ف. تايمز: حرب غزة تهز اقتصادات الشرق الأوسط.. ودول الخليج ستتضرر
تاريخ النشر: 4th, November 2023 GMT
قالت صحيفة "فايننشال تايمز" إن الحرب الحالية في غزة تهز اقتصادات الشرق الأوسط، والأضرار ليست فقط على الدول المحيطة بفلسطين، مثل مصر والأردن ولبنان، بل إنها بدأت تطال أيضا دول الخليج البعيدة نسبيا جغرافيا عن غزة، لكن خطر توسع النزاع ودخول إيران فيه يهدد كل شيء.
ففي الأردن، حيث تمثل السياحة 10% من الناتج المحلي الإجمالي، قال أحد منظمي الرحلات السياحية إن الحرب أدت إلى سلسلة من عمليات الإلغاء للرحلات، ما كبد الاقتصاد الأردني خسائر فادحة.
وفي مصر، حيث لجأت الحكومة بالفعل إلى صندوق النقد الدولي لتخفيف أزمتها الاقتصادية، تم إلغاء العديد من الحجوزات السياحية في سيناء، المتاخمة لغزة، وأيضا في منتجعات شرم الشيخ وطابا القريبة من إيلات، التي تعرضت إلى صواريخ متتالية من الحوثيين في اليمن.
اقرأ أيضاً
بينهم 3900 طفل.. ارتفاع شهداء غزة منذ طوفان الأقصى إلى 9488
ويقول فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي الإقليمي لدى بنك "جولدمان ساكس": "نرى بالفعل تقارير عن إلغاء الحجوزات في دول مجاورة مثل مصر".
وأضاف: "نعتقد أن ذلك قد يكلف مصر المليارات من عائدات السياحة المفقودة في هذه السنة المالية وحدها، ولا تمتلك القاهرة احتياطيات من النقد الأجنبي لاستيعاب هذا النوع من الضربات"، بحسب التقرير الذي ترجمه "الخليج الجديد".
ومضى سوسة بالقول إن "خطر حدوث المزيد من التصعيد يهدد بتعميق وتوسيع نطاق التداعيات الاقتصادية".
وفي لبنان، الذي ترفده السياحة بنحو 40% من الناتج المحلي، يواجه كابوسا اقتصاديا، بسبب احتمالية تفجر الجبهة اللبنانية، حال قرر "حزب الله" دخول الحرب بكامل قوته.
دول الخليجوفي دول الخليج، والتي لا تزال تشعر بالانتعاش جراء ارتفاع أسعار النفط، لكن جيمس ريف، كبير الاقتصاديين في "جدوى للاستثمار" في الرياض يقول إنه "من المرجح أن يقابل ذلك انخفاض تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر والدخل السياحي بسبب أحداث فلسطين"، وأضاف: "نظراً لأن الأولوية في دول الخليج الآن هي التنويع الاقتصادي، فهذه هي الخسارة الأكبر".
اقرأ أيضاً
بعد إحباط هجوم صاروخي على إيلات.. إسرائيل تدرس الرد على الحوثيين
دافوس الصحراءويقول التقرير إنه رغم الحرب، تدفق كبار الممولين على مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الذي عقد الأسبوع الماضي، والذي أطلق عليه اسم "دافوس في الصحراء"، في محاولة للاستفادة من صناديق الثروة السيادية في المملكة العربية السعودية للاستثمار في الأصول العالمية أو النظر في الفرص المحلية، مثل تصنيع السيارات الكهربائية. .
لكن العديد من الحاضرين كانوا يتنقلون على هواتفهم المحمولة، في أعقاب المأساة الإنسانية في غزة، والتي يخشى المسؤولون أن تؤدي إلى إبطاء خططهم التنموية الضخمة، كما يقول التقرير.
دبيفي مدينة دبي المزدهرة بعد الوباء، كانت القوة الاقتصادية مدفوعة بتدفق الروس الفارين من الحرب وبحث الأثرياء عن منازل إضافية.
لكن أصحاب الفنادق يقولون الآن إن حرب غزة هي المسؤولة عن إلغاء بعض الرحلات السياحية الإسرائيلية والأمريكية والغربية.
اقرأ أيضاً
البنك الدولي يتوقع تباطؤ اقتصادات دول الخليج في 2024 ويخفض تقديرات النمو
وبينما يتوقع القليل أن تظل دبي بعيدة عن خطر الأحداث الناشبة على شاطئ المتوسط، هناك تخوفات من أن تؤدي تداعياتها إلى حرب إقليمية أوسع نطاقا، تدخل فيها إيران، المقابلة للإمارات والسعودية جغرافيا، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تقليص تقييمات العقارات المرتفعة وإفساد فترة الخريف المزدحمة.
وبالفعل، تأجلت فعاليات كانت ستحضرها الممثلة الأمريكية ومقدمة البرامج الحوارية جادا بينكيت سميث، والمغني ماكليمور.
ويقول أحد المستشارين الاقتصاديين في دبي إن "تجار التجزئة يشعرون بالقلق بالفعل بشأن ضعف المبيعات، خاصة في السلع الفاخرة، وتم إلغاء فعاليات إطلاق كبيرة لمنتجات جديدة، لأن الجميع خائفون مما سيأتي".
ومن المقرر أن يحضر الملك تشارلز افتتاح قمة الأمم المتحدة للمناخ COP28 في دبي، إلى جانب قادة العالم الآخرين، اعتبارًا من 30 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
ورفعت حكومة المملكة المتحدة هذا الأسبوع خطر وقوع هجمات إرهابية في الإمارات العربية المتحدة من "محتمل" إلى "محتمل جدًا".
المصدر | فايننشال تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة اقتصادات الشرق الأوسط حرب غزة السياحة في مصر السياحة في الأردن السياحة في لبنان دبي دافوس الصحراء دول الخلیج
إقرأ أيضاً:
دراسة تكشف مشروع الشرق الأوسط الجديد في رؤية ترامب ونتنياهو
بعد مرور عقدين على فشل مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي روجت له إدارة جورج بوش الابن إبان غزو العراق وحرب لبنان عام 2006، تعود الرؤية ذاتها ولكن بثوب جديد – هذه المرة عبر تحالف وثيق بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واللذَان يسعيان لتشكيل "شرق أوسط جديد" تكون فيه إسرائيل القوة المهيمنة بدعم أمريكي مطلق، بينما يتم تحييد إيران ومحور المقاومة عبر سلسلة من الحروب والاستنزاف العسكري، بحسب الدراسة التي نشرها مركز الأبحاث المجلس الأطلسي.
منذ حرب 7 أكتوبر 2023، شنت إسرائيل سلسلة من الهجمات التي طالت غزة ولبنان وسوريا واليمن، وصولاً إلى قلب إيران في يونيو 2025. هذه الحروب، التي وفرت لها واشنطن غطاءً سياسيًا ودعمًا عسكريًا، لم تحقق أهدافها الاستراتيجية حتى الآن، حيث ما زالت قوى المقاومة – رغم الخسائر الكبيرة – صامدة ميدانيًا وسياسيًا.
غزة: دمار هائل دون نصر حاسمبعد عشرين شهرًا من العدوان على غزة، تخطى عدد الشهداء الفلسطينيين 57 ألفًا، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخ الصراع. وعلى الرغم من تدمير البنية التحتية وتهجير السكان، لم تنجح إسرائيل في القضاء على حركة حماس، التي لا تزال قادرة على شن هجمات نوعية تُربك الجيش الإسرائيلي.
إيران: الضربة الاستراتيجية التي لم تنجز المهمةفي يونيو 2025، شنت إسرائيل والولايات المتحدة حملة جوية مكثفة على منشآت إيران النووية، مع وعود ترامب بـ"تحطيم المشروع النووي الإيراني بالكامل". لكن التقييمات العسكرية تشير إلى أن الضرر كان كبيرًا، لكنه غير كافٍ لتفكيك القدرات النووية الإيرانية. بل وقد تؤدي هذه الهجمات إلى تسريع طهران لمساعيها نحو امتلاك سلاح نووي ردًا على التهديدات الوجودية.
لبنان: حزب الله يتراجع تكتيكيًا... دون هزيمةفي لبنان، ورغم الخسائر الفادحة الناتجة عن الهجمات الإسرائيلية، لا يزال حزب الله قوة قائمة، ولم يسلم سلاحه كما تطالب إسرائيل والولايات المتحدة.
ورغم التراجع إلى شمال الليطاني، فإن أمينه العام بالوكالة، نعيم قاسم، يتوعد برد قاسٍ حال اجتياح إسرائيل للجنوب اللبناني. أما الحكومة اللبنانية الجديدة، بقيادة الرئيس جوزيف عون، فتواجه مأزقًا سياسيًا بين الضغوط الخارجية والاحتمالات الكارثية لأي صدام داخلي مع حزب الله.
اليمن: صمود الحوثيين رغم القصفعلى الرغم من القصف الأمريكي والإسرائيلي على مواقع الحوثيين في صنعاء وصعدة وموانئ الحديدة، فإن جماعة أنصار الله (الحوثيين) ما تزال تمتلك قدرات هجومية، وتحتفظ بترسانات استراتيجية قد تستخدم في حال عودة الحرب ضد إيران.
اتفاق الهدنة المؤقت مع واشنطن في مايو 2025 عزز من موقف الحوثيين داخليًا وأضعف خصومهم في المجلس الرئاسي.
المشروع الحالي لإعادة تشكيل الشرق الأوسط يعتمد، كما في اتفاقيات "أبراهام" التي وقعت في عهد ترامب عام 2020، على تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية دون أي اعتبار للحقوق الفلسطينية. وتفترض الخطة أن الرخاء الاقتصادي كفيل بتجاوز عدالة القضية الفلسطينية – وهي فرضية أثبتت المعطيات الأخيرة فشلها، بل وساهمت في تأجيج الصراع.
وتشير الدراسة إلى أن هناك طريقين لا ثالث لهما في المرحلة المقبلة: إما دبلوماسية خلاقة تنقذ ما تبقى من فرص السلام، أو استمرار لحرب مفتوحة ومتعددة الجبهات. غير أن تمسك كافة الأطراف بمواقفها القصوى يرشح السيناريو الثاني كالأقرب، ما يعني أن "الشرق الأوسط الجديد" وفق رؤية ترامب ونتنياهو قد يتحقق شكليًا عبر تطبيع اقتصادي جزئي، لكنه سيكون محفوفًا بمزيد من الحروب، الانهيارات، والتشظي السياسي.
التحالف الأمريكي-الإسرائيلي يسير نحو فرض واقع جديد بالقوة، لكن التصدعات الإقليمية، وصمود الخصوم، وغياب أي تسوية سياسية متوازنة، كلها عوامل تضعف الرؤية الترامبية-النتنياهوية لـ"شرق أوسط جديد". ما يتم رسمه حتى الآن ليس مستقبلًا مستقرًا، بل خريطة من الدمار والتوتر الدائم، تراكم الغضب أكثر من السلام، وتبني واقعًا لا يدوم.