10 سنوات من بناء الوطن.. كيف صمد الاقتصاد المصري بوجه الأزمات |تقرير
تاريخ النشر: 1st, October 2023 GMT
ألقت الأزمة الاقتصادية العالمية الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية التي اشتعل فتيلها في فبراير 2022، ومن قبلها جائحة كورونا التي اجتاحت العالم في 2020 بظلالهما سلباً على جميع دول العالم بلا استثناء، وتأثرت كبرى اقتصاديات العالم.
وبفضل سياسية الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، استطاعت مصر تخطي الكثير من الأزمات، وأشادت المؤسسات الدولية بالخطوات التي اتخذتها مصر في سبيل احتواء الأزمة، في ظل أزمات اقتصادية متلاحقة ضربت العالم أجمع ومن بينها مصر.
وأعدّ مجلس الوزراء، كتابين يلخصان مسيرة التنمية في مصر خلال السنوات التسع الماضية في شتى القطاعات، وذلك تزامنًا مع انعقاد مؤتمر "حكاية وطن.. بين الرؤية والإنجاز"، بحضور الرئيس السيسي، رئيس الجمهورية.
ومن جانبه، أكد المستشار سامح الخِشِن، المتحدث الرسمي لرئاسة مجلس الوزراء، أن الكتابين، اللذين تم تسليم نسخة منهما إلى الرئيس السيسي رئيس الجمهورية خلال فعاليات اليوم الأول من المؤتمر، يمثلان وثيقة تاريخية هامة لجميع الجهود التنموية التي شهدتها أرض مصر منذ عام 2014 وحتى الآن، كأضخم توثيق لأبرز مرحلة تنموية في عمر البلاد، بما يتيح للمواطنين التعرف على حجم وتفاصيل المشروعات القومية التي تم تنفيذها على مدار السنوات التسع الماضية.
وأوضح الخشن، أن الكتاب الأول يتناول بالتفصيل جميع المشروعات القومية المنفذة في كافة قطاعات الدولة خلال الفترة من يونيو 2014 وحتى يونيو 2023، عبر تقسيمه إلى 5 محاور رئيسة، وهي: التنمية البشرية والاقتصادية والمجتمعية والمكانية والمرافق والشبكات، مضيفًا أن الكتاب الثاني يضم المؤشرات الإجمالية لكل محور على حدة، وكذلك المؤشرات الفرعية داخل كل قطاع من قطاعات تلك المحاور، وذلك بمقارنة الأوضاع السائدة قبل 2014، بنظيرتها المُحققة حاليًا بعد تنفيذ المشروعات القومية، وذلك بإجمالي مشروعات بلغت استثماراتها حوالي 9.4 تريليون جنيه خلال 9 سنوات أنفقتها الدولة المصرية بجميع القطاعات لتحسين جودة الحياة على كافة المستويات.
وتابع: "الكتابان يوضحان حجم الجهد المبذول في بناء الإنسان المصري، وذلك من خلال محور التنمية البشرية، الذي يسرد بالتفصيل والأرقام، حجم العمل لتطوير قطاعات: الرعاية الصحية، والتعليم الأساسي والفني، والتعليم العالي والبحث العلمي، والثقافة والفنون، وتمكين المرأة"، مشيرًا إلى أن الدولة المصرية قدمت العديد من المشروعات التي تهتم بالشخصية المصرية صحيًا وتعليميًا وثقافيًا وغيرها، وذلك جنبًا إلى جنب مشروعات البنية التحتية والتنموية الأخرى التي تعيد بناء الاقتصاد الوطني، وهيكلة قطاعاته المختلفة، بما يسهم في إعداد أجيال مؤهلة وقادرة على الحفاظ على مكتسبات التنمية من المشروعات الاقتصادية المختلفة.
وأضاف أن الدولة أنفقت تريليون جنيه لإصلاح التعليم ما قبل الجامعي خلال السنوات التسع الماضية، و180 مليار جنيه لإصلاح التعليم العالي، وحوالي 1135 مشروعًا للنهوض بأوضاع الرعاية الصحية عن طريق مضاعفة موازنة القطاع الصحي بواقع 4 مرات من 42 مليار جنيه في عام 2014 إلى 222 مليار جنيه في عام 2023، بزيادة بلغت 428%، بجانب إنفاق 8.2 مليار جنيه لتنفيذ المئات من المشروعات الثقافية.
وذكر المتحدث باسم مجلس الوزراء، أن الكتابين يستعرضان محور التنمية الاقتصادية، مقسمًا إلى قطاعات: الاستثمار، والتنمية الصناعية والتجارة، والزراعة واستصلاح الأراضي، والبترول والثروة المعدنية، والسياحة والآثار، مضيفًا أن تلك المجالات حققت إنجازات غير مسبوقة منذ عقود طويلة، الأمر الذي أسهم في مرونة الاقتصاد وصلابته أمام التحديات الاقتصادية الصعبة التي تجتاح العالم حاليًا، ومنذ انتشار الجائحة.
ولفت إلى أن الدولة أنهت عقودًا من التعامل البيروقراطي مع قطاعات الاستثمار، بإطلاق منصة إلكترونية موحدة لتأسيس وتشغيل وتصفية المشروعات، والتوسع في منح الرخصة الذهبية كموافقة موحدة على جميع التراخيص المطلوبة لبدء النشاط الاستثماري، وغيرها من القرارات لتبسيط إجراءات الاستثمار، بخلاف الحوافز الضريبية والمالية للمستثمرين وأصحاب المجمعات الصناعية التي أطلقتها الدولة خلال الفترة الماضية لتعميق الإنتاج المحلي وتقليل الاستيراد، وذلك إلى جانب إنفاق الدولة أكثر من 128 مليار جنيه في مجال التنمية الصناعية خلال 9 سنوات، مشيرًا إلى إطلاق أكبر مشروع لاستصلاح 4 ملايين فدان لتوفير الأمن الغذائي، وإنفاق أكثر من تريليون جنيه خلال السنوات التسع الماضية لتنمية الإنتاج في قطاع البترول والغاز الطبيعي وتنمية صناعات التكرير والبتروكيماويات وغيرها، ومضيفًا أن مصر شهدت خلال الفترة الماضية مشروعات كبرى في مجال التنمية السياحية انعكست على تطور الإيرادات السياحية بنسبة 197% وكذلك أعداد السائحين بنسبة 216%.
وذكر الخشن، أن محور التنمية المجتمعية يتناول قطاعات: رعاية الشباب والرياضة، والتضامن الاجتماعي، والتموين والتجارة الداخلية، والعدالة والأمن، والتسامح والتعايش، ليسرد تفاصيل ما قدمته الدولة من برامج للحماية الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجًا ودعمهم نقديًا وسلعيًا، ومبادرات لرعاية النشء وتحقيق التكافل الاجتماعي ومواجهة التمييز، وغيرها مما يصون قواعد المجتمع وأمنه وحقوق فئاته المختلفة.
وأكد أن الدولة نفذت خلال السنوات التسع الماضية أكثر من 4 آلاف مشروع رياضي باستثمارات بلغت 22 مليار جنيه، بجانب تخصيص أكثر من 200 مليار جنيه لدعم الأسر الأولى بالرعاية خلال 9 سنوات من خلال برامج التضامن الاجتماعي وغيرها، وذلك بخلاف الدعم الموجه من خلال برنامج "تكافل وكرامة" والذي ارتفعت مخصصاته من 3.7 مليارات جنيه في عام 2014 إلى 31 مليار جنيه في عام 2023، بإجمالي 5.2 مليون أسرة مستفيدة في عام 2023 ارتفاعًا من 1.7 مليون أسرة مستفيدة في عام 2014، بجانب زيادة دعم الخبز بنسبة 405 ٪ خلال 9 سنوات، حيث زادت مخصصات الدولة لدعم الخبز من 18 مليار جنيه في عام 2014 إلى 91 مليار جنيه في عام 2023، بجانب زيادة مخصصات الدولة لدعم السلع التموينية من 13 مليار جنيه في عام 2014 إلى 36 مليار جنيه في عام 2023، بنسبة زيادة بلغت 177%.
واستطرد: "الكتابان تطرقا أيضًا إلى الإنجازات المصرية والمشروعات القومية المختلفة في قطاعات التنمية المكانية، وهي: الإسكان والمجتمعات العمرانية، وتطوير العشوائيات، والموارد المائية والري، والبيئة، كأحد المقومات التي تكفل العيش الكريم للمواطنين وذلك بعد إطلاق أكبر خطة للتنمية العمرانية شهدتها البلاد في تاريخها، حيث أنشأت الدولة 1.5 مليون وحدة سكنية خلال 9 سنوات بقيمة 750 مليار جنيه، شملت تطوير المناطق العشوائية بإجمالي 1.3 مليون مستفيد، وكذا توفير السكن اللائق لجميع فئات المجتمع بإجمالي 7.5 مليون مستفيد، وهناك خطة لتنفيذ 38 مدينة سكنية ذكية جديدة، وأهمها العاصمة الإدارية الجديدة، لمضاعفة مساحة المعمور المصري من 7 إلى 14%.
وذكر المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء، أن الدولة أولت اهتمامًا كبيرًا بتطوير محور المرافق والشبكات، وقطاعاته المختلفة؛ وهي: الطرق والنقل، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والكهرباء والطاقة، ومياه الشرب والصرف الصحي، وهي القطاعات التي شهدت طفرة غير مسبوقة لتحديث البنية التحتية للبلاد، بما يسهم في جذب الاستثمارات المختلفة، ويحقق نقطة الانطلاق نحو اقتصاد إنتاجي متنوع، حيث أنفقت الدولة 3398 مليار جنيه لتطوير المرافق العامة خلال 9 سنوات للنهوض بخدمات الكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحي والاتصالات والبترول، بجانب إنفاق 2 تريليون جنيه لتطوير شبكات الطرق والكباري والسكك الحديدية والمواني البحرية والجافة والنهرية ووسائل النقل الجماعي والمناطق اللوجيستية بجانب مشروعات مترو الأنفاق والقطارات الكهربائية السريعة والمونوريل وغيرها.
يذكر أنه في يناير 2023، نشر المركز الإعلامي لمجلس الوزراء تقريراً حول توقع صندوق النقد الدولي تصاعداً مستقبلياً لمؤشرات الاقتصاد المصري.
وكشف تقرير المركز الإعلامي لمجلس الوزراء عن أبرز توقعات الصندوق لمؤشرات الاقتصاد المصري خلال السنوات المقبلة، والتي تشير إلى ارتفاع معدل النمو ليسجل 4% عام 2022 /2023، و5.3% عام 2023 /2024، و5.7% عام 2024 /2025، و5.9% عامي 2025 /2026 و2026 /2027، فيما توقع الصندوق تراجع معدل التضخم ليسجل 15.8% عام 2022 /2023، و11.1% عام 2023 /2024، و7.6% عام 2024/ 2025، و7% خلال عامي 2025 /2026، و2026 /2027.
وقد كشف التقرير عن أبرز تعليقات الصندوق حول أداء الاقتصاد المصري وجدوى السياسات الحالية والمستقبلية، مشيراً إلى تعرض الاقتصاد المصري لمجموعة من الصدمات العالمية، حيث أظهرت مصر مرونة في مواجهة جائحة كورونا، تلك الأزمة الصحية التي أخرت تأثيرات الجهود المبذولة والإصلاحات الهيكلية التي تشتد إليها الحاجة الآن، مبيناً في الوقت ذاته أن مصر التزمت بتنفيذ أجندتها للإصلاحات الهيكلية رغم التحديات المختلفة، أصدرت وثيقة سياسة ملكية الدولة لزيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد.
