*رؤية محمد بن سلمان في “العلا” طموح كل عربي ومفاجأة إبداعية في البلدة القديمة * لم يهاتفني أحد لإبلاغي بالوظيفة الحكومية واختاروا زوجي لهذه المهمة * استغليت توزيري لأكتب فصلاً للثقافة في “مجلس الوزراء” *خلافي مع وزير الإعلام السابق وراء إبعادي من المنصب *”ما فيهم رجاجيل” مقولة رددتها في مجلس النواب وتحولت لاحتفال سنوي * “صدام” أشعل غضبي ضد الراحل غازي القصيبي ورسالتي لم تصله * هذه حقيقة موقفي مع مثقفين عرب خذلوني ومهما حاولوا العودة فلن أسامح

الرياض: البلاد

أكدت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وزيرة الثقافة والإعلام سابقاً، عضو المجلس الاستشاري لهيئة تطوير العلا، أن مشروع “مكان الذاكرة”، الذي ينفذه مركز الشيخ إبراهيم البحريني “كمركز للخبرة”، في البلدة القديمة بالعلا، سيكون مفاجأة كبيرة للجميع، لافتة إلى أنه المأمول افتتاحه في ديسمبر المقبل، مشيرة إلى أنه يعمل عليه فريق متخصص من بينهم مصمم ومهندس فرنسي شهير معروف بلمساته الإبداعية والجمالية، ليوازن ما بين التطوير والحفاظ على التراث.

وكشفت في الحلقة الأولى لبرنامج “مخيال” الذي دشن انطلاقته الجمعة ويستمر أسبوعياً على القناة السعودية الأولى ويقدمه الإعلامي عبدالله البندر، ويمكن مشاهدته عبر منصة “شاهد”، أن عملها متواصل مع الهيئة الملكية لتطوير العلا، وقالت ما يحدث يبهجني جداً إذ أصبحت العلا الوجهة للسياحة الثقافية في السعودية، والآن من الصعب العثور على حجز في أحد فنادقها إلا في وقت مبكر.

ووصفت الرؤية الثقافية التي يتبناها سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، هي ما كانت تتمناه للبحرين ولكل بلد عربي، حيث التركيز على الهوية والمواقع الأثرية، واستقطاب الخبرات من العالم أجمع.

وقالت: “الآن في العلا تجد ما يبهرك ما بين التطوير والحفاظ على الهوية والخصوصية والسياحة الثقافية”.

تاريخ البحرين

وتطرقت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، إلى أصول آل خليفة، وقصة نزوحهم من الجزيرة العربية سواء النزوح الأول، وكيفية تسلسل وانتقال الحكم في البحرين، واستقلال البحرين في عهد الشيخ عيسى بن سلمان.

وروت جوانب مضيئة من إنسانية الشيخ عيسى بن سلمان الذي تولى الحكم، وعددت مناقبه وما تميز به من حضور كبير وكرم وصيت، وحرصه واهتمامه بمناطق البحرين، والتي يتذكرها من عاصره.

وبينت كيفية رحيله، “حيث أصيب بالقلب أثناء أزمة الخليج، فلم يحتمل قلبه ما أصاب الكويت وتلك الصدمات وتوفى إثر تلك العلة”.

حكم الملك حمد

وتناولت الشيخة مي في اللقاء بدايات تولي الملك حمد بن عيسى الحكم في البحرين، وما صاحب ذلك من تحولات كبيرة وما اشتمل عليه الميثاق الوطني.

وكشفت بدايات عملها في الحكومة، مؤكدة أنه كانت البيئة لهذه الدعوة إصلاحية، وقالت “لم نستطع أن نرفض أمراً لجلالة الملك، بالمساهمة جميعنا”، واصفة تلك الفترة بالمتميزة جداً.

وأوضحت أنها قبل تكليفها لم تكن تعمل في الحكومة، بل منصرفة للكتابة والرسم كهواية، وقالت “كنت سيدة في بيتي، والهم الأكبر لي الكتابة التاريخية”.

وأشارت إلى تفاصيل عملها في الحكومة في قطاع الثقافة، عندما جاءتها الدعوة للالتحاق لمنصب الوكيل المساعد للثقافة والتراث.

وقالت كان الأمر غريباً بالنسبة لي ماذا سأفعل في القطاع الحكومي، فأنا إنسانة حرة أعمل “بمزاج” وأختار موضوعاتي بنفسي بحرية، فكيف أمارس العمل الرسمي؟

وأضافت “لم يحدثونني مباشرة، بل تحدثوا مع زوجي ربما كان هناك تحفظاً في الحديث مع سيدة من الأسرة، وكنت مترددة، لأن العمل الرسمي جديد علي ولم يكن حولي من يعمل في مؤسسة رسمية”، لافتة إلى أن من تحدث مع زوجها كان معالي نبيل حمر وزير الإعلام آنذاك، والذي يعمل حالياً مستشاراً إعلامياً لجلالة الملك.

