بن حبتور: مؤازرة الاشقاء في فلسطين واجب مقدس
تاريخ النشر: 28th, November 2023 GMT
وفي الفعالية أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور، أن إحياء الذكرى السنوية للشهيد ينسجم مع التزامات الجميع الإنسانية والأخلاقية والدينية إزاء هذه الشريحة الهامة في المجتمع والأكثر تضحية.
وعبر عن الشكر للهيئة على تنظيم هذه الفعالية الخاصة بالذكرى السنوية للشهيد الذي قدم روحه من أجل الوطن والأمة.
ولفت إلى أن هناك المئات من الشهداء الذين ترتقي أرواحهم يوميا في فلسطين حتى وصل عددهم إلى قرابة عشرين ألف شهيد بما فيهم من لازالوا تحت الانقاض.. موضحا أن أرواح الأشقاء في فلسطين غالية بالنسبة لليمنيين ولكنها بالنسبة للعالم الظالم رخيصة ولا تعني له شيئًا.
وشدد على أن مؤازرة كل مسلم ومسلمة للأشقاء في فلسطين التي تقع تحت وطأة الظلم منذ خمسة وسبعين عاما هو واجب مقدس.. معربا عن الأسف إزاء تعامل الكثير من المسلمين مع ما يحدث من ظلم وكأنه أمر طبيعي بل وينتقدون أصحاب الأرض لحملهم السلاح ومواجهة المحتل ومن أمثال هؤلاء الدول المطبعة مع العدو الصهيوني.
وقال "بعض التجار الخليجيين وصل بهم الحال إلى تقديم مئات الملايين من الدولارات إلى اليهود الصهاينة في فلسطين المحتلة ونسوا الفقراء في الصومال وغيرها من الدول الإسلامية التي يعيش أهلها وضعا معيشيا صعبا".
وأضاف " إن مساهمة اليمن في الانتصار للمظلومين في فلسطين وقطاع غزة له مدلولاته الإنسانية والعسكرية والسياسية، ويعد التزاما أخلاقيا وأخويا على شعبنا في نصرة إخوانه الذين يتعرضون لإبادة ومحاولة إخراجهم مما تبقى لهم من أرضهم المغتصبة".
وذكر الدكتور بن حبتور أن لدى اليهود الصهاينة هاجس مستمر منذ أكثر من ألفي عام وهو إخضاع العالم كله لإرادتهم من خلال نشر الفتن في أوساط الشعوب والأمم وإفسادها أخلاقيا وتحويلها إلى قطعان تنساق وراء غاياتهم الخبيثة.
وأكد أن الأمة العربية والإسلامية ستظل برغم محاولات تدجينها حية وولادة للقادة الأحرار الذين يتصدون لمثل هذا الصلف الصهيوني من أمثال قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، الذي يسعى من خلال أقواله وأفعاله إلى خير الأمة والانتصار لقضاياها المصيرية.
وعبر الدكتور بن حبتور، عن ثقته بأن تواجد الاحتلال الصهيوني في قلب الأمة العربية والإسلامية فلسطين لن يطول، وما معركة طوفان الأقصى إلا رسالة مبشرة على قرب زوال هذا الكيان الغاصب.
وتوجه في ختام كلمته بالشكر للهيئة على ما تقوم به من جهود مؤسسية تطويرية وأنشطة إنسانية لصالح أسر الشهداء.
فيما أشاد مفتي الجمهورية العلامة شمس الدين شرف الدين بموقف الشعب اليمني الذي وفقه الله على سلوك الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والبذل والعطاء في الوقت الذي ظل فيه الكثيرون في حالة جمود وخنوع وتكاسل.
وأشار خلال الفعالية التي حضرها مستشار المجلس السياسي الأعلى الدكتور عبد العزيز الترب، ووزيرا التعليم العالي والدولة بحكومة تصريف الأعمال حسين حازب، وأحمد العليي إلى أن إحياء الذكرى السنوية للشهيد من الأمور العظيمة التي لها مردود ونفع على نفوس كل أبناء المجتمع.. مؤكدا أن العطاء لا يستمر إلا إذا استمرت التضحيات في سبيل أسمى الغايات.