كما أشار الصندوق إلى انخفاض عجز الميزان الجاري بشكل أكبر مما كان متوقعاً عام 2021 /2022 بسبب انخفاض الواردات غير النفطية وارتفاع الميزان البترولي بعد زيادة صادرات الغاز، موضحاً أيضا أنه على الرغم من ارتفاع أسعار النفط والغذاء عالمياً، تباطأ النمو بأقل من المتوقع في الربع الرابع عام 2021 /2022 مما يعكس قوة التصنيع وقطاعي النقل والاتصالات، وذكر الصندوق أن القطاع المصرفي استمر في إظهار قدرته على الصمود، حيث أظهرت مؤشرات السلامة المالية اعتباراً من يونيو 2022 قطاعًا مصرفياً عالي السيولة، ومستويات ملائمة لرأس المال، ونسبة منخفضة من القروض المتعثرة.
وأوضح الصندوق أن الأزمة الروسية الأوكرانية فرضت تحديات على الاقتصاد المصري وبلورت ضغوطاً موجودة مسبقاً، مما جعل مصر تتخذ إجراءات جريئة منها التحول إلى سعر الصرف المرن وسياسة نقدية تهدف إلى خفض التضخم تدريجياً، متوقعاً أن تساهم مرونة سعر الصرف في امتصاص الصدمات الخارجية بما في ذلك التداعيات المستمرة للحرب، وإعادة بناء الاحتياطيات الأجنبية، وذكر الصندوق أن برنامج مصر المدعوم منه يهدف إلى تنفيذ حزمة سياسات شاملة للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي، وتمهيد الطريق للنمو المستدام بقيادة القطاع الخاص.
كما يساهم في تعزيز ثقة المستثمرين، والوصول إلى الأسواق بالمستوى المناسب لمصر للوفاء بالتزاماتها الخارجية، ولفت التقرير إلى رؤية الصندوق بأنه مع تزايد الضغوط الاقتصادية التي تؤثر على الأسر المصرية، اتخذت مصر تدابير للمساعدة في حماية الفئات الأكثر تضرراً جراء الأزمة، منها إقرار حزمة حماية اجتماعية جديدة، وإضافة أسر جديدة لبرنامج تكافل وكرامة، متوقعاً زيادة الإيرادات، مما يساهم في خلق مساحة لأولوية الإنفاق على الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية.
وقال الدكتور السيد خضر الخبير الاقتصادي، إن الرئيس السيسي جعل من الاقتصاد المصري ذات هوية حقيقية وأصبح نموذجا تنمويا يحتذى به، وذلك من خلال تنفيذ برنامج إصلاح هيكلي في جميع القطاعات، مشيرا إلى الإنجازات التي لم تشهدها مصر من قبل في كيفية اختيار وتنفيذ المشروعات القومية التي عكست التنمية الاقتصادية والاجتماعية الحقيقية، فهناك إنجازات اقتصادية متتالية وتنفيذ مشروعات رائدة وضخمة للخروج من الأزمات، مؤكدا أن الأزمات جعلت من الاقتصاد المصري قادراً على امتصاص التحديات ومواجهتها بشكل حير عقول العالم حول استمرار تنفيذ المشروعات الكبرى رغم تداعيات الصراعات التجارية وتأثيرها على كبرى الاقتصاديات.
وتابع: الاقتصاد المصري حقق معدلات نمو إيجابية؛ فأخذ الاقتصاد ثقة كبيرة لدى المؤسسات المالية العالمية ما ساهم في تهيئة المناخ الجاذب للاستثمارات المحلية والأجنبية، لافتا: كان هناك إصرار على العمل والاجتهاد ووضع رؤية استراتيجية واضحة من أجل تحقيق النجاح وتنفيذ المشروعات وجعل لمصر مكانة مرموقة على خريطة العالم الاقتصادية، وتعزيز قدرة الاقتصاد الوطني وخلق بيئة تنافسية من أجل جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية.
وأضاف خضر - خلال تصريحات لــ"صدى البلد": القيادة المصرية تسعى لإيجاد حلول غير تقليدية لدعم الاقتصاد بشكل كامل، ما ساهم في تحقيق العديد من الإنجازات الكبرى في كافة قطاعات الدولة بشكل عام، وكان للتنمية المحلية نصيب كبير نظرا للجهود التي بذلت فيها، والتي تنوعت بين إعداد خطط للتنمية الحضرية، بالإضافة إلى تنفيذ عدة مشروعات للبنية الأساسية، مشيرا إلى مواصلة جهود الدولة في الحفاظ على الاستقرار الأمني والمالي المتوازن، وكذلك المبادرات القومية للحفاظ علي العمالة وتوفير فرص العمل وكذلك توفير كافه السلع الأساسية والعمل على خفض أسعارها في ظل الأزمة الراهنة.
