إنطلاق فعاليات البرنامج الثقافي الرابع للأئمة والواعظات بكلية أصول الدين بأسيوط
تاريخ النشر: 27th, November 2023 GMT
انطلقت اليوم فعاليات البرنامج الثقافي الرابع لوزارة الأوقاف للأئمة والواعظات تحت عنوان " ترسيخ قيم المواطنة " بقاعة الإمام الأكبر أحمد الطيب بكلية أصول الدين والدعوة بأسيوط وذلك بحضور فضيلة الدكتور محمد عبدالمالك نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه القبلي والدكتور عبدالمحسن وهبة عميد كلية أصول الدين والدعوة والأستاذ الدكتور عبدالفتاح العواري عميد كلية الشريعة والقانون بأسيوط والدكتور حسين أبو صغير وكيل كلية أصول الدين والدعوة بأسيوط والدكتور عاصم قبيصي وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط والشيخ محمد عبد اللطيف مدير عام الدعوة بمديرية الأوقاف بأسيوط والأئمة وواعظات محافظة أسيوط وذلك تحت رعاية الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر ومعالي الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف، وفى إطار التعاون المشترك بين جامعة الأزهر برئاسة فضيلة الأستاذ الدكتور سلامة داود رئيس جامعة الأزهر ووزارة الأوقاف.
بدأ اللقاء بالسلام الجمهوري والقرآن الكريم من فضيلة الإمام الخطيب على حسن ، ثم كلمة ترحيب من الدكتور عبدالمحسن وهبة عميد كلية أصول الدين والدعوة بأسيوط بالمنصة الكريمة والأئمة وواعظات محافظة أسيوط والحضور معربا عن سعادته باستضافة تلك الفاعليات التثقيفية البنائة، فحب الوطن من الإيمان وترسيخها فى النفوس يؤدي إلى حب الوطن والدفاع عنه والذي علمنا حب الأوطان هو سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، والجميع فى الوطن متساوون فى الحقوق والواجبات دون تمييز أو عنصرية.
وفى كلمته نقل فضيلة الدكتور محمد عبدالمالك نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه القبلي تحيات فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وفضيلة الدكتور سلامة داود رئيس جامعة الأزهر للحضور مثمنا جهود وزارة الأوقاف بالتعاون مع جامعة الأزهر فى تطوير وتثقيف السادة الأئمة والواعظات فى شتى المجالات، سواء الشرعية أو اللغوية من خلال عقد تلك الندوات، وهو ما ينعكس بالإيجاب فى صقل شخصية الأئمة والواعظات.
وأكد فضيلته على أهمية عنوان الندوة "ترسيخ قيم المواطنة " فى ظل الظروف المضطربة التي تعيشها المنطقة، وهو ما يحتم الاعتصام والتكاتف من جميع المواطنين والاصطفاف صفا واحد لمواجهة تلك التحديات التي فرضت علينا فرضا موضحاً أن المواطنة كمصطلح هو حديث ومن حيث الواقع هو قديم، أول من وضعه هو سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم في "وثيقة المدينة" حيث ضمت المدينة المنورة فى ذلك الوقت العديد من الأجناس والأعراق والديانات، فكانت أخلاط من الناس من أوس وخزرج ويهود مختلفين فيما بينهم، وهم أشهر من سكن المدينة، فبعد أن آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، وضع وثيقة المدينة ليعم السلام بين جميع مواطني المدينةمن خلال نبذ الخلافات بين الأوس والخزرج وتثبيت الجبهة الداخلية وتهدئتها ، ثم واجبات وحقوق محددة لكل من يسكن المدينة للدفاع عنها وقت الخطر؛ لتثبيت الجبهة الخارجية.
ومن أهم ما تضمنته تلك الوثيقة النبوية، قبول التنوع فى العقيدة لجميع مواطني المدينة والمساواة بين الجميع فى الحقوق والواجبات وإقرار الخصوصية الثقافية للجميع والمسؤولية فى الدفاع المشترك عن المدينة حال تعرضها للخطر الخارجي و المساواة المسؤولية الاقتصادية المشتركة والمساواة القانونية والاجتماعية.
