الكشف عن خطة وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية لإعادة توطين سكان غزة في الخارج
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
القدس المحتلة - الوكالات
اقترحت وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية غيلا غملئيل تعزيز "إعادة التوطين الطوعي" لفلسطينيي غزة خارج القطاع، كبديل لكل الاستراتيجيات التي اتبعت سابقا للتعامل مع "مشكلة غزة".
وكتبت الوزيرة، وهي من أعضاء حزب "الليكود"، في مقال بصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، أنه "يجب تشجيع المجتمع الدولي على تعزيز إعادة التوطين الطوعي للفلسطينيين خارج قطاع غزة، لأسباب إنسانية"، في خطة قالت الوزيرة إنه "ليست مثالية بأي حال من الأحوال، لكنها خطة جيدة وقابلة للتطبيق، وستجلب الأمن والرخاء، والسلام للجميع".
ووصفت غملئيل غزة بأنها "أرض خصبة للتطرف. إنها منطقة صغيرة، من الأكثر كثافة سكانية على وجه الأرض، ولكنها منطقة أعطى حكامها لفترة طويلة الأولوية للحرب ضد اليهود على تأمين حياة أفضل لشعبهم".
وتابعت أن غزة "مكان خال من الأمل الذي سرقه إرهابيو.. حماس والجهاد الإسلامي وغيرهما من الجماعات الإرهابية"، مشيرة إلى أن "هذا الوضع وقد أدى بالفعل إلى نزوح أعداد كبيرة من الشباب من غزة"، حيث يقدر أنه منذ سيطرة حماس على القطاع عام 2007، غادر غزة ما بين 250,000 إلى 350,000 شخصا، معظمهم من الشباب، "لبدء حياة جديدة في الخارج"، حسب الوزيرة.
واعتبرت غملئيل أنه "من المهم إتاحة الفرصة لمن يبحثون عن حياة في مكان آخر"، مضيفة: "بعض قادة العالم يناقشون بالفعل إعادة توطين اللاجئين حول العالم، ويقولون إنهم سيرحبون باستقبال سكان من غزة في بلادهم. يمكن دعم ذلك بواسطة عدد من الدول حول العالم، وخصوصا من يدعون أنهم أصدقاء للفلسطينيين".
وقالت: "هذه فرصة لمن يقولون إنه يدعمون الشعب الفلسطيني، لإظهار أن هذا الدعم ليس مجرد كلمات فارغة".
وأضافت: "بدلا من إرسال الأموال لإعادة إعمار غزة أو للأونروا الفاشلة، يمكن للمجتمع الدولي أن يساعد في تمويل إعادة التوطين، ومساعدة الغزيين على بناء حياتهم الجديدة في بلدانهم المضيفة الجديدة، معتبرة أن "ذلك سيكون مفيدا للجانبين: للمدنيين في غزة الذين يريدون حياة أفضل، ولإسرائيل بعد هذه المأساة الرهيبة".
"فكرة فاشلة"
وانتقدت الوزيرة فكرة إعادة السلطة الفلسطينية إلى حكم غزة بعد انتهاء الحرب، معتبرة أن مثل هذا الحل "فشل في الماضي وسيفشل في المستقبل، وأنه "خيار يعتبره الرأي العام الإسرائيلي غير شرعي، ومن شأنه أن يعيدنا إلى المربع الأول خلال فترة زمنية قصيرة".
وقال:: "جربنا العديد من الحلول المختلفة: الانسحاب (من المستوطنات في قطاع غزة).. وإدارة النزاع، وبناء جدران عالية على أمل إبعاد وحوش حماس عن إسرائيل. لقد فشلت جميعها".
ومنذ انطلاق الحرب تحدثت تقارير إعلامية إسرئايلية عن وجود مخطط سري لتهجير سكان غزة إلى شبه جزيرة سيناء، تقف وراءه الوزيرة غملئيل.
وفي وقت سابق هذا الشهر طرح عضوان في الكنيست الإسرائيلي، رؤية جديدة لمستقبل قطاع غزة، طالبا خلالها إعداد خطة تتيح انتقال جماعي للاجئين من قطاع غزة الى دول توافق على استيعابهم.
ورحب وزير المالية سموتريتش بهذه الفكرة، ووصف الإخلاء المقترح بأنه "هجرة طوعية"، و"حل إنساني صحيح لسكان غزة والمنطقة بأكملها."
وكانت دول عربية قد رفضت رفضا قاطعا "التهجير القسري" لسكان قطاع غزة، ووصفت ذلك بأنه "جريمة حرب".
ومن جانبها، أكدت واشنطن أنها تدعم استعادة السلطة الوطنية الفلسطينية سيطرتها على قطاع غزة وتعارض التهجير القسري لسكان القطاع.
وفي وقت سابق هذا الشهر حذرت الخارجية الروسية من "الخطط الإسرائيلية المعلنة لنقل الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء المصرية" ووصفتها بـ"الكارثية".
المصدر: "جيروزاليم بوست"
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
إعادة تشكيل الشرق الأوسط من وراء دخان الحرب الإسرائيلية- الإيرانية
لم تعد المواجهة القائمة بين إيران و"إسرائيل" مجرّد حلقة جديدة في مسلسل التصعيد العسكري الذي ألفته المنطقة؛ ما يجري اليوم أعمق من ذلك بكثير، نحن أمام تحوّل تاريخي في شكل النظام الإقليمي، ومعركة يراد لها أن تكون بوابة لشرق أوسط جديد يُعاد فيه ترتيب القوى، وتُرسم فيه خرائط النفوذ على نحو غير مسبوق منذ الحرب العالمية الأولى.
