فلسطين وغزة.. والمنطق الصهيوأمريكي..! !
تاريخ النشر: 26th, November 2023 GMT
كل دول العالم المؤثرة تقريبا تصطف إلى جانب الكيان الصهيوني في حربه الإجرامية ضد الشعب العربي الفلسطيني، ليس في نطاق قطاع غزة وحسب بل في كل فلسطين هناك حرب إجرامية يقوم به الكيان وجيشه ومستوطنوه في الضفة الغربية والقدس وفي الداخل حيث عرب 48م.
هذه الحرب الإجرامية غير المسبوقة في التاريخ، حرب تجرد القائمون بها من الصهاينة ورعاتهم الأمريكيين والغربيين من كل القيم والأخلاقيات الإنسانية والحضارية، وإن كنا على يقين بأن الاحتلال الصهيوني هو بلا أخلاق، وأي احتلال لأراضي الآخرين هو قطعا بلا أخلاق وبلا قيم وبلا مبادئ تحكمه وليس لأي احتلال مشاعر أو مبادئ، لكن أن ينحط المجتمع الدولي بدوره إلى هذا المستوى من الانحطاط الحضاري والإنساني والأخلاقي ويتجردون من كل المشاعر فهذه سابقة غير معهودة ودليل على أن العالم الذي اصطف إلى جانب العدو مستنكرا عملية طوفان الأقصى التي قامت بها المقاومة يوم 7 أكتوبر الماضي ولم يستنكر جرائم الاحتلال ومذابحه على مدى 75 عاما التي سبقت يوم الطوفان، فهذا العالم لا ينتمي للبشرية وليس لديه قيم بل مجموعة من المجرمين، وهم الذين ما انفكوا قبل طوفان الأقصى أن يسوقوا لنا رواية سردية عن حقوق الإنسان وحرية الإنسان وبلغت سفالتهم وانحطاطهم حد الاعتراف بحقوق ( المثليين) ويضغطون على دول وأنظمة العالم بالاعتراف بهذه الحقوق، وهم من عودونا أن يتباكوا على ( قطة) فقدت هنا أو هناك أو ( سلحفاة) نفقت هنا أو هناك، غير أنهم في غزة وفلسطين فقدوا كل مشاعرهم الإنسانية والأخلاقية وبدت سيدتهم الاستعمارية وإدارتها بأنها أكثر صهيونية وأكثر انحطاطاً سلوكياً وأخلاقياً وبدت إدارة المتصهين ( بايدن) وأركان إدارته أكثر انحطاطا منه، ليتمادى أركان الكيان في جرائمهم ومواقفهم بالايغال ميدانيا وارتكاب المزيد من الجرائم بحق النساء والأطفال والشيوخ وهدم المنازل والأبراج السكنية علي رؤوس قاطنيها وبلغ انحطاطهم الإجرامي باستهداف المستشفيات والمراكز الصحية وخزانات المياه وإحكام الحصار على مليونين ونصف المليون مواطن عربي فلسطيني وحرمانهم من الدواء والطعام والوقود وحتى ألواح الطاقة الشمسية عملوا على تدميرها، في حرب همجية، حرب تتحالف فيها كل دول العالم الكبرى وتصمت عنها أنظمة الذل والعار العربية والإسلامية، ويقف العربي الفلسطيني وحيدا يواجه بجسده وأجساد أطفاله ونسائه وشيوخه آلة الجيش الصهيوني التي دمرت القطاع ولم تسلم منها لا الأشجار ولا الأحجار ولا حتى الطرقات، حرب مشفوعة بسلسلة من الأكاذيب الحقيرة والتبريرات القذرة التي تخرجها واشنطن وتسوقها بطرق رخيصة وسافلة.