ومن جانبه قدم الدكتور عاصم قبيصي وكيل وزارة الأوقاف بأسيوط شكر وتحيات معالي وزير الأوقاف مختار جمعة لفرع الجامعة للوجه القبلي وكلية أصول الدين والدعوة بأسيوط على حسن الاستضافة؛ لرفع كفاءة وثقافة السادة الأئمة فى كافة المجالات و ذلك ضمن خطط التطوير المستمرة لوزارة الأوقاف، مضيفا أن من أعظم النعم على الإنسان هى نعمة الوطن، وحب الوطن غريزة فطرية، خاصة إذا كان الوطن هو مصر بلد الأنبياء والأولياء و التي أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بأهلها خيرا، فجندها هم خير أجناد الأرض وهم فى رباط إلي يوم الدين، فالشريعة الإسلامية خير من أرسى قيم المواطنة حيث كانت المدينة المنورة وطنا عاش فيه المسلم وغير المسلم بلا تمييز ووثيقة المدينة تعتبر خير دستور عرفته البشرية، كما رسخت علاقة الحاكم بالمحكوم وواجبات وحقوق المواطنين وتحقيق المحبة والتكاتف بين الجميع فى السراء والضراء.
وأضاف الدكتور عبدالفتاح العواري عميد كلية الشريعة والقانون بأسيوط أن الوطن هو الأرض التي ينشأ عليها الإنسان ويكتسب منه صفاته وهذا ما يقتضي حب الإنسان لوطنه ودفاعه عنه، فحماية الوطن جعله الله جهادا، فترسيخ قيم المواطنة وحب الوطن ضرورة فى ظل العولمة التي تجتاح العالم، والمحافظة على الأوطان تتطلب العمل والاجتهاد، ونشر الوعي لدى المواطنين والتنشئة الأسرية الصالحة للأبناء وغرس القيم الخلقية، داعيا المولى عز وجل أن يحفظ مصرنا وأهلنا من سوء ومكروه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: القانون المنطقة المحافظة المشتركة البرنامج الجامعة جامعة الاوقاف انطلاق عبدالمالك الواجبات وزارة الأوقاف جامعة الأزهر رئيس جامعة الأزهر وكيل وزارة الاوقاف التعاون المشترك وزارة الأوقاف بأسيوط حقوق المواطن نائب رئيس جامعة الأزهر الدفاع المشترك كلية الشريعة نائب رئيس جامعة الأزهر للوجه القبلي فعاليات البرنامج الثقافي كلية أصول الدين والدعوة مديرية الاوقاف باسيوط فعاليات البرنامج أصول الدين والدعوة ب صلى الله علیه وسلم رئیس جامعة الأزهر قیم المواطنة عمید کلیة
إقرأ أيضاً:
فؤاد باشا سراج الدين .. الرجل الذى علم المصريين معنى الكرامة
منذ يومين مرت الذكرى الرابعة والعشرون لرحيل رجل من أعظم رجال مصر فى القرن العشرين؛ رجل لم يكن مجرد سياسي أو صاحب منصب، بل كان مدرسة كاملة فى الوطنية والعناد الشريف والإصرار على أن تبقى مصر واقفة مهما حاولت قوى الاحتلال أن تكسر إرادتها.
أتحدث هنا عن فؤاد باشا سراج الدين، الرجل الذى ترك بصمة لا تمحى فى الوجدان المصرى، والذى رحل عن عالمنا فى التاسع من أغسطس عام 2000، لكنه لم يرحل يوما عن ذاكرة الوطن.
فى كل مرة تمر فيها ذكرى رحيله، أشعر أن مصر تعيد اكتشاف جزء من تاريخها؛ تاريخ لا يمكن فهمه دون الوقوف أمام شخصية بهذا الثقل وبهذه القدرة على الصمود.
ولد فؤاد باشا سراج الدين سنة 1910 فى كفر الجرايدة بمحافظة كفر الشيخ، وبدأ مشواره شابا يحمل حلم الوطن فى قلبه قبل أن يحمله على كتفيه.
تخرج فى كلية الحقوق، ودخل معترك الحياة العامة صغيرا فى السن، لكنه كبير فى العقل والبصيرة، وفى سن لم تكن تسمح لغيره سوى بأن يتدرب أو يتعلم، أصبح أصغر نائب فى تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، ثم أصغر وزير فى حكوماتها المتعاقبة، فى زمن لم يكن الوصول فيه إلى المناصب بالأمر السهل ولا بالمجاملات.
لكن ما يجعل الرجل يستحق التوقف أمامه ليس كثرة المناصب، بل طريقة أدائه فيها، فقد كان نموذجا للمسؤول الذى يعرف معنى الدولة، ويؤمن بأن خدمة الناس شرف لا يباع ولا يشترى.
ومن يعيش تفاصيل تاريخه يدرك أنه لم يكن مجرد جزء من الحياة السياسية، بل كان جزءا من الوعى العام للمصريين، وصوتا قويا فى مواجهة الاحتلال، وسندا لحركة الفدائيين فى القناة، وواحدا من الذين كتبوا بدموعهم وعرقهم تاريخ كفاح هذا الوطن.
ويكفى أن نذكر موقفه الأسطورى يوم 25 يناير 1952، حينما كان وزيرا للداخلية، ورفض الإنذار البريطانى الداعى لاستسلام رجال الشرطة فى الإسماعيلية.
وقتها لم يتردد لحظة، واختار الكرامة على السلامة، والوطن على الحسابات السياسية، ذلك اليوم لم يصنع فقط ملحمة بطولية، لكنه صنع وجدانا كاملا لأجيال من المصريين، وأصبح عيدا رسميا للشرطة تخليدا لشجاعة رجال رفضوا أن ينحنوا أمام الاحتلال، وهذه الروح لم تكن لتظهر لولا وزير آمن برجاله وبمصر أكثر مما آمن بنفسه.
كما لا يمكن نسيان دوره الحاسم فى إلغاء معاهدة 1936، ودعمه لحركة الكفاح المسلح ضد الإنجليز، ولا تمويله للفدائيين بالمال والسلاح، كان يعلم أن المستقبل لا يهدى، وإنما ينتزع انتزاعا، وأن السيادة لا تستعاد بالكلام، وإنما بالمواقف.
وفى الداخل، قدم سلسلة من القوانين التى شكلت تحولا اجتماعيا حقيقيا؛ فهو صاحب قانون الكسب غير المشروع، وصاحب قوانين تنظيم هيئات الشرطة، والنقابات العمالية، والضمان الاجتماعى، وعقد العمل الفردى، وقانون إنصاف الموظفين.
وهى تشريعات سبقت عصرها، وأثبتت أن الرجل يمتلك رؤية اجتماعية واقتصادية عميقة، وميلا دائما للعدل والمساواة، وفهما راقيا لطبيعة المجتمع المصرى.
ولم يكن خائفا من الاقتراب من الملفات الثقيلة؛ ففرض الضرائب التصاعدية على كبار ملاك الأراضى الزراعية حين كان وزيرا للمالية، وأمم البنك الأهلى الإنجليزى ليصبح بنكا مركزيا وطنيا، ونقل أرصدة الذهب إلى مصر للحفاظ على الأمن الاقتصادى للدولة، وكلها خطوات لا يقدم عليها إلا رجل يعرف معنى السيادة الحقيقية ويضع مصالح الوطن فوق كل اعتبار.
ورغم الصدامات المتتالية التى تعرض لها، والاعتقالات التى مر بها فى عهود متعددة، لم يتراجع ولم يساوم، ظل ثابتا فى المبدأ، مؤمنا بالوفد وبالحياة الحزبية، حتى أعاد إحياء حزب الوفد الجديد عام 1978، ليبقى رئيسا له حتى آخر يوم فى حياته، وقد كان ذلك الإحياء بمثابة إعادة الروح لمدرسة سياسية كاملة ترتبط بتاريخ النضال الوطنى الحديث.
إن استعادة ذكرى فؤاد باشا سراج الدين ليست مجرد استدعاء لصفحات من التاريخ، بل هى تذكير بأن مصر لم تبن بالكلام، وإنما صنعت رجالا مثل هذا الرجل، آمنوا أن الحرية حق، وأن الوطنية فعل، وأن الكرامة لا تقبل المساومة.
وفى زمن تكثر فيه الضوضاء وتختلط فيه الأصوات، يبقى صوت أمثال فؤاد باشا أكثر وضوحا، وأكثر قوة، لأنه صوت نابع من قلب مصر، من تربتها وأهلها ووجدانها.
رحل جسد الرجل، لكن أثره باق، وتاريخه شامخ، وسيرته تذكرنا دائما بأن الوطن لا ينسى أبناءه المخلصين وأن مصر، رغم كل ما تمر به، قادرة دائما على إنجاب رجال بحجم فؤاد باشا سراج الدين.