أشار خبراء اقتصاد إلى أن أسعار الفائدة وصلت إلى مستويات قياسية لم تسجلها منذ أكثر من 15 عامًا، لافتين إلى أن الخطورة في الأمر هذه المرة هي إمكانية بقاء تلك الأسعار مرتفعة، وفي تصاعد، لفترة طويلة، مرجّحين عدم القدرة على السيطرة على التضخم وعكس مسار أسعار الفائدة قبل نحو عامين إلى ثلاثة. وأشاروا إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة أضرّت بالقطاعات الاقتصادية والإنتاجية خاصة القطاع العقاري، كما دفعت البنوك إلى التشدّد في منح القروض، ولفتوا على صعيد ذي صلة إلى أن ربط الدينار بالدولار يحتّم على مصرف البحرين المركزي رفع أسعار الفائدة على الدينار كلما ارتفعت على الدولار؛ وذلك حفاظًا على القوة الشرائية للدينار، لكنهم أكدوا أن هذا الربط له إيجابيات أكبر بكثير من سلبياته.


انكماش السيولة وقال الدكتور عمر العبيدلي مدير إدارة الدراسات والبحوث في مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة أكد أنه لا مفرّ من رفع سعر الفائدة على الدينار البحريني كلما قام البنك الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة على الدولار، وذلك لارتباط العملتين ببعضهما بعضا، وحتى لا يفقد الدينار من قيمته الشرائية، والحفاظ على الودائع بالدينار كي لا يقوم أصحابها ببيع الدينار مقابل الدولار في حال اختل الربط بينهما، كما يحصل في عدد من أسواق الدول الناشئة مثل مصر وتركيا، وبالتالي يضغط ذلك على المستثمرين وقطاع الأعمال وعموم المواطنين والمقيمين. وأشار د. عبيدلي إلى أن القطاع العقاري - حاله حال أي قطاع اقتصادي آخر - يتأثر سلباً بارتفاع أسعار الفائدة، وذلك لأنها تسبب انكماش في السيولة، إذ ترتفع تكلفة الحصول على رؤوس الأموال اللازمة لشراء العقارات وتطوير المشاريع، لكنه جدد التأكيد على أن الحفاظ على سعر صرف ثابت للدينار أمام الدولار يمثل أحد أهم العوامل التي تجذب المستثمرين الخارجيين للبحرين بالقطاع العقاري. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يجعل البنوك تتشدد في منح القروض طويلة الأجل بمختلف أنواعها، بما فيها القروض الشخصية وقروض السيارات والقروض العقارية وغيرها، خاصة أن أسعار الفائدة تأخذ منحنى تصاعديا، وبالتالي يعتقد البنك أن الاحتفاظ بالسيولة أو تسليفها لفترات قصيرة أفضل له من التسليف لفترات طويلة قد تمتد لخمسة عشر عاما أو أكثر كما هو حال القرض العقاري.
جاذبية الودائع والسندات والصكوك إلى ذلك، أشار الخبير المصرفي البحريني المخضرم عبدالكريم بوجيري أنه عبر التاريخ ارتبط موضوع رفع أسعار الفائدة بجمود الأسواق، وقال: «هناك علاقة عكسية بين أسعار الفائدة وسوق العقار، فكلما ارتفعت أسعار الفائدة قل النمو بالسوق العقاري، والعكس صحيح»، وأضاف: «كل مستثمر الآن وصاحب رأس مال يفاضل بين الدخول في استثمارات تجارية أو عقارية تحقق له عوائد 7% ويتحمل مسؤولية الجهد والتشغيل والمتابعة وهموم الخسارة المحتملة، أو يضع رأس ماله في وديعة ثابتة أو يشتري سندات أو صكوكًا حكومية بعوائد وصلت إلى 6 و7%، ويجني ثمارها دون أي تعب، ومن الواضح أنه سيميل للخيار الثاني». وأشار إلى أن رفع أسعار الفائدة لم يؤدِّ إلى جمود القطاع العقاري فقط، بل إلى ارتفاع أسعار الوحدات السكنية، خاصة أن معظم شركات التطوير العقاري تتسلف من البنوك من أجل تنفيذ مشروعاتها، وبالتالي تحمِّل نسبة الزيادة في أسعار الفائدة للمشتري النهائي، سواء أكان يشتري لغرض الاستثمار أو التأجير أو السكن. بوجيري، صاحب الخبرة الطويلة في القطاع المصرفي بما في ذلك شغله لمنصب الرئيس التنفيذي الأسبق لبنك البحرين والكويت، أشار إلى أن البنوك تكون أكثر حذرا في منح القروض العقارية عند ارتفاع نسبة أسعار الفائدة وضبابية السوق؛ وذلك خوفا من تخلف العميل عن سداد القرض، وقال: «صحيح أن البنك يمنح القرض بضمان العقار نفسه على الأغلب، إلا أن آخر ما يريده البنك هو تعثر العميل في السداد واضطراره لبيع الرهن وخسارة فوائد القرض». وتوقع على صعيد آخر أن تبقى أسعار الفائدة مرتفعة على المدى القريب والمتوسط، إلى حين تخفيض نسب التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية إلى 2%، مشيرا إلى أن ذلك لن يحدث قبل سنتين إلى ثلاث سنوات.
ركود اقتصادي عالمي من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور مشعل الذوادي إن معظم القطاعات الاقتصادية حول العالم تعاني شح تدفق السيولة الاستثمارية إليها، ويأتي ذلك نتيجة رفع البنوك المركزية معدلات الفائدة، ما يدفع الأفراد والمتعاملين بمن فيهم المستثمرون إلى إيداع أموالهم في البنوك التجارية والاستثمارية للاستفادة من العوائد المرتفعة والتي تشكل ربحا مضمونا وآمنا لهم. وأضاف د. الذوادي أن قطاعات الصناعة والعقارات والبورصات العالمية أكثر القطاعات الاقتصادية التي تأثرت سلبا برفع أسعار الفائدة، مشيرا إلى أن القطاع العقاري أحد أكبر القطاعات تشغيلا للاقتصاد وتحريكا للأموال، وقال: «المقترض الذي كان يدفع 2.5% فائدة على قرض عقاري سيدفع الآن بين 3.5-6% أي ضعف ما كان يدفعه سابقا، وهذا بالتأكيد يحد من الإقبال على العقارات بمختلف أنواعها». وأضاف: «كما أن الصناديق الاستثمارية العقارية تتأثر سلبا أيضا بشكل كبير برفع الفائدة». وأشار إلى أنه من التداعيات السلبية الخطيرة لرفع أسعار الفائدة حدوث ركود اقتصادي عالمي، ذلك أن الإقبال على وضع الأموال المسيلة في البنوك يؤدي إلى عزوف وضعف إقبال المستثمرين عن الاستثمار الأجنبي غير المباشر والاستثمار المباشر في المشروعات والقطاعات الاقتصادية والإنتاجية، وبالتالي ينخفض حجم الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير وهو ما يؤثر سلبا حتى على فرص العمل. وأضاف أن القطاع العقاري في كل أنحاء العالم تأثر بموجات التضخم التي عصفت بالأسواق أسوة بجميع القطاعات الاقتصادية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات بالنسبة للمستهلكين، ونقل عن أحد المستثمرين العقارين بمنطقة الحد تأكيده وجود 85 شقة فارغة في مجمع صغير هناك، وأن سوق التأجير أصبح مقلقا بالوقت الحالي. وأشار الدكتور الذوادي على صعيد آخر إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يجعل أيضا مستوردي مود البناء غير قادرين على تلبية احتياجات السوق بأسعار مستقرة، وهو ما ينعكس سلبا على المشروعات العقارية قيد الإنشاء، لكنه عاد وأكد أن العقار أثبت جدارته كأصل استثماري يساعد على التحوط من التضخم، وبالتالي يُعد ملاذا آمنا في المدن والدول التي توفر بيئة جاذبة للمستثمرين مملكة البحرين.

