محفوظ بن راشد الشبلي
mahfood97739677@gmail.com
يتحدث كثير من الناس ويحثون على مقاطعة المنتجات الداعمة للكيان الصهيوني والتي تُصدّر بطريقة مباشرة وغير مباشرة للدول العربية والإسلامية والتي تأتي من دول داعمة له على أنها منتجة في تلك الدول وهي في الأصل لشركات يهودية، والبعض يتفهم الوضع القائم عليه سوق المنتجات وخاصة الغذائية ويستبدلها بمنتجات أُخرى؛ سواءً إسلامية أو غيرها والبعض يستنكر الأمر ويدّعي بالفيه المليان ويقول ماذا سنأكل إن قاطعناها.
الأمر هُنا يحتاج لتدخل عامل الضمير الإنساني أولًا قبل عامل سد الرمق، فما تسد به جوعك ليس كما يُشبع نَهمك من الغذاء والأكل بشتى أنواع الطعام، واستبدال المنتج الفلاني والماركة الفلانية بأخرى من نفس صنفها بمنتجات أُخرى يبقى به نوع من الخيار الذي تتناسب فيه بين عامل ضميرك الإنساني وبين مقتنيات استهلاكك اليومي، وعندما تُغلِّب الضمير على باقي الرغبات تبقى النفس مُطمئنّة ومُكتفية بعامل ضميرها الإنساني وليس في الأكل والشرب فقط بل بكامل جوارحها.
إن ما يحدث في إخواننا المسلمين في فلسطين وغزّة من تنكيل وقتل وتدمير لهو كاف لتحريك الضمير ضد الفاعل وللداعمين له، وكون رد الفعل بالمثل لا يستطيعه الكثير من المسلمين لأسباب متعددة والكل يعيها ويفقهها فإن أضعف الإيمان يبقى الخيار لتقف مع إخوانك في الدم والعروبة والإسلام، ويجب أن تتحرك في نفسية كل مسلم عوامله النفسية والروحية والعقائدية لنصرتهم ما استطاع له الإنسان سبيلا وأبسطه في ذلك انتقاء استهلاكك الغذائي ضد من لَم يجعل للإسلام حُرمة وللمسلمين قدرا وقيمة وخلت روحه من سيكولوجية الإنسانية.
إن للإنسانية نخوة ولرابط الدم بين المسلمين قيمة لا يعيها إلّا الضمير الحي، فما لَم يُعنِك اليوم سيعنيك غدًا والأيام دُول بي البشر ووقوفك اليوم بأبسط إيمانك لتُخفف به كُربة أخيك المسلم حتمًا سيُخفف اللّه به عنك كُربة من كرم الدنيا والآخرة، فلا تستهِن أيها الأخ المسلم بأبسط الأمور إن وجدتها بسيطة في ضميرك وذاتك، فرُبَّ ريالٍ أو دينارٍ أوقفته ومنعته أن يصل إلى خزينة من يقتل أخيك المسلم جزاك اللّه به خيرًا وجعله رصيدًا لك في حسناتك وأرباهُ اللّه لك ليدفع به عنك سوء مستقبلًا، ورُبّ فكرٍ تحلّيت به اليوم وساهمت به لنصرة أخيك المسلم سيعود لك في وقت أنت بحاجة لينصرك به أخيك المسلم.
خُلاصة القول.. لا تستهن أيها الأخ المسلم الناطق ضميرك بالإنسانية بالتحلّي بأبسط الفعل وهو استبدال استهلاكك من المَطعم والمَشرب بمنتج آخر غير الذي يدخل في خزينة من يقتل أخيك المسلم ولا تُساهم في ذلك؛ بل اجمح رغباتك وهذّب نفسك وثقفها لمفهوم انتقاء استهلاكاتك بالبدائل المتوفرة في الأسواق وصبّر نفسك في مقاطعة كل منتج يدعم أعداء الدين والإسلام وحرّك ضميرك في ذلك حتى يحق اللّه الحق وينصر بك إخوانك المسلمين.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
السيد القائد النقد يحتاج إصرارا للإصلاح
أن حديث رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان و نائبه مالك عقار في مؤتمر "الخدمة المدنية" و الداعي لتطويرها و محاربة الفساد بكل أنواعه خاصة في الوزارات و مؤسسات الدولة.. إلي جانب حديث عضو مجلس السيادة و نائب القائد العام شمس الدين الكباشي حول خضوع كل المستنفرين و المقاومة الشعبية للقوات المسلحة، و عدم المجيء برايات غير راية المقاومة الشعبية.. إلي جانب زيارات التنسيقات المستمر إلي بورتسودان و وجوب أن تكون في استقبالهم وزارة الحكم الاتحادي، و الذين أصبحت لهم بورتسودان مزارا للبحث عن الغنائم و المصالح الخاصة، و كلها قضايا بالفعل تحتاج إلي تفكير عقلاني.. و طالب شمس الدين الولاة أن يحلوا قضايا و مشاكل الناس في ولاياتهم وفق السلطات الممنوحة لهم..
