العمل القسري.. لنكن أكثر وعيًا لبناء مجتمع راقِ
تاريخ النشر: 18th, October 2023 GMT
أحمد بن يوسف الكندي
قبل أن تكون قرارًا، هي ثقافة، ومسؤولية مجتمعية تبصر ليكون المجتمع راقيًا، ينهض بمسؤوليات جمة لبناء مجتمع وجيل تتعاظم فيه الثقافة والمعرفة، نسوق هذا الحديث ونحن أمام قضية كبرى تؤرق المجتمعات، كل المجتمعات، ألا وهي قضية الاتجار بالبشر.
وفي نظرة معمقة وتحليلية، نجد أن في صيرورة التاريخ توجد هذه الظاهرة والتي كان يطلق عليها الرق، أو العبودية، وهي مشكلة كانت تفصل بين ناس وناس، تمييز وعنصرية، أو فصل عنصري كما هو في العرف السياسي، وقد وُجدت من يتصدى لها بالوعي وبالثقافة لإبادتها، كونها جذرا ساما، وكان للإعلام دور أساسي لقراءة هذه القضية من جميع مفاصلها والتي تتشكل في استغلال نقاط الضعف والخداع والعنف البدني والترويع والتهديد واحتجاز وثائق الهوية وزيادة ساعات العمل الجائرة وتجنيد الأطفال والزواج القسري وتجارة الجنس وتجارة الأعضاء والتسول، وكلها مرفوضة في المجتمعات، وتحاول محاربتها لحماية الإنسان؛ حيث طرأ رقم مخيف في هذه الظواهر، وتم رصد حوالي 21 مليون إنسان في العالم يتم استغلالهم في العمل القسري، وهذا يشكل تهديدًا خطيرًا ويخل بسلامة المجتمعات.
وسلطنة عُمان واحدة من هذه الدول التي تعاني من هذه القضية، وإن كانت لا تشكل ظاهرة، لكنها جزءًا من هذا العالم المتنامي، وجزء لا يتجزأ من هذا الوجع الذي يصيب الإنسان، ولا شك أن لمثل هذه الظواهر سلبيات كثيرة وتهديدات في مفاصل الاقتصاد، لذلك هي مع حربها لهذه الظواهر التي بدأت تظهرعلى السطح وتشكل بؤرة يمقتها المجتمع قبل المؤسسات، وسنت قوانين على كل من يرتكب جرائم الاتجار بالبشر، مهما كان نوعها وشكلها وماهيتها وحجمها، فهي في الأخير تحت مسمى الاتجار بالبشر. وقد عملت سلطنة عُمان بجميع مؤسساتها بصوت واحد للتصدي لهذه المشكلة التي باتت تؤرق المجتمع وتلقي بظلالها على مفاصل الحياة وتعيق مسيّرة تجددها، وتفرز عنها سلبيات عدة، لذلك هي في موقع المسؤولية لحماية القوى العاملة من التعرض للاتجار بالبشر، ويأتي دور المؤسسات في إقامة الندوات والحملات التوعوية وورش العمل، وضخ الرسائل التي تسكب دمها الحيوي في جسد المجتمع.
والاتّجار بالبشر- بلا شك- شكل من أشكال العبودية الحديثة التي تنطوي على تجنيد كل الفئات البشرية، لذا لا بُد من تكاتف الجميع، وأن نكون شركاء في التصدي لمثل هذه الظواهر المتمثلة في الاتجار البشري؛ حيث تعمل المؤسسات الحكومية مثل وزارة العمل ووزارة الخارجية ووزارة التنمية الاجتماعية ووزارة العدل والشؤون القانونية بالشراكة مع اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر ومع الادعاء العام وشرطة عُمان السلطانية بيد واحدة وفريق واحد للحد من هذه الظواهر، ومع أطراف المجتمع خاصة الإعلام الذي له دور كبير في هذه المسألة للخروج بنتائج طيبة تخلص المجتمع من شوائبه ليكون مجتمعًا راقيًا بعيدًا عن هذه المنغصات التي يعاني منها العالم بأسره.
