"الشورى".. واجهة اجتماعية أم دور وطني؟
تاريخ النشر: 25th, November 2023 GMT
مسعود الحمداني
samawat2004@live.com
رُبما نحتاج إلى سنوات طويلة كي نصل إلى نضج التجربة البرلمانية، فنحن في سلطنة عمان ما زلنا في البدايات المبكرة للتجارب السياسية الشعبية، وما زلنا نبحث عن الناخب الواعي، ونبحث عن الممثل "العضو" الكُفء، الذي يرى ويسمع ويتكلم بلسان الوطن، ويرفع مطالب المواطنين إلى الجهات العليا، ويشعر بمسؤولياته الاجتماعية تجاههم، والذي يضع المجتمع فيه ثقته العمياء، ويثق في قدراته الذاتية، العلمية والعملية، والذي يعرف دوره البرلماني بصورة شاملة، ويستخدم كل صلاحياته الممنوحة له بقوة، ودون تنازلات جهوية، أو مجاملات اجتماعية أو رسمية، ويكون ندّا للصوت الحكومي، وناقدا له، وليس مجرد صدى له، ومتفرجا يرضى بكل ما تجود به يد الحكومة، ولا يملك حق الاعتراض على أي قرار، ولا يبدي رأيه حيال أي قانون، ويعطل صلاحياته بيده لا بيد عمرو.
أتحدث هنا عن التجربة البرلمانية/ الجمعية بشكلها العام، ولا أشير إلى الاستثناءات القليلة؛ سواء من جهة بعض الناخبين أو الأعضاء الذين يثبتون نضجهم السياسي، والبرلماني، والذين يصلون إلى قبة البرلمان دون تجاوزات يعرفها الجميع، ودون التفاف على القانون، ودون أن يدفعوا المال لشراء الأصوات في عملية الانتخابات، وهم قلة، ولذلك يبقى مجلس الشورى ضعيفا ما لم يقوّي الأعضاء هيكله الداخلي، ويبقى شكليا ما لم يفعّل الأعضاء تحت قبته دورهم، ويبقى مجرد واجهة ورقية ما لم يستخدم الأعضاء صلاحياتهم القانونية الممنوحة لهم، ولا يتنازلون عن حقوقهم الدستورية، وأدوات الاستجواب البرلمانية الممنوحة لهم.
ورغم أننا لا ننكر أن المجلس ساهم في بعض دوراته، وفي بعض فتراته، في وضع قوانين لصالح المواطن، تقدم بها أعضاؤه للحكومة، أو قدمتها لهم الحكومة، إلّا أن ذلك لا يعني أن دوره في كل مراحله كان مرضيّا عنها شعبيًا، فكم من قرار لم يُبدِ فيها المجلس رأيًا، وكم من قانون لم يمر على الأعضاء إلا مرور الكرام، وكم من رأي للمجلس لم يؤخذ به، وهذا كله يؤثر في جدية التجربة البرلمانية، وتنعكس سلبًا على كفاءته ودوره؛ بل ويساعد على عزوف الناخبين عن المشاركة، وخاصة فئة المثقفين، لأن البعض يشكك في جدية التوجه الحكومي لإيجاد مجلس فاعل، ويطعن في أهداف العضو المعلنة وشعاراته الوطنية التي يرفعها أثناء الانتخابات.
إن أول خطوة عملية لإنضاج العملية البرلمانية اجتماعيًا تبدأ من القضاء على ظاهرة شراء الأصوات إذا كانت هناك نية حقيقية لمنعها، ثم بعد ذلك على الجهات الرسمية أن تُعيد الثقة بين المجلس والمجتمع، وذلك من خلال إعطاء مساحة أوسع للأعضاء ليكون لهم صوت واضح في صنع القرار الحكومي، ورأي فاعل للاعتراض على القوانين التي لا تخدم المواطن، والتي تخرج- أحيانًا- فجأة دون أخذ الوقت الكافي للنقاش، ويتم فيها تمرير القانون للعلم بالشيء، وليس للمناقشة المُستفيضة، كما إن على العضو أن يعرف مسؤولياته، ويقاتل باستماتة للدفاع عن حقوقه البرلمانية، وأن لا يتنازل عن صلاحياته القانونية والتشريعية التي مُنحت له، والتي ما يزال بعضها غير مفعّل.
ورغم كل تلك النقاط السابقة، يبقى مجلس الشورى واجهة برلمانية مُهمة، لا يُمكن إغفالها، أو تهميشها، أو إنكار دورها المحوري، ولكن لكي تكون التجربة ناضجة بشكل أكبر، ولكي تقوم بدورها على مساحة أوسع، على الحكومة من جهة، والأعضاء من جهة أخرى أن يرفعوا سقف التجربة، خاصة وأن سلطنة عُمان تعيش فترة تحتاج فيها إلى برلمان قوي، وناضج، يوجّه دفة المستقبل، ويُبدي رأيه حفاظًا على المكتسبات، وتفعيلًا لدوره الرقابي، والتشريعي المنوطان به، ولذلك يجب أن تُذلل له الصعاب كلها، وأن تُزال من طريقه بعض الأشواك التي تعترض مسيرته.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
«زايد الإنسانية» تدشن 3 مشاريع اجتماعية وتأهيلية مستدامة في كازاخستان
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةبتوجيهات وإشراف من مؤسسة إرث زايد الإنساني، المنصة الهادفة إلى تخليد إرث البذل والعطاء، الذي رسخه الأب المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أعلنت مؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية، أمس، عن تدشين 3 مشاريع مستدامة تخص قطاعات تأهيل أصحاب الهمم والقطاع الرياضي والاجتماعي في جمهورية كازاخستان.