أي حرب يحاصر فيها المدنيون من المياه والكهرباء والأكل والأدوية وتقطع عنهم كل مقومات الحياة والاتصال والتواصل، حرب يطلب العدو الجبان من الناس الانتقال إلى مناطق يدعي أنها آمنة وحين يذهب الأطفال والنساء اليها يتم قتلهم بدم بارد في ظل صمت دولي وعربي وإسلامي، صمت لا يقفه إلا الخونة والأذلاء والمرتهنون وأشباه الرجال، حرب لا يصمت عنها إلا من كان مجرداً من كل المشاعر والأخلاقيات والقيم ولا ينتمي للبشرية بل ينتمي لعالم الحيوانات، وإن كان وزير دفاع العدو قد اعتبر في تصريحات رسمية أن الشعب الفلسطيني هو مجرد (جرذان، وحيوانات بشرية، وأولاد الظلام)، فإن واقع الحال يؤكد أن كل هذه الصفات تنطبق على ( جالانتس، ونتنياهو وبايدن، وسوناك، وماكرون، وأوستن، وبلينكن)، هؤلاء سفلة البشر، والمنحطين والقتلة المجرمين الذين يستندون لأقوى وأحدث الأسلحة ليدمروا بها شعباً وبلداً، وفي مواجهة مجموعة مقاومين أحذيتهم أشرف وأطهر من كل حكام العالم ومن أعدائهم وأيضا من بعض المسؤولين العرب والمسلمين الذين يعبدون أمريكا ربهم الأكبر وسيدتهم التي يركعون عند أقدامها..؟!
العالم كله وبكل هيئاته ومنظماته يقف عاجزا أمام جرائم وعربدة الصهاينة والأمريكان، وضد مقاومة مسلحة بأسلحة بدائية ولكنها وبهذه الأسلحة البدائية ذلت الجيش الذي لا يقهر وداست على كرامته وكرامة قادته ومعهم داست على كرامة وهيبة أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، كل هؤلاء وقفوا عراة مجردين من أوراق التوت التي كانوا يسترون بها عوراتهم..؟!
إن المقاومة الفلسطينية وجدت لتبقى، وأن الصهاينة والعالم معهم لن ينالوا منها والدليل أمام العالم، الذي يشاهد هذه الحرب الإجرامية ويعلم مسبقا بنك أهدافها، حسب إعلان العدو، وأين وصل العدو فيها وماذا حقق من بنك أهدافه؟
لا شيء غير فضيحة بعد أخرى، وهزيمة بعد هزيمة يتجرعها فيلجأ لشن جام غضبه لاستهداف النساء والأطفال وحرمانهم من كل مقومات الحياة، أي جيش هذا الذي يقتحم غرفة عمليات مستشفى بكتيبة عسكرية؟ أي جيش هذا الذي قتل قرابة 6000 طفل و5000 امرأة؟
أي جيش يدمر مستشفيات ومساجد ومدارس وكنائس؟
أي جيش هذا الذي يرتكب جرائم لم يسبقه أحد إليها، ولم يرتكبها عتاولة الإجرام غير الصهاينة الذين هم مجردون من كل المشاعر والأخلاقيات، جيش منحط وهذا الوصف قليل بحقه.
ورغم كل جرائمه، وتأييد أمريكا والصهيونية له لم يحقق شيئاً ولن يحقق ما يتمناه، وواهم أنه وأمريكا وكل من يقف إلى جانبهم سرا وعلانية أنهم بهذا الإجرام الجنوني وبهذا القتل غير المسبوق الذي تعجز كل القوانين والتشريعات الإنسانية التعامل معه أو توصيفه، إن قررت يوما محاكمة الصهاينة، هذا إن حدث ذلك..؟!
وإذا افترضنا مجرد افتراض أن الصهاينة حققوا أهدافهم في قطاع غزة فهل يعني هذا نهاية الحق العربي الفلسطيني، وأن انتهت حماس افتراضا فهناك ألف حركة حماس ستقوم وتواجه العدو.. إن جرائم الصهاينة في قطاع غزة أوجدت حالة حقد واحتقاناً وثورة وغضباً في وجدان وأحرار الأمة عربيا وإسلاميا، غضب سيتحول إلى حركة وفعل واستهداف لأمريكا وبريطانيا وكل الدول التي ناصرت العدو الصهيوني وهذا ما نبشر أمريكا به، فغزة لن تنكسر بل من دماء أطفالها ونسائها وشيوخها ستوقد شعلة مقاومة أمريكا والغرب ومصالحهما بدءاً من المقاطعة لكل منتجاتهم وصولا إلى استهداف مصالحهم ووجودهم، فبعد اليوم أمريكا يجب أن تدفع ثمن شهداء غزة وثمن الإجرام الصهيوني الذي يرتكبه كلابها وحراس مصالحها، ستدفع أمريكا الثمن عاجلا أو آجلا، لأنها كشفت عن وجهها القبيح الذي كنا نتحدث عنه لكن أحدا لم يكن يصدق ما نقوله ويعتبر كلامنا تحاملاً على الدولة الأعظم في العالم ولكن غزة كشفت مدى انحطاط هذه الدولة إنسانيا وأخلاقيا..؟!
إن من يقاتل محتلاً لوطنه ليس إرهابيا ولكن الإرهابي هو من يحتل أرض الآخرين، الإرهابي هو القادم لفلسطين من كل أصقاع العالم ليستوطن أرض فلسطين، وفلسطين ليست أرض أبوه وليس له حق العيش فيها، وإن انتصر المحتل بإجرامه أو توهم إمكانية انتصاره، نقول له ولكل من يسلم بمنطقه أن يسأل فرنسا عن الجزائر؟ وأن يسأل بريطانيا عن اليمن والعراق، بريطانيا التي كانت الشمس لا تغرب عن مستعمراتها، فأين هي بريطانيا اليوم؟ وأين حدودها؟ أو يسأل أمريكا ذاتها عن فيتنام وأفغانستان والعراق وما يعد لها في غزة وبعد غزة؟ إن أمريكا خسرت نفوذها الجيوسياسي رغم ارتهان بعض العرب والمسلمين لها غير أن هؤلاء المرتهنين لن يتمكنوا من حماية نفوذها أو وجودها..؟
إن ما حمله الموقف اليمني- وعبّر عنه السيد القائد وكل قادة أنصار الله وسلطة صنعاء- ليس إلا المقدمة لما هو آت وما ستقابله أمريكا في المنطقة التي ربما تترك أساطيلها ومدمراتها كحديد خردة.. وهذا سيأتي قريبا.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
عُمان التي أسكتت طبول الحرب
في ركنٍ من هذا العالم العربي الملتهب، حيث تتشابك مصالح الإمبراطوريات وتتصادم استراتيجيات الدول الكبرى على حساب الجغرافيا والتاريخ، هناك دولة اختارت طريقًا مختلفًا.
سلطنة عُمان هذه الواحة الهادئة وسط صحراء النزاعات لم تسمح لنفسها أن تكون بيدقًا في رقعة الشطرنج الدولية، ولم تُبدّد مكانتها في لعبة المحاور والاصطفافات، بل وقفت كـ«السيدة الحكيمة»، كما يسميها المراقبون، تمسح عن الوجوه غبار الحروب، وتفتح للخصوم أبوابًا لم يكونوا يتوقعونها.
في منطقة تتوزعها الرياح بين الطموح النووي الإيراني، والوجود الأمريكي الصارم، والاشتباك العربي المزمن، رفعت سلطنة عمان راية أخرى: راية «الاحترام المشترك»، و«الحوار قبل الضربة»، و«اليد الممدودة بدل الإصبع على الزناد».
وهنا، يكمن الاستثناء العُماني: دولة لم تُقامر يومًا بدماء جيرانها، ولم تبنِ مجدها على ركام الدول الأخرى. بل آمنت أن دورها الحضاري ليس بالتحالف مع الأقوى، بل بالوقوف على مسافة واحدة من الجميع.
في السادس من مايو، بينما كانت شاشات الأخبار تغرق في صور الانفجارات، وبينما كانت المؤشرات تنذر بتوسّع خطير في الصراع الدائر بين جماعة أنصار الله والتهديدات أمريكية المتصاعدة تجاه استهداف الملاحة الدولية في البحر الأحمر، خرجت مسقط باتفاق ناعم لكنه جلل: وقف إطلاق نار مؤقت بين واشنطن وصنعاء، يضمن سلامة الملاحة، ويمنح للسلام فرصة ليلتقط أنفاسه.
ولم تكن هذه المبادرة وليدة لحظة، بل هي نتيجة شهور من الحوار الصامت الذي أجرته سلطنة عُمان، بهدوء، بعيدًا عن الأضواء، في قنوات خلفية لا تعتمد على التصعيد، بل على بناء الثقة، حجرةً بعد حجرة.
لكن الأمر لم يتوقف عند اليمن.
إذ حملت الأيام التالية مفاجأة أكبر: إيران تُعلن موافقتها على مبادرة عُمانية لاستضافة جولة رابعة من المفاوضات مع الولايات المتحدة.
في وقتٍ كانت فيه التوترات تنذر بالانفجار، وبين تحركات بحرية ومواقف سياسية حادة، قررت طهران أن تستمع لصوت مسقط.
لماذا؟ لأن هذه الدولة التي لا تلوّح بالقوة، تملك ما هو أثمن من ذلك: تملك المصداقية.
لقد فهمت سلطنة عمان منذ بداية الجمهورية الإسلامية في إيران، ومنذ لحظة دخول الأساطيل الأمريكية للخليج، أن دورها ليس الوقوف في الضد، بل الوقوف في المنتصف، لا كحياد باهت، بل كوسيط نشط، بكرامة وهدوء.
فما الذي يجعل هذا البلد العملاق برسالته، ينجح فيما فشلت فيه دول كبرى، ذات أبواق وسفارات وميزانيات مهولة؟ الجواب، ببساطة، إنه لا يُمارس السياسة من أجل العنوان، بل من أجل الغاية.
ففي السياسة كما في الطب، لا يحتاج الطبيب الجيد إلى صخب، بل إلى يد ثابتة ونية خيّرة.
وهذا ما فعلته سلطنة عُمان.
اقتربت من الجراح وهي تهمس لا تصرخ، ووضعت الضمادة لا الحطب.
لقد وُلدت هذه الفلسفة من تاريخ طويل في العلاقات الإنسانية والسياسية.
فسلطنة عُمان، التي تفتح أبوابها للحجاج والدبلوماسيين على حد سواء، تعرف أن الكلمة الطيبة تُغيّر العالم أكثر مما يفعل الرصاص.
عرفت ذلك عندما وقفت على مسافة متزنة من كل صراعات المنطقة، وعندما شاركت في مساعي الاتفاق النووي مع إيران، وعندما رفضت أن تدخل تحالفات استنزفت الدول وأغرقتها في الرمال.
عُمان لا تُراهن على النصر، بل على النُبل.
لا تُقايض بالتحالفات، بل تُبادر بالثقة.
لا ترفع شعارات، بل ترسم جسورًا.
وفي لحظةٍ يخشى فيها العالم اندلاع حربٍ جديدة بين قوى كبرى، تُطفئ مسقط الشرارة قبل أن تصبح نارًا.
تجمع طهران وواشنطن تحت سقف واحد، لا لتفرض رأيًا، بل لتفتح نافذة.
هذا المقال ليس تمجيدًا لدبلوماسية، بل احتفاء بأخلاق دولة.
بدولةٍ فهمت أن القيادة لا تحتاج صراخًا، بل رقيًّا.
وأن التاريخ لا يخلّد الأصوات العالية، بل الأفعال العظيمة التي تمشي على أطراف الأصابع.
تحية إلى عُمان، دولة الأفعال الهادئة التي كلما اقتربت الحرب، قررت أن تكتب فصلًا جديدًا للسلام.