الجزيرة:
2025-05-31@04:37:35 GMT

تركيا والدستور الجديد.. هل من فرصة؟

تاريخ النشر: 29th, September 2023 GMT

تركيا والدستور الجديد.. هل من فرصة؟

في ذكرى انقلاب عام 1980، نظم حزب العدالة والتنمية مؤتمرا حول فرص إعداد دستور جديد للبلاد في الفترة التشريعية الحالية يخلص البلاد بشكل نهائي وتام من "دستور العسكر" المطبق حتى اللحظة في تركيا.

بعد الانقلاب بعامين، أي عام 1982، أعدت المجموعة العسكرية التي قامت بالانقلاب مشروع دستور جديد للبلاد بعد أن كانت علقت العمل بسابقه، وعرضته على الشعب في استفتاء عام، ليقر بنسبة تجاوزت 90%.

وقد بقي هذا الاستفتاء ضمن النماذج النادرة في التجربة السياسية التركية على عمليات الاقتراع المشكوك بصحتها، إلى جانب انتخابات 1946 المزورة، حيث "أجري في ظل ظروف سياسية غير طبيعية" و"لم يحظ الشعب بفرصة التعبير عن رأيه بحرية" وفق كثيرين.

تعرضت معظم مواد الدستور التركي الحالي للتعديل بنسبة أو بأخرى ورغم ذلك، ما زال الساسة من مختلف الأحزاب والتوجهات يرون أن روح الوصاية العسكرية ما زالت حاضرة فيه.

وقد شكّل دستور 1982 معضلة في الحياة السياسية التركية، إذ كان المقصود منه إبقاء حالة من الوصاية على القيادات السياسية المنتخبة والحياة السياسية عموما من خلال عدة أدوات في مقدمتها مجلس الأمن القومي الذي استحدثه، كما أبقى على مساحات من الخلافات المحتملة بين رئاسة الدولة ورئاسة الوزراء وهو ما حصل أكثر من مرة في السنوات اللاحقة.

تعديلات غير كافية

خلال العقود الأربعة الفائتة، تعرض دستور 1982 لـ19 تعديلا، 9 منها قبل حكم حزب العدالة والتنمية و10 خلال عهده، آخرها إقرار الانتقال للنظام الرئاسي في البلاد عام 2017، وتعرضت فيها معظم مواد الدستور للتعديل بنسبة أو بأخرى. ورغم ذلك، ما زال الساسة في البلاد من مختلف الأحزاب والتوجهات يرون أن روح الوصاية العسكرية والانقلاب ما زالت حاضرة في مواده وقوانينه.

أكثر من ذلك، فقد فرض الانتقال للنظام الرئاسي تعديل عدد من القوانين للمواءمة مع النظام المستجد، وفي مقدمتها قوانين الأحزاب والانتخاب وما يلي العلاقة مع رئيس الدولة، وهي قوانين ستنتظر فيما يبدو صياغة دستور جديد بدل التعديلات الجزئية لأسباب يتقدمها خلاف الأحزاب الممثلة في البرلمان على مضمونها.

إضافة لما سبق، فإنه بسبب الدستور الأصلي والتعديلات اللاحقة وخصوصا الانتقال للنظام الرئاسي، توجد ضمن الدستور الحالي عدة قوانين ومواد متضاربة مع بعضها البعض وأخرى شبه "منسوخة" حيث لا يُعمل بها وإن كانت ما زالت منصوصا عليها.

لذلك، تتفق مختلف الأحزاب السياسية في البلاد على ضرورة صياغة دستور جديد. وقد كانت هناك بعض التجارب التي حاولت فيها الأحزاب السياسية التوافق على دستور جديد أو اقتراح مشاريع بخصوصه، مثل تجربة عام 2011-2013، ولكن التجربة الأوضح كانت تشكيل "لجنة توافق لصياغة الدستور" عام 2016 تمثلت فيها الأحزاب داخل البرلمان ولم تصل لتوافق نهائي أو مشروع مكتمل.

