بعد رحلة امتدت 5 ساعات في عرض البحر تبخرت آمال الشاب الكاميروني يانييك في الوصول إلى الضفة الأخرى من المتوسط، ليجد نفسه بين مجموعة أخرى من المهاجرين غير النظاميين في ميناء اللوزة شمالي ولاية صفاقس التونسية.

وعلى الرغم من أن يانييك -الذي نقلت قصته صحيفة "لوموند" (Le Monde) الفرنسية من خلال مبعوثتها الخاصة منية بن حمايدي- حظي بفرصة البقاء على قيد الحياة فإن العشرات من المهاجرين الآخرين فقدوا في عرض البحر.

رحلة يانييك -التي كلفته 800 يورو (875 دولارا) ولم تصل به إلى الشاطئ المنشود وانتهت به في قبضة خفر السواحل التونسي- ضاعفت مخاوفه بإبعاده إلى الصحراء.


مسرح مواجهات

ومنذ نحو أسبوع أصبحت مدينة صفاقس الساحلية الواقعة جنوبي تونس -والتي تعد نقطة انطلاق لعدد كبير من المهاجرين غير النظاميين نحو أوروبا، ولا سيما إيطاليا- مسرحا لمواجهات بين السكان المحليين والمهاجرين، مما أدى إلى مقتل تونسي.

وبحسب مراسلة الصحيفة، فإنه خلال الأسبوع الماضي نُقل مئات المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى من صفاقس إلى منطقة صحراوية عازلة ساحلية بالقرب من نقطة حدودية مع ليبيا في رأس جدير، فيما طرد آخرون إلى الحدود الجزائرية.

وبيّنت الصحيفة الفرنسية أن هذه التداعيات أتت بعد ليال من التوتر الشديد والاشتباكات العنيفة في أحياء صفاقس، وقالت إن التونسيين توحدوا لمهاجمة المهاجرين وطردهم من ديارهم.

ومن بين "المطرودين" كان يانييك وشقيقه الأصغر، حيث يقول الشابان إنهما فرا من المدينة في منتصف الليل وقطعا عشرات الكيلومترات سيرا على الأقدام حتى يتمكنا من إيجاد مكان آمن في الأرياف بالقرب من قرية اللوزة.

وتقول "لوموند" إن صفاقس أصبحت مسرحا لعرض غريب، فطوال ساعات النهار والليل تجوب مجموعات من المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء في الطرق المحاطة ببساتين الزيتون والشجيرات، فيما تصبح مهمة الحصول على بعض المياه والطعام صعبة وتتطلب السير لعدة كيلومترات.

ويقول يانييك إنه نام ليلتين في العراء مع شقيقه البالغ من العمر 19 عاما، قبل أن تدفع شقيقتهما الكبرى -التي تمكنت من الوصول إلى فرنسا قبل سنوات- ثمن عبورهما إلى السواحل الإيطالية الذي كان مقررا في السادس من يوليو/تموز الجاري، لكن الرحلة باءت بالفشل.

وبعد 17 ساعة من رسو مركبهما أطلق خفر السواحل سراح يانييك وشقيقه، ليقطعا عشرات الكيلومترات التي تفصل اللوزة عن صفاقس سيرا على الأقدام مرة أخرى ولكن هذه المرة في الاتجاه الآخر.

وبعد وصولهما إلى محطة القطار في الساعة الثالثة صباحا أقنع الشاب الكاميروني رجلا عجوزا بشراء تذكرتي سفر لهما إلى تونس العاصمة.

وعقب وصولهما سالمين إلى العاصمة قال يانييك للصحيفة "سأحاول البحث عن وظيفة فالوضع مقبول هنا"، مشيرا إلى أنه سيجمع المال ويحاول الهجرة بحثا عن مستقبل أفضل في الضفة الأخرى من المتوسط، مضيفا أن العودة إلى بلاده ليست خيارا مطروحا.

مأساة ومخاوف

ولا يخفي البحّار التونسي الستيني حمزة مخاوفه من المأساة التي تشهدها قريته الصغيرة، فقد تحول منذ سنوات إلى صياد للجثث أيضا، فقد علقت عدة أجساد هامدة بشباكه.

ويقول بصوت مرتعش: ذات مرة عثرت على نصف جسد امرأة لكنها كانت في حالة تحلل لدرجة أنني لم أستطع حملها، لقد تركتها هناك.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بحسب حمزة، فغالبا ما تمزق القوارب المعدنية المستخدمة لعبور المهاجرين شباك الصيادين، مما يجعل مهمة شراء غيرها كل شهر صعبة.