وقام وفد من «مؤسسة زايد الإنسانية» خلال زيارة ميدانية لمدينة أستانا في جمهورية كازاخستان، وبحضور إيريك ميرحانوف سيريكولي، نائب عمدة مدينة أستانا، بوضع حجر الأساس لمشروع إنشاء مركز إعادة تأهيل الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، على مساحة 2.18 هكتار، حيث سيتم تنفيذه على مدى 24 شهراً، بما ينسجم مع جهود المؤسسة في دعم التنمية الشاملة، وتعزيز التعاون المشترك، وبما يعكس مدى الاهتمام الذي توليه دولة الإمارات وقيادتها الرشيدة لهذه الفئة المهمة في أنحاء العالم كافة، ولمنحهم فرصة ممارسة أدوارهم على الوجه الأكمل كأفراد نافعين لأنفسهم ومجتمعاتهم.
كما ستقوم المؤسسة، بتوقيع مذكرة تفاهم مع ممثلين لحكومة الجمهورية الكازاخية، تنفذ بموجبها المؤسسة مشروعين اجتماعيين ورياضيين، هما مشروع لإقامة ملعب رياضي متعددة الأغراض، وحديقة أطفال في منطقة أكباستاو التابعة لمحافظة تركستان بكازاخستان، ومشروع مماثل في منطقة بيرليك في المحافظة نفسها.
وتلامس المشاريع النوعية الثلاثة التي تنفذها المؤسسة في كازاخستان، الاحتياجات الإنسانية لشرائح متنوعة من المستفيدين، على رأسها شريحة أصحاب الهمم وجيل الشباب والأطفال، إضافة إلى شرائح أخرى من الجمهور، حيث تأتي تلك المشاريع الإنسانية المستدامة من منطلق التعاون وتجسيد وتوسيع العلاقات الثنائية في المجالات الاجتماعية والتأهيلية والرياضية، وفي إطار الدور الإنساني الذي تبذله المؤسسة في دعم التنمية في عدد من مناطق ودول العالم.
ويستهدف مركز إعادة تأهيل الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، تقديم خدمات إعادة التأهيل للأطفال من ذوي الهمم والأطفال المُعرَّضين لخطر الإصابة بإعاقة نتيجة عوامل مختلفة، وتسهيل وصولهم إلى الخدمات والمرافق، مما يُسهم في دعم الجهود الرامية إلى تعزيز دمجهم وتمكينهم من الانخراط بصورة إيجابية وفعالة في محيطهم المجتمعي، والاضطلاع بأدوار مؤثرة وملموسة في المجتمع.
أما بالنسبة للملاعب الرياضية، فتبلغ مساحة الملعب الواحد 750 متراً مربعاً، وصممت، بحيث تكون متعددة الأغراض ليسهل استخدامها من قبل شرائح متنوعة من الأطفال والشباب، حيث يمكن للملعب الواحد استخدامه في أنواع متعددة من الرياضات، إضافة إلى استضافة الفعاليات والأحداث.
وبالمثل، ستتكفل المؤسسة في إنشاء حدائق الأطفال، البالغ مساحتها 400 متر مربع لكل حديقة، بتوفير المستلزمات كافة من أثاث ومعدات بما يسهم في تطوير القدرات الجسدية والعقلية والاجتماعية للأطفال، إضافة إلى تعزيز صحة وسعادة الأطفال وتعزيز نموهم الشامل، وتحقيق رؤية المجتمعات في رعاية وتطوير جيل مستقبلي متوازن وصحي.
تنمية المجتمعات
أعرب الدكتور محمد عتيق الفلاحي، المدير العام لمؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية، عن سعادته بهذا التعاون وهذه المشاريع المستدامة، التي تنسجم مع رؤية المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، في دعم تنمية المجتمعات في جميع أنحاء العالم، وبناء مستقبل أفضل للجميع، لاسيما ذوي الهمم، وشرائح الأطفال والشباب والأسر وتلبية احتياجاتهم ومتطلباتهم.
من جهته، أعرب إيريك ميرحانوف سيريكولي، نائب عمدة مدينة أستانا، في كلمته خلال وضع حجر الأساس لمركز إعادة تأهيل الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، عن امتنانه للقيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، موضحاً أن هذا الحدث ليس مجرد مشروع إنساني فحسب، بل هو تجسيد حقيقي للرحمة والإنسانية، وللأخوة والصداقة الصادقة، ورمز مشرق للثقة والتفاهم المتبادل بين جمهورية كازاخستان ودولة الإمارات على مدى سنوات عديدة.