شهدت العاصمة الإدارية في مصر اعتصاما ووقفة احتجاجية، هي الأولى من نوعها، أمام مقر وزارة "التربية والتعليم"، نظمها مئات المعلمات والمعلمين، اعتراضا على استبعاد نحو 14 ألف معلم من التعيين في مسابقة الـ30 ألف معلم، رغم اجتيازهم كل الاختبارات.

وفضت قوات الأمن اعتصام المعلمات والمعلمين بالقوة، وألقت القبض على عدد من المعلمين، وصادرت هواتف العديد من المحتجين، فضلا عن الاعتداء عليهم، وفتح خراطيم المياه على المعلمات وإجبارهن على ركوب الحافلات، بحسب موقع "مدى مصر" الإخباري المستقل.



واحتشد مئات من المعلمات والمعلمين، صباح السبت، أمام مقر الوزارة، ورددوا هتافات تندد بـ "استبعادهم من التعيين في الوظائف، رغم اجتياز غالبيتهم كشف هيئة في الكلية الحربية، والاختبارات الأساسية والإضافية، بما فيها اختبارين طبي ورياضي في الحربية".

فضت قوات الأمن بالقوة، مساء اليوم، اعتصام مئات المعلمين والمعلمات أمام مقر وزارة التربية والتعليم بالعاصمة الإدارية الجديدة، وهو الاعتصام الذي بدأوه صباح اليوم، اعتراضًا على استبعاد نحو 14 ألف معلم من التعيين في مسابقة الـ«30 ألف معلم»، وبحسب ثلاث معلمات تحدثن لـ«مدى مصر» قامت… pic.twitter.com/8CrlSn3dEd — Mada Masr مدى مصر (@MadaMasr) October 15, 2023

ورفضت مديريات التعليم، بحسب عدد من المعلمين والمعلمات، على مستوى الجمهورية الكشف عن أسباب استبعادهم من التعيين، رغم استلامهم رسائل تفيد نجاحهم في جميع الاختبارات، وطالبوهم بتقديم تظلمات والتماسات فضلا عن تضارب تصريحات المسؤولين ما دفع البعض للمجيء من مختلف المحافظات والتجمع أمام مقر الوزارة بالعاصمة الإدارية.

وافترش المئات من المعلمات والمعلمين الأرض بعضهم اصطحب أطفاله لساعات طويلة وترديد هتافات ضد مسؤولي الوزارة والمطالبة بالكشف عن أسمائهم، ورفضهم مغادرة مواقعهم بعد أن فشل بعض مسؤولي الوزارة في إقناعهم بالعدول عن الاعتصام.

وإزاء التصعيد، غير المسبوق، في العاصمة الإدارية وأمام إحدى وزارات الحكومة استدعت الوزارة قوات الأمن للمعتصمين التي فضت الاعتصام بالقوة، في انتهاك جسيم لحقوق المرأة والمعلمين والمعلمات، بحسب حقوقيين ومراقبين، واعتبروه أول تجاوز حقوقي مزدوج جمع بين العنف ضد المدنيين وإهانة المرأة في قلب العاصمة النموذجية التي تشيدها السلطات المصرية.

مؤسسات المرأة تلتزم الصمت وغصب برلماني


ولم يصدر أي بيان من وزارة التربية والتعليم أو الحكومة أو حتى منظمات المجتمع المدني الحكومية من قبيل المجلس القومي للمرأة وغيرها من المجالس الحقوقية للتعليق على المقاطع المصورة التي أظهرت فرار عشرات المعلمات وصراخهن من بطش قوات الأمن.

وانتقلت أصداء الأزمة إلى مجلس النواب، وهاجم نواب الحكومة، حيث استنكر النائب محمد عبد العليم داوود، ما أسماه قيام "الحكومة بضرب بنات مصر بالشلاليت (بالأرجل) في العاصمة الإدارية الجديدة"، مضيفا أن أمام الجلسة العامة أن "الحكومة ضحكت على الشعب في مسابقة تعيين المعلمين".

مسابقة ال 30 الف معلم
نجح فيها 30 معلم ????
وتبقي الواسطه هي الامل ???? pic.twitter.com/6tgh3u5jW2 — Mohamed Mido (@Mido91720Mido) October 15, 2023

وفي محاولة لاحتواء غضب المعلمين، أعلنت وزارة التربية والتعليم أن المعلمين الذين لم يجتازوا اختبارات مسابقة 30 ألف معلم، سيتم إتاحة الفرصة لهم لتقديم التماس بمديريات التربية والتعليم التابعين لها، حيث سيتم التواصل معهم لإعادة الاختبارات التي لم يجتازوها.