محاولة جديدة

قبل الانتخابات الأخيرة، وعدت المعارضة بإعادة البلاد إلى النظام البرلماني وصياغة دستور جديد بعد الفوز بأغلبية البرلمان. في المقابل، تحدث الحزب الحاكم عن وجود بعض الثغرات والمواد التي تحتاج تعديلا بعد خبرة تطبيق النظام الرئاسي. وخسرت المعارضة الانتخابات الرئاسية ولم تنجح في الحصول على أغلبية البرلمان، ما ترك مسؤولية صياغة دستور جديد على كاهل العدالة والتنمية وتحالف الجمهور في المقام الأول.

عدّ رئيس البرلمان التركي نعمان قورتلموش الدستور الحالي "أحد أكثر آثار انقلاب 1980 ونتائجه ديمومةً"، حيث صيغَ بهدف التحكم في المستقبل وفق ما يريد الانقلابيون.

بعد الانتخابات، كرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حديثه عن حاجة تركيا لـ"دستور مدني" بدل "دستور الوصاية" الذي ما زال ساريا في البلاد، ورأى أن الفترة الحالية تمثل فرصة مناسبة لذلك. وفي مؤتمر نظمه حزبه في ذكرى انقلاب 1980 خلال الشهر الجاري في متحف أقيم في سجن "أولوجان" سيئ السمعة في فترة الانقلاب في إشارة رمزية لا تخفى؛ أكد أردوغان على ضرورة أن يكون الدستور الجديد نتاج حوار ثم توافق سياسي ومجتمعي، ووعد بأن يطرق حزبُه أبواب الأحزاب السياسية الأخرى للوصول لهذه النتيجة. وأصدر الرئيس التركي ورئيس العدالة والتنمية نداءً لباقي الأحزاب السياسية قائلا "تعالوا لنتحدث، لنتحاور، لكن دعونا لا نتهرب من هذا الأمر".

وقال رئيس البرلمان نعمان قورتلموش إن "صياغة دستور جديد دَين في رقبة تركيا، وستكون خطوة مهمة تليق بالقرن الثاني للجمهورية". وعدَّ قورتلموش دستور 1980 "أحد أكثر آثار انقلاب 1980 ونتائجه ديمومةً"؛ حيث صيغ بهدف التحكم في المستقبل وتم تصميمه وفق ما يريده الانقلابيون.

ودستوريا، يحتاج إقرار دستور جديد لموافقة ثلثي أعضاء البرلمان، أو على الأقل موافقة نسبة 60% منهم لعرضه على استفتاء شعبي، ولا يملك حزب العدالة والتنمية وتحالفه الحاكم أيا من النسبتين حاليا. ولذلك، تتجه الأنظار اليوم، كما سابقا، لمواقف أحزاب المعارضة بحيث يمكن أن يساعد بعضها على الوصول لنسبة الـ%60 على الأقل وفتح المجال لاستفتاء شعبي.

فرص النجاح

في الحسبة السياسية، لا يتوقع أن يشارك حزب الشعوب الديمقراطي، الذي خاض الانتخابات الأخيرة تحت اسم حزب اليسار الأخضر، في عملية صياغة الدستور، إذ من غير المتوقع أن يطلب العدالة والتنمية دعمه ولا من المتوقع أن يقدمه إن طلب منه. كما أنه من المستبعد أن ينخرط حزب الشعب الجمهوري في هذا المسار بسبب منافسته الشرسة مع العدالة والتنمية واختلافه معه حول عدد من القضايا ومواد الدستور؛ فضلا عن رفضه للنظام الرئاسي وإجراء تحسينات في ظله.

ولذلك، يبقى نظريا من الأحزاب الكبيرة الحزب الجيد القومي، والذي يمكن أن يصل معه العدالة والتنمية لتوافق حول المسألة، لا سيما بعد خلافاته الأخيرة المعلنة مع الشعب الجمهوري وتشتت الطاولة السداسية المعارضة، وإن كان احتمال التوافق ليس كبيرا بالنظر لحرص الحزب الجيد على التمايز عن باقي الأحزاب جميعها وانتهاج سياسة مستقلة تعبر عن هويته الذاتية.

