وزير الخارجية المجري لـ"الرؤية": الصراع في الشرق الأوسط يُنذر بـ"أسوأ كارثة إنسانية" في التاريخ
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
◄ العقوبات الأوروبية على روسيا "قرار سيئ للغاية".. ولا بوادر على إنهاء الحرب
الرؤية- أحمد عمر- مريم البادية
أكد معالي بيتر سيارتو وزير الشؤون الخارجية والتجارة المجري ضرورة وقف الأعمال القتالية وخفض التصعيد بين الفلسطينيين والإسرائيليين، من أجل تفادي "أسوأ كارثة إنسانية" في التاريخ، مشيرًا إلى ما يُعانيه المدنيون من مآسٍ إنسانية.
وفي حوار حصري مع "الرؤية" على هامش مشاركته اجتماع الدورة السابعة والعشرين للمجلس الوزاري المشترك بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي والذي استضافته العاصمة مسقط أمس، قال معاليه إنَّ بلاده ترغب ضمان حماية المدنيين العزل من عمليات القصف المتبادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأضاف سيارتو أن المجر تسعى إلى تهيئة الظروف المواتية لبدء مفاوضات السلام بين الجانبين، معربًا عن شعوره بالأسف لما تشهده المنطقة منذ يوم السبت الماضي. وأشار معاليه إلى أن الأزمة الروسية الأوكرانية أثرت بالسلب على المجر، لا سيما فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية، قائلًا إنِّه غير متفائل بآفاق الحرب الدائرة في أوكرانيا. وأضاف أن بلاده تأترت بالأزمة؛ حيث استقبلت ما يزيد عن مليون لاجئ أوكراني، كما ارتفع التضخم لمستويات تفوق 25%، بينما كان في السابق يحوم حول 2%. وقال: "هذه حرب لسنا طرفا فيها.. ويجب وقفها في أقرب وقت، وللأسف غالبية قادة الاتحاد الأوروبي لا يسعون لرفض التدخل الأمريكي والسباق الأمريكي الأوروبي لتسليح أوكرانيا"، نافيًا تقديم بلاده لأي سلاح للحكومة الأوكرانية. وأضاف: "نأمل الجلوس في النهاية على طاولة المفاوضات، لكنه لا يرى أي بوادر من أمريكا أو أوروبا لوقف هذه الحرب".
وأكد الوزير المجري أنَّ دول الاتحاد الأوروبي اتخذت "قرارات سيئة للغاية" بفرض عقوبات على روسيا، لأن المتضرر الأول هي الدول الأوروبية نفسها، فالنَّاس يموتون في أوروبا والبنية التحتية قد أصابها الدمار، مشبهًا فرض أوروبا للعقوبات بأنه بمثابة "إطلاق النار على نفسها".
وتنشر "الرؤية" الحوار مُصورًا كاملًا يوم الأربعاء.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
نظرة على الشرق الأوسط في عقل ترامب
في الزوايا الباردة من خرائط النفوذ، حيث تتداخل خطوط الجغرافيا مع أنماط الهيمنة، وتتماهى المبادئ مع المصالح، كما تتماهى الظلال في الغروب، لم يكن حضور دونالد ترامب إلى مشهد السياسة الخارجية سوى اقتحامٍ صاخبٍ لنسقٍ ظلّ طويلًا أسير التقاليد البروتوكولية وصياغات المؤسسات.
جاء الرجل لا كصوتٍ إصلاحيٍّ يحاول إعادة إنتاج العالم، بل كحاملِ ميزانِ صفقةٍ يريد أن يقيس به حجم المكاسب لا عمق التحولات، وأن يُخضع منطق التغيير لقواعد السوق لا لمنظورات القيم أو نظريات الانتقال الديمقراطي.
وفي هذا السياق، لم يكن مبدأ ترامب في الشرق الأوسط مبدأ بالمعنى الذي اعتدناه مع ترومان، أو كارتر، أو بوش، بل حالةً فلسفيةً نقيضةً لكل ما سُمِّي سابقًا بالالتزام الأخلاقي للدبلوماسية الأميركية.
فقد أسّس ترامب لمقاربةٍ تقوم لا على تصدير النماذج السياسية، ولا على التدخل التغييري، بل على إعادة تعريف الشرعية من خلال نفعيّتها لا عبر مشروعيتها، وعلى تحييد الديمقراطية بوصفها عاملًا مكلفًا لا استثمارًا إستراتيجيًا مضمون العائد.
ففي عالمٍ تسوده براديغم الصفقة، قرَّر ترامب أن ينأى بسياسة بلاده عن منطق الوصاية التحديثية، وأن يستبدل خطاب (من سيحكم) بخطاب كيف يمكن أن يُحكم دون أن يُزعج المصالح.