وبحسب الصحيفة الفرنسية، فإنه وعلى طول سواحل قرية اللوزة كانت القوارب المعدنية التي تقطعت بها السبل والمتآكلة بسبب الصدأ لا تعد ولا تحصى.

وهذه القوارب "ذات نوعية رديئة للغاية" بحسب البحّار حمزة، تم صنعها بأعداد كبيرة وبتكلفة أقل من تلك المصنوعة من الخشب أو الإطارات المطاطية أو المراكب البلاستيكية التي كانت تستخدم في السابق للعبور.

وفي تعليقه على هذا الوضع يختم حمزة "إنهم تجار الموت"، في إشارة إلى المهربين وكذلك سياسات الهجرة لدى بعض الدول.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

الولايات المتحدة تودع أول مجموعة من المهاجرين غير النظاميين تغادر طوعا

أعلنت السلطات الأميركية أن مجموعة أولى من المهاجرين غير النظاميين الذين وافقوا على تلقّي ألف دولار "لترحيلهم طواعية" من الولايات المتّحدة غادروا أمس الاثنين على متن رحلة نقلتهم إلى هندوراس وكولومبيا.

وقالت وزارة الأمن الداخلي في بيان إن الطائرة أقلعت من مدينة هيوستن بولاية تكساس جنوبي الولايات المتحدة وعلى متنها 64 مهاجرا.

وأضافت "لقد حصل كل منهم على مساعدة سفر هي عبارة عن مبلغ قدره ألف دولار مع احتفاظهم بخيار العودة بشكل قانوني إلى الولايات المتحدة يوما ما".

وبحسب البيان، فإن الطائرة أعادت 38 مهاجرا إلى هندوراس و26 إلى كولومبيا.

وقال أنطونيو غارسيا نائب وزير الخارجية هندوراس إن السلطات المحلية ستدعم المهاجرين العائدين بمبلغ 100 دولار نقدا و200 دولار أخرى كرصيد في متجر تديره الحكومة يبيع الاحتياجات الأساسية.

مشروع العودة

وطالبت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم سائر المهاجرين غير النظاميين الذين ما زالوا في الولايات المتحدة بالاستفادة من برنامج الترحيل المسمى "مشروع العودة إلى الوطن".

وقالت الوزيرة مخاطبة المهاجرين "تحكّم بكيفية مغادرتك وتلقّيك دعما ماليا للعودة إلى ديارك. إذا لم تفعل ذلك، فمن المرجّح أن يتمّ تغريمك، واعتقالك، وترحيلك، وعدم السماح لك بالعودة أبدا".

إعلان

وأضافت "إذا كنت موجودا في هذا البلد بشكل غير قانوني، فغادر البلد من تلقاء نفسك الآن واحتفظ بفرصة العودة بشكل قانوني".

وتعهّد الرئيس دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية بترحيل ملايين المهاجرين غير النظاميين، وقد بادر منذ عودته إلى البيت الأبيض في 20 كانون الثاني/يناير إلى اتخاذ خطوات عديدة لتسريع عمليات الترحيل.

ومع ذلك، فإن عدد الهندوراسيين المرحّلين من الولايات المتحدة حتى هذا العام أقل من وتيرة العام الماضي، بحسب مدير الهجرة في هندوراس، ويلسون باز.

ففي حين تم ترحيل حوالي 13 ألفا و500 هندوراسي من الولايات المتحدة هذا العام، كان العدد أكثر من 15 ألفا في هذا الوقت من عام 2024، وفقًا لباز الذي أكد أنه لا يتوقع أن يتسارع العدد بشكل كبير، رغم نية إدارة ترامب.

مقالات مشابهة

  • الطرابلسي لسفير أوروبا: حريصون على ضمان كرامة وحقوق المهاجرين
  • تراجع عدد المهاجرين لبريطانيا إلى النصف في 2024
  • ميناء حيفا بوابة إسرائيل التي يتوعدها الحوثيون
  • شبوة تعجز أمام زحف المهاجرين غير الشرعيين.. أزمة تتفاقم والسلطات في مأزق
  • اقتصادي: إعادة تشغيل المصانع المتعثرة خلق فرص عمل وزاد النمو الصناعي
  • بايرن ميونخ يرغب في التعاقد مع نجم الأهلي
  • قرار مفاجئ من الزمالك تجاة حمزة المثلوثي قبل انطلاق الموسم الجديد «خاص»
  • استغل معاناتهم وجمع 14 مليون يورو.. 25 عاما سجنا لمصري هرّب آلاف المهاجرين إلى أوروبا
  • تدشين عَرش بلقيس الثاني بمدينة صفاقس التونسية
  • الولايات المتحدة تودع أول مجموعة من المهاجرين غير النظاميين تغادر طوعا