ولفت مفتي الديار اليمنية إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حث المؤمنين على الجهاد باعتباره أعلى منزلة.. حاثا أبناء الشعب اليمني على عدم الالتفات إلى ما يبثه أعداء الأمة من ادعاءات حول الجهاد بهدف تثبيطهم ودفعهم إلى ترك ذلك الوسام الرباني العظيم والرضوخ والاستسلام للهيمنة الصهيونية الامريكية.
وأفاد بأن ما يحدث في غزة كشف الصادق من الكاذب والمؤمن من المنافق والخبيث من الطيب فضلا عن كونه ابتلاء وتحقيق لوعد لله.. موضحا أن الجهاد هو طريق الأنبياء لبلوغ أعلى مكانة من العزة والكرامة.
بدوره أكد رئيس الهيئة العامة للأوقاف العلامة عبدالمجيد الحوثي أن إحياء الذكرى السنوية للشهيد هو أقل ما يمكن أن يقدمه المجتمع لمن ضحوا بحياتهم في سبيل عزة وكرامة الوطن.
وقال :"عند الحديث عن الشهادة يجب أن نتذكر الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي الذي تحرك في زمن صعب، منطلقا من جبل مران بمشروعه التنويري وفي زمن كانت جدرانه مظلمة وآفاقه معتمة".
وأشار إلى أن ثقافة الجهاد في زمن الشهيد القائد كانت مغيبة مما دفع بالكثيرين إلى القول بأن "من المستحيل أن يصل الشعب اليمني إلى ما وصلنا إليه اليوم من عزة وكرامة واستقرار وأمن ورفعه بين شعوب العالم".
ولفت رئيس الهيئة إلى ما وصلت إليه الأنظمة العربية العميلة والمطبعة وحكامها من انحطاط وانبطاح لأنهم صنيعة الاستعمار ودول الاستكبار.. مؤكدا ان أولئك الحكام يشعرون عند الحديث عن فلسطين بالخزي والعار لأنهم غير قادرين على اتخاذ أي قرار.
وأوضح أن ما ينعم به اليمن من عزة وكرامة ومواقف مشرفة ترفع رأس كل يمني هو نتيجة طبيعية لوجود قائد يتبع القول بالفعل.. مشيرا إلى أن المجاهدين في غزة يقاتلون أعداء الإنسانية من الدول الغربية المتوحشة والتي كشفت الحرب على غزة القناع عن إجرامها ووحشيتها.
وألقيت في الفعالية كلمة عن أسر الشهداء من قبل مدير مكتب الأوقاف بمحافظة صنعاء عبدالله عامر، أكد فيها أهمية إحياء هذه الذكرى لاستلهام الدروس من تضحيات الشهداء الذي قدموا أرواحهم في سبيل الله.
وأشار إلى أن العدو يسعى إلى قتل الروح الجهادية والايمانية في نفوس أبناء الأمة ليسهل عليه السيطرة عليها وتوجيهها حسب خططه التآمرية.
تخللت الفعالية التي حضرها نائب رئيس الهيئة العامة للاوقاف و عدد من وكلاء الهيئة ، فقرات إنشادية وشعرية وتكريم أسر الشهداء من منتسبي الهيئة ومكتبيها في أمانة العاصمة ومحافظة صنعاء.
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: الذکرى السنویة للشهید فی فلسطین بن حبتور إلى أن
إقرأ أيضاً:
غزة مرآة الأمة.. وفضيحتها
أحمد الفقيه العجيلي
في غزة، لا تنتهي المأساة عند حدود الدم، بل تبدأ منها.. بل باتت مرآة تكشف وجوهًا عديدة، بعضها كان مستورًا خلف أقنعة الكلمات، وبعضها كان ينتظر لحظة سقوط كهذه ليطفو على السطح.
ما يحدث هناك ليس مجرد عدوان، بل اختبار قيمي شامل. ليس امتحانًا لغزة، بل لنا جميعًا.. إنه الامتحان الأصعب: امتحان القيم والمبادئ والمواقف، امتحان للضمير الإنساني قبل أن يكون امتحانًا للمنظمات والحكومات.
وفي ظل هذا الصمت المريب، برز موقف الأزهر الشريف الذي أصدر بيانًا عميقًا بعنوان "صرخة ضمير": "السكوت عن هذه الجرائم هو اشتراك في الجريمة، ومنع المساعدات الإنسانية عن غزة هو خذلان للمظلوم، وتخلي الدول القادرة عن مسؤولياتها هو سقوط أخلاقي، ووصمة عار في جبين التاريخ".
لكن سرعان ما حُذف البيان، ليصدر لاحقًا نص أكثر تحفظًا، اعتبره كثيرون محاولة للتبرير لا اعتذارًا حقيقيًا.
وإذا أمعنتَ النظر في الآية الكريمة: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ﴾ [الأنفال: 73]، فستدرك أن الفساد الكبير المقصود هنا ليس فقط ظلم العدو، بل تخلي المسلمين عن النصرة، وتمييع المواقف، والركون إلى العجز.
هذا ما حذّر منه الدكتور علي السند في أحد مقاطعه، حين أنزل هذه الآية على واقع غزة، مؤكدًا أن فُرقة المؤمنين وتخاذلهم هو منشأ الفساد الأكبر.
اللافت أن المعادلة باتت واضحة حدّ الوجع: من جهة، كافّة قوى الباطل توحّدت، وتناسقت، ونسّقت، بل وحشدت، وسوّغت، ودعمت، وضمنت ألا يُمسّ العدو بسوء.
أمريكا وحدها قدّمت 7 مليارات دولار دعمًا عسكريًا، ووقفت بالفيتو 5 مرات في مجلس الأمن لإجهاض أي دعوة لوقف إطلاق النار.
أوروبا حشدت مواقفها السياسية والأمنية، وسخّرت إعلامها لتبييض الصورة. حاملات الطائرات تبحر لا لحماية المظلوم، بل لحماية الظالم.
في المقابل، لم يقم العرب والمسلمون بما أمرهم الله به من نصرة إخوانهم... لم يوحّدوا صفًّا، ولا أوقفوا تطبيعًا، ولا استثمروا مالًا، ولا وظّفوا إعلامًا، بل تركوا غزة تواجه مصيرها وحدها.
وقبل أيام، بثت قناة "المسلمون" تحقيقًا صحفيًا للصحفي أشرف إبراهيم بعنوان: "لماذا يتفرج الجميع بينما تقتل إسرائيل وأمريكا أهل غزة وتخططان لتهجيرهم؟"، كشف فيه وثائق خطيرة عن خطط مُحكمة لتهجير سكان غزة بدعم أمريكي مباشر، وتواطؤ مؤسسات كبرى، وبميزانيات مرصودة.
المثير أن خطة التهجير ليست مجرد فكرة، بل هناك سيناريوهات، ميزانيات، ودول مقترحة لاستقبال المهجرين، ونموذج مالي يُقدّر تكلفة ترحيل نصف مليون إنسان بـ5 مليارات دولار فقط!
بل هناك مشاريع مستقبلية لتحويل أراضي غزة إلى منتجعات استيطانية، تُباع على البلوكتشين، بأسماء فاخرة، وأحلام مصطنعة!
في هذه اللحظة الحاسمة، لا نطالب العالم الخارجي بأن يتحول فجأة إلى منقذ، ولا ننتظر من المنظومة الدولية أن تنصفنا، بعد كل هذا التواطؤ المكشوف.
وهنا تبرز المفارقة: بينما تتحالف قوى الباطل بلا تردد، لا يزال أهل الحق مختلفين متخاذلين.
وتاريخنا ليس بعيدًا عن مشاهد الحصار والتآمر. فغزة تُذكّرنا بما وقع للنبي ﷺ حين حوصِر في شِعب أبي طالب، وقّعت قريش وثيقة جائرة تقاطع النبي وأهله، كانت صرخات الجوع تُدوّي في أرجاء مكة.
لم تكن هناك منظمات دولية ولا قوانين إنسانية، لكن كانت هناك ضمائر حية... رجال من كفار قريش، لم يؤمنوا برسالته، لكنهم ثاروا على الظلم، ومزّقوا الصحيفة الجائرة.. لم يكتفوا بإصدار بيانات شجب، بل واجهوا الباطل بالفعل.. لم يتحدثوا عن "قلق بالغ"، بل تحركوا نصرة للمظلوم".
أما اليوم، فالعرب عقدوا (كامب ديفيد، أوسلو، وادي عربة، والتطبيع الأمني والتجاري)، ثم عادوا و"أدانوا" القتل بأضعف الإيمان.
السؤال الأعمق: لماذا لا نجرؤ على وضع إجراءات عملية حقيقية للضغط على الاحتلال؟ أن يُسحب سفير، أو يُغلق مكتب، أو يُقاطع منتج، أو تُستخدم ورقة نفط، أو تُرفع قضية في لاهاي، أو حتى يُسحب توقيع من ورقة تطبيع، أو تُغلق منصة تروّج للمحتل".
اليوم نطالب أصحاب القرار في أمتنا أن يتحلّوا ببعض من شهامة أولئك الذين لم يكونوا مؤمنين، أن يُدخلوا المساعدات لا أن يمنعوها، أن يكسروا الحصار لا أن يبرّروه، أن ينصروا المظلوم لا أن يعاتبوا صموده.
فأين نحن من تلك القيم اليوم؟! ومع ذلك، تقف الأمة متفرجة، "لا يصدر عنهم شيء سوى بيانات..."، ومواقف رمادية، وقمم تنتهي بعبارات محفوظة من قبيل: "ندعو المجتمع الدولي..."، "نعبّر عن بالغ القلق..."، "نطالب بوقف فوري...".
وما هو أشد إيلامًا أن بعض الأصوات تُحاول تبرير خذلان العرب لغزة، بزعم أن المقاومة هي من أشعلت الحرب وتتحمّل ما يترتب عليها! وكأن استهداف المدنيين وتجويع الأطفال أصبحا عقوبة يمكن قبولها!
هذا الموقف لا يُعبّر فقط عن رؤية سياسية مختلّة، بل يكشف عن انهيار أخلاقي عميق، وانفصال تام عن الفطرة السليمة، والقيم الدينية والإنسانية".
لقد توالت نصوص الوحي لتؤكد وجوب النصرة والوقوف مع المظلوم:
من القرآن الكريم:
{وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} (الأنفال: 72).
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: 10).
{وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} (هود: 113).
ومن السنة النبوية:
قال ﷺ: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يُسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته" (رواه البخاري ومسلم).
وقال ﷺ: "من نصر مسلمًا في موطن يُنتقص فيه من عرضه، ويُستحل فيه من حرمته، نصره الله في موطن يحب فيه نصره" (رواه أبو داود).
كما قال ﷺ: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا"، قيل: ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا؟ قال: "تأخذ فوق يده" (رواه البخاري).
هذه النصوص ليست شعارات، بل تكليف، وعهد إيماني، ومؤشر على صدق الإيمان. فحين يتخاذل المسلم عن نصرة أخيه، ويهادن الظالم، يكون قد خان الرسالة، وفرّط في أعظم واجبات الأخوة.
"غزة تواجه وحدها منظومةَ الشر العالمي، وسط خذلان غير مسبوق، وصمتٍ عربي وإسلامي، ودولي مُخجل... وندعو شعوب العالم الحر للوقوف في وجه الإبادة الجماعية بكل السبل الممكنة، ونؤكد أن دعم أهل غزة فريضة شرعية وضرورة إنسانية".
غزة مرآتنا جميعًا، وفضيحتنا أيضًا. تكشف تخاذل الأنظمة، وتفضح زيف التحالفات، وتضع كلّ فرد أمام ضميره: ماذا قدّمت؟ وأيّ موقف اخترت؟
لم تعد القضية بحاجة لمحللين، بل لرجال. لم تعد غزة بحاجة للبكاء، بل للبذل. لم يعد السكوت خيارًا، بل مشاركة في الجريمة.
هي مرآة صارخة.. فلننظر فيها جيدًا، قبل أن تنكسر.
"والله من وراء القصد".