قالت صحيفة "فايننشال تايمز" إن الحرب الحالية في غزة تهز اقتصادات الشرق الأوسط، والأضرار ليست فقط على الدول المحيطة بفلسطين، مثل مصر والأردن ولبنان، بل إنها بدأت تطال أيضا دول الخليج البعيدة نسبيا جغرافيا عن غزة، لكن خطر توسع النزاع ودخول إيران فيه يهدد كل شيء.

ففي الأردن، حيث تمثل السياحة 10% من الناتج المحلي الإجمالي، قال أحد منظمي الرحلات السياحية إن الحرب أدت إلى سلسلة من عمليات الإلغاء للرحلات، ما كبد الاقتصاد الأردني خسائر فادحة.

وفي مصر، حيث لجأت الحكومة بالفعل إلى صندوق النقد الدولي لتخفيف أزمتها الاقتصادية، تم إلغاء العديد من الحجوزات السياحية في سيناء، المتاخمة لغزة، وأيضا في منتجعات شرم الشيخ وطابا القريبة من إيلات، التي تعرضت إلى صواريخ متتالية من الحوثيين في اليمن.

اقرأ أيضاً

بينهم 3900 طفل.. ارتفاع شهداء غزة منذ طوفان الأقصى إلى 9488

ويقول فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي الإقليمي لدى بنك "جولدمان ساكس": "نرى بالفعل تقارير عن إلغاء الحجوزات في دول مجاورة مثل مصر".

وأضاف: "نعتقد أن ذلك قد يكلف مصر المليارات من عائدات السياحة المفقودة في هذه السنة المالية وحدها، ولا تمتلك القاهرة احتياطيات من النقد الأجنبي لاستيعاب هذا النوع من الضربات"، بحسب التقرير الذي ترجمه "الخليج الجديد".

ومضى سوسة بالقول إن "خطر حدوث المزيد من التصعيد يهدد بتعميق وتوسيع نطاق التداعيات الاقتصادية".

وفي لبنان، الذي ترفده السياحة بنحو 40% من الناتج المحلي، يواجه كابوسا اقتصاديا، بسبب احتمالية تفجر الجبهة اللبنانية، حال قرر "حزب الله" دخول الحرب بكامل قوته.

دول الخليج

وفي دول الخليج، والتي لا تزال تشعر بالانتعاش جراء ارتفاع أسعار النفط، لكن جيمس ريف، كبير الاقتصاديين في "جدوى للاستثمار" في الرياض يقول إنه "من المرجح أن يقابل ذلك انخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر والدخل السياحي بسبب أحداث فلسطين"، وأضاف: "نظراً لأن الأولوية في دول الخليج الآن هي التنويع الاقتصادي، فهذه هي الخسارة الأكبر".

اقرأ أيضاً

بعد إحباط هجوم صاروخي على إيلات.. إسرائيل تدرس الرد على الحوثيين

دافوس الصحراء

ويقول التقرير إنه رغم الحرب، تدفق كبار الممولين على مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الذي عقد الأسبوع الماضي، والذي أطلق عليه اسم "دافوس في الصحراء"، في محاولة للاستفادة من صناديق الثروة السيادية في المملكة العربية السعودية للاستثمار في الأصول العالمية أو النظر في الفرص المحلية، مثل تصنيع السيارات الكهربائية. .

لكن العديد من الحاضرين كانوا يتنقلون على هواتفهم المحمولة، في أعقاب المأساة الإنسانية في غزة، والتي يخشى المسؤولون أن تؤدي إلى إبطاء خططهم التنموية الضخمة، كما يقول التقرير.

دبي

في مدينة دبي المزدهرة بعد الوباء، كانت القوة الاقتصادية مدفوعة بتدفق الروس الفارين من الحرب وبحث الأثرياء عن منازل إضافية.

لكن أصحاب الفنادق يقولون الآن إن حرب غزة هي المسؤولة عن إلغاء بعض الرحلات السياحية الإسرائيلية والأمريكية والغربية.

اقرأ أيضاً

البنك الدولي يتوقع تباطؤ اقتصادات دول الخليج في 2024 ويخفض تقديرات النمو

وبينما يتوقع القليل أن تظل دبي بعيدة عن خطر الأحداث الناشبة على شاطئ المتوسط، هناك تخوفات من أن تؤدي تداعياتها إلى حرب إقليمية أوسع نطاقا، تدخل فيها إيران، المقابلة للإمارات والسعودية جغرافيا، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تقليص تقييمات العقارات المرتفعة وإفساد فترة الخريف المزدحمة.

وبالفعل، تأجلت فعاليات كانت ستحضرها الممثلة الأمريكية ومقدمة البرامج الحوارية جادا بينكيت سميث، والمغني ماكليمور.

ويقول أحد المستشارين الاقتصاديين في دبي إن "تجار التجزئة يشعرون بالقلق بالفعل بشأن ضعف المبيعات، خاصة في السلع الفاخرة، وتم إلغاء فعاليات إطلاق كبيرة لمنتجات جديدة، لأن الجميع خائفون مما سيأتي".

ومن المقرر أن يحضر الملك تشارلز افتتاح قمة الأمم المتحدة للمناخ COP28 في دبي، إلى جانب قادة العالم الآخرين، اعتبارًا من 30 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

ورفعت حكومة المملكة المتحدة هذا الأسبوع خطر وقوع هجمات إرهابية في الإمارات العربية المتحدة من "محتمل" إلى "محتمل جدًا".