وشدد خضر على صمود الاقتصاد الوطني في مواجهة الأزمة العالمية الراهنة وجهود الحكومة في مساندة النشاط الاقتصادي من خلال إعطاء العديد من المنح والحوافز والقضاء على البيروقراطية وتحسين مستوى أداء العاملين فى الجهاز الإداري لدعم تلك المشروعات الحيوية، مشيرا: هناك حوافز كبيرة وإعطاء حزم تمويلية بأسعار فائدة مخفضة وتسهيلات إئتمانية، مما زاد من قدرة الدولة المصرية على المنافسة في الأسواق العالمية وجعل المنتج المصري ذات قدرة تنافسية عالية.
وأكمل: تعمل الحكومة المصرية على تعزيز التنمية المستدامة في البنية التحتية من خلال تشجيع استخدام الطاقة المتجددة وتطبيق الممارسات البيئية، حيث تهدف إلى تحقيق التوازن بين تلبية الاحتياجات الحالية وتلبية احتياجات الأجيال القادمة، كما تهدف هذه الجهود والمشروعات إلى تعزيز التنمية الشاملة في مصر، وتحسين جودة الحياة للمواطنين، وتعزيز الاستدامة البيئية، وجذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية من أجل الحفاظ على مستوى تدفق العملة الصعبة.
واختتم: الاتفاقيات التجارية الجديدة التي أبرمتها الدولة المصرية خلال الفترة الماضية لاستخدام العملات المحلية في المعاملات التجارية مع الدول الصديقة لمصر من أجل تخفيف الضغط على الدولار كان لها دور مهم في تنويع سلة العملات الأجنبية ودعم قيمة الجنيه المصري في ظل الظروف الراهنة وتراجعه أمام الدولار.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الإقتصاد المصرى التضخم رئاسة مجلس الوزراء عبد الفتاح السيسي ملیار جنیه فی عام 2023 المشروعات القومیة تنفیذ المشروعات الاقتصاد المصری الدولة المصریة مجلس الوزراء تریلیون جنیه خلال 9 سنوات خلال الفترة أن الدولة سنوات ا أکثر من من خلال من أجل
إقرأ أيضاً:
وزيرة التخطيط: إطلاق السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية لعرض توجهات الاقتصاد المصري الشهر المقبل
تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبتشريف وحضور الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء؛ شاركت اليوم- الأحد- الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في منتدى قادة السياسات المصري الأمريكي؛ وذلك بحضور الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، والمهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، وأحمد كجوك، وزير المالية، والمهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، والسادة أعضاء غرفة التجارة الأمريكية، برئاسة سوزان كلارك، رئيس الغرفة الأمريكية في واشنطن، ومشاركة جون جيه كريستمان، الرئيس التنفيذي لشركة أباتشي ورئيس مجلس الأعمال المصري الأمريكي، والمهندس عمر مهنا، رئيس مجلس إدارة غرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة، وهيرو مصطفى، السفيرة الأمريكية بالقاهرة، و61 من الرؤساء والمسئولين التنفيذيين يمثلون 42 شركة من كبرى الشركات الأمريكية، وعدد من ممثلي مجتمع الأعمال والقطاع الخاص في مصر والولايات المتحدة.
ويناقش المنتدى- الذي يستمر على مدار يومين، وتنظمه غرفة التجارة الأمريكية في مصر بالتعاون مع مجلس الأعمال المصري الأمريكي- تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والولايات المتحدة، وفرص الاستثمار المتاحة في مصر مع الشركات الأمريكية.
