فى 6 أكتوبر عام 1973، تمكن الجيش من تحقيق انتصار كبير واستعادة الأراضى، وهى الحرب التى انتظرها المصريون طويلاً، وكان لهذا الانتصار أثر كبير فى نفوس الجميع، حتى الأطفال فى سن صغيرة غمرتهم الفرحة والشعور بالفخر.

يقول أسامة سعيد، صاحب الـ60 عاماً، إنه كان يعيش فى منطقة الحسين بالقاهرة فى تلك الأثناء، حيث تجمع الأهالى حول الراديو للإنصات إلى ما يُذاع حول أخبار الحرب وتقدم الجيش المصرى، «الشارع يومها كان عبارة عن أسرة كبيرة ملمومة حول الراديو».

كان «أسامة» يبلغ من العمر حينها 10 سنوات، يتذكر مشهد الشارع كأنه صورة طِبق الأصل فى مخيلته رغم مرور نصف قرن على تلك اللحظات السعيدة، «كنا عائلة كبيرة وقت إذاعة البيانات، ووقتها قُلت لأمى: «يا ماما دول كلهم متجمعين حول الراديو زينا».

حرك انتصار أكتوبر مشاعر الحماس لدى المواطنين كباراً وصغاراً، يقول «أسامة» الذى يعيش فى مدينة الشروق، إن ما شهده من فرحة وسرور فى عيون الناس بالمنزل والشارع، وتمجيدهم المستمر لجنود الجيش وثنائهم على بسالتهم، جعله يرغب أن يصبح ضابطاً، حتى يقوم بدور بطولى كالذى قام به أبطال النصر ويحمى بلاده من المعتدين، ولكن ليست كل الأحلام تتحقق، «فضلت سنين أحلم إنى أطلع ضابط زى بتوع 6 أكتوبر، بس مش كل الأحلام بتتحقق». امتلأ الشارع الذى عاش فيه «أسامة»، إبان حرب أكتوبر بالزغاريد والحلوى وغيرها، حسب وصف الرجل الستينى، «بعد أول أو تانى بيان صاحب القهوة نزّل مشاريب بالمجان لكل الناس اللى فى القهوة، واللى معدِّى من الشارع وكل الناس، كل البيوت كانت بتوزع حلويات من فرحتهم».

كان الجميع بلا استثناء يشعر بالفخر لهذا الفوز العظيم واستعادة سيناء، ودفع الشعور الفطرى بالانتماء للوطن آلاف المتطوعين من الممرضين للعمل فى كل المواقع الطبية والمستشفيات لمداواة الجرحى، وكذلك كان هناك الآلاف من المتبرعين بالدماء، «لما وصل الجرحى كان طاقم الأطباء والتمريض فى المستشفيات غير كافٍ، وكان فيه ضغط كبير على الطاقم الطبى، وبدأت البنات فى التطوع للتمريض بالمستشفيات، ومنهم خالتى اللى تطوعت بمجرد الإعلان عن الحاجة لمدد من الممرضين، دون أى تردد، تقريباً كل أفراد عائلتى من البالغين تبرعوا بالدم لأبنائنا من الجنود».

يؤكد «أسامة»، وهو جد لحفيدين، أن انتصار أكتوبر تمكن من تحريك مشاعر المواطنين بشكل سحرى، وتجلى ذلك فى السرعة الرهيبة فى تأليف وتلحين الأغانى الوطنية، قائلاً: «الحرب كانت الساعة 2 ظهراً، وبحلول الساعة السادسة كان هناك 3 أغانٍ وطنية جديدة تذاع فى الراديو، وأكثر أغنية بحبها ولمستنى هى (الله أكبر بسم الله)، ولا أنسى أن كل بيت فى الحسين قدم شهيداً للوطن فى فترة النكسة، بالتالى انتصار أكتوبر أخذ بالثأر».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: حرب أكتوبر حرب الاستنزاف ملحمة العبور خط بارليف الجيش الذي لا يقهر

إقرأ أيضاً:

وزير الإعلام المصري الأسبق لـعربي21: الكاميرا يجب أن ترافق البندقية.. والبعض خان فلسطين (شاهد)

أعادت حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة خلال العامين الماضيين تشكيل وعي الشعوب العربية والإسلامية، وخلقت تحولا غير مسبوق في الرأي العام العالمي تجاه القضية الفلسطينية، بعدما كشفت مشاهد الإبادة والدمار حجم الجرائم المرتكبة بحق المدنيين.

وفي الوقت نفسه، وضعت هذه الحرب الإعلام العربي والدولي أمام اختبار تاريخي، فبرزت مؤسسات وطاقات إعلامية أدت دورا محوريا في فضح الرواية الإسرائيلية وكشف الزيف، فيما اختارت جهات أخرى الصمت أو الانحياز، لتصبح المعركة الإعلامية جزءا أصيلا من معركة الوجود على أرض فلسطين.

في لقاء خاص مع "عربي21"، قدم وزير الإعلام المصري الأسبق صلاح عبد المقصود قراءة معمقة لدور الإعلام في حرب غزة، وتحليلا لتأثيرها الواسع على وعي الشعوب العربية والعالمية، مؤكدا أن هذه الحرب أعادت تثبيت أن قضية فلسطين ليست مجرد ملف سياسي، بل قضية إنسانية ووجودية تحرك الضمير الحر في كل مكان.