 وبينت الشيخة مي أن زوجها دعاها لخوض التجربة، وقالت “نصحني بأن أجرب وإذا لم تعجبني يمكنني تركها، ولم أكن أدري بالطبع أنني سأترك الوظيفة بعد عام وبضعة شهور”.

واعتبرت أن “مركز الشيخ إبراهيم” المركز الثقافي الأهلي الذي تأسس بجهود أهلية، هو الذي فتح لها الأبواب للعمل الحكومي.

الاستقالة من الوظيفة

وتحدثت عن استقالتها عن العمل في يناير 2004، وقالت “كانت هناك أسباب كثيرة، فالهدف الأساسي من العمل في القطاع الرسمي تحقيق بنية تحتية للثقافة، وكان لدي حلم بناء متحف لموقع قلعة البحرين وإدراجها في قائمة التراث الإنساني العالمي، وكانت أول زيارة لي لبلد أوروبي إلى الدانمرك، لجلب قطع من الأثار في الاحتفالية في عام 2004 بمناسبة مرور 50 عاماً على اكتشاف حضارة دلمون”.

وأضافت “اكتشفت يومها أن هناك متحفاً يعتبر متحفاً لأول موقع مسجل لديهم في قائمة التراث الإنساني وهو كنيسة وتصميم مركز الزوار كان على مستوى عالي من الجودة وأنا مغرمة بالهندسة، لذا دعوت هذا المهندس في أول سنة لي بالعمل الرسمي، وطرحت مسابقة لإنشاء مسرح وطني ولم أجد استجابة في المؤسسة الرسمية”، مما دفعها لتقديم استقالتها.

وحول السبب في عدم الرد، قالت الشيخة مي: “دائما الثقافة ليست من الأولويات في وضع الميزانيات الحكومية، لذا فإنه بعد عودتي للعمل الرسمي في عام 2005، عملت على إطلاق مشروع الاستثمار في الثقافة حيث استطعت بدعم القطاع الخاص، إنشاء عدد من المشاريع مثل المتحف الذي تركت العمل بسببه، بدعم كريم من أحد البنوك، كما أن المسرح الوطني جاء بدعم كريم من جلالة الملك بالكامل”.

وقالت “لذلك كان خروجي من العمل في المرة الأولى لعدم تحقق هذه المشاريع، وبعد عودتي عملت على نقلها لأرض الواقع”.

وقالت “استقالتي لم تقبل مباشرة حيث قدمتها لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة “رحمه الله” ولم أجد رداً ولم يعين شخصاً آخر في منصبي”.

ولكن بعد عام ونصف العام بعدما تغيرت الإدارة جاءت دعوتي للعودة لمنصبي مع المطالبة باستقلالية الثقافة عن الإعلام.

الإقالة بعد العودة

وتحدثت الشيخة مي عن تفاصيل إقالتها في 18 مايو و2008 والذي يصادف يوم المتاحف العالمي،

وقالت “كان هناك وزيراً جديداً للإعلام اسمه جهاد أبو كمال، وهو كان رجل أعمال، وكانت الثقافة قطاع يتبع لوزارة الإعلام، وهو كان دخيل على الثقافة ولم يكن يجد الأولوية في الثقافة كما نراها، على سبيل المثال كانت لدينا استضافة لمعرض ثقافي وكان يرى أنه لا داعي لهذه الاستضافة، لكنني حققت هذا المعرض بدعم القطاع الخاص”.

وبينت أن هناك نوعاً من الخلاف أدى للإقالة، وطلب مني أحد كبار المسؤولين في البحرين ترك العمل حتى لا يتأزم الخلاف مع الوزير الجديد، والذي تسلم موقعه وقتها قبل أقل من 6 شهور، فتمت إقالتي.

كيف تغيرت وزارة الإعلام

وأضافت الشيخة مي “الملفت أنه بعد 6 شهور فقط من الإقالة كان تعييني وزيرة للثقافة والإعلام بديلة لهذا الوزير”.

وأشارت إلى أن لها تواصل وجسور مع المؤسسات العالمية، وكانت في مؤتمر معني بالترويج للسياحة الثقافية، وكانت في إيطاليا مع اليونسكو ووصلتها مكالمة برغبة جلالة الملك بعودتها للعمل، من معالي وزير الديوان الشيخ خالد بن أحمد، حيث كان الطلب أن أكون وزيرة للإعلام، وقلت ليتها تكون وزارة للثقافة والإعلام مثل السعودية ولبروز الثقافة، ولبوا هذه الرغبة”.

أول سفيرة يهودية للبحرين

كما تحدثت الوزيرة السابقة عن أصداء تعيين أول سفيرة يهودية من البحرين هدى نانو لدى أمريكا في عام 2008، وقالت “كانت الأصداء جميلة، وكنا نعرفها جيدة فهي مواطنة بحرينية ونحن لا نختلف على الدين، مجتمعنا منفتح، وهو أمر طبيعي، وعبره تم نقل رسالة حضارية عن طبيعة البحرين”.

أحداث البحرين

وعن أحداث البحرين التي وقعت في 14 فبراير 2014، أشارت الشيخة مي إلى أنها كانت آنذاك تتولى منصب وزيرة الثقافة والسياحة بعدما تم فصل وزارة الإعلام “في عام 2010”.

وقالت الأحداث كانت دخيلة على البحرين وأهله المسالمين، وكانت هناك عناصر أجنبية تسعى لخلق الفتنة، وهناك مخطط للمنطقة بأكملها، وكان دعم السعودية واضحاً لدعم البحرين وعروبتها وضد من يحاول المس بأمنها، وكان دورنا تصحيح ما ينقله الإعلام في المحطات الخارجية لأنهم كانوا يبالغون في نقل الأحداث وما يدور في البحرين”.

كيف تم الخذلان

وكشفت أنها خُذلت من بعض المثقفين العرب ممن كانت تلتقيهم في باريس بالتحديد، مشيرة إلى أنه خلال فترة تركها للعمل الحكومي كانت تخطط لمشاريع أكبر، وكان يتحدث هؤلاء المثقفين عن مساحة الحرية في البحرين بعدما زاروها، لكن كثير منهم بدأ يكتب في الصحف مساندتهم للدخيلين على البحرين، وقالت “هم سقطوا من قائمة الأسماء التي كنت أعرفها أو احترمها، بسبب الموقف ضد بلدي ووطني ولم يكن موقفاً شخصياً، وهم إلى اليوم يحاولون مد جسور التواصل معي ولا يمكن أن أتجاوز هذا الأمر أو أسامحهم”.

الخلاف مع مجلس النواب

وحول بدايات الخلاف الذي أدى لاحقاً لملاسنات في مجلس النواب البحريني في عام 2012، وصفت الشيخة مي ذلك بأنه تعدي سافر وغير واقعي.

وقالت:

قبل يوم من حضوري أمام مجلس النواب، كانت هناك حرب في مركز الشيخ إبراهيم، وهو مؤسسة أهلية لا علاقة له بمنصبي الرسمي، هم حاولوا أن يوظفوا الحدث بحشد مجموعة من الأطفال جلبوهم من مناطق مختلفة، هم من يعارضون ربيع الثقافة والمتشددين تحت مسمى “ربيع الإيمان” وكانوا يعارضون العزف الموسيقي، وكانت حفلة لأشهر عازفات القانون، بهدف إنساني لجمع تبرعات لمرضى السرطان.

هم كانوا يحاولون يضيقون علينا، والأمر كان غير طبيعياً، وكان تعدياً بالكلام والحركات، والغريب أن الكل انصرف من هذا المكان بما فيهم أعضاء من مجلس النواب، وأحدهم المسؤول عن وزراء الدولة.

وفي اليوم التالي طلبوا استجوابي وألقاه المرحوم سمو الشيخ خليفة، وقلت وقتها لهم “ما فيهم رجاجيل”، وبات مصطلح يرددونه الناس يحتفلون به سنوياً، وأعتقد أن الرجولة هي الموقف، وهم ليسوا أهلاً لهذا المنصب.

الإقالة

وأضافت الشيخة مي إلى أنها استمرت في منصبها، لكن بعد سنتين تغير الوضع، ليتم العمل على تحويل منصبها من وزارة إلى هيئة للثقافة، حيث أن النظام يحدد عدم استجواب رئيس الهيئة أو حتى حضور جلسات مجلس الوزراء، وقالت “ربما كان ذلك أحد الأسباب لإبعادي حتى لا أتعرض لهذا الموقف المحرج مرة أخرى، ولكن كان بالنسبة لي كان الأسهل أن أترك العمل وتكون هناك إقالة على ألا تخرج الثقافة من المؤسسة الرسمية في التجمع الأسبوعي المهم”.

العلاقة مع غازي القصيبي

وتطرقت الشيخة مي إلى علاقتها بالراحل غازي القصيبي، وأكدت اعتزازها بصداقته، “والمواقف القليلة التي التقيته مؤثرة، وذات مرة قدم محاضرة في مركز الشيخ إبراهيم، وجاء لدعمي حين كنت خارج المؤسسة الرسمية وكنت حديثة عهد بالمؤسسة الرسمية، وكان له خبرة طويلة حيث كان وزيراً للمياه في السعودية، وزارني مع زوجته عند افتتاح بيت الشعر للشاعر إبراهيم العريض، واطلع على المكان وحفظ المأثورات، وطلب من زوجته أن تترك مأثوراته بعد رحيله مثل الراحل العريض، وتم تنفيذ وصيته فكانت “منامة القصيبي” في 2019 وهو منزل صغير ضم طاولة تروي قصة حياته بصوته وفق التكنولوجيا الحديثة، لنعطيه حقه كقامة كبيرة، وهو أكثر استقطاباً للزوار من السعودية.

غضبي من القصيبي

كما تحدثت عن تفاصيل غضبها من الراحل القصيبي “عندما غزا صدام حسين الكويت، كتب غازي القصيبي في عموده المعتاد، مقالاً بعنوان “أيتها الماجنة صدام حسين” فغضبت لأنه أن يتم تحقير صدام بأنه امرأة فهذه كبيرة بالنسبة لي، وكنت في الطائرة على رحلة إلى لندن، وكتبت رسالة “عتاب محب” أرسلتها له لمقر السفارة في لندن حيث كان سفيراً هناك، ولم تصله الرسالة للأسف، وهو ما روته لي زوجته لاحقاً.

خروجه من الهيئة 2022

واعتبرت الشيخة مي مشاهد الدموع التي رافقت خروجها ووداعها من العمل الحكومي بأنها طبيعية، “لأنها المحبة ولم نكن نعمل مثل موظفي الحكومة، بل كنا نعمل كشخص يخدم وطنه، العمل كان بشغف وبمحبة، ولم نكن نلتزم بقواعد رسمية ولا بدوام، بل بخدمة الوطن”.

وحول رضاها عن أداء الثقافة، قالت “دائماً لست راضية عن دور الثقافة في البحرين، ولم أكن منذ اليوم الأول قابلة للدور، فهي تحتاج لمساحة وميزانية أكبر”.

وعما إذا كانت ستوافق للعودة للثقافة إذا ما تمت دعوتها لذلك، قالت هي فترة وانتهت، أحب أن أعمل في وزارة البلديات، لأن المشهد العام للبلدان أول ما يصدمك، التخطيط العمراني والمساحات الخضراء وترتيب النظافة، هاجس موجود”.

وبينت أنها كانت في 2011 جاءت بمصمم لتصميم الشوارع في البحرين من المطار إلى المرفأ المالي، كنت أريد مشاهدة الشوارع بأبهى صورة، وأجمل ترتيب وهو أمر لا يملكه موظفون اعتياديون لابد من أن يكون هناك مختص وتخطيط.

وأشارت إلى أنها كانت في خلاف دائم في مجلس الوزراء، مع وزراء البلديات بهذا الشأن.

الراحة

وحول اتجاهها للراحة بعد سنوات العطاء، قالت الشيخة مي هناك الكثير الذي يمكن أن يتحقق، هناك فكرة حالياً لتأسيس مركز إقليمي للصندوق العالمي للآثار، أنا أخترت ضمن البورد الاستشاري لهذا الصندوق، وفي نيويورك يحتفل الصندوق بمرور 60 عاماً على تأسيس المركز، وهو مؤسسة أهلية غير ربحية تعني بموقع التراث في العالم أجمع، ولديها أكثر من 50 موقعاً في العالم، وفي البلدان العربية لديها مشاريع في مصر وعمان وليبيا والسودان وغيرها من البلدان العربية، وجاءت الفكرة بأن أتولى رئاسة المركز الإقليمي وسيكون مقره في بيت العرب، وهو الموقع المقابل لبيت “منامة غازي القصيبي” في المنامة، وهو مشروع مستقبلي نأمل أن يتحقق.

وأوضحت أن الفكرة من بيت العرب أن يكون هناك بيت يضم كل الأقطار العربية، ومكتبة تضم كتبا عن العمارة في الوطن العربي، ومكتبة لتعليمه النطق السليم للغة العربية عبر القرآن أو الأشعار أو الموسيقى.

وهو مشروع بدعم من حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: العلا مجلس النواب فی البحرین فی الحکومة آل خلیفة إلى أنه کانت فی إلى أن فی عام

إقرأ أيضاً:

البحرين وإيران.. “فرصة حقيقية” لاستئناف الدبلوماسية وتجاوز عقود التقلبات

بعد الاتفاق السعودي بوساطة الصين، وبعده عودة التمثيل الدبلوماسي الكامل مع الإمارات، العام الماضي، ظلت البحرين الدولة الخليجية الوحيدة التي ليس لها علاقات رسمية مع إيران.

وقبل ذلك بعام، أعادت الكويت سفيرها إلى طهران بعد سحبه عام 2016 في أعقاب قرار السعودية قطع علاقاتها مع إيران خلال تلك الفترة.

والجمعة، قال محمد جمشيدي، الذي يشغل منصب نائب رئيس الشؤون السياسية لمدير مكتب الرئيس الإيراني في عهد الراحل، إبراهيم رئيسي، إن “البحرين طلبت عبر روسيا تطبيع العلاقة مع إيران”.

وأضاف في تصريحات للتلفزيون الرسمي، أوردتها وكالة الأنباء الرسمية (إرنا)، أن “رئيسي قرر بصفته رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي، إقامة العلاقات مع البحرين ورفع تقاريره بهذا الصدد إلى قائد الثورة”.

وتعد البحرين، الأرخبيل الصغير في الخليج، حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة وتستضيف الأسطول الخامس للبحرية الأميركية.

والشهر الماضي، نقلت وكالة أنباء البحرين الرسمية (بنا) عن العاهل البحريني، الملك حمد بن عيسى آل خليفة، قوله خلال اجتماع مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في الكرملين إنه لا يوجد سبب لتأجيل عودة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وإيران.

وأضاف الملك حمد أن المنامة تتطلع إلى تحسين علاقاتها مع طهران، التي لطالما اتهمتها البحرين بتأليب الأغلبية الشيعية من سكانها على النظام الملكي السني.

ويرى زميل أبحاث سياسة الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، حسن الحسن، أن البحرين ترغب “بمواكبة دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى التي تملك علاقات أو أعادت علاقاتها مع إيران”.

وفي تصريحات لموقع “الحرة”، قال الحسن إن السبب الآخر الذي تسعى من خلاله المنامة لإعادة علاقاتها مع طهران، يتمثل في إنشاء “قناة تواصل مباشرة” يمكن من خلالها “حل أي خلافات والحد من احتمال حدوث تصعيد غير مقصود”.

وأضاف أن “القناة قد يكون لها فائدة في إدارة العلاقات وتجنب التصعيد في سياق احتدام التوتر الإقليمي المتزايد، والمواجهة بين إيران إسرائيل والتقدم في البرنامج النووي الإيراني”.

وبعد نجاح الوساطة الصينية في كسر الجمود بين إيران والسعودية، تعد روسيا بعلاقاتها القوية مرشحة لتلعب الدور الصيني لإعادة العلاقات مع البحرين، حسبما قال المحلل السياسي الإيراني، سعيد شاوردي، في حديثه لموقع “الحرة”.

ويرى شاوردي أن “البحرين لم تكن بحاجة إلى قطع العلاقات مع إيران عام 2016″، لافتا لعدم وجود مبرر لتلك الخطوة سوى التضامن مع السعودية.

في المقابل، يعتقد المستشار السياسي البحريني، أحمد الخزاعي، أن ملك البحرين “ما زال يسعى للصلح في مبادرة ذات نظرة استراتيجية من الممكن أن تجنب المنطقة والعالم حربا جديدة لا يحمد عقباها”.

وقال إن هذه المبادرة تأتي رغم “محاولات إيران لقلب نظام الحكم بجانب تصريحات المسؤولين الإيرانيين المستمرة التي تهدد بضرب البحرين أو حتى استرجاعها”.
تاريخ من العلاقات المتقلبة

لطالما كانت إيران تصر على أن البحرين جزء لا يتجزأ من أراضيها، وأنها المحافظة الـ 14 لديها، حتى قبل الثورة الإسلامية التي جلبت رجال الدين الشيعة للحكم عام 1979.

وجرت مفاوضات قادها رئيس الوزراء البحريني السابق، الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، مع شاه إيران محمد رضا بهلوي في نهاية الستينيات أفضت إلى تنظيم استفتاء يحدد مستقبل الجزيرة الخليجية، وفقا لوكالة فرانس برس.

ونتج عن الاستفتاء الذي جرى عام 1970 بإشراف الأمم المتحدة، تصويت ساحق بأكثر من 96 بالمئة لصالح استقلال البحرين في ظل حكم سلالة آل خليفة السنية، بحسب فرانس برس. ونالت البحرين استقلالها عن بريطانيا عام 1971.

وعقب وصول مؤسس الثورة الإسلامية، روح الله الخميني، إلى السلطة في طهران، أعلنت البحرين في نهاية عام 1981 إحباط محاولة انقلاب مدعومة من إيران.

وبعد سنوات من الهدوء في المنامة، وعودة العلاقات الدبلوماسية مع طهران إلى مستوى السفراء عام 1991، عادت للبحرين اضطرابات قادها شيعة عام 1994 طالبوا بإعادة البرلمان المنتخب الذي حل عام 1975، وإلغاء قانون أمن الدولة الذي يعطي السلطات صلاحيات واسعة في الاعتقالات دون محاكمات.

وآنذاك، اتهمت البحرين إيران بشكل علني بدعم المظاهرات التي دعت إليها تيارات شيعية، وتدريب مسلحين لقلب نظام الحكم، مما أدى لتوتر شديد في العلاقات الدبلوماسية.

وفي عام 1996، قالت البحرين إنها أحبطت مؤامرة أخرى للإطاحة بالحكومة وتنصيب زعماء إسلاميين، وأنها استدعت سفيرها لدى طهران، وخفضت تمثيلها الدبلوماسي بالعاصمة الإيرانية إلى قائم بالأعمال.

لكن العلاقات تحسنت بعد تولي الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم عام 1999 وإجرائه إصلاحات سياسية واسعة حولت البحرين من إمارة إلى مملكة، بما في ذلك إعادة البرلمان المنتخب وإلغاء قانون أمن الدولة.

قبل ذلك، وصل إلى سدة الحكم في طهران رجل الدين الإصلاحي، محمد خاتمي، الذي كانت سياساته ترتكز على الانفتاح على دول الخليج.

وشهدت تلك الحقبة تبادلا للزيارات بين قادة البلدين بعدما زار ملك البحرين طهران للمرة الأولى منذ ثورة 1979، فيما زار الرئيس الإيراني الأسبق، خاتمي، البحرين عام 2003 بعد سنة من رحلة الملك حمد التي التقى خلالها المرشد الأعلى، علي خامنئي، صاحب القول الفصل في إيران.

ورغم الاختلافات بين البلدين، فإن العلاقات الدبلوماسية ظلت مستمرة على مستوى السفراء حتى عام 2011 عندما تصدت البحرين بالقوة لاحتجاجات اندلعت على هامش الربيع العربي طالب خلالها متظاهرون، كثير منهم ينتمي إلى الأغلبية الشيعية، بالتغيير السياسي الذي وصل أحيانا إلى إسقاط النظام الملكي، بحسب رويترز.

وألقت البحرين باللوم على إيران في تأجيج الاضطرابات، وهو اتهام نفته طهران، طبقا للوكالة ذاتها.

وفي 15 مارس 2011، استدعت البحرين سفيرها لدى طهران احتجاجا على الانتقادات الإيرانية بعد نشر قوات درع الجزيرة في المملكة. واتخذت إيران في اليوم التالي تدبيرا مماثلا من خلال استدعاء سفيرها لدى المنامة.

وبعد عام ونصف، استأنف السفير البحريني لدى إيران مهامه، لكن الخارجية الإيرانية أعلنت أن طهران لن تعيد سفيرها إلى البحرين في ظل ما وصفته بـ “استمرار قمع الاحتجاجات السلمية” للشعب البحريني.

واستمر التوتر بين البلدين في السنوات اللاحقة. ففي عام 2015، أعلنت البحرين أنها صادرت أسلحة قادمة من إيران “عن طريق البحر”.

وآنذاك، قالت وزارة الداخلية البحرينية في بيان: “تم إحباط عملية تهريب عن طريق البحر لكمية من المواد المتفجرة شديدة الخطورة، بجانب عدد من الأسلحة الأوتوماتيكية والذخائر”.

وإثر ذلك، أعلنت البحرين أنها قررت استدعاء سفيرها المعتمد في طهران للتشاور، احتجاجا على تصريحات “عدائية” صدرت عن عدد من المسؤولين الإيرانيين بحقها.

وبقيت العلاقات مقطوعة منذ يناير عام 2016 عندما أعلنت المنامة قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران والطلب من دبلوماسييها مغادرة البحرين خلال 48 ساعة وذلك بعد أقل من 24 ساعة على اتخاذ السعودية إجراء مماثلا.

وجاء قرار المنامة “بعد الاعتداءات الآثمة الجبانة” على السفارة والقنصلية السعوديتين في إيران، معتبرة أنها “انتهاك صارخ لكل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية وتجسد نمطا شديد الخطورة للسياسات الطائفية التي لا يمكن الصمت عليها أو القبول بها”، بحسب السلطات البحرينية.
“فرصة حقيقية”

وكان متظاهرون إيرانيون اقتحموا السفارة السعودية لدى إيران وقنصلية المملكة الخليجية بمدينة مشهد المقدسة لدى المسلمين الشيعة احتجاجا على إعدام الرياض لرجل الدين الشيعي، نمر النمر، الذي كان معارضا للنظام الملكي السعودي.

وبعد عودة العلاقات الإيرانية السعودية، رحبت البحرين بذلك وأعربت عن أملها في أن “يشكل خطوة إيجابية على طريق حل الخلافات وإنهاء النزاعات الإقليمية كافة بالحوار والطرق الدبلوماسية، وإقامة العلاقات الدولية على أسس من التفاهم والاحترام المتبادل وحسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى”.

وقال شاوردي إن البحرين “لم تكن بحاجة للوصول لهذه القطيعة” مع إيران، مشيرا إلى أن المنامة اتبعت الرياض في سياسة القطيعة.

وأضاف في تصريحات لموقع “الحرة” أنه من “المعروف أن السعودية عندما تقرر سياسة معينة تجاه إيران؛ فهناك دول من ضمنها الكويت والبحرين والإمارات تتبعها في مواقفها السياسية”.

وتابع: “لم يبقَ ذريعة للدول الأخرى التي قطعت علاقاتها (مع إيران) لتبقى على هذه القطيعة، بما أن السعودية الدولة الأهم أعادت العلاقات”.

ومضى شاوردي قائلا إن السياسة الإيرانية شهدت تغييرا خلال عهد الرئيس الراحل رئيسي “ركزت على بناء وتطوير العلاقات الخارجية مع دول الجوار”.

وأشار المحلل السياسي الإيراني إلى أن “هناك فرصة حقيقية” لإعادة العلاقات، لا سيما بعد “المواقف الطيبة” من قبل الدول الخليجية التي عبرت عن حزنها ومواساتها عقب مقتل رئيسي في حادثة تحطم مروحيته مؤخرا.

وكان وزير الخارجية البحريني، عبداللطيف الزياني، زار طهران مؤخرا لتقديم العزاء في وفاة رئيسي “بتكليف من ملك البحرين”، حسبما ذكرت وكالة أنباء البحرين، التي أشارت إلى أن الزياني أعرب “عن تعاطف مملكة البحرين في هذا المصاب المؤلم”.

ويذهب الحسن في الاتجاه نفسه قائلا إن هناك عوامل تساهم في تعزيز مسألة إعادة العلاقات الثنائية “أولها عودة العلاقات السعودية مع إيران وصمودها رغم الأحداث الإقليمية وازدياد حدة التوتر في المنطقة”.

والعامل الثاني، وفقا للحسن، هو “انخفاض نسبة التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية البحرينية بالمقارنة مع ما قبل 10 سنوات، بما في ذلك دعمها لمليشيات تستهدف أمن البحرين”.

بالإضافة إلى ذلك، فإن “توجه البحرين نحو الإفراج عن عدد كبير من السجناء بتهم أمنية مختلفة أيضا يساهم في تهيئة الجو الداخلي لعودة العلاقات مع إيران”، حسبما قال الحسن.
علاقات “معقدة”

لكن الباحث السعودي في التيارات الشيعية، حسن المصطفى، يعتقد أن مسألة عودة العلاقات بين المنامة وطهران تظل “معقدة”.

وفي عمود رأي في صحيفة “عرب نيوز” السعودية الناطقة باللغة الإنكليزية، كتب المصطفى أن “مجرد استعادة العلاقات (البحرينية الإيرانية) دون معالجة الأسباب الجذرية سيؤدي إلى ظهور القضايا مرة أخرى في المستقبل”.

ويشير المصطفى إلى أن إيران تعد موطنا للعديد من شخصيات المعارضة البحرينية، تم إسقاط جنسيات بعضهم، مثل رجل الدين الشيعي البارز عيسى قاسم، الذي تم “الاعتراف به كأحد الشخصيات الرئيسية في ما يسمى بمحور المقاومة مؤخرا”.

وتابع: “تستضيف إيران أيضا قيادات من جمعية الوفاق الإسلامية المنحلة، إلى جانب شخصيات تطالب بالتغيير العنيف في البحرين، مثل رجل الدين المتطرف مرتضى السندي، أحد رموز حزب الوفاء الإسلامي، الذي يروج علنا لاستخدام السلاح في خطاباته”.

ومنذ عام 2017، تصنف واشنطن السندي على أنه من “الأفراد الإرهابين” العالميين بشكل خاص لارتباطه بتنظيم “سرايا الأشتر”، وهي منظمة نصنفها واشنطن “إرهابية” مدعومة من إيران تعمل على قلب الحكومة في البحرين.