وفي كلمتها؛ قالت الدكتورة رانيا المشاط، إن منتدى اليوم يناقش عمق الفرص النوعية والدقيقة المتاحة أمام المستثمرين في مختلف القطاعات الاقتصادية الحيوية في مصر، لافتة إلى كتيب "فرص الاستثمار" الذي تم إعداده مع غرفة التجارة الأمريكية، ويمثل خريطة استثمارية واضحة وشاملة تسلّط الضوء على أبرز الفرص المتاحة، سواء للمستثمرين المحليين أو الأجانب، وتشرح ما تم اتخاذه من إصلاحات وسياسات لتمهيد الطريق أمام دخول استثمارات جديدة من شأنها دفع عجلة الاقتصاد المصري إلى الأمام.
وأكدت "المشاط"، اهتمام الحكومة وحرصها على المشاركة الفعالة في الحوار المباشر مع الشركاء المحليين والدوليين، لافتة إلى أن الدولة المصرية تضع ملف الاستثمار وتحفيز القطاع الخاص في مقدمة أولوياتها الوطنية.
واستعرضت "المشاط" الإطار العام الذي تستند إليه السياسات الاقتصادية الحالية في مصر، والإصلاحات المتكاملة على مستوى السياسات المالية، أو النقدية، أو التجارية، أو الصناعية، أو الاستثمارية، مشيرة إلى الإطار العام الذي يحكم العمل الاقتصادي في مصر، حيث تعتمد الأعمال حاليا على التنسيق الكامل بين مختلف الوزارات والجهات، لتحقيق تكامل حقيقي بين السياسات العامة بما يخدم توجهات الدولة نحو بناء اقتصاد قوي، منتج، قادر على التصدير، ومُولّد لفرص عمل مستدامة، موضحة أن ذلك الإطار يرتكز على ثلاثة محاور هي، تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي: من خلال ضبط السياسة النقدية والمالية وضمان استقرار سعر الصرف وكبح التضخم وتحقيق الانضباط المالي، وتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري: من خلال تطوير البنية التحتية، وتحديث التشريعات، ودعم التحول الرقمي، وتحفيز الابتكار، بالإضافة إلى إطلاق الطاقات الكامنة للقطاع الخاص: باعتباره المحرك الأساسي للنمو الحقيقي طويل الأجل، والدعامة الأهم لخلق فرص العمل ورفع معدلات الإنتاجية، وذلك من خلال تحسين بيئة الأعمال، وتسهيل الإجراءات، وإزالة العقبات البيروقراطية، وزيادة الشفافية، وتحسين الحوكمة الاقتصادية.
تنوع الاقتصاد المصري
وأشارت إلى الخصائص التي تُميز الاقتصاد المصري عن غيره من اقتصادات المنطقة، ومنها تنوعه الكبير وقاعدته الإنتاجية العريضة، حيث يعتمد على العديد من القطاعات النشطة التي تسهم في الناتج المحلي الإجمالي وتوفر فرص عمل ضخمة، مثل قطاع الصناعة التحويلية، خاصة الصناعات غير البترولية، التي سجلت مؤخرًا معدلات نمو قياسية وصلت إلى نحو 18%، وهو نمو مستدام تحقق على مدى ثلاثة أرباع متتالية، وقطاع السياحة: الذي شهد انتعاشة قوية، خاصة مع قرب افتتاح المتحف المصري الكبير في يوليو المقبل، ما سيشكل نقلة نوعية في تجربة السياحة الثقافية في مصر، وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الذي ينمو بوتيرة ثابتة ويحقق معدلات نمو تصل إلى 10%، ويعد من أكثر القطاعات جذبًا للشباب والمستثمرين، وقطاع النقل واللوجستيات: وهو قطاع استراتيجي يعكس ما يجري من تطور في الموانئ والبنية التحتية، وسجل نموًا قريبًا من 10%.
هذا فضلاً عن امتلاك مصر قوة عمل شابة، ماهرة، وذات تكلفة تنافسية، وهي مورد بشري ضخم تسعى الحكومة إلى تعظيم الاستفادة منه عبر برامج التدريب وبناء المهارات.
