التزام شخصي للغاية.. لماذا تدعم إدارة بايدن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الفلسطينيين؟
تاريخ النشر: 6th, July 2023 GMT
واشنطن- لم يختلف موقف إدارة الرئيس جو بايدن المؤيّد للعدوان الإسرائيلي على مخيم جنين عما سبقه من دعمها السابق للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في مايو/أيار 2021، أو الاعتداءات المتكررة على مدن الضفة الغربية.
ويقول محللون أميركيون إن دعم بلادهم الثابت لإسرائيل مكّن وشجع العنف المتصاعد للحكومة الإسرائيلية اليمينية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، والتي كان مخيم جنين أحدث فصولها.
ومنذ تشكيل حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة في أواخر عام 2022، تشنّ إسرائيل غارات عسكرية شبه يومية داخل مدن ومخيمات الضفة الغربية ويسقط فيها ضحايا مدنيون فلسطينيون بينهم أطفال.
ومن جهة أخرى، سعت إسرائيل إلى توسيع المستوطنات غير القانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بزيادة أعداد المستوطنين الذين يحميهم الجيش الإسرائيلي، والموافقة على بناء مستوطنات جديدة.
وفي الوقت الذي تندد فيه إدارة جو بايدن بعنف المستوطنين وتعرب عن معارضتها لسياسات نتنياهو الاستيطانية، أعادت تأكيد دعمها لإسرائيل مرارا وتكرارا في كل مناسبة ممكنة.
ومع استهداف القوات الإسرائيلية مخيم جنين للاجئين المكتظ بالسكان بهجمات جوية وغارات برية شارك فيها مئات الجنود يومي الاثنين والثلاثاء، أكد البيت الأبيض مرة أخرى ما وصفه "بحق إسرائيل في الدفاع" عن نفسها.
وجاء في بيان البيت الأبيض "نحن ندعم أمن إسرائيل وحقها في الدفاع عن شعبها ضد حركة حماس، وحركة الجهاد الإسلامي، وجماعات إرهابية أخرى"، وتجاهل بيان البيت الأبيض المدنيين الفلسطينيين، ولم يدعُ إلى وقف التصعيد.
وغرّد مدير برنامج فلسطين بمعهد الشرق الأوسط في واشنطن خالد الجندي، قائلا "لا يتطلب الأمر عبقريا لفهم أن هجوم إسرائيل المميت والضخم على نطاق واسع على جنين لن يؤدي إلا إلى تأجيج مزيد من العنف والتطرف. بالنسبة لإدارة بايدن، فإن منحها دعما غير محدود وغير نقدي هو في أحسن الأحوال موقف غير مسؤول، وفي أسوأ الأحوال تواطؤ في جرائم الحرب".
أكذوبة "دفاع إسرائيل عن نفسها"
تروّج منظمة "آيباك"، أكبر جماعات الضغط الإسرائيلية في الولايات المتحدة، لسردية مفادها "أن السلطة الفلسطينية فقدت السيطرة الأمنية على جنين، مما سمح لها بأن تصبح مرتعا للإرهاب المدعوم من إيران، وأجبر ذلك الجيش الإسرائيلي على تكثيف جهود مكافحة الإرهاب لردع الهجمات وحماية المدنيين الإسرائيليين. ويجب على أميركا أن تستمر في الوقوف إلى جانب حليفتها إسرائيل".
وتنطلق جهود "اللوبي" الإسرائيلي من نقطة "دفاع إسرائيل عن نفسها"، وهو ما سهّل للبيت الأبيض ووزارة الخارجية إعادة تكرار هذه العبارة عقب وقوع أي حادث أو اعتداء تقوم به إسرائيل بدلا من إلقاء المسؤولية عليها.
ولا يقتصر الترويج للموقف الإسرائيلي على منظمات اللوبي هذه، بل يدعم الكثير من أعضاء الكونغرس، ومن كلا المجلسين، النواب والشيوخ، بشكل مطلق إسرائيل في عدوانها، ويكررون عبارة "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس".
