تسعى لاتفاق مع سوريا لإعادة طالبي لجوء مرفوضين
  • اعتداء وشتائم على المرشح «ممداني» في نيويورك.. هل يتصاعد العنف السياسي بأمريكا؟
  • وفاة 3 دبلوماسيين قطريين بحادث مروري في شرم الشيخ (شاهد الصورة)
  • حادث مروري يودي بحياة 3 أعضاء من الوفد القطري المفاوض في شرم الشيخ
  • إعدام سعودي شارك بقتل قاض وتفجير أنابيب نفط