وعليه، يبقى الاحتمال العملي الأبرز -إن لم يكن الوحيد- هو توافق العدالة والتنمية مع الأحزاب المستجدة -الصغيرة- في البرلمان، وهي أحزاب الديمقراطية والتقدم والمستقبل والسعادة. ودخلت هذه الأحزاب البرلمان على قوائم الشعب الجمهوري؛ إذ كانت جزءا من الطاولة السداسية المعارضة، ولكنها أقرب أيديولوجيا وفكريا للعدالة والتنمية.

قد يكون حزب الشعب الجمهوري -بجانب إخفاق رهانه على الفوز بالانتخابات- قدم للعدالة والتنمية الحل بخصوص صياغة الدستور الجديد من حيث لم يحتسب ويقدر.

مسار معقد

وهنا يكمن التناقض الكبير؛ إذ يفترض بالتقارب الفكري والأيديولوجي أن يقرب بين هذه الأحزاب والعدالة والتنمية لكن السياسة تفرقهم بشكل كبير، إذ إنهم على النقيض السياسي منه، فقد خرج الحزب الحاكم من رحم أحدها بينما خرج الاثنان الآخران من عباءته هو، بما يجعل التعاون بين هذه الأحزاب صعبا وفيه بعض الحرج السياسي. كما أن هذه الأحزاب محسوبة على المعارضة، لكنها قد تكون طوق النجاة للعدالة والتنمية في موضوع الدستور، لا سيما أنها لا تختلف كثيرا مع الأخير على معظم بنود الدستور ومواده. إذ تملك هذه الأحزاب 35 مقعدا في البرلمان يمكن أن تزيد من فرص حصول أي مقترح على نسبة 60%.

من هنا نقول إن حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة لم يفشل فقط في رهانه على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ولكن أيضا قد يكون قدم للعدالة والتنمية الحل بخصوص صياغة الدستور الجديد من حيث لم يحتسب ويقدر. لكن ذلك سيتطلب من الحزب الحاكم والأحزاب الجديدة حسا عاليا من المسؤولية وترفعا عن الحساسيات السياسية المتوقعة في هذه الحالة وتغاضيا عن بعض محطات الماضي.

إن صياغة دستور مدني جديد يحل مكان الدستور العسكري الحالي لطالما كان حلما للأحزاب السياسية، ولا سيما تلك التي عانت منه وفي مقدمتها الأحزاب المحافظة والإسلامية. واليوم تلوح فرصة غير مسبوقة لإمكانية إنجاز ذلك، كما تلوح للرئيس التركي فرصة لأن يسجل إنجازا كبيرا كهذا في ولايته الرئاسية الأخيرة. فهل تتعاون الأحزاب المذكورة على مشروع دستور جديد للبلاد منحّية الخلافات جانبا؟ في الحسبة الرياضية ممكن جدا، لكن الحسابات السياسية قد تعيق ذلك وتعقد مساره.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: العدالة والتنمیة الأحزاب السیاسیة الشعب الجمهوری الدستور الجدید هذه الأحزاب فی البلاد

إقرأ أيضاً:

اتفاق القاهرة 1969.. دستور الوجود الفلسطيني في لبنان

اتفاق القاهرة 1969 بين لبنان ومنظمة التحرير الفلسطينية هو الإطار الذي ظل ينظم الوجود المدني والعسكري الفلسطيني في بلاد الأَرز. توصل الطرفان إلى الاتفاق بوساطة الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر. ينص الاتفاق في جوهره على حق الفلسطينيين المقيمين بلبنان في "المشاركة في الثورة الفلسطينيّة من خلال الكفاح المسلّح ضمن مبادئ سيادة لبنان وسلامته".

ويضع الاتفاق -الذي ظل في البداية سريا للغاية ولم يطلع عليه إلا القيادات- مخيمات اللاجئين تحت سيطرة منظمة التحرير، ويشير إلى إنشاء لجان محلية في المخيمات لرعاية مصالح الفلسطينيين المقيمين فيها، وذلك بالتعاون مع السلطات المحلية، وضمن نطاق السيادة اللبنانية.

سياق الاتفاق

جاء الاتفاق بعد نحو 20 عاما على بدء نزوح آلاف الفلسطينيين شمالا إلى لبنان في أعقاب النكبة وإعلان قيام إسرائيل، ووصل عدد الفلسطينيين في لبنان عام 1969 ما بين 100 ألف و130 ألفا كانوا موزعين على المخيمات في مختلف أنحاء البلاد.

كان اللاجئون الفلسطينيون في البداية محل ترحيب واسع في لبنان، لكن مع تكاثر أعدادهم بدأ الأمر يثير بعض المخاوف بشأن التركيبة السكانية للبلاد والتوازنات الديمغرافية والسياسية بين طوائف البلاد.

وهكذا بادرت الحكومة اللبنانية إلى إصدار قوانين لضبط الوجود الفلسطيني في البلاد، وكان ينظر إلى تلك القوانين على أنها ذات طبيعة أمنية وطائفية وتتضمن تضييقا على إقامة اللاجئين الفلسطينيين، وخاصة ما يتعلق بالسكن والعمل والتنقل بين المخيمات والنشاط الفدائي.

وزادت تلك المخاوف في ظل تزايد عمليات المقاومة الفلسطينية على أراضي لبنان، إذ بدأت أطراف سياسية لبنانية تتخوف من أن تصبح الأنشطة الفدائية الفلسطينية ذريعة للاحتلال الإسرائيلي للتدخل في لبنان.

إعلان

في مقابل ذلك، كانت تيارات ومكونات أخرى من المجتمع اللبناني، وتحديدا المكون السني والدرزي وقوى اليسار، تؤيد نشاط المقاومة الفلسطينية على الأراضي اللبنانية.

وتفاقمت تلك المخاوف والانقسامات في المواقف اللبنانية في أعقاب حرب 1967، إذ اشتد عود المقاومة الفلسطينية في لبنان وأنشأ الفدائيون الفلسطينيون قواعد عسكرية في جنوب لبنان، وزاد الوضع تعقدا وتطورت الأمور إلى اشتباكات بين أفراد المقاومة الفلسطينية والجيش اللبناني بلغت ذروتها في أكتوبر/تشرين الأول 1969.

وامتد الانقسام إلى الشارع اللبناني وخرجت مظاهرات في مدن عدة، بعضها يؤيد المقاومة الفلسطينية والبعض الآخر يعارضها، واضطر الجيش أحيانا إلى التدخل لتفريق المتظاهرين. ولم تسلم المخيمات الفلسطينية من تداعيات ذلك الانقسام وشهد بعضها (نهر البارد وبرج البراجنة) اشتباكات مسلحة.

وأمام هذا الوضع ظلت الحكومة بقيادة رشيد كرامي مشلولة لعدة أشهر قبل أن تقرر السلطات فرض حظر التجول في جميع مناطق البلاد دون أن يسفر ذلك عن وضع حد لحالة الانفلات الأمني.

وفي هذه الأجواء المشحونة اتخذت القضية بعدا إقليميا، إذ أعربت عدة دول عربية (مصر، سوريا، العراق …) عن دعمها للطرف الفلسطيني، وهو ما زاد حدة الضغوط على الحكومة اللبنانية.

وهكذا تدخلت أطراف دولية وإقليمية لاحتواء تلك الأزمة المتفاقمة، وكانت مصر بقيادة جمال عبد الناصر في مقدمة الدول الساعية للتوصل إلى اتفاق بين طرفي الأزمة: الحكومة اللبنانية والفصائل الفلسطينية ممثلة في منظمة التحرير الفلسطينية.

ياسر عرفات (يسار) حاملا سلاحه في أحد شوارع العاصمة اللبنانية بيروت عام 1982 (غيتي) مضامين الاتفاق

في يوم الاثنين 3 نوفمبر/تشرين الثاني 1969، اجتمع في القاهرة الوفد اللبناني، برئاسة قائد الجيش العماد إميل البستاني، ووفد منظمة التحرير الفلسطينية، برئاسة ياسر عرفات رئيس المنظمة، وكانت الوساطة المصرية ممثلة بوزير الخارجية محمود رياض، ووزير الدفاع الفريق أول محمد فوزي.