ويتطابق ذلك مع مواقف كثير من المسؤولين الأميركيين ومبعوثين سابقين لعملية السلام، مثل دنيس روس مفاوض عملية السلام في عهد باراك أوباما.
وغرّد روس قائلا "حتى في الوقت الذي يحمي فيه الإسرائيليون ديمقراطيتهم بالمظاهرات، فإن القوات الإسرائيلية تلاحق البنية التحتية الإرهابية التي بُنيت في جنين، وقد عثر على أسلحة ومتفجرات ومختبرات لصنع القنابل. في إسرائيل، الاحتجاجات ليست علامة على الضعف الإسرائيلي، بل هي قوة".
شكّل انخراط بايدن على مدى أكثر من نصف قرن في العمل السياسي سجلا طويلا من التزامه القوي بحماية أمن إسرائيل وتعزيز الشراكة الأميركية الإسرائيلية، فقد اعتبر خلال حملته الانتخابية عام 2020 أن دعمه لإسرائيل "شخصي للغاية ويمتد طوال حياته المهنية".
وعلى الرغم من تعهد بايدن بإعادة المبادئ الحاكمة التي وجّهت الدبلوماسية الأميركية نحو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويشمل ذلك دعم حل الدولتين، ومعارضة ضم إسرائيل الأراضي وبناء المستوطنات فإنه لم يتراجع عن قرار ترامب بنقل سفارة واشنطن إلى القدس أو الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، ولم يُعد افتتاح قنصلية بلاده بشرقي القدس.
وتؤكد إدارة بايدن أنها لا تزال تهدف إلى إعادة فتح قنصليتها في القدس، التي أغلقها الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2019، إلا أنها لا تقدم جدولا زمنيا ولم تبدأ أي إجراءات عملية في هذا الاتجاه على الرغم من مرور أكثر من عامين ونصف على بدء حكم بايدن، وذلك خشية إغضاب إسرائيل.
حرب استنزاف لا نهاية لهايقول آرون ديفيد ميلر، الخبير بمؤسسة "كارنيغي للسلام الدولي" والمفاوض الأميركي السابق في مفاوضات سلام الشرق الأوسط، إنه مع "عدم وجود إستراتيجية سياسية لعمليات مكافحة الإرهاب في الضفة الغربية، ستحاصر حماس والجهاد إسرائيل في حرب استنزاف على جبهات متعددة بما يُضعف السلطة الفلسطينية ويجعل إسرائيل مسؤولة عن الضفة الغربية، وهو ما سيسعد المتطرفين الإسرائيليين سموتريتش وبن غفير".
ولا تريد إدارة بايدن أن ينفجر الوضع في الضفة الغربية ويخرج عن السيطرة، لكنها لا تخاطر بعلاقتها مع إسرائيل في وقت تعطي فيه الأولوية لإقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين إسرائيل والدول العربية، خاصة المملكة العربية السعودية، أولوية خاصة، وتضعها على قمة أهدافها في الشرق الأوسط.
وفي هذا السياق، امتدح بريان كاتوليس، المسؤول السابق ونائب رئيس معهد الشرق الأوسط، تعيين بايدن للسفير السابق لدى إسرائيل دانيال شابير مسؤولا عن التكامل الإقليمي، واعتبر ذلك فرصة لتعزيز الاستقرار والازدهار في جميع أنحاء المنطقة.
وأشار كاتوليس إلى أن واشنطن اتخذت هذا العام بعض الخطوات الدبلوماسية الرئيسية لتعزيز خفض التصعيد في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الإسرائیلی على الضفة الغربیة إسرائیل فی
إقرأ أيضاً:
لوموند: إسرائيل تفرض نظاما غير مسبوق من الإرهاب في الضفة الغربية
مستوى العنف الممارس على الفلسطينيين في الضفة الغربية لم يسبق له مثيل، إطلاق نار قاتل من قبل الجيش، وضرب مبرح على يد المستوطنين، ومداهمات واعتقالات تعسفية، وتعذيب داخل السجون، إنه وضع من الإرهاب.
