مباشر – إيمان غالي: أعادت القمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية التي عُقدت في الرياض إلى الأذهان مُقترح شبكة الأمان المالي العربي لدعم دولة فلسطين، بعد نحو 11 عاماً من تقديمه عربياً.

وحسب النص الختامي للقمة المنعقدة أمس السبت، تم تفعيل شبكة الأمان المالية الإسلامية وفقاً لقرار الدورة الرابعة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي؛ بسبب استمرار حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة التي نشبت منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول السابق.

وجاء تفعيل المقترح لتوفير المساهمات المالية والدعم المالي والاقتصادي والإنساني لحكومة فلسطين ووكالة الأونروا، والتأكيد على ضرورة حشد الشركاء الدوليين لإعادة إعمار غزة والتخفيف من آثار الدمار الشامل للعدوان الإسرائيلي فور وقفه.

كما تضمنت بنود النص الختامي تكليف الأمين العام للجامعة الدول العربية والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي بمتابعة تنفيذ القرار وعرض تقرير بشأنه على الدورة القادمة لمجلسيهما.

تاريخ المقترح ومحاولات التفعيل

يعود المقترح إلى أكثر من 11 عاماً، إذ أصدر مجلس جامعة الدول العربية المنعقد على مستوى القمة في بغداد القرار رقم 551 بتاريخ 29 مارس/آذار 2012، والخاص بالتأكيد على توفير شبكة أمان مالية بأسرع وقت ممكن بمبلغ 100 مليون دولار أمريكي شهرياً للسلطة الفلسطينية.

وتستهدف تلك الشبكة دعم السلطة الفلسطينية في ضوء ما تتعرض له من ضغوطات مالية، تمثل في استمرار الاحتلال الإسرائيلي في ممارساته بعدم تحويل الأموال المستحقة للسلطة الوطنية.

ووجهت القمة الشكر إلى المملكة العربية السعودية لسدادها مبلغ 20 مليون دولار أمريكي، ودولة قطر التي سددت مبلغ 9 ملايين دولار في شبكة الأمان المالية لفلسطين، مع دعوة باقي الدول إلى الإيفاء بالتزاماتها.

وطوال تلك السنوات وعلى مدار القمم المنعقدة دعا الرئيس الفلسطيني إلى تفعيل قرارات القمم العربية السابقة بشأن الدعم المالي لموازنة دولة فلسطين، وتفعيل شبكة الأمان العربية التي أقرت سابقاً، خاصة أن إسرائيل تحتجز الأموال الفلسطينية.

ورغم ذلك فقد اقتصر الالتزام بتنفيذ القرار على بعض الدول التي حاولت تقديم الدعم المالي بشكل فردي سواء متواصل أو متقطع إلى السلطة الفلسطينية.

لماذا عاد المقترح إلى الواجهة؟

دعمت الدول العربية والإسلامية تفعيل المُقترح، مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية والإنسانية في قطاع غزة، ووجود توقف بالعملية الإنتاجية، وشح بالموارد المالية.

وازداد الوضع سوءً؛ لتعنت سلطة الاحتلال الإسرائيلي في إرسال أموال المقاصة، وهي أموال الضرائب التي تجمعها تل أبيب نيابة عن السلطة الفلسطينية وتقوم بتحويلها شهرياً، وتقدر بنحو 190 مليون دولار.

ففي نهاية الشهر الماضي، وجه وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، بتجميد تحويل أموال المقاصة، وعارض ذلك وزير الأمن، يوآف جالانت، لتجنب احتمالات التصعيد في الضفة، مع مقترح بتحويلها دون حصة قطاع غزة، وهو ما رفضته السلطة الفلسطينية.

خسائر أولية للحرب

ومع عدم توقف الحرب وصعوبة إجراء مسح كلي للخسائر، إلا أن البيانات الأولية للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بينت ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية في قطاع غزة خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي 12% شهرياً، بضغط العدوان الإسرائيلي على القطاع الذي نشب في السابع من الشهر الماضي.

وكان لفرض الحصار الكامل وإغلاق المعابر، وقطع إمدادات المياه، والوقود والغاز، الأثر الأكبر على ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية وخاصة الغذائية منها، مع ارتفاع أسعار الوقود بسبب شح الكميات وعدم السماح بدخوله، وارتفاع أجور النقل من شمال غزة إلى الوسطى والجنوب في ظل النزوح المستمر للأسر في القطاع.

وأظهرت البيانات تراجع القوة الشرائية للأسر الفلسطينية في قطاع غزة بنسبة 11% خلال العدوان الاسرائيلي على القطاع؛ لنفاذها، مع معاناة القطاع نتيجة لضرب العدوان البنى التحتية وتدميره للآلاف الوحدات السكانية بشمال القطاع.

يُذكر أن القطاع يضم 2.2 مليون نسمة في مساحة لا تتجاوز 365 كيلو متر مربع، تعتبر الكثافة السكانية في قطاع غزه البالغة 6102 فرد لكل كيلو متر مربع من المناطق الاعلى كثافة سكانية في العالم، فضلاً عن معدلات البطالة التي تجاوزت 45% بالنصف الأول من العام، وتفاقم معدلات الفقر وسوء التغذية لتتجاوز 80%.

تراجع الناتج المحلي بـ500 مليون دولار

وتوقع "الإحصاء" أن يكون لاستمرار الحرب الإسرائيلية على القطاع أثراً بتراجع في الناتج المحلي الإجمالي لفلسطين في عام 2023 بقيمة تقدر بـ500 مليون دولار، أي بنسبة 3% سنوياً، نتيجة توقف عجلة الإنتاج اليومية في القطاع.

ورجح تسجيل 16 مليون دولار كفاقد يومي من الإنتاج نتيجة التعطل الكامل لكافة الأنشطة الاقتصادية في القطاع غزه عدا الخسائر في الممتلكات والأصول الثابتة، فضلاً عن تعطل تعافي الاقتصاد بسبب عدة عوامل أهمها التراجع الحاد للدعم الخارجي، واستمرار الاحتلال في اقتطاع جزء من العائدات الضريبية (المقاصة) على مدار العام.

وخلال العام 2023 فمن المتوقع تراجع نصيب الفرد من الدخل بنسبة 5% يرافقه انخفاض مستوى الاستهلاك في فلسطين بنحو 1.2% نتيجة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزه، وتداعياتها على فلسطين وبالتالي ما يرفع مستويات الفقر في فلسطين.

35 مليار دولار خسائر حصار 17 عاماً

قال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إن خسائر فلسطين من الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة الممتد لـ17 عاماً تجاوزت 35 مليار دولار أمريكي من الناتج المحلي الإجمالي بالحد الأدنى، وبشكل تراكمي، بما يعادل 10 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للقطاع.

وتشير مؤشرات الاقتصاد الكلي إلى أن مساهمة قطاع غزة من الناتج المحلي الإجمالي لفلسطين قبل عام 2006 كانت تمثل 36%، لتبدأ بالتراجع التدريجي نتيجة ما فرض على من حصار خانق على كافة عوامل الإنتاج، لتصبح مساهمة هذا القطاع لا تتجاوز 17% في السنوات الأخيرة نتيجة تآكل القاعدة الإنتاجية.

ووفق البيانات فقد سجل الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين خلال عام 2022 نحو 19 مليار دولار، مقابل 23 مليار دولار كناتج محلي إجمالي بالحد الأدنى يمكن تحقيقه في ظل فك الحصار القائم.

وعلى المستوى القطاعي بلغت الخسائر التراكمية منذ عام 2006 لنشاط التجارة الداخلية نحو 9.4 مليار دولار، كما خسر نشاط الصناعة 5.5 مليار دولار، تلاه نشاط الخدمات بـ4.9 مليار دولار، ثم الإنشاءات بواقع 2.1 مليار دولار، كما حُرم الاقتصاد الفلسطيني من 7 مليار دولار كإيرادات ضريبية كان من المفترض أن تضخ به.

للتداول والاستثمار في البورصات الخليجية اضغط هنا

المصدر: معلومات مباشر

كلمات دلالية: الناتج المحلی الإجمالی السلطة الفلسطینیة ملیون دولار ملیار دولار قطاع غزة فی قطاع

إقرأ أيضاً:

الاحتلال الإسرائيلي يواصل تنفيذ خطة "عربات جدعون" لتهجير الفلسطينيين.. السيطرة على 75% من الأراضي

يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ مخططاته لتهجير الفلسطينيين قسرًا من قطاع غزة ضمن ما يُعرف بعملية "عربات جدعون"، التي تستهدف التهجير الكامل لسكان القطاع من مناطق القتال واحتلالها بشكل منهجي. 

جاء ذلك وفقًا لتقرير بثته قناة "القاهرة الإخبارية" صباح اليوم الأحد، والذي استعرض تفاصيل الخطة الإسرائيلية الجديدة لتقسيم القطاع وفرض السيطرة العسكرية على معظم أجزائه.

أمجد الشوا: الاحتلال يفرض نزوحًا قسريًا ويحوّل مستشفيات غزة إلى أهداف عسكرية الأونروا: حصار الاحتلال مستمر وما يدخل من مساعدات إلى غزة لا يكفي إدخال لواء المظليين إلى قطاع غزة وتوسيع العمليات العسكرية

ذكرت إذاعة جيش الاحتلال أنه تم الدفع بـ لواء المظليين إلى داخل قطاع غزة، وانضمامه إلى الفرقة 98 المتمركزة في خان يونس، مشيرة إلى أن جميع ألوية المشاة والمدرعات النظامية باتت داخل القطاع بشكل كامل.

كما أشارت التقديرات العسكرية إلى أن الاحتلال سيعمل على إخلاء عشرات الآلاف من الفلسطينيين من مناطق القتال، خاصة في شمال القطاع وخان يونس، ضمن سياسة تهجير قسري ممنهج تستهدف تقليص الوجود الفلسطيني في تلك المناطق.

خطة "عربات جدعون": تقسيم غزة والسيطرة على 75% من أراضيها

كشف الإعلام الإسرائيلي عن تفاصيل الخطة العسكرية التي ينفذها الاحتلال ضمن عملية "عربات جدعون"، مشيرًا إلى أن الجيش الإسرائيلي يستعد لبدء المرحلة الثانية والمكثفة من العملية، والتي تهدف إلى احتلال مناطق جديدة داخل القطاع والبقاء فيها بشكل دائم، بالتزامن مع إخلاء السكان الفلسطينيين نحو مناطق الجنوب.

وتشمل الخطة تقسيم قطاع غزة إلى 5 مناطق جغرافية منفصلة، يتم فرض السيطرة عليها باستخدام 5 فرق عسكرية، بينها 4 فرق هجومية وفرقة واحدة للدفاع. 

وأوضحت التقارير أن الجيش الإسرائيلي يسعى إلى فرض السيطرة على ما يتراوح بين 70 إلى 75% من مساحة القطاع خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.

تكرار نموذج رفح في كل منطقة: تدمير المنازل وإجبار السكان على النزوح

حسب الخطة المعلنة، يعمل الاحتلال على تكرار نموذج رفح الفلسطينية في كافة المناطق التي تصل إليها قواته، من خلال تدمير المنازل بشكل واسع النطاق وفرض سياسة الأمر الواقع التي تجبر السكان على النزوح القسري. 

ويهدف الاحتلال من هذه السياسة إلى إعادة رسم الخريطة السكانية لقطاع غزة، وتقويض أي وجود فلسطيني في المناطق المستهدفة.

الوضع الإنساني يتفاقم.. استشهاد الأطفال والمسنين جراء الجوع والحصار

يأتي هذا التصعيد في وقت يشهد فيه القطاع كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث توفي الأطفال والمسنون جراء الجوع وتداعيات الحصار المفروض على القطاع، كما أغلقت قوات الاحتلال المخابز الرئيسية في غزة، ما أدى إلى تفاقم أزمة الغذاء بشكل كبير. 

وتداولت وسائل الإعلام المحلية والدولية مشاهد مأساوية من داخل القطاع، تظهر حجم المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون، في ظل سياسة التجويع الممنهجة وتدمير البنية التحتية.

المقاومة الفلسطينية تواصل التصدي.. تأثر العمليات العسكرية

ورغم شراسة الهجوم الإسرائيلي، فإن المقاومة الفلسطينية لا تزال تواصل عملياتها ضد قوات الاحتلال، ما أدى إلى تعثر تنفيذ بعض مراحل العملية العسكرية الإسرائيلية.

وتؤكد المقاومة أن الشعب الفلسطيني لن يستسلم أمام سياسات التهجير والتجويع، وأنها مستمرة في الدفاع عن حقوقه وأرضه حتى آخر رمق.

مطالبات دولية بوقف التصعيد وتوفير ممرات آمنة للمدنيين

في سياق متصل، تتزايد المطالبات الدولية بوقف التصعيد العسكري الإسرائيلي فورًا، وضرورة توفير ممرات آمنة للمدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المتضررين، وسط تحذيرات من تفاقم الوضع الإنساني بشكل كارثي في قطاع غزة.

الاحتلال يواصل عدوانه.. المشهد في غزة مفتوح على كل الاحتمالات

يستمر الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ مخططاته العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، وسط صمت دولي وتواطؤ بعض الأطراف، مما يجعل المشهد في غزة مفتوحًا على كافة الاحتمالات، في ظل إصرار الاحتلال على فرض سياسة التهجير القسري وإعادة رسم الخريطة السكانية للقطاع بقوة السلاح.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال الإسرائيلي يواصل تنفيذ خطة "عربات جدعون" لتهجير الفلسطينيين.. السيطرة على 75% من الأراضي
  • الجيش الإسرائيلي ينشر كافة ألوية المشاة والمدرعات النظامية في قطاع غزة
  • الجيش الإسرائيلي يوسع عملياته في غزة بدخول لواء المظليين
  • خطة لإعادة تشغيل قطاع نفطي وتوجيهات بتزويد محطة الرئيس للكهرباء في عدن
  • تغيّر المناخ يُفقد قطاع الزراعة الأوروبي 31 مليار دولار سنويا
  • الجوف.. مليشيا الحوثي تنهب محصول القمح من مزارعين بقيمة مليون دولار وتتنصل من السداد
  • وصفها بالمفيدة.. صندوق النقد يجري محادثات اقتصادية مع سوريا
  • صندوق النقد يجري "مناقشات مفيدة" مع سوريا ويؤكد استعداده لدعم إعادة بناء اقتصادها
  • 120 شركة صينية تستكشف فرص الاستثمار بمصر: 8.3 مليار دولار بالمنطقة الاقتصادية و600 مليون بالقنطرة.. وحجم التجارة يصل إلى 17 مليار دولار في 2024
  • بنكا مصر وأبوظبى التجاري يوقعان عقد تمويل مشترك بـ 1.3 مليار جنيه