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية

كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا القطاعات الاقتصادیة رفع أسعار الفائدة القطاع العقاری ارتفاع أسعار إلى أن

إقرأ أيضاً:

توقعات بخفض أسعار الفائدة إلى 6% بنهاية 2025.. سهر الدماطي توضح

رجحت سهر الدماطي، النائب السابق لرئيس بنك مصر، أن يواصل البنك المركزي المصري سياسة التيسير النقدي خلال الفترة المقبلة، متوقعة أن تنخفض أسعار الفائدة تدريجيًا لتصل إلى نحو 6% مع نهاية عام 2025، في حال استمرار تحسن المؤشرات الاقتصادية وتجنّب أي صدمات خارجية مفاجئة.

رسميا الآن| مفاجأة في سعر الدولار بعد قرار البنك المركزيالبنك المركزي المصري يخفض الفائدة.. خطوة لإنعاش الاقتصاد وكسب ثقة المستثمرين

وأوضحت سهر الدماطي، خلال تصريحات تلفزيونية، أن تراجع معدلات التضخم خلال الأشهر الماضية يمنح صناع السياسات النقدية هامشًا أكبر للتحرك نحو مستويات فائدة أكثر تحفيزًا للنمو الاقتصادي، مع الحفاظ على استقرار سوق الصرف وتعزيز الثقة في الاقتصاد المحلي.

وأضافت أن خفض أسعار الفائدة من شأنه أن يدعم تنافسية القطاعات الإنتاجية، مثل الصناعة والزراعة والخدمات، من خلال تقليل تكلفة التمويل وخفض أعباء الإنتاج، ما ينعكس إيجابًا على الصادرات ويخفف من أعباء الدين على الموازنة العامة للدولة.

وشددت على أن هذه التوقعات تظل مشروطة بعدم وقوع اضطرابات عالمية، خاصة فيما يتعلق بأسعار الطاقة والغذاء، مؤكدة أهمية متابعة المتغيرات الدولية بشكل دقيق للحفاظ على التقدم المحرز في ملف السيطرة على التضخم.

طباعة شارك سهر الدماطي البنك المركزي أسعار الفائدة الاقتصاد المحلي

مقالات مشابهة

  • وسط حالة اقتصادية ضبابية وضعف الدولار.. النفط والذهب يتجهان لتكبّد خسائر أسبوعية
  • سعر الدينار الكويتي اليوم الخميس 29 مايو 2025 في البنوك المصرية
  • فيتش: آفاق النمو القوية تدعم صلابة البنوك الإماراتية
  • تحديث لحظي في البنوك.. سعر الدولار اليوم 28 مايو 2025
  • رئيس الوزراء يرد على «فكرة» انهيار السوق العقاري وحدوث فقاعة عقارية
  • رسميا.. أسعار الدولار في البنوك اليوم الأربعاء
  • «الصناعات الغذائية»: قرار خفض الفائدة خطوة استراتيجية لتحفيز الاستثمار المحلي
  • بعد «المركزي».. بنك ناصر يخفض أسعار الفائدة 2% على الشهادات وودائع رد الجميل
  • توقعات بخفض أسعار الفائدة إلى 6% بنهاية 2025.. سهر الدماطي توضح
  • البنك المركزي يسحب فائض سيولة بـ 552.5 مليار جنيه من القطاع المصرفي