بهذه المقدمة افتتحت صحيفة لوموند تحليلا بقلم مراسلها في القدس لوك برونير يقدم فيه صورة شاملة عن التحول العميق الذي شهدته الضفة الغربية خلال العامين الأخيرين، حيث تفرض إسرائيل عبر الجيش والمستوطنين والأجهزة الأمنية نمطا جديدا من السيطرة يقوم على العنف الممنهج، والردع بالترهيب، والعقاب الجماعي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيويورك تايمز: مخيمات تنظيم الدولة في صحراء سوريا قنابل موقوتةlist 2 of 2موقع إيطالي: هل تنافس غواصة "ميلدن" التركية نظيراتها الأوروبية؟end of listبدأ المراسل مقاله بمشهد من كفر عقب، وهو حي يقع بين القدس ورام الله قتل فيه جنود حرس الحدود شابين فلسطينيين بدم بارد، وزعموا أنهم واجهوا أعمال شغب، ورشقا بالحجارة وإطلاق ألعاب نارية.
ويعرض المقال عبر شهادات السكان حالة الرعب التي يعيشونها يوميا، حيث الخوف من الجيش والشرطة وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) صار جزءا من الحياة اليومية، وكذلك الخوف من السفر بين المدن، ومن المداهمات الليلية، ومن الاعتقال دون تهمة.
يقول موظف في أحد المطاعم -طالبا عدم ذكر هويته- إن "الجنود يأتون ويغلقون الطريق ثم يطلقون الغاز، وأحيانا الرصاص دون سبب، إنهم يرهبوننا".
ويضيف آخر أنه يحلم باللجوء إلى إسبانيا، ويقول ثالث "يريدوننا أن نرحل"، ويقول رابع "الدم الفلسطيني يسيل ولكنه لا يساوي شيئا، لا أحد يوقفهم".
وتتردد هذه الأقوال -حسب المراسل- في رام الله وبيت لحم ونابلس وطوباس وفي كل الضفة تقريبا، حيث غيّر الاحتلال العسكري طبيعته جذريا منذ وصول حكومة اليمين واليمين المتطرف بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نهاية 2022 حسب مصادر فلسطينية وإسرائيلية عديدة، وتضاعف ذلك بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
إعلانويؤكد الكاتب أن مستوى القمع لم يبلغ هذا الحد منذ بدء الاحتلال عام 1967، إذ تشير الأرقام إلى مقتل 1043 فلسطينيا خلال عامين وإصابة أكثر من 10 آلاف، في حين تُظهر إحصاءات الأمم المتحدة ارتفاعا حادا في عدد الضحايا المدنيين، بمن فيهم النساء والقاصرون وذوو الإعاقة، كما تقول الصحيفة.
وتقدر 12 منظمة حقوقية إسرائيلية أن السبب الرئيسي لتصاعد العنف العسكري غير المسبوق هو تخفيف قواعد إطلاق النار واعتماد تكتيكات قتالية مأخوذة من الحرب في غزة، مما يعني إطلاق النار بكثافة أكبر وفي ظروف أقل وضوحا.
وأشار المراسل إلى استخدام المروحيات الهجومية، وتدمير مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم بشكل شبه كامل، إضافة إلى تدريبات عسكرية تستند إلى سيناريوهات ضربات جوية داخل الضفة، في خطوة غير مسبوقة تكشف أن القيادة العسكرية باتت تتعامل مع الضفة كمنطقة قتال مفتوحة.
وتُظهر المعطيات أن التحقيقات في عمليات القتل نادرة والأحكام شبه معدومة، إذ لم تصدر سوى عقوبة رمزية خلال أ4 سنوات، في حين أن الأغلبية العظمى من الشكاوى لا تصل إلى المحاكم، مما يجعل الجنود يعملون دون خشية من المحاسبة.