وكانت وزارة التربية والتعليم أعلنت في تموز/يوليو عام 2022، عن حاجتها لتعيين 30 ألف معلم، لسد النقص الشديد في عدد المعلمين، والذي يُقدّر بأكثر من 300 ألف معلم، من خلال مسابقة تشمل العديد من الاختبارات والإجراءات المعقدة والمصروفات الكثيرة، ومن ثم خضوع جميع الفائزين لكشف طبي ورياضي واختبارات شخصية في الكلية الحربية في توجه أثار العديد من الانتقادات بشأن عسكرة الوظائف الحكومية.

اول اعتصام من العاصمة الادارية

فضت قوات الأمن بالقوة اعتصام مئات المعلمين والمعلمات أمام مقر وزارة التربية والتعليم بالعاصمة الإدارية الجديدة، وهو الاعتصام الذي بدأوه صباح اليوم، اعتراضًا على استبعاد نحو 14 ألف معلم من التعيين في مسابقة الـ«30 ألف معلم»،#غزة_الآن pic.twitter.com/W3Das761K9 — الاسكندرانى (@3m4710) October 15, 2023

لا مكان بعيد عن انتهاك حقوق المرأة في مصر

من جهتها، وصفت المستشارة الأسرية والاجتماعية الدكتورة منال خضر، ما تعرضت له المعلمات أمام مقر وزارة التربية والتعليم بالعاصمة الإدارية "بالامتهان الذي لا يليق بالمرأة المصرية، فضلا عن المعلمة القدوة ومربية الأجيال، وإذا كنّا نتحدث عن دولة تعلم حقوق المرأة وتحترم المواثيق والمعاهدات الدولية فكيف يتم امتهان كرامتها والتعدي عليها بهذا الشكل السافر ضربا وسبا".

وتساءلت في حديثها لـ"عربي21": "أين العلم والتعليم في مصر من قول شاعرها، قف للمعلم ووفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا، أين مقام الرسل من هذه الإهانة وهذا الانتهاك. ما جرى يُخالف حتى العادات والتقاليد والأعراف الأصيلة لدى المجتمع العربي والمسلم والشرقي، وهو تجاوز أخلاقي بعيدا عن أي مواثيق دولية؛ فالإسلام حثّ على صون المرأة وتبجيل المعلم، وصمت أجهزة ومؤسسات الدولة المختلفة المعنية بالأمر هي فضيحة جديدة من العيار الثقيل".

وأعربت خضر عن رفضها "كل أشكال تدخل الجيش في مناحي الحياة والتحكم في مساراتها، والالتزام بمسوغات التعيين لدى وزارة التربية والتعليم"، مشيرة إلى أن "اعتصام المعلمات في مكان محصن ومدرع لا يدل إلا على أن مهما قيدوا الشعب المصري وأقاموا الحواجز والسجون فإن المرأة المصرية لا تهاب مثل هذه الإجراءات وتتمسك بحقها في الحياة من خلال وظيفة معتبرة هي أقل مقومات الحياة الإنسانية".

السلطات تفشل في أول اختبار حقوقي لها بالعاصمة الجديدة

بدوره، اعتبر المدير التنفيذي للشبكة المصرية لحقوق الإنسان، أحمد العطار، أن "فض اعتصام المعلمات والمعلمين السلمي بالقوة هو فشل ذريع في أول اختبار حقوقي للسلطات في العاصمة الجديدة، ويكشف عن منهجية السلطات الأمنية في استعمال القوة مع الاعتصامات والوقفات السلمية للحقوق الأساسية التي كفلها الدستور والقانون، وأول انتهاك يمكن تسجيله ضد المرأة المصرية في العاصمة النموذجية".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "بالرغم من سلمية الاحتجاجات والاعتصام وشرعية المطالب، إلا أن السلطات اختارت استعمال القوة الأمنية بدلا من مناقشة المعتصمين ومحاولة الوصول إلى حل يرضى جميع الأطراف ومحاولة إزالة أسباب الاعتصام الذي يُعدّ أول اعتصام واحتجاج في العاصمة الإدارية الجديدة وكأنها رسالة واضحة بأن الأزمة الاقتصادية والظروف المعيشية الصعبة وفقدان الأمل سوف يلاحق السلطات في أي مكان ولن يثني الناس عن المطالبة بحقوقهم".

واقعة كاشفة لطبيعة النظام العسكري


كما استهجن النقابي والحقوقي، الدكتور أشرف عبد الغفار، "تعدي قوات الأمن على مئات المعلمين والمعلمات الشباب الذين يُعدّون رسل هذه الأمة، وبدلا من تكريمهم وحماية اعتصامهم والاستماع إلى مطالبهم، قررت السلطات قمعهم بشكل غير إنساني وغير مهني وتخطي كل الخطوط الحمراء في التعامل مع المعلم والمعلمة أساس نهضة الأمم في العالم".