وتحدثت الوزيرة عن تطورات الاقتصاد الكلي ومؤشرات الأداء، مشيرة إلى الإجراءات الجريئة التي تم اتخاذها في مارس الماضي، حيث شهد الاقتصاد المصري من بعدها تحولات كبيرة، أهمها تحقيق استقرار كبير في سوق الصرف، واختفاء السوق السوداء للعملة، وتبني سياسة مالية انضباطية صارمة تهدف إلى تقليص العجز وتحقيق فائض أولي، وحوكمة أكثر كفاءة في إدارة الاستثمارات العامة، بما يضمن الكفاءة والتوجيه الصحيح للموارد، فضلا عن تحقيق شفافية أعلى في الشركات المملوكة للدولة، في إطار جهود الدولة لفصل الملكية عن الإدارة وتحسين الحوكمة.
وتابعت "المشاط"، أن الاستثمارات الخاصة شهدت كذلك تعافيًاملحوظًا، إذ تجاوزت مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي مساهمة الاستثمارات العامة لأول مرة منذ سنوات، وهو ما يؤكد نجاح جهود فتح المجال أمام القطاع الخاص، كما ارتفعت تحويلات المصريين من الخارج لتعود إلى مستوياتها السابقة، فيما تسجل السياحة هذا العام أعلى معدل في عدد الزوار والإيرادات منذ سنوات، مؤكدة انه على الرغم من التحديات الإقليمية، وانخفاض إيرادات قناة السويس نتيجة الظروف الجيوسياسية، فإن النمو والصادرات المصرية – سواء السلع تامة الصنع أو نصف المصنعة أو المواد الخام – تواصل الارتفاع، ما يعكس تحسن هيكل الاقتصاد وتنوعه.
وفيما يتعلق بالتحول نحو اقتصاد منتج وقائم على التصدير؛ قالت "المشاط" إن مصر تنتقل تدريجيًا من نموذج اقتصادي يعتمد على القطاعات غير القابلة للتصدير، إلى نموذج يقوم على الإنتاج، والصناعة، والتصدير، لأن هذا هو الطريق لخلق فرص عمل مستدامة، وتحقيق نمو حقيقي ومرتفع الإنتاجية، لذلك فإن هناك تركيز كبير على جعل مصر مركزًا إقليميًا للطاقة الخضراء، عبر مشروعات طموحة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر، ومحورًا إقليميًا للأمن الغذائي، عبر دعم سلاسل القيمة المضافة في الزراعة والصناعات الغذائية، وكذلك مركزًا للتجارة واللوجستيات، من خلال تطوير الموانئ وربطها بمحاور التنمية والمناطق الصناعية.
كما لفتت الوزيرة إلى كيفية بناء اقتصاد أكثر استدامة، مشيرةً إلى أن استقرار الاقتصاد الكلي هو الأساس، لكنه ليس كافيًا وحده، لذا تعمل الحكومة على تنفيذ برنامج إصلاحات هيكلية طموح، يقوم على ثلاث ركائز أساسية هي تعزيز مرونة الاقتصاد الكلي: لضمان استدامة الاستقرار المالي والنقدي، وتحفيز التنافسية وتعزيز دور القطاع الخاص: من خلال تحسين التشريعات، وتبسيط الإجراءات، وتشجيع ريادة الأعمال، ودعم التحول الأخضر: والانتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون ومستدام، ينسجم مع التزامات مصر البيئية وأهداف التنمية المستدامة.
وأكدت أن التحول الأخضر ليس فقط قضية بيئية، بل هو فرصة حقيقية للاستثمار، والتوظيف، والتصدير، وكل تلك الفرص تهدف إلى دعم التنمية الاقتصادية، وبالتالي خلق مساحة مالية أوسع للدولة، فنحن ننتقل من دائرة اقتصادية سلبية تعتمد على سعر صرف ثابت، وسياسة نقدية مستقلة، وتدفقات رأس مال غير مستقرة، إلى دائرة إيجابية تعتمد على الاستقرار الاقتصادي الكلي، والإصلاحات الهيكلية، والتنمية.