أن هذه القضايا التي تمت إثارة من القيادة العليا للبلاد، تحتاج إلي حوار عقلاني يحاول أن يجد لها الحلول المناسبة، و الحوار العقلاني لا يتم إلا من قيادات همها على المواطن و الوطن، لكن القيادات التي تبحث عن السلطة، و مصالحها الخاصة، لا تستطيع أن تفكر خارج حدود مصالحها.. أية تغيير بهدف محاربة رواسب ثقافة الحكم الشمولي تحتاج إلي خمسة أشياء أساسية هي :-
1 – تتطلب أن تكون القيادات العليا هي قدوة للأخرين بالتحلي بصفات النزاهة و الشفافية و و عدم التردد في إقالة كل من تثبت إدانته بالفساد و تقديمه للعدالة... و الفساد ليس هو فقط التعدي على المال العام أو استخدام أدوات الدولة للمنافع الخاصة، أو استغلال الوظيفة من أجل تعين أهل الولاء و المحسوبية و غيرها.. فكل مكا كانت القيادات نزيهة كلما ساعد على تقليل الفساد في الدولة..
2 – الفصل بين السلطات و لابد من أجهزة رقابية قادرة على كشف الفساد و مسألة القيادات و محاسبتهم.. و أهم هذه الأجهزة الرقابية مجلس تشريعي بهدف التشريع للمطلوبات القانونية، و رقابة السلطة التنفيذية.. و هذا المجلس لا يتم أختياره من فئة محدودة با بالنتخاب من خلال مجالس الأحياء حتى لا تمارس العضو الضغوطات من قبل المسئولين..
3 – تكوين المؤسسات العدلية بكل فروعها من عناصر يشهد لها بالنزاهة و الشفافية، و الخبرة و الشجاعة المطلوبة..
4 – حرية الإعلام و الصحافة و أن تؤدي دورها الرقابي، و لا تخضع إلي الابتزاز من أية جهة في الدولة، و لا يتم تعطيلها و محاسبتها إلا من القضاء..
5 – لابد من العمل الجاد لتغيير ثقافة النظم الشمولية المستوطنة في البلاد، و التي منحت البعض سلطات فوق القانون، و قد تراكمت عبر سنين النظم الشمولية المتعددة و أخرهم الإنقاذ، و لا يمكن تغيير هذه الثقافة إلا بإنتاج ثقافة بديلة تنداح عليها، و لا يحدث إنتاج ثقافة جديدة إلا عبر تشريعات تخضع الكل للقانون.. و تتم عبر الممارسات التي تجعل من النزاهة و الشفافية هدف لترسيخ مبادئها في المجتمع..
أن النقد للفساد و استغلال الوظائف للمنافع الخاصة أو لفئة بعينها، و لن تتوقف إلا إذا قدم الذين يمارسونها للعدالة، و أيضا لابد من إعادة لجنة الخدمة و الإصلاح الإداري، و تقديم كل الوظائف المطلوبة إليها حتى تتحقق من المواصفات و المعايير المطلوبة عند المتقدمين لها، فالفساد لا يمكن أن ينتهي في الدولة من خلال الخطابات السياسية في المناسبات، و لكن لابد أن يكون هناك عملا جادا مدعوما بالتشريعات و القوانين و فصل السلطات.. و حرية للإعلام و الصحافة..
أن السودان الدولة الوحيدة ألتي تخلفت في كل شيء عن كل الدول التي أستقلت معها في الخمسينيات و ستينيات القرن الماضي، و كل ذلك حدث بسبب فساد الحكام و عدم النزاهة و عدم الشفافية و المراعاة للمصلحة الخاصة دون المصلحة العامة.. أن الاستعمار رحل عن السودان و خلف وراءه أفضل خدمة مدنية في أفريقيا و الشرق الأوسط و تراجع دورها بسبب السياسيين و الحكام و شعارات " التطهير و الصالح العام" و خلف وراءه أفضل المشاريع الزراعية التي انتكست بذات السبب، و خلف أيضا نظاما تعليميا جيدا أيضا تم تخريبه في عام 1970م و 1990م بفضل دعاة الأيديولوجية اليسارية و اليمينة.. و كلها تحتاج إلي إعادة النظر للنهوض من جديد..
الملاحظ أن مثل هذه الخطابات التي تحتاج إلي حوار و تشريح بهدف المساهمة في كيفية الوصول للهدف، أن القوى السياسية لا تهتم بها، و لا تبدي فيها رأي.. و ما يتعلق بالحضور الكثيف في بورتسودان أن البعض يريدون أن يخلصوا معاملات لهم تجارية أو صناعية و غيرها.. أما التواجد السياسي هناك مرهون بالسلطة نفسها هي التي تستطيع أن تقلل منه.. نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com