إعلانوهنا تتجلّى فلسفته بوصفها رفضًا صريحًا للتورط في مشاريع تحوّلية مفتوحة، واختيارًا واعيًا للاستقرار القابل للتوظيف، مع ما يرافقه من براغماتيةٍ حذرة لا تستغرق في أيديولوجيا التغيير، بقدر ما تنشد قابلية التفاهم الإستراتيجي.
ولعلّ هذا المنطق قد بلغ ذروته خلال زيارته الأخيرة إلى الشرق الأوسط في مايو/ أيار 2025، حيث بدت جولاته بين الرياض وأبو ظبي والدوحة لحظةً مفصليةً في إعادة إنتاج اللغة السياسية الأميركية، لا بوصفها استئنافًا لمشروع فروضٍ إصلاحيةٍ تبشيرية، بل كتحوّلٍ نحو الواقعية الهيكلية التي تقيس العلاقات بمعيار الاستقرار والتوافق.
في الرياض، صرّح بوضوح بأن ما سُمِّي بالمشروع الديمقراطي في كلٍّ من بغداد وكابل لم يكن إلا مغامرةً خاسرةً استنفدت الجهد والموارد دون أن تُنتج نماذج قابلةً للحياة أو التكرار.
وقدّم في المقابل رؤيةً بديلةً قوامها التفاهم مع الأنظمة القائمة وفق صيغةٍ متوازنةٍ تحفظ المصالح المتبادلة وتعفي الطرفين من كلفة الإملاء أو الصدام القِيَمي.
وبذات المنطق، أبدى تقديرًا واضحًا لما أسماه (فاعلية أنماط الحُكم المستقرة) التي تمكّنت من توفير بيئةٍ تنموية، وشراكاتٍ إستراتيجية، وسياقاتٍ أمنيةٍ متماسكة، دون أن تنخرط في جدل التجريب السياسي، أو مغامرة النماذج المستوردة.
وهكذا، اتّسم حضوره الإقليمي بميلٍ متزايدٍ إلى تحويل العلاقات إلى بُنى تعاقدية، قوامها الصفقات الكبرى، من اتفاقيات التسليح إلى الشراكات الرقمية، في صورةٍ تعكس فلسفةً ترى في الدولة الشريكة طرفًا عقلانيًّا لا موضوعًا لسياسات إعادة التشكيل، أو الفرض الخارجي.
فلسفة ترامب في الشرق الأوسط ليست مجرد توجّهاتٍ ظرفية، بل رؤية متكاملة تُعلي من شأن الاستقرار التوافقي، وتؤجّل أسئلة التحوّل السياسي إلى أجلٍ غير مسمّى. إنها مقاربةٌ لا تستند إلى القيم الليبرالية التقليدية، بل إلى ضرورات التوازن الإقليمي، وإدارة النفوذ ضمن هندسةِ مصالحَ مرنة.
إعلانوإذْ تتبدّى هذه المقاربة في صورتها الكُلّية، يتّضح أن مبدأ ترامب لم يكن وثيقةً مكتوبة، بل خطابًا مضمَرًا صاغته الوقائع أكثر ممّا صاغته الأدبيات، وبلورته النتائج أكثر ممّا بلورته النوايا.
فهو ليس دعوةً إلى الجمود، بل تأجيلًا ممنهجًا للتحوّل يُبقي على منظومة المصالح في حالة سيولةٍ منظّمة، دون القفز إلى مغامرات التأدلج أو إعادة هندسة المجتمعات.
وبينما يترسّخ هذا المنطق في خلفية العلاقات الدولية الراهنة، يغدو الحضور الأميركي مشروطًا، لا بالتبشير بل بالتفاهم، ولا بالهيمنة بل بالقدرة على التكيّف مع معطيات الواقع كما هو، لا كما يُراد له أن يكون.
مبدأ ترامب في الشرق الأوسط، في نهاية المطاف، لا يُمثّل انقلابًا على السياسة الأميركية بقدر ما يُجسّد ذروتها البراغماتية، حين تُختزل القيم في معادلات العائد، وحين تُدار ملفات الإقليم كما تُدار صفقات السوق، بمزيجٍ من الحساب والحدس، وبنزعةٍ ترى في الاستقرار المُربح خيرًا من التغيير المُكلِف.
وهو بذلك لا يُؤسّس لمرحلةٍ انتقالية، بل يُؤطّر لزمنٍ سياسيٍّ جديد، تغدو فيه القواعد القديمة مُعلّقة، واليقينيّات السابقة محلّ مراجعة، في انتظار مشهدٍ دوليٍّ لا تحكمه المبادئ وحدها، بل موازين القدرة على البقاء عند تقاطع المصالح.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline