سودانايل:
2025-10-16@19:13:10 GMT

الحرب والدعوة لبروز طريقة تفكير آخر

تاريخ النشر: 10th, November 2023 GMT

أن طريقة التفكير التي صعدت الأزمة في البلاد، و أوصلتها للحرب؛ لا يمكن أن تكون صالحة أن توقف الحرب، و تسهم في عملية بناء السودان. و لابد من وجود عقلية جديدة لها رؤى تخالف ما كان سائدا في السابق، و الفكر وحده هو الذي يقود إلي مسارات جديدة، و يخلق طريقة مغايرة للتفكير. أن طريقة التفكير السائدة لم تستطيع أن تنقل تفكير الناس لمربعات جديدة تتجاوز حدة الاستقطاب الحادثة في المجتمع.

و هناك خلافا كبيرا بين عقلية المعارضة التي تريد تعبئة من أجل هدم نظام و تبحث عن ثورة جديدة، و عقلية بناء تحتاج لتعبيئة من أجل أن يطلق الكل طاقاتهم الإبداعية لتقديم رؤى لعملية البناء قابلة للحوار و التعديل و التغييروفقا لمعطيات الواقع و الأحداث الجارية. معلوم أن صراع السلطة يعتبر صراعا دائما يعطل فاعلية العقل و يجمد الأفكار، لأنه صراع رغائبي تحكمه المصالح الضيقة، لذلك تكون فاعلية العقل في إنتاج الأفكار ضعيفة، و التفكير في عملية البناء و التحول الديمقراطية تتسع فيها فاعلية العقل؛ و يصبح المفكرون و المبدعون لهم الفاعلية في تقديم الأفكار و المبادرات و التصورات الإبداعية المفتوحة للكل و الحوار مع الجميع. أن دعاة الديمقراطية يعرفون تماما أن الديمقراطية تؤسس على القيم الفاضلة و حوار الأفكار، و التي تقنع الكل أن يشاركوا في بناء بلدهم، و يريدون إصلاح للكل حتى تتوافق أفكارهم و قناعاتهم مع عملية التحول الديمقراطي و ليس دفعهم لكي يكونوا عائقا لها.
بدأت بعض النخب السودانية أن تقدم أراء جديدة و جدير أن يقف المرء عندها. يقول الدكتور الواثق كمير في حديث مسجل له، (أن النخب السياسية إذا ظلت تقف عند استلام السلطة فقط من العسكر و غيرهم، لن تساعد في حل المشكل بل تعمق الأزمة أكثر، و كان عليها أن تكون في مقدمة أجندتها قضية إعادة بناء الدولة " أن البلاد في حاجة إلي إعادة النظر في هيكلية الدولة، و مخاطبة جذور المشكلة التي قادت للحروب و النزاعات التي حدثت في البلاد، و أدت إلي عدم الاستقرار السياسي و الاجتماعي في البلاد) أن إعادة بناء الدولة على أسس جديدة تحتاج لطريقة جديدة في التفكير، و في نفس الوقت تتجاوز كل شعارات الإقصاء و العزل... و في مقابلة تلفزيونية مع الدكتور خالد التجاني (يذكر القوى السياسية أنها تحصر خطابها السياسي فقط في قضية السلطة و إصلاح المؤسسة العسكرية، و في ذات الوقت تغض الطرف عن إصلاح المؤسسات السياسية التي لا تواكب شعار التحول الديمقراطي الذي ترفعه، لا يمكن أحزاب تغيب فيها الممارسة الديمقراطية قادرة أن تقود البلاد إلي الديمقراطية) أن طرح الأفكار الجديدة، و تقديم تصورات تخرج النخب من إعادة إنتاج عوامل تتسبب في إعادة الأزمة تستهلك طاقات الناس و إمكانيات البلاد في تجارب خاسرة. البلاد في حاجة لطرح أفكار جديدة تغير طريقة التفكير التي تسببت في الأزمة و قادت للحرب.
في ذات الموضوع نشرت جريدة الراكوبة يوم 7 نوفمبر 2023م خبرا سمته تصريحات جديدة للحزب الشيوعي جاء فيه (اكد الحزب الشيوعي السوداني، موقفه الرافض لإعادة إنتاج الأزمة وإدارة عقارب الساعة للوراء والنكوص عن مواقف الشعب التى تربط وقف الحرب باسترداد الثورة وتحقيق اهدافها( الأزمة هي قائمة و أدت للحرب، يصبح السؤال كيف الخروج من الحرب و ما هي الرؤية لمستقبل العمل السياسي؟ كان من المفترض أن تكون محور تفكير الزملاء، طبعا الزملاء لا يستطيعون أن يتخلوا عن عادتهم في استلاف لسان الشعب و الحديث بأسمه.. بالقول النكوص عن مواقف الشعب التي تربط وقف الحرب باسترداد الثورة و تحقيق أهدافها.. و أيضا السؤال كيف؟ ينتقل الخبر إلي نقطة أخرى يقول فيها (ليس فقط استعادة مسار الانتقال الديمقراطى الذى لازمته اخطأ جسيمة بدأت بالتوقيع على الوثيقة الدستورية المعيبة التى شرّعت شراكة العسكر واللجنة الأمنية فى السلطة وأبقت على المليشيات ووقعت اتفاق جوبا الذي عصف بالسلام وتفشت بسببه النزاعات وانتهت بحرب الخامس عشر من ابريل هذا المسار سيؤدى حال استعادته من قبل ذات الأطراف يؤدى فى احسن الأحوال إلى شراكة دم جديدة) هذه نقلة تتماشى مع رؤية المقال يجب أن تكون هناك طريقة جديدة للتفكير، تتجاوز سلبيات الماضي و أن تخضع كل الأراء للحوار دون أن يكون هناك تحالفا أو حزبا يردوا فرض شروطهم على البقية، بل كل يجب أن يقدم رؤيته و تخضع كل الأراء للحوار للوصول لتوافق حول مشروع سياسي واحد فهل يستطيع الزملاء التواضع و قبول أراء الآخرين؟
قال الشيوعي تعليقا على اجتماعات الجبهة المدنية لايقاف الحرب (نحن مع مطاب شعبنا، بشعاره الواضح بأن الثورة ثورة شعب و السلطة سلطة شعب و العسكر للثكنات و الجنجويد ينحل) و يضيف قائلا ( فدون مواربة و إعادة نصوص إنشائية لابد من سلطة مدنية كاملة و محاسبة طرفي الحرب سياسيا و جنائيا) و أقول أيضا دون مواربة أن الزملاء إذا لم يغيروا طريقة تفكيرهم و النزول من برجهم العالي و يتحاوروا مع الآخرين بندية، و عجزوا أن يشكلوا موقفا إيجابيا في عملية التحول الديمقراطي. و محاولة استفزاز الآخرين بالقول إعادة نصوص إنشائية رغم أن تصريحهم إنشائي و لا يحمل أي جديد غير نقد غير مؤسس للآخرين. إذا نظرنا بتواضع نجد أن الكل موافق على عملية التحول الديمقراطي، و بناء جيش واحد مهني ،و لا وجود لأي مليشيات مستقبلا، هذه الأفكار رغم الاتفاق عليها من قبل الكل إلا أن البعض يحاول أن يستخدمها أداة فرقة و تباعد. ولا اعتقد أن الحزب الشيوعي أفضل من القوى السياسية الأخرى لكي يملي شروطه عليهم، و يريدها فقط أن تتبني رؤيته. هذا يعيق عملية الحوار. و يقول الزملاء في تصريحهم ( نوه الشيوعي إلي أنه يسعى بكل إيمان عميق مع الجماهير إلي البدايات الصحيحة و الناجحة لبناء أوسع جبهة جماهيرية لوقف الحرب و استرداد الثورة و تحقيق أهدافها) أيضا قوى الحرية و التغيير قد بدأت في تشكيل جبهة مدنية لماذا لا يتم التحاور معها في المخرجات و الاتفاق على مشروع واحد. قبل الحرب أصر الزملاء على تكوين تحالف "الجذرية" و لم يجدوا أي قوى تتحالف معهم غير واجهاته التي درج على استخدامها في مناوراته مع القوى السياسية الأخرى، كان عليه أن يتعظ من التجربة. الحزب الشيوعي الآن يمر باكبر أزمة في تاريخه لذلك لا يستطيع قيادة أي تحالف لعملية التحول الديمقراطي.
أن إجاد طريقة للتفكير تتجاوز الطريقة ألتي أدت للحرب و عمقة الأزمة مسألة في غاية الأهمية، و إذا ظلت العقليات التي صنعت الأزمة وحدها تحتكر التفكير، و تعتقد وحدها هي القادرة على إيجاد الحلول تصبح هي نفسها الأزمة التي يجب العمل من أجل تجاوزها. و نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com
////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: أن تکون

إقرأ أيضاً:

التعلُّم من الدول والقيّادات التي تُغلب مصالِح شعوبها

التعلُّم من الدول والقيّادات التي تُغلب مصالِح شعوبها

نضال عبد الوهاب

في العالم من حولنا هنالك حالياً نماذج لدول وقيّادات تختلف أو تتفق معها ولكنها تعاملت مع أزماتها ومواجهة طريق الحروب والدمار لشعبها ولبلادها بمسؤولية وتغليب لمصالح تلك الدول والشعوب، فعلى سبيل المثال عندما اندلعت حرب الأربعة أيام ما بين الهند وباكستان من مدة قصيرة وهما الدولتان النوويتان ومع أول تدخل عالمي ونداءات لوقف النزاع المُسلح والتوسط لإيقافها سواء من أمريكا أو بقية دول العالم استجابت الدولتان وقيادتهما لتلك الوساطة وتم إيقاف الحرب التي جنبت بلديهما وشعبهما الإبادة والدمار الشامل بل وكل العالم والدول الأخرى من حولهما، وكذلك حدث هذا حتى ما بين الأضدّاد إيران وإسرائيل والمُشاركة الأمريكية فيها وبعد اثني عشر يوماً توقفت الحرب بينهما تماماً رغم توفر أسباب استمرارها، ولكن كذلك لوعي قيادة البلدان الثلاثة وخاصة في إيران التي امتصت صدمة الاعتداء الإسرائيلي عليها ولم تتوقف عند (من بدأ الحرب) وتجاوزت ذلك لأجل مصالح أكبر لبلدها وشعبها وبعقلانية كبيرة استجابت مع بقية الأطراف للوساطة الدولية والتفاوض بينهم لوقف الحرب وآلة الدمار والقتل والتخريب، وكان بالإمكان تحولها لحرب عالمية ثالثة في المنطقة، نفس الأمر يحدث الآن ما بين حماس من فلسطين وإسرائيل في محاولات وقف الحرب والإبادة في غزة والتعامل الإيجابي مع البنود المُقدمة من الرئيس ترامب والإدارة الأمريكية الحالية وهي الحليف الإستراتيجي لإسرائيل نفسها، مع بقية الوسطاء، ولكن لتغليب مصلحة العالم والمنطقة وكذلك مصلحة الشعبين سواء الفلسطيني أو الإسرائيلي خاصة في ظل المقاومة الأسطورية لأهل غزة والشعب الفلسطيني وتمسكهم بالأرض تم التوصل لهذا الاتفاق برُغم عدم توازن القوى العسكرية علي الأرض والتي دون شك هي في صالح إسرائيل حالياً المدعومة كذلك من أمريكا القوى العظمى الأولى في العالم.

كُل تلك النماذج لحروب وصرّاعات وفي ذات التوقيت الذي تدمر فيه الحرب والصراعات المُسلحة بلادنا وبصورة قد تعد أكبر بكثير من ما يجري حتى في غزة وفلسطين، خاصة في جانب مأساتها الإنسانية وعدد أحجام المُتضررين منها، وعلى الرُّغم من أن الحرب ما بين إسرائيل وحماس قد بدأت بعد الحرب الحالية في السُودان بقرابة الست أشهر، إلا أن التوصل لاتفاق لإنهائها سبق التوصل لذات الأمر بالنسبة لنا في السُودان، برغم وجود ذات الوسطاء الخارجيين والنداءات الداخلية والأممية لضرورة وقفها.

هُنا يكمُن الفارق للأسف ما بين العقليّات والقيّادات والأطراف العسكرية والمدنية والسياسِية السُودانيّة وما بين تلك الدول وقيّاداتها في التعامل مع هذه الأزمة والصراع الدموي والحرب، والغياب التام لتغليب مصلحة السُودان وشعبه  في ظل ما يجري من إبادة وخراب ودمار وتشرّيد ومُعاناة ومأساة إنسانية غير مسبوقة، وفي ظل خطر دائم يُهدد وجود الدولة نفسها وقتامة لمُستقبلها والأجيال القادمة فيها.

لا نزال للأسف نتعامل بعقليّة بعيّدة كُل البُعد عن حجم الأزمة والكارثة المُحيطة بنا والعمل الجاد المُخلص لوقفها وتداركها، لا تزال هنالك عقليّات وأدمغة لا ترى إلا كراسي السُلطة والمال والنفوذ حتى في ظل كُل هذا الموت والدمار والخراب، ولا تأبه بكُل هذا، لا تزال قوى وقيّادات سياسية تنظر تحت رجليها وبضيّق أفق “غريب” للتعامل مع الواقع الحالي وترفض أي محاولة لتقديم أدنى تنازلات لأجل تغيير هذا الواقع وتغليب مصلحة الشعب في وقف الحرب بأي ثمن طالما سيضمن وقف الموت والإبادة للشعب ويوقف التشريّد والجوع والمرض الذي يفتك بالسُودانيين، لا يزال البعض يغلق عقله كأننا في 1989 والتسعينات من القرن الماضي أو في 2019؟؟؟ مُتناسيّن التحولات في ذات الواقع والتغيير الكبير على الأرض وحجم الضرر الحادث الآن ونحن في نهايات 2025؟؟؟، لا يزال الكثيرين للأسف لم يتعلموا من كُل هذا الدرس القاسِي للحرب في الإصرار على التوقف عند مواقف سياسية وطريقة حلول ومسارات لن توصل شعبنا لبر الآمان ولن توقف موته وإبادته وتشرده ومُعاناته، لا يزال هنالك من القيّادات أو المُسماة قيادات سياسِية مجازاً من يرفض حتى فكرة الجلوس مع المُختلف معهم سياسياً أو الخصوم والأعداء في سبيل التوصل لصيغة يتم بها وقف هذا الدمار والموت وتكون لصالح الشعب بالأساس وليس لصالح كراسي السُلطة؟؟؟، يرفضون حتى وضع أجندة لحوار سلمي شامل للوصول لمُشتركات وينزع العنف والصراع الدموي المُسلح، تنظر للمُستقبل ولا تتدحرج بنا في ماضٍ لا ينتهي صرّاعه، عقليّات قمة في الأنانية والتزمُت والتطرف وضيّق الأفق، ولكنها مع هذا للأسف تتسيّد المشهد وتفرض تحجُرها هذا على كُل السُودانيين من الذين ليس لهم حيلة من البسطاء ومن يحاصرهم الموت والجوع والمرض في كل لحظة تمر ومُغلقة أمامهم كُل الأبواب؟؟؟.

نحتاج للتعلُّم من تجارب الآخرين في العالم دول وقيّادات في تغليّب مصالح شعوبهم ودولهم، نحتاج للتخلي عن الأنانية والتزمت وضيّق الأفق، نحتاج لقيّادة واعية ووطنية وشُجاعة تعمل لوقف هذا الجنون والموت وآلته، عسكريين ومدنيين وقوى سياسِية وكل فاعِل سياسِي مُهتم، لا نحتاج لضيّقي الأفق ولا الذين تجاوزهم الواقع والتجربة وفشلوا فشلاً لا حدود له في نقل البلد والشعب لوضع آمن ومُستقر وأفضل في كُل شئ؟؟؟

أخيراً نحتاج إلى من لا ينظر إلا لمصلحة هذا الوطن والشعب ويجعلها هي الأولى والمُقدمة وينسى حظوظ النفس وصرّاع كراسِي السُلطة الذي لم يوردنا إلا لهذا المصيّر الحالي!

الوسومأمريكا إسرائيل إيران الحرب السلام السودان القوى السياسية الهند باكستان حماس صراع السلطة غزة فلسطين نضال عبد الوهاب

مقالات مشابهة

  • حسام زكي: الخطة المصرية لإعمار غزة هي الوحيدة التي قدمت أفكارا عملية
  • «تحالف صمود» يطرح رؤيته للوساطة الرباعية لإنهاء الحرب في السودان
  • وزارة الطاقة الأوكرانية: انقطاع الكهرباء في معظم أنحاء البلاد بعد ضربات روسية جديدة
  • التعلُّم من الدول والقيّادات التي تُغلب مصالِح شعوبها
  • الرئيس المصري ورئيس مجلس السيادة السوداني يبحثان جهود وقف الحرب بالسودان
  • أصول الدين والدعوة بطنطا تحتفي يانتصارات أكتوبر المجيدة
  • فليك يغير قواعد اللعب: طريقة جديدة لدمج نجوم لاماسيا في برشلونة
  • محمد رمضان بين الجدل والفن .. أغنية جديدة تُشعل الأزمة مرة أخرى
  • القدس.. الحرب التي لا تنتهي!
  • محلل سياسي: التمسك بالورقة المصرية المخرج من الأزمة الفلسطينية المقبلة