وقال عبد المقصود إن ما جرى في غزة خلال الحرب الأخيرة كشف بوضوح حجم الانقسام داخل المنظومة الإعلامية العربية والدولية، مشيرا إلى أن "جزءا من الإعلام العربي، ومعه مراسلون دوليون أصحاب ضمائر حية، لعبوا دورا حاسما في كشف الحقيقة وفضح الزيف الصهيوني، خاصة الادعاءات التي روجها الاحتلال عن أن المجاهدين قتلوا الأطفال أو اعتقلوا النساء والشيوخ".

وأوضح بعد المقصود أن "الرواية الصهيونية سقطت لأن الإعلام الصادق فضحها بالصورة والحقائق"، مشددا على أن هذا الدور لم يكن بشكل عام، بل كان نتاج جزء من الإعلام العربي "بينما كان هناك أيضا إعلام عربي منبطح، موال للعدو، يطعن الفلسطينيين والمقاومين في ظهورهم ويبرر جرائم الاحتلال".

View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)

وتحدث الوزير السابق بتأثر عن الدور الذي أداه الصحفيون في غزة خلال الحرب، قائلا: "أشدّ على أيدي زملائي الإعلاميين، وأترحم على زملاء الصحفيين والمصورين وأطقم العمل الذين ارتقت أرواحهم في غزة وهم يجاهدون بالكاميرا"، مؤكداً أن معركتهم لم تكن أقل قيمة من معركة المقاتلين في الميدان.

وأضاف عبد المقصود أن العديد من المؤسسات الإعلامية "أدت دورها الكامل، ولولاها لما عرف العالم حقيقة ما يجري في فلسطين"، وأضاف: "الحمد لله، هناك كتائب إعلامية أدت دورها، ودورها لا يقل عن المجاهدين في الميدان".


وأكد أن المعركة الإعلامية أصبحت جزءا أصيلا من معركة المقاومة نفسها، قائلا: "لا بد للكاميرا أن ترافق البندقية، ولا بد للقنوات التلفزيونية أن ترافق الخنادق والأنفاق، وإلا فلن نستطيع التغلب على هذا العدو الفاجر الذي يستخدم كل الوسائل ليقضي على مقاومتنا وعلى أهلنا في غزة والضفة والقدس".

View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)

ودعا عبد المقصود إلى تكامل الجهود بين الإعلاميين والمثقفين والفنانين والكتّاب في دعم القضية، قائلا: "هذا واجبنا اليوم، ولا ينبغي أن نتأخر عنه، وإلا لحقنا العار في حياتنا وبعد موتنا".

قضية فلسطين تعيد الأمل وتفضح أوهام التسوية
وفي حديثه عن تأثير الحرب على وعي الشعوب، أكد الوزير الأسبق أن القضية الفلسطينية أثبتت أنها قضية كل عربي ومسلم، وكل إنسان يؤمن بالحرية والعدالة، لافتا إلى أن مشاهد غزة "حركت ضمير العالم".

وقال: "إذا كانت آلمتنا في بلادنا العربية والإسلامية، فقد آلمت أيضا أحرار العالم، وجدنا المظاهرات تتحرك في أوروبا وأمريكا، وتمنع من الخروج للأسف في بعض البلاد العربية".

وأشار إلى أن الحرب الأخيرة أعادت الأمل للشعوب بأن التحرير ممكن، قائلا: "طوفان الأقصى أذل العدو وأظهر أنه نمر من ورق، أثبت أن المقاومة هي الحل ولا يفل الحديد إلا الحديد. هذا عدو لا يعرف إلا لغة القوة".

View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
فشل المفاوضات ومأزق التطبيع
وفي تقييمه لمسار التسويات السياسية الممتد منذ عقود، قال عبد المقصود إن التجارب أثبتت بلا شك أن هذا الطريق لم يقدم أي نتيجة، مضيفا: "المفاوضات منذ زيارة السادات للقدس عام سبعة وسبعين، ثم كامب ديفيد، ثم مسار التطبيع، ثم الاتفاق الإبراهيمي… كل هذا لم يحقق إلا مزيداً من التوسع الصهيوني، والهيمنة على أرض فلسطين، وتهويد الحجر والشجر والمقدسات".

وختم قائلاً: "لا جدوى من وراء هذه المسارات هذا عدو لا يعرف إلا لغة القوة، ولا حل معه إلا بالمقاومة".

مقالات مشابهة

  • انتصار الحبسية.. فنانة تنسج حكايات الماضي في صورة
  • وزير الإعلام المصري الأسبق لـعربي21: الكاميرا يجب أن ترافق البندقية.. والبعض خان فلسطين (شاهد)
  • أوباما بقبعة سانتا.. زيارة مفاجئة تشعل فرحة تلاميذ شيكاغو (شاهد)
  • الجيش الإيراني يزيح الستار عن منظومة الحرب الإلكترونية “صياد 4”
  • مشعل: وجه “إسرائيل” القبيح كُشف أمام العالم بعد السابع من أكتوبر
  • أطباء بلاحدود:تصاعد العنف في الضفة الغربية ضد الفلسطينيين منذ 7 من أكتوبر
  • وسط أمطار غزيرة.. محافظ الغربية يستمع لشكاوى أهالي المحلة من قلب الشارع
  • العلامة مفتاح: الأعداء يستعدون لجولة قادمة لإسكات صوتنا ونحن واثقون بنصر الله
  • طريقة عمل لقمة القاضي في المنزل بخطوات سهلة
  • الجيش الإسرائيلي يعتقل نحو 100 فلسطيني في شمال الضفة الغربية