المصدر | فايننشال تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: غزة اقتصادات الشرق الأوسط حرب غزة السياحة في مصر السياحة في الأردن السياحة في لبنان دبي دافوس الصحراء دول الخلیج

إقرأ أيضاً:

عالم يُقسَّم.. والشرق الأوسط يدفع الثمن

فـي الوقت الذي يتطلع فيه العالم إلى إنهاء الحروب، وبناء نظام دولي أكثر عدلا، تقود إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثانية تحولا مقلقا في السياسة العالمية يتمثل في الانتقال من منافسة القوى العظمى إلى التفاهم معها، حتى وإن جاء ذلك على حساب الحلفاء والدول الصغيرة. هذه ليست مجرد إعادة ضبط للعلاقات الدولية، بل هي بداية خريطة جديدة للعالم تُرسم بين الكبار، بينما يُطلب من الآخرين أن يتقبلوا ما يُفرض عليهم.

قبل سنوات فقط، تبنّت واشنطن استراتيجية واضحة: التنافس مع الصين وروسيا لحماية التفوق الأمريكي والدفاع عن الديمقراطية. كانت هذه الاستراتيجية -رغم صراحتها- تقوم على فكرة أن الولايات المتحدة تواجه خصمين يسعيان إلى تغيير النظام العالمي. ولهذا ركزت الإدارتان السابقتان -إدارة ترامب الأولى ثم إدارة بايدن- على صدّ النفوذ الروسي في أوكرانيا، ومنع توسّع الصين في آسيا، وبناء تحالفات أوسع حول العالم.

لكن الآن، يبدو أن الرئيس ترامب قد غير رأيه. هو لا يريد مواجهة الصين وروسيا، بل يريد الاتفاق معهما على إدارة العالم معا، كل في منطقته، وكل بما يراه مناسبا. وفقا لهذا المنطق الجديد، يمكن لروسيا أن تحتفظ بأراض من أوكرانيا، ويمكن للصين أن توسّع نفوذها في بحر الصين الجنوبي، بل وربما في تايوان لاحقا. مقابل ذلك، تتوقع واشنطن أن تظل هذه القوى على الحياد عندما تمارس الولايات المتحدة نفوذها في مناطق أخرى، بما فيها الشرق الأوسط.

هنا، تصبح المسألة خطيرة؛ لأن الشرق الأوسط هو المنطقة التي تأثرت أكثر من غيرها بقرارات القوى العظمى، وغالبا من دون أن يُؤخذ رأي سكانه بعين الاعتبار. واليوم، في ظل هذا التوجه الجديد، تصبح حروب مثل الحرب في غزة، أو الأزمة السورية، أو الملف النووي الإيراني، ملفات لا تُحل بمنطق القيم أو القانون الدولي، بل بمنطق «ما يناسب الكبار». وإذا اتفقت واشنطن مع موسكو أو بكين على تسوية ما، فالجميع مطالب بالقبول بها.

لكن هل هذا هو الطريق إلى السلام؟ وهل يمكن بناء استقرار عالمي من خلال تجاهل إرادة الشعوب والتفاهم مع الأنظمة القوية فقط؟ التجربة تقول لا. لقد جُرب هذا النموذج من قبل في أوروبا في القرن التاسع عشر، فيما عُرف بـ«نظام الوفاق»، حيث اتفقت القوى الكبرى على إدارة القارة وتجنب الحروب.

لكن النظام لم يصمد، وانتهى إلى صراعات أكبر؛ لأنه تجاهل التغيرات الحقيقية على الأرض.

في الشرق الأوسط، الناس لا يبحثون عن وفاق بين زعماء العالم، بل عن عدالة، وحرية، ومستقبل لا تُقرره القوى الكبرى خلف الأبواب المغلقة. التحديات التي تواجه المنطقة - من الاحتلال والنزاعات المسلحة، إلى الفقر والبطالة والتغير المناخي - لا يمكن حلها من خلال «صفقات جيوسياسية» لا تراعي مصالح الشعوب.

ما يحدث اليوم هو أن السياسة الدولية تعود إلى لعبة «تقاسم النفوذ»، بينما تُهمّش المؤسسات الدولية، وتُضعف التحالفات، ويُعاد تعريف المصالح بناء على من يملك القوة لا من يملك الحق.

وهذا يجب أن يقلق الجميع.

في نظام دولي عادل، لا ينبغي أن يكون مصير أوكرانيا أو فلسطين أو أي دولة أخرى موضوع تفاهم بين واشنطن وموسكو وبكين فقط؛ لأن العالم - ببساطة - لم يعد يتحمل نظاما يُدار كما لو أنَّ الآخرين غير موجودين.

مقالات مشابهة

  • الاتحاد الأوروبي يعين ممثلا خاصا جديدا لعملية السلام
  • الاتحاد الأوروبي يُعيِّن الفرنسي كريستوف بيجو ممثلًا خاصًا لعملية السلام في الشرق الأوسط
  • «الشرق الأوسط للساعات والمجوهرات» ينطلق في الشارقة 28 الجاري
  • عالم يُقسَّم.. والشرق الأوسط يدفع الثمن
  • جولة ترامب في الشرق الأوسط تكشف تجاهله لغزة
  • الرياض عاصمة القرار السياسي في الشرق الأوسط
  • ترامب يعيد رسم تحالفات الشرق الأوسط ورسالة صامتة تضع العراق في الظل
  • صحف عالمية: نتنياهو أمام قرار مصيري بشأن غزة
  • ترامب يغير الشرق الأوسط وليس نتنياهو
  • رئيس دفاع النواب: مصر لخصت حل قضية الشرق الأوسط في قمة بغداد