إعلان

ونص الاتفاق على أن علاقات لبنان والثورة الفلسطينية "لا بد أن تتسم دوما بالثقة والصراحة والتعاون الإيجابي لما فيه مصلحة لبنان والثورة الفلسطينية، وذلك ضمن سيادة لبنان وسلامته".

كما اتفق المجتمعون على إعادة تنظيم الوجود الفلسطيني في لبنان على أساس:

حق العمل والإقامة والتنقل للفلسطينيين المقيمين في لبنان. إنشاء لجان محلية من فلسطينيين في المخيمات لرعاية مصالح الفلسطينيين المقيمين فيها، وذلك بالتعاون مع السلطات المحلية، وضمن نطاق السيادة اللبنانية. وجود نقاط الكفاح الفلسطيني المسلح داخل المخيمات تتعاون مع اللجان المحلية لتأمين حسن العلاقات مع السلطة، وتتولى هذه النقاط موضوع تنظيم وجود الأسلحة وتحديدها في المخيمات، وذلك ضمن نطاق الأمن اللبناني ومصلحة الثورة الفلسطينية. السماح للفلسطينيين المقيمين في لبنان بالمشاركة في الثورة الفلسطينية من خلال الكفاح المسلح ضمن مبادئ سيادة لبنان وسلامته. واعتبر الاتفاق أن الكفاح المسلح الفلسطيني عمل يعود لمصلحة لبنان، كما هو لمصلحة الثورة الفلسطينية والعرب، ونص على تسهيله عن طريق: تسهيل المرور للفدائيين وتحديد نقاط مرور واستطلاع في مناطق الحدود. تأمين الطريق إلى منطقة العرقوب. التزام قيادة الكفاح المسلح بضبط تصرفات كافة أفراد منظماتها وعدم تدخلهم في الشؤون اللبنانية. إيجاد انضباط مشترك بين الكفاح المسلح والجيش اللبناني. إيقاف الحملات الإعلامية من الجانبين. إحصاء عدد عناصر الكفاح المسلح الموجودة في لبنان بواسطة قيادتها. تعيين ممثلين عن الكفاح المسلح في الأركان اللبنانية يشتركون بحل جميع الأمور الطارئة. دراسة توزيع أماكن التمركز المناسبة في مناطق الحدود، والتي يتم الاتفاق عليها مع الأركان اللبنانية. تنظيم الدخول والخروج والتجول لعناصر الكفاح المسلح. إلغاء قاعدة جيرون. يسهّل الجيش اللبناني أعمال مراكز الطِّبابة والإخلاء والتموين للعمل الفدائي. الإفراج عن المعتقلين وإعادة الأسلحة المصادرة. ممارسة السلطات اللبنانية (مدنية وعسكرية) صلاحياتها ومسؤولياتها كاملة في جميع المناطق اللبنانية وفي جميع الظروف. إعلان ما بعد الاتفاق

بموجب اتفاق القاهرة 1969 اكتسب الوجود الفلسطيني في لبنان شرعية أكبر، وأصبحت منظمة التحرير الفلسطينية تسيطر على مخيمات اللاجئين، وانعكس ذلك بشكل إيجابي على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين.

في المقابل ظل الانقسام سيد الموقف في المعسكر اللبناني بين الأحزاب المارونية الرافضة لتعاظم دور المقاومة الفلسطينية، وبين الحكومة التي خوّلها الاتفاق ضبط نشاط المقاومة الفلسطينية خارج المخيمات فقط، مع إمكانية منع عملياتها ضد إسرائيل من دون إذن الجيش اللبناني.

وعلى مر السنين تحسنت تدريجيا أوضاع الفلسطينيين في المخيمات، سواء السكن والعمل والخدمات الصحية والاجتماعية وتزايد الوجود العسكري الفلسطيني، بينما تزايدت مخاوف بعض الأحزاب اللبنانية من أن ذلك يتم على حساب سيادة البلاد، وألمح البعض إلى ما سماه "دولة داخل الدولة".

وبلغت تلك الانقسامات والمخاوف ذروتها عندما اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 على خلفية التوترات الطائفية والسياسية، وتردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وكانت المقاومة الفلسطينية طرفا بارزا في تلك الحرب إلى جانب أطراف داخلية أخرى قبل أن تدخل على الخط أطراف إقليمية على رأسها سوريا وإسرائيل.

الاجتياح الإسرائيلي وإلغاء الاتفاق

وفي غضون سنوات قليلة وتحديدا عام 1982 شهد الوجود الفلسطيني تحولا كبيرا جراء الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وهو ما أجبر منظمة التحرير الفلسطينية على الخروج من لبنان ونقل مؤسساتها العسكرية إلى تونس.

وعلى إثر ذلك تم إغلاق معظم مؤسسات المنظمة التي كانت تدعم الكثير من اللاجئين، وفُرض على من يفضّل البقاء في لبنان الخضوع للسيطرة اللبنانية، وكان من نتائج الاجتياح وقوع مجزرة صابرا وشاتيلا.

وبعد 5 سنوات ألغى المجلس النيابي اللبناني ما جاء في اتفاق القاهرة عام 1969 مع الإقرار بالحقوق الإنسانية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ومن ثم أصبح الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين شبيها بما كان عليه قبل عام 1969.

إعلان

لكن على الأرض، بقيت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين تُدار أمنيا من قِبل الفصائل الفلسطينية، ولم يكن بإمكان الجيش أو القوى الأمنية اللبنانية الدخول إلى تلك المخيمات، بينما يفرض الجيش إجراءات مشددة حولها.

ويُقدّر عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بأكثر من 493 ألفا يعيشون في ظروف صعبة داخل المخيمات، ويُقيم أكثر من نصف اللاجئين في 12 مخيمًا منظما ومعترفا به لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وفي خضم التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة منذ عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 واتساع دائرة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى باقي الأراضي الفلسطينية ولبنان، وأمام تراجع نفوذ حزب الله اللبناني وسقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد وتشكيل حكومة جديدة في لبنان، تجدد الحديث عن اتفاق القاهرة 1969، وتحديدا عن سلاح المقاومة الفلسطينية في لبنان.

وفي هذا السياق اتفق الرئيس الفلسطيني محمود عباس ونظيره اللبناني جوزيف عون، يوم 21 مايو/أيار 2025 في بيروت على تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، وأكدا التزامهما بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية وإنهاء أي مظاهر خارجة عن منطق الدولة.

وبناء على ذلك الاتفاق تقرر البدء بسحب السلاح من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان منتصف يونيو/حزيران 2025، وتكون البداية من مخيمات العاصمة بيروت وتليها المخيمات الأخرى لاحقا.

مقالات مشابهة

  • العدالة والتنمية يطالب بكشف ملابسات “شهادات مزورة” بمدرسة المهندسين بوجدة
  • برلماني: التنسيقية تسعى لتعزيز التكامل بين القوى السياسية والأحزاب
  • أردوغان يعيد إحياء معركة الدستور.. ما موقف المعارضة وكيف يبدو المشهد؟
  • أردوغان يترأس لجنة الدستور الجديد في الحزب الحاكم
  • عم الطفل السعودي المفقود في تركيا: الأمل كبير وفرق الإنقاذ ترى فرصة للعثور عليه
  • اتفاق القاهرة 1969.. دستور الوجود الفلسطيني في لبنان
  • حماية المستهلك: الجهاز أصبح شريكا فاعلا فى صياغة علاقة متوازنة مرتكزا على مبادئ القانون والدستور
  • العام الدراسي الجديد يقترب.. متى تفتح المدارس في تركيا؟
  • نحو إنهاء إرث الانقلابات وترسيخ النظام المدني.. أردوغان يتحرك لتغيير دستور 1980
  • أردوغان يختار أعضاء لجنة الدستور البرلمانية عن حزبه