إنها ليست حربا تقليدية، بل مشروع استراتيجي شامل، تدور رحاه من طهران إلى غزة، مرورا ببيروت وبغداد وصنعاء. وفي قلب هذا المشروع، تسعى واشنطن وتل أبيب، بتنسيق مع عواصم أوروبية وعربية، إلى إعادة ضبط الإيقاع السياسي والعسكري في المنطقة، تحت عنوان جذّاب لكنه مُضلّل: "الاستقرار".
بين العزل الإيراني والتمكين الإسرائيلي
ليست حربا تقليدية، بل مشروع استراتيجي شامل، تدور رحاه من طهران إلى غزة، مرورا ببيروت وبغداد وصنعاء. وفي قلب هذا المشروع، تسعى واشنطن وتل أبيب، بتنسيق مع عواصم أوروبية وعربية، إلى إعادة ضبط الإيقاع السياسي والعسكري في المنطقة
ليست مصادفة أن يظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة عام 2023، حاملا خريطة جديدة للشرق الأوسط؛ خريطة تُهمّش إيران بالكامل، وتضع "إسرائيل" في موقع القيادة الإقليمية، محاطة بدول عربية مُطبّعة.
هذه الخريطة لم تكن مجرّد أداة دعائية، بل جاءت لتؤكد أنَّ هناك من يحاول إعادة تعريف حدود النفوذ والسيادة في المنطقة، وأن اتفاقية سايكس بيكو لم تعد المرجعية الوحيدة في رسم الجغرافيا السياسية.
أكثر من ذلك، فإن تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب، التي قال فيها إنه يرى "إسرائيل صغيرة الحجم" ويطمح إلى "توسيعها"، لم تكن زلّة لسان، بل كانت إشارة مبكّرة إلى أن ثمة مشروعا يُصاغ في الكواليس، تقوده واشنطن وتنفذه تل أبيب، لإعادة تشكيل المنطقة على أسس مختلفة جذريا.
نهاية "الطائفية الوظيفية"
على مدى عقود من الزمن، استُخدمت الطائفية كأداة تفتيت ناعمة داخل المجتمعات العربية، واستفادت إيران بوضوح من هذا المناخ، مُدخلة خطابها المذهبي إلى عمق العراق وسوريا ولبنان واليمن. لكن يبدو أن هذه الورشة الطائفية قد وصلت إلى نهايتها، وأن الإذن الدولي باستمرار هذا النموذج قد سُحب.
المرحلة القادمة، كما يظهر، تسير نحو مقاربات جديدة تقوم على تحالفات المصالح المباشرة لا على الانتماءات المذهبية. وقد تكون إعادة تأهيل إسرائيل إقليميا جزءا من هذا التصور، لا باعتبارها "عدوا"، بل "شريكا أمنيا" في مواجهة إيران التي تُقدّم الآن كتهديد وجودي مشترك.
صراع على النظام لا على النفوذ فقط
يُخطئ من يعتقد أن المسألة تتعلق بمجرد تقليص نفوذ إيران، الحقيقة أعمق: نحن أمام صراع على هوية النظام الإقليمي نفسه. هل تكون دول المنطقة فاعلة في تقرير مصيرها، أم مجرّد ساحات يتقاطع فيها النفوذ الأمريكي والإسرائيلي؟
وهل تستطيع القوى العربية استعادة بعض من وزنها السياسي، أم أنها ستُدمَج ضمن معادلات تُكتب خارج حدودها، وتُفرض عليها كأمر واقع؟
الغرب لا يريد تفكيك الدول العربية هذه المرة، بل إعادة تعريف وظائفها: من مراكز قرار إلى محطات عبور للنفوذ والاقتصاد والسيطرة. ضمن هذا الإطار، يتم التعامل مع إيران كعقبة تجب إزاحتها، لا فقط بسبب طموحها النووي، بل لأنها آخر قوة إقليمية تعلن رفضها الصريح للمنظومة الجديدة.
من سيكتب مستقبل المنطقة؟
ما يُحاك خلف دخان الحرب اليوم، قد يُحدّد شكل النظام السياسي والأمني لعقود مقبلة، وإن لم نشارك في صياغته، فسيفرض علينا كما فُرضت حدود سايكس بيكو قبل قرن
السؤال الذي يجب أن يُطرح اليوم، ليس فقط: ماذا تريد واشنطن أو طهران؟ بل: ماذا نريد نحن كعرب؟ هل نملك الإرادة السياسية لصياغة موقع لنا في خريطة الشرق الأوسط الجديد؟ أم سنبقى مجرّد أدوات أو ساحات تصفية حسابات بين قوى أكبر؟
للأسف، يبدو أن كثيرا من الدول العربية قد تخلّت عن طموح الفعل، واكتفت بدور التكيّف مع إيقاع الخارج، سواء كان أمريكيا، إسرائيليا، أو حتى إيرانيا.
لكن المنطقة لا تحتمل هذا الترف بعد الآن، فما يُحاك خلف دخان الحرب اليوم، قد يُحدّد شكل النظام السياسي والأمني لعقود مقبلة، وإن لم نشارك في صياغته، فسيفرض علينا كما فُرضت حدود سايكس بيكو قبل قرن.
لسنا أمام مجرد حرب، بل أمام لحظة تأسيسية لنظام إقليمي جديد، لحظة ستُحدَّد فيها هوية الفاعلين، وحدود الأدوار، وأشكال النفوذ. وإيران ليست وحدها المعنيّة بالإقصاء أو التهميش، بل العالم العربي بأسره.
فإمّا أن نملك الشجاعة السياسية لنكون طرفا في صناعة هذا المستقبل، أو نبقى في الهامش، بينما يكتب الآخرون خرائطنا باسم "السلام والاستقرار".