كما أكدت "المشاط" أهمية التمويل من أجل التنمية، لافتة إلى أن مصر أصبحت منصة مهمة للتعاون مع المؤسسات الدولية. هذه المؤسسات لا تمول الحكومة فقط، بل تقدم التمويل أيضًا للقطاع الخاص، باستخدام أدوات وآليات تمويل متعددة، موضحة أنه خلال السنوات الخمس الماضية، حصل القطاع الخاص في مصر على أكثر من 15 مليار دولار من التمويل الميسر، وهو ما يُعد عاملاً مهمًا جدًا لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأشارت إلى منصة "نوفي"، موضحة أن مواجهة التحديات المناخية يمكن أن تكون في ذات الوقت فرصة لتحقيق التنمية، حيث اعتمدتمصر على ذلك النهج في تطوير منصتها الوطنية لبرنامج "نُوَفِّي" لربط التمويل المناخي بمشروعات التنمية ذات الأولوية في قطاعات الطاقة والغذاء والمياه، وهو ما ساهم في جذب استثمارات دولية للقطاع الخاص بنحو 4 مليارات دولار خلال عامين، لتوليد 4 جيجاوات من الطاقة المتجددة، وهذه التمويلات لم تذهب فقط لشركات مصرية، بل شملت شركات دولية أيضًا، بتمويل من مؤسسات دولية وبنوك تجارية، إضافة إلى مكونات منح تم إضافتها لتقليل أعباء التمويل، موضحة أن هذا يعد فرصة للشركات الأمريكية الراغبة في دخول السوق المصري، خصوصًا في مجالات الطاقة النظيفة والبنية التحتية المستدامة.
كما أشارت إلى المشروعات المرتبطة بتخزين الطاقة الكهربائية للمساعدة في الوصول إلى هدفنا الوطني وهو تحقيق 42% من الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2030، موضحة أن من بين الركائز الأساسية الأخرى للتنمية في مصر هي التجارة واللوجستيات، حيث تعمل مصر حاليا لتكن مركزًا إقليميًا للتجارة، مشيرة إلى تطوير العديد من الموانئ – البحرية والجافة – من خلال شراكات بين القطاعين العام والخاص، وتم تمويلها عبر مصادر دولية، وكذلك تطوير الأنظمة الرقمية لتسهيل التجارة، وهو ما ساهم في تحسين ترتيب مصر في مؤشر الأداء اللوجستي الصادر عن البنك الدولي، حيث قفزنا إلى المرتبة 54 في عام 2023.
وقالت "المشاط" إن مصر بصدد إطلاق السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية خلال يونيو المقبل، والتي تتضمن روؤى رئيسية، تشمل: الاستقرار الاقتصادي الكلي، تدفقات الاستثمار الأجنبي، أداء الصناعة والتجارة، وجاهزية القوى العاملة، مؤكدة أن هدف مصر يرتكز في تحقيق نموًا حقيقيًا، وتوفير فرص عمل، وتعزيز صلابة الاقتصاد في مواجهة الأزمات العالمية والإقليمية.
وفي إجابتها عن تساؤل حول كيفية موازنة مصر بين التخطيط للتنمية طويلة المدى والحاجة إلى المرونة في اقتصاد عالمي سريع التغير، أوضحت الدكتورة رانيا المشاط أن مصر تعمل كغيرها من الدول في وقت تتداخل فيه الأزمات، من تغيّر المناخ والتحولات الجيوسياسية، إلى التسارع التكنولوجي، وكلها تتطلب توازناً دقيقاً بين الالتزام بأهداف التنمية طويلة الأمد والقدرة على التفاعل السريع مع التحديات العالمية الناشئة.
وأشارت "المشاط" إلى سعي مصر لتحقيق هذا التوازن من خلال تحول مؤسسي نحو التخطيط المتكامل القائم على السياسات، لافتة إلى أن قانون التخطيط العام، الذي يرسخ للخطة الاقتصادية متوسطة المدى، أصبح الآن مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بقانون المالية العامة الموحد، مما يضمن اتساق الخطط والميزانية والسياسة المالية، مؤكدة أن هذا التكامل يمكّننا من تعديل الأهداف بشكل مسؤول استجابة للتحديات المتغيرة المختلفة.