وحتى عندما توثق الكاميرا عمليات إعدام لمدنيين بوضوح كما حدث في جنين -كما يقول المراسل- يخرج وزراء مثل وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير للدفاع العلني عن الجنود.
وخلال عامين -كما تقول منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان- استشهد نحو 100 معتقل فلسطين في السجون الإسرائيلية، بينهم 26 من الضفة الغربية.
ويتحدث المقال عن شهادات متكررة بشأن تعذيب جسدي وجنسي وإهمال طبي متعمد تدعمها تصريحات بن غفير نفسه الذي تحدّث صراحة عن ضرورة تجويع الأسرى، مما يعكس سياسة ممنهجة لإسقاط الأسير نفسيا وجسديا.
وكذلك، اعتُقل في العامين الأخيرين أكثر من 21 ألف فلسطيني في الضفة -أغلبهم دون تهمة- ضمن نظام "الاعتقال الإداري"، كما نفذ الجيش عمليات تمشيط واسعة شملت مئات المنازل يرافقها الضرب غالبا والإهانات والقيود، إضافة إلى احتجاز جماعي طويل في العراء أو الملاعب، كما يقول المراسل.
وإلى جانب ذلك توسعت سياسة العقاب الجماعي، من إغلاق للطرق والمدن بشكل كامل، وتدمير البنى التحتية الأساسية، واحتجاز جثث الشهداء لأشهر، واستخدام الحواجز بشكل يخنق الحياة اليومية، وهو ما يصفه أحد رؤساء البلديات قائلا "نعيش في سجن كبير"، حسب ما أورد المراسل.
وكشفت منظمات إسرائيلية عن ظاهرة "منهجية" من نهب الأموال والذهب والممتلكات خلال المداهمات، وهي ممارسات موجودة منذ عقود لكنها ازدادت وتحولت إلى أمر اعتيادي دون محاسبة، حسب المراسل.
ويلعب المستوطنون دورا محوريا في منظومة القمع هذه، وقد ارتفعت الاعتداءات على الفلسطينيين، بما فيها أكثر من ألف إصابة مع توسع عمليات الاستيلاء على الأراضي حتى بلغت 1600 اعتداء منذ بداية العام، وهو أعلى رقم على الإطلاق، حسب المقال.
وذكر المراسل أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وزعت السلطات الإسرائيلية 220 ألف رخصة سلاح جديدة، ذهب عدد كبير منها للمستوطنين الذين أصبحوا أشبه بمليشيات خاصة، وقد قفز عدد البؤر الاستيطانية غير القانونية إلى مستويات قياسية بلغ 32 بؤرة عام 2023، وفي عام 2024 بلغ 61 بؤرة، و68 خلال أشهر قليلة في عام 2025.
منظمات إسرائيلية كشفت عن ظاهرة "منهجية" من نهب الأموال والذهب والممتلكات خلال المداهمات، وهي ممارسات موجودة منذ عقود لكنها ازدادت وتحولت إلى أمر اعتيادي دون محاسبة
وفي هذا السياق، تبدو الضفة الغربية -حسب المقال- منطقة مخنوقة اقتصاديا ومجتزأة جغرافيا ومهددة في هويتها الوطنية.
إعلانويرى ناشطون فلسطينيون أن إسرائيل لم تعد تسعى فقط إلى "قمع المقاومة"، بل إلى إلغاء الوجود الوطني الفلسطيني نفسه في الضفة الغربية.
ومع ارتفاع عدد القتلى والمعتقلين والجرحى بشكل هائل ومع يأس الناس من أي حماية يسود شعور بالخوف والغضب، ويتوقع كثيرون انفجارا مقبلا، خاصة أن السلطة الفلسطينية تفقد ما تبقى من شرعيتها، وينظر إليها على أنها شريك في إبقاء الوضع القائم عبر التنسيق الأمني مع إسرائيل، ويقول أحد تجار كفر عقب "نعيش تحت احتلالين، إسرائيل والسلطة الفلسطينية"، حسب تعبيره.