وفي العمود المنشور، الأسبوع الماضي، نقل المصطفى عن “مصدر يراقب العلاقات البحرينية الإيرانية” قوله إن “إيران عنيدة في هذا الشأن”، مضيفا: “حاولت عُمان تسهيل حدوث انفراج في العلاقات بين المنامة وطهران، لكن طهران لم تغير مواقفها”.

وأضاف المصدر، بحسب ما كتب المصطفى، أن “إيران تريد من البحرين إطلاق سراح السجناء الشيعة والسماح للمعارضة بالعودة والعمل داخل البلاد، مقابل إعادة العلاقات بين البلدين”.

ومضى في قوله: “بحسب المصدر، فإن إيران ترى أن (الحكومة البحرينية لن تقبل بهذا الموقف لأنها تعتبره تدخلا في شأن داخلي. ولا يمكن للبحرين أن تمنح إيران امتيازات غير مستحقة؛ لأن ذلك يشكل انتهاكا لسيادة البلاد)”.

لكن محللين استبعدوا أن تقدم طهران على مثل هذه الخطوة على اعتبار أنها تمثل “تدخلا في الشؤون الداخلية” للبحرين.

وقال الخزاعي إن “الحديث عن الأمور الداخلية لبلد ما في اجتماعات من هذا النوع مستبعد، ويعطي البلد المقابل ذات الحق في السؤال والاستيضاح عن حالات حقوق الإنسان”.

واستطرد قائلا إنه “أمر غير وارد ولا يعدو كونه تسريبات إعلامية لتحريك مشاعر الشارع، خصوصا أن ملك البحرين أصدر عفوا خاصا بإطلاق سراح عدد كبير مؤخرا من المحكومين بقضايا إرهابية، في رسالة واضحة بأن الشأن الداخلي البحريني، سيحل داخليا ولا يحتاج لأي كان التوسط فيه”.
“إيران بحاجة إلى أصدقاء”

وكان ملك البحرين أصدر عفوا عن مئات السجناء خلال شهر أبريل الماضي في أكبر عملية عفو جماعي تشهدها المملكة الخليجية، بمن فيهم معارضون أوقفوا على خلفية أحداث عام 2011.

بدوره، استبعد شاوردي أن تطلب إيران من البحرين مثل هذه الطلبات، مشيرا إلى أن بلاده “لم تتدخل في نظام الحكم ولم تطالب بالتغيير السياسي في البحرين”.

لكنه يرى أن تحرك البحرين “للسماح بعودة الشيخ عيسى قاسم المقيم في قم، والإفراج عن عدد أكبر من السجناء، بما في ذلك الشيخ علي سلمان، سيقوي العلاقات الإيرانية البحرينية رسميا وشعبيا”.

وأوضح أن ذلك “يساعد أيضا على مزيد من الهدوء والأمن والاستقرار في البحرين والتخلص من الخلافات التي حصلت بين النظام الحاكم والشارع”.

أما الخزاعي، فيعتقد أنه من المهم بشكل عام عودة العلاقات بين البلدين في ظل عدم استقرار المنطقة ومقتل الرئيس الإيراني وقرب الانتخابات الرئاسية الأميركية.

وقال إنه في “حال عودة الرئيس ترامب للبيت الأبيض، ستحتاج إيران لأصدقاء أكثر لضمان استقرار أوضاعها الاقتصادية وبالتالي السياسية”.

أحمد جعفر – الحرة

 

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • نائب وزير السياحة تشارك في اجتماع لجنة الثقافة والآثار والإعلام بـ«الشيوخ»
  • ملك البحرين يهنئ بوتين
  • “أبوظبي للشراع الحديث” يحرز ذهبية وبرونزية في بطولة أوروبا بالمجر
  • "كان منفتحا".. زوجة البغدادي الأولى تكشف تفاصيل حياتهما
  • برعاية القائد العام المشير “خليفة حفتر”.. 2000 أضحية لسكان فزان
  • البحرين وإيران.. “فرصة حقيقية” لاستئناف الدبلوماسية وتجاوز عقود التقلبات
  • السعودية تكشف حقيقة احتواء منتجات “شي إن” على مواد مسرطنة
  • بمشاركة وزيري الإعلام والتعليم العالي… جلسة حوارية عن دور الجامعات والإعلام في تعزيز الثقافة والهوية الوطنية
  • وزيرة الثقافة تفتتح الدورة 44 للمعرض العام غدًا بمشاركة 300 فنان
  • إلى مسقط عبر صحار.. دول الخليج تطرح مناقصة لمشروع سكة حديد بطول 2,177 كيلو متراً