هناك تجارب دولية وممارسات ناجحة تحد من هذه الظواهر السلبية، والتشريعات الدولية تحث على صون حق العامل في اختيار عمله وعدم إجباره على العمل، وهذا الحق من المبادئ الراسخة في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، لذلك وجب على الجميع محاربة العمل القسري بوصفه جرمًا، وبوصفه عملًا غير إنساني تحاربه جميع الديانات وجميع الأفكار بكل أطيافها، وهذا الدور منوط بجميع المؤسسات والأفراد وخاصة المشتغلين على الكتابة لدحض هذه السلبيات التي تهدد البشر وتغتصب حقوقه وتغتال أحلامه خاصة الأطفال والنساء وكبار السن، وتنبيه المجتمعات الريفية إلى خطورة هذه الأفعال السيئة التي ينهى عنها ديننا الحنيف وزيادة الجرعات الثقافية في كل مجتمع معبأ بالجهل، وزيادة الثقافة المعرفية في المناهج واستهداف الطلبة بالحملات المعرفية من هذه الآفة التي تلحق بالمجتمع وتهز أركانه وتغيّر ملامحه وتصهر جذره الطيب.
نحن أمام قضية كبرى، قضية العمل القسري، لذا لا بُد من أن نكون شركاء جميعًا، بكل الفئات، ودعم هذه القضية بالأفكار النيّرة، لتكون البيئة آمنة، وألّا نترك هذه القضية تخل بسلامة المجتمع، قوامه النهضة والأحلام والإنسانية والمستقبل الجديد.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الاتجار بالبشر العمل القسری هذه الظواهر هذه القضیة من هذه
إقرأ أيضاً:
الشربيني يؤكد أهمية توطين الصناعة فيما يخص كافة المهمات التي تحتاجها محطات التحلية
عقد المهندس شريف الشربيني وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، اجتماعا مساء أمس، لمناقشة جهود الوزارة في ملف تحلية المياه، وذلك بحضور مسئولي الوزارة، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، والشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي، وجهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحي وحماية المستهلك، والهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي، وشركة المقاولون العرب.
واستهل المهندس شريف الشربيني الاجتماع بالتأكيد على أهمية ملف تحلية المياه سواء مياه البحر أو الآبار، مشددا على ضرور العمل بكافة قطاعات الوزارة المعنية بالمياه بهذا الملف الهام لتحقيق الأهداف المرجوة، حيث تولي الوزارة لملف تحلية المياه أولوية قصوى.
وتناول الاجتماع الجهود المبذولة من الوزارة والجهات التابعة بشأن تحلية المياه بجانب مناقشة عدد من المقترحات فيما يخص آلية العمل بالمحطات وموقف الشبكات، حيث وجه الوزير بتشكيل لجنة من مسئولي الوزارة والجهات التابعة والمعنية بالملف، لتحليل الوضع الراهن للمحطات الموجودة والاستفادة منها ورفع كفاءتها لتحقيق الاستفادة القصوى منها ووضع تصور لكافة الاحتياجات المستقبلية ومتابعة المشروعات الجاري تنفيذها وتوقيتاتها الزمنية.
وأضاف الوزير أن اللجنة ستقوم بالعمل على دراسة كافة المقترحات الخاصة بدعم هذا الملف سواء من الجهات التابعة للوزارة أو القطاع الخاص، لافتا إلى حرص الوزارة على دعم القطاع الخاص للعمل بتلك المشروعات سواء بنظام الشراكة أو غيرها من الآليات والتيسيرات التي تم توفيرها للمستثمرين، والعمل على تنفيذ المشروعات في أقرب وقت ممكن ودخولها حيز التنفيذ.
وأكد وزير الاسكان أهمية توطين الصناعة فيما يخص كافة المهمات التي تحتاجها محطات التحلية، بجانب العمل بتكنولوجيا حديثة في تحلية المياه، مشيرا إلى عقد اجتماع أسبوعي للجنة المُشكلة لمتابعة كافة الإجراءات الخاصة بملف تحلية المياه ليكون هناك نتائج ملموسة على الأرض.