الثلاثاء, 5 ديسمبر 2023 8:50 م

المركز الخبري الوطني/ خاص

يخوض رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، مساعٍ حثيثة لتهدئة طرفي النزاع الجاري في البلاد، فصائل “المقاومة الإسلامية”، والجيش الأميركي، الذي تستهدف قواعدهُ في العراق منذ اندلاع الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة، في شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، حيث ترى الفصائل أن استهداف القواعد الأميركية جزءاً من الحرب الدائرة في فلسطين، وعدّ الطرف الأميركي طرفاً مسانداً، وداعماً رئيساً للكيان الصهيوني.

وتقف الحكومة العراقية إلى جانب الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه، لكنها ترفض زعزعة الاستقرار الأمني في البلاد، وتصرّفات فصائل المقاومة التي تهدد العلاقة الأمنية والستراتيجية بين بغداد وواشنطن. ولم تكتفِ الأخيرة بالضغط على الحكومة لإيقاف عمليات الفصائل، بل راحت تقصف مقرات تابعة لها في محافظات عراقية عدة.

وكانت آخر غارة أميركية، مساء الأحد الماضي، حيث استهدفت مقار حركة النجباء في محافظة كركوك، مما أدى إلى سقوط خمسة شهداء، لترتفع خسائر الفصائل منذ اندلاع حرب غزة، إلى 14 شهيداً قضوا في قواعد متفرقة.

وكان من المرجح أن تنفذ حركة النجباء، عملية من محافظة كركوك، تستهدف قاعدة الحرير الأميركية في أربيل، حيث قامت الحركة، بنشر فيديو على منصاتها الاخبارية، زعمت بأنها “المقاومة الأكثر تأهيلاً للدخول في غزة بسبب تدريبها وتسليحها العالي”. لكن الضربات الاميركية الاستباقية، أفشلت العملية، ورفعت منسوب التوتر من جديد داخل مساحة الفصائل المسلحة.

وعادت الفصائل الى الحرب بعد 3 أيام من انتهاء هدنة حماس- اسرائيل، وهاجمت الجماعات العراقية بداية الأسبوع الجاري، قواعد؛ عين الاسد، والحرير، وأطلقت صواريخ من ربيعة شمالي الموصل ضد مواقع في سوريا.

الكعبي يهدد

ورداً على الاستهداف الأميركي الذي طال حركة النجباء في محافظة كركوك، وجه أمين عام الحركة أكرم الكعبي، رسالةً إلى القوات الأمريكية في العراق، فيما أكد أن العراق سيتحرر قريباً.

وقال الكعبي في بيان: “في بادئ ذي بدء ليعلم المحتل الآثم أن استشهاد ثلة من الأبرار المجاهدين النجباء لا يزيدنا إلا إصراراً وثباتاً ويوقد جذوة الثأر في قلوبنا، وقسماً بالأيتام وبدموع الأمهات الثكالى وقلوب ذويهم المستعرة ودماء الشهداء الزاكيات ستدفعون ثمن جريمتكم باهظاً”.

وشدد قائلاً: “فالعراق عراقنا والأرض أرضنا أيها المارقون الغزاة المجرمون وسنطهرها قريباً من دنسكم ونحررها من استعماركم والله على ما نقول شهيد”.

و”النجباء” هو الفصيل الثاني الذي يتم استهدافه من القوات الامريكية بعد هجومين في الشهر الماضي، استهدفا مسلحين تابعين لكتائب حزب الله في جرف الصخر وابو غريب.

وكانت كتائب حزب الله، أعلنت قبل أيام عن هوية ما اسمتهم بـ”المقاومة”، وهم بالإضافة الى الكتائب، النجباء، انصار الله الأوفياء، وكتائب سيد الشهداء.

السوداني في دائرة الحرج

ويتعرّض رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، إلى ضغوطٍ هائلة من طرفي النزاع. وتنفرد الفصائل التي تعد حليفةً لكتلة “الإطار التنسيقي” الراعي الرسمي للحكومة، بقرار المواجهة مع الأميركان، عبر استهداف قواعدها في عين الأسد بمحافظة الأنبار، والحرير في محافظة أربيل، والقيام بعمليات عسكرية دون الرجوع إلى القائد العام للقوات المسلحة. بالمقابل، تضغط الإدارة الأميركية على السوداني لإيقاف عمليات الاستهداف التي تتعرض مناطق التواجد الأميركي في العراق.

وسبق أن وجه السوداني رسالةً أكد فيها أن الموقف الوطني من التواجد الأميركي تحدده الحكومة العراقية والسياقات الدستورية. وشدد على أن “الدولة هي المسؤولة عن اتخاذ القرارات الكبيرة وفقاً للدستور وانطلاقاً من المصلحة العليا للعراقيين”.

وأردف السوداني بالقول: “عملنا على أهمية استعادة العراق لدوره المركزي والمحوري في المنطقة، بوصفه فاعلاً وصانعاً للحدث، بدلاً من أن يكون ساحة لتفريغ الصراعات والتقاطعات السياسية”، مبيناً أن “العراق صار مفتاح الحل وليس جزءاً من المشكلة”.

وكانت آخر الضغوط الأميركية هو الاتصال الهاتفي الذي أجراه وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن مع السوداني، وطالب الأخير ببذل الجهود لإيقاف الاستهداف المتكرر من قبل الفصائل تجاه القواعد الأميركية في البلاد.

وأكّد السوداني خلال اتصاله مع بلينكن “موقف العراق الرافض لأي اعتداء تتعرض له الأراضي العراقية”، كما أورد بيان صادر عن مكتبه.

وجدّد السوداني في الوقت نفسه “التزام الحكومة العراقية بحماية مستشاري التحالف الدولي المتواجدين في العراق”، وفق البيان نفسه.
واعتبر رئيس الوزراء ، أن “الهجوم” في جرف الصخر يعدّ “تجاوزاً على السيادة العراقية”.

وأواخر الشهر الماضي أعلنت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) في منشور على منصة إكس أنّها “نفّذت ضربات منفصلة ودقيقة” على موقعين في العراق، واستهدفت الضربات مواقع كتائب حزب الله، بمنطقة جرف الصخر جنوب بغداد، مما أدى إلى سقوط 9 مقاتلين وفق حصيلة أعلنتها الكتائب.

العمل على تهدئة

وخشية أن تتطور المناوشات بين فصائل المقاومة والقوات الأميركية في العراق، تتحدث قيادات في “الإطار التنسيقي” عن قيام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بمساعِ تهدئة بين الطرفين.

ويقول العضو في الإطار غضنفر البطيخ في تصريح صحافي، إن “التصعيد العسكري ما بين الفصائل والامريكان، ليس مرتبطًا بالشأن العراقي فقط، بل له علاقة بالتطورات الخارجية، خصوصا بأحداث غزة، ورغم ذلك فإن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يعمل ويسعى من أجل التهدئة ما بين الطرفين ومنع أيّ تصعيدٍ جديد”.

وبين أن “السوداني قادر على الضغط على الفصائل، كذلك يستطيع الضغط على الولايات المتحدة الامريكية من أجل إيقاف أي تصعيد عسكري، خصوصاً أن واشنطن لديها مصالح كبيرة في العراق، ولا تريد خسارة تلك المصالح، ولهذا هي بالتأكيد سوف تستجيب لضغوطات بغداد عليها لوقف العدوان على الأراضي العراقية”.

المصