مرحلة جديدة من التطوير والتجديد في مشروعها للنشر، تمر بها الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، مما تعكس وعيًا متناميًا بأهمية التنوع الثقافي والانفتاح على قضايا العصر، مع الحفاظ في الوقت ذاته على الهوية والذاكرة الإبداعية الوطنية.

ففي سياق يزداد فيه التحدي الثقافي عالميًا، استطاعت الهيئة أن تعيد تعريف دور النشر الحكومي، ليس فقط كمنصة لإصدار الكتب، بل كأداة استراتيجية لبناء الوعي، ودعم البحث العلمي، واستعادة الرموز الكبرى من تراثنا الأدبي، والانفتاح على التجارب العالمية.

وفي هذا الإطار، جاءت الإصدارات الأخيرة للهيئة لتعكس هذا التوجه النوعي، حيث تنوعت بين دراسات علمية متخصصة، وأعمال أدبية راسخة، ومسرحيات تاريخية، وترجمات شعرية، وكتب نقدية وفكرية، مما يُشير إلى سياسة نشر واعية وشاملة، ومن بين أبرز الإصدارات التي صدرت خلال الأيام الماضية:

الثقافة تصدر "قراءات في النقد الأدبي" لـ جابر عصفور في هيئة الكتاببمناسبة إصدار هيئة الكتاب مؤلفاته.. شاكر عبد الحميد العابر إلى جماليات العقلالثقافة تطلق مشروع إصدار أعمال الدكتور شاكر عبد الحميد بهيئة الكتاب«التعريب وثقافة الهوية».. أحدث إصدارات هيئة الكتابرؤى علمية معاصرة

"علم الوثائق والأرشيف: رؤى جديدة" – د. أماني محمد عبد العزيز، يمثل هذا الكتاب إضافة نوعية في حقل مهم طالما افتقر إلى دراسات عربية حديثة، حيث يُعيد قراءة المفاهيم والتقنيات في علم الوثائق والأرشيف، ويخاطب جيلًا جديدًا من الباحثين العرب الساعين لمواكبة التحولات الرقمية في حفظ المعرفة وإدارتها.

"الذكاء الاصطناعي التوليدي.. مسيرة التطور وآفاق المستقبل" – إعداد: د. مجدي الجاكي، تقديم: د. محمد فتحي عبد الهادي، ويتزامن هذا الإصدار مع الطفرة العالمية في تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، ويأخذ القارئ في رحلة تحليلية تربط بين الماضي القريب والمستقبل القريب جدًا، مقدّمًا بلغة مبسطة رؤية علمية لموضوع معقد وحيوي.

دفاع عن اللغة والهوية

"التعريب: ثقافة وهوية" – طارق إبراهيم حسان، يضع هذا الكتاب قضية اللغة العربية في صلب النقاش الثقافي المعاصر، مدافعًا عن التعريب ليس فقط كعملية لغوية، بل كخيار حضاري يُعيد للغة العربية مكانتها في مواجهة تيارات التغريب الرقمي والتقني.

قراءات نقدية في الأدب واللغة

"قراءات في النقد الأدبي" – د. جابر عصفور، ويُعد هذا الكتاب بمثابة عودة إلى أحد أبرز العقول النقدية العربية في العقود الأخيرة، حيث يناقش عصفور العلاقة الجدلية بين الأدب والنقد، ويعيد الاعتبار للغة بوصفها أداة تشكيل وإنتاج للمعنى والجمال.

عودة إلى المسرح المصري الكلاسيكي

ضمن مشروع متكامل لإحياء التراث المسرحي، أعادت الهيئة إصدار أعمال لرمزين من رواد المسرح المصري: "كوابيس في الكواليس" – سعد الدين وهبة، تجربة مسرحية مبتكرة تكسر الحواجز بين الواقع والخيال، وتُشرك الجمهور في لعبة مسرحية ذكية تشكك في السلطة والمعنى والحقيقة.

و"المسامير" – سعد الدين وهبة، توثيق درامي مقاوم لوقائع قمع الاحتلال البريطاني خلال ثورة 1919، من خلال عرض مسرحي يُعيد سرد البطولة الشعبية بلغة قاسية وصادقة.

و"الناس اللي فوق" – نعمان عاشور، وهي إحدى أيقونات المسرح الواقعي، تعود في طبعة جديدة تُذكّر القارئ بتحولات المجتمع المصري بعد ثورة يوليو، من خلال شخصيات تعيش الصراع الطبقي والبحث عن الكرامة.

تجارب شعرية من العالم

"النهر المحترق" – خورخي رودريغيث غوميث، ترجمة وتقديم: د. خالد سالم، ديوان شعري فنزويلي يحمل طابعًا إنسانيًا عميقًا في رثاء الأب، يأتي صدوره ضمن استعدادات مشاركة مصر كضيف شرف في معرض فنزويلا الدولي للكتاب، ويُجسّد انفتاح الهيئة على تجارب شعرية من خارج الإقليم العربي.

تؤكد هذه الإصدارات أن الهيئة المصرية العامة للكتاب تسير بخطى واثقة نحو بناء مشروع ثقافي شامل لا ينفصل عن قضايا العصر ولا يتخلى عن تراثه، مشروع يدمج بين التجديد والوفاء، وبين المحلي والعالمي، وبين المعرفة النظرية والإبداع الفني.

وإذا ما استمرت الهيئة بهذا الزخم والتنوع، فإننا أمام لحظة فارقة تعيد للمؤسسات الثقافية دورها المحوري في صياغة المستقبل المعرفي لمصر والعالم العربي.

طباعة شارك الهيئة المصرية العامة للكتاب الدكتور أحمد بهي الدين التنوع الثقافي دور النشر الحكومي بناء الوعي رؤى علمية معاصرة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الهيئة المصرية العامة للكتاب الدكتور أحمد بهي الدين التنوع الثقافي بناء الوعي هیئة الکتاب

إقرأ أيضاً:

مدبولى: تمكين القطاع الخاص حجر الزاوية في استراتيجية مصر للتحول الاقتصادي

 ألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كلمة، خلال الجلسة الافتتاحية لمنتدى قادة السياسات بين جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة لعام 2025.


واستهل رئيس مجلس الوزراء كلمته، بالإعراب عن سعادته لمشاركته اليوم في هذا المنتدى الفريد من نوعه، وهو منتدى قادة السياسات بين الولايات المتحدة ومصر، متوجها بالشكر الجزيل لغرفة التجارة الأمريكية، في مصر والولايات المتحدة الامريكية على تنظيم هذا اللقاء المهم.


كما خص الدكتور مصطفى مدبولي بالترحيب "سوزان كلارك"، الرئيسة والمديرة التنفيذية لغرفة التجارة الأمريكية، و "جون كريستمان"، الرئيس التنفيذي لشركة أباتشي ورئيس مجلس الأعمال الأمريكي المصري؛ وذلك بفضل ما يبذلانه من جهود حثيثة في قيادة هذه النخبة من كبار قادة الأعمال الأمريكيين.

ورحب رئيس الوزراء بجميع ممثلي مجتمع الأعمال الأمريكي، حيث يواصل العديد من شركاتهم العمل بنجاح داخل السوق المصرية.

 وتحدث الدكتور مصطفى مدبولي عن دور المنتدى في تجسيد الأهمية الاستراتيجية التي يحظى بها التعاون الاقتصادي بين مصر والولايات المتحدة، وهو تعاون يستند إلى الاحترام المتبادل، والرغبة المشتركة في تحقيق الازدهار، وسجل طويل من الشراكات البناءة؛ مشيرا إلى أنه على مدار عقود، عملنا بلا كلل لتعزيز مختلف مجالات هذا التعاون؛ سواء على المستوى الثنائي، أو فيما يتعلق بالتطورات الإقليمية، بما يحقق أهدافنا الاستراتيجية المشتركة.


 وأضاف رئيس الوزراء: أثبتت مصر في أكثر من مناسبة أنها شريك موثوق وفاعل للولايات المتحدة، انطلاقا من إدراك مشترك بأن التصدي للتحديات المتجذرة التي تواجه منطقة الشرق الأوسط يتطلب تعميق أواصر التعاون بين بلدينا، مؤكدا أن هذه الشراكة تكتسب اليوم أهمية خاصة في ظل ما يشهده الإقليم والعالم من تحولات متسارعة، تترافق مع أزمات غير مسبوقة على المستويين الأمني والسياسي في المنطقة.

واستكمل مدبولى في السياق نفسه قائلا: يعكس المنتدى المنعقد اليوم مدى التزام مصر لتعزيز دور القطاع الخاص في إطار جهودها الرامية إلى تحقيق تنمية اقتصادية شاملة ومستدامة، حيث يعد تمكين القطاع الخاص حجر الزاوية في استراتيجية مصر للتحول الاقتصادي، وهو ما يعكس التزاما راسخا بتوفير بيئة تنافسية ومنفتحة ومحفزة، تمكن المؤسسات الخاصة من أن تقود مسيرة الابتكار، وتوفير فرص العمل، وتحقيق النمو المستدام على المدى الطويل.

وفي هذا الإطار، أشار رئيس الوزراء إلى أن مصر شرعت في تنفيذ سلسلة من الخطوات الملموسة لترجمة هذا التوجه إلى واقع عمليّ، وفي مقدمتها إصدار وتطبيق "وثيقة سياسة ملكية الدولة"، التي حددت بوضوح القطاعات التي تعتزم الدولة تقليص دورها فيها أو التخارج منها بالكامل، بما يبعث برسالة واضحة للأسواق والمستثمرين حول الدور الجديد للدولة.


وأضاف الدكتور مدبولي: في موازاة ذلك، تم التوسع في تطبيق آليات الشراكة بين القطاعين العام والخاص PPPs)  ) في عدد من القطاعات الحيوية، بما في ذلك النقل، والطاقة المتجددة، والتعليم، والبنية التحتية للمياه؛ مما أتاح للقطاع الخاص دورًا رياديًّا في تطوير أصول وطنية استراتيجية، موضحا في الوقت نفسه أنه تم كذلك إنشاء منصات مخصصة لدعم المستثمرين، وفي مقدمتها نظام "الرخصة الذهبية"، الذي يُتيح من خلال موافقة واحدة - صادرة عن مجلس الوزراء - للمستثمر أن يباشر تنفيذ مشروعه وتشغيله بأقل قدر من الإجراءات الإدارية.

وفيما يتعلق بمناخ الأعمال، تحدث رئيس مجلس الوزراء خلال كلمته، فأوضح أن مصر أولت اهتمامًا بالغًا بتعزيز مناخ الأعمال، من خلال تنفيذ إصلاحات مالية ونقدية شاملة، ورقمنة الخدمات الحكومية، وتطوير أطر تشريعية وتنظيمية حديثة، أسهمت جميعها في رفع معدلات الشفافية، وزيادة القدرة على التنبؤ، وتعزيز التنافسية، كما تواصل الدولة ترسيخ سيادة القانون، وتعمل على تهيئة بيئة أعمال جاذبة تمكن المستثمرين المحليين والدوليين من تحقيق النجاح والازدهار.

 وانتقل الدكتور مصطفى مدبولي للحديث عما قامت به الدولة المصرية خلال العقد الماضي بشأن ضخ استثمارات بمليارات الدولارات؛ من أجل تطوير بنيتها التحتية، وذلك عن طريق القيام بتوسيع شبكة الطرق والسكك الحديدية، وتحديث الموانئ والمطارات، وزيادة قدرات الطاقة، فضلا عن إنشاء مناطق لوجستية وصناعية جديدة، كما تضمنت جهود الدولة وفقا لما ذكره رئيس الوزراء توسعة قناة السويس، بالإضافة إلى إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، وإنشاء 24 مدينة جديدة.

وأكد أن هذه الجهود أرست أسس اقتصاد مستقبلي يعكس رؤية طويلة الأمد تهدف إلى توزيع النمو بشكل أكثر توازنًا، وتنويع القاعدة الاقتصادية، مع التركيز على دعم الإنتاج، وتعزيز الربط بين المناطق، وجذب الاستثمارات الأجنبية.

وفي غضون حديثه عن جهود التطوير في البنية التحتية والإنشاءات الجديدة، قال الدكتور مصطفى مدبولي: في صميم التحول الاقتصادي في مصر يكمُن تطوير أهم أصولنا وهو الإنسان؛ إذ تعد القوى العاملة المنتجة والماهرة والمُستعِدَّة للابتكار محركًا رئيسًا للنمو الاقتصادي المستدام؛ حيث يمثل شبابنا أحد أهم مواردنا، من خلال إبداعهم وطموحهم والتزامهم بالتحول الرقمي، وهو ما يدفع بنمو قطاع الشركات الناشئة والمشروعات الصغيرة، لافتا إلى أن الدولة تستثمر في التعليم والرعاية الصحية والتدريب المهني؛ لضمان جاهزية القوى العاملة لمتطلبات صناعات المستقبل.

وفي السياق نفسه، قال رئيس الوزراء : في موازاة ذلك، تبنَّت مصر الرقمنة والشمول المالي كمحركات رئيسة للنمو الاقتصادي والتحديث؛ حيث تؤدي التكنولوجيا الرقمية دورًا محوريًّا في إعادة تشكيل الصناعات، وتعزيز الإنتاجية، وتوسيع نطاق الوصول المالي لجميع المواطنين، مشيرا إلى أن "استراتيجية مصر الرقمية" تقود جهود التحول نحو ريادة إقليمية في مجال الابتكار الرقمي، من خلال دمج التقنيات المتقدمة مثل: الذكاء الاصطناعي، والبلوك تشين، وإنترنت الأشياء، والبيانات الضخمة، في مختلف القطاعات الاقتصادية.

وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن ما عرضه خلال كلمته هو مجرد لمحة عن التحول غير المسبوق الذي تشهده مصر بقيادة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، حيث إنه تحول يمهِّد الطريق نحو مستقبل أكثر إشراقًا، بما يحمله من فرص غير محدودة وآفاق واعدة.

طباعة شارك الوزراء مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي قادة السياسات

مقالات مشابهة

  • الطالب الجزائري.. أدوار متجددة في عالم متحوّل
  • مدبولى: تمكين القطاع الخاص حجر الزاوية في استراتيجية مصر للتحول الاقتصادي
  • الكتاب يصنع القارئ: أدباء الفيوم يناقشون صناعة النشر في ندوة ثقافية بإطسا
  • الصحة: تحصين الأغذية يمثل ركيزة محورية في استراتيجية مصر الوطنية
  • علم الوثائق والأرشيف.. أحدث إصدارات هيئة الكتاب
  • تراجع في سعر الدولار عالميا ومخاوف الدين الأمريكي تلقي بظلالها على الأسواق
  • محمد صلاح يتسلم جائزة رابطة الكتاب الإنجليزية.. ويعلن طموحه لتحطيم الرقم القياسي
  • محمد صلاح يحصد جائزة أفضل لاعب في إنجلترا للمرة الثالثة من رابطة الكتاب الرياضيين
  • الثقافة تصدر قراءات في النقد الأدبي لـ جابر عصفور في هيئة الكتاب