وأوضح في حديثه لـ"عربي21": "نحن أمام زمرة عسكرية وحكم أمني لا يُفرّق بين مدني ومسلح وكلهم سواء طالما رفعوا صوتهم للمطالبة بحقوقهم؛ فوزارات الحكومة ما هي إلا مكاتب لوزارة الدفاع والمجلس العسكري، ولا تتملك تعيين أي معلم إلا بعد موافقة تلك الجهات العليا في تجاوز واضح وصريح للدستور ومخالفة كل قوانين ومسوغات التعيين الحكومية".

وانتقد عبد الغفار الذي شغل منصب أمين عام مساعد نقابة الأطباء ومقرر لجنة الإغاثة الإنسانية سابقا، "محاولة الدولة عسكرة الوظائف، وتضارب بيانات الوزارة وتصريحات المسؤولين والتعنت مع المتسابقين الناجحين وما بدر منهم هو خطوة للأمام لاستعادة حقوقهم المسلوبة وبادرة أمل، ووصمة عار على نظام السيسي الجديد في العاصمة الجديدة".
علي ما يبدو ان العاصمة الادارية الجديدة التي انشئت لتكون بعيدا عن الاحتجاجات لم تعد محصنة اول اعتصام لها https://t.co/LyhJW8B97N — Hesham Gaafar (@HeshamGaafar8) October 16, 2023

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مصر اعتصام العاصمة الجديدة مصر حقوق الإنسان اعتصام الامن المصري العاصمة الجديدة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العاصمة الإداریة الجدیدة وزارة التربیة والتعلیم فی العاصمة الإداریة المعلمین والمعلمات بالعاصمة الإداریة أمام مقر وزارة قوات الأمن فی مسابقة ألف معلم

إقرأ أيضاً:

رئيسة بنك التنمية الجديد: مصر أثبتت قدرتها على إنشاء مشروعات تخدم التنمية المستدامة مثل «العاصمة الإدارية الجديدة»

بنك التنمية الجديد.. أكدت ديلما روسيف، رئيسة بنك التنمية الجديد، على أن مصر تسعى وراء التنمية الاقتصادية الحقيقية، وقد قدمت البراهين على ذلك من خلال تدشين مشروعات استراتيجية تتماشى مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية بنك التنمية الجديد، لافتة إلى أن هناك زيارات قامت بها بعثة بنك التنمية متعددة لمشروعات قومية كبرى مثل مشروع العاصمة الإدارية الجديد.

وأشارت إلى أن مصر تمتلك مشروعات تخدم التنمية المستدامة، مثل: مشروعات التوسعات الجديدة في منطقة قناة السويس بالإضافة إلى مشاريع البنية التحتية والرقمية.

ولفتت إلى أن على الدول الأعضاء في بنك التنمية الجديد، لابد أن يضعوا تجرية الدولة المصرية نصب أعينهم في الخروج من تحديات اقتصادية كبيرة واجهت مصر، فهي تجربة تستحق أن تكون نموذج نجاح أمام الدول الأعضاء.

وأوضحت أن البنك مع مصر عن قرب للتعرف على احتياجات الدولة وفهم أهدافها بصورة أعمق للوصول إلى أهداف مصر وبما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة لاسيما في مجالات البنية التحتية الرقمية والنقل والمياه.

اقرأ أيضاًوزير المالية: مصر تفاوض بنك التنمية الجديد للحصول على تمويل مليار دولار وطرح سندات مقومة بالجنيه

رئيسة بنك التنمية الجديد: مصر تعد مركزًا إقليميًا في ظل موقعها الفريد في الشرق الأوسط وأفريقيا

معيط: نستهدف إنشاء خارطة اقتصادية مع بنك التنمية الجديد نحو التقدم الاقتصادي لمصر

مقالات مشابهة

  • تفاصيل لقاء مدبولي ورئيسة بنك التنمية الجديد التابع لتجمع البريكس
  • رئيسة بنك التنمية الجديد: مصر أثبتت قدرتها على إنشاء مشروعات تخدم التنمية المستدامة مثل «العاصمة الإدارية الجديدة»
  • رئيس الوزراء يلتقي رئيسة بنك التنمية الجديد التابع لتجمع البريكس
  • رئيس بنك التنمية الجديد تشيد بالتجربة المصرية في مجال التطوير العمراني
  • هواوي واليونسكو تحتفلان بالفائزين في مسابقة «معلم مبتكر من أجل الغد»
  • وزيرا الاتصالات والتعليم يشهدان حفل تكريم الفائزين في "معلم مبتكر" بالتعاون مع اليونسكو
  • وزيرا الاتصالات والتربية والتعليم يشهدان حفل تكريم الفائزين بالمسابقة الوطنية (معلم مبتكر من أجل الغد)
  • وزير التربية والتعليم يشهد حفل تكريم الفائزين في المسابقة الوطنية معلم مبتكر
  • وزيرا الاتصالات والتعليم يشهدان تكريم الفائزين في المسابقة «معلم مبتكر من أجل الغد»
  • الثانوية العامة|توفير باصات لنقل الطلاب والمراقبين إلى لجانهم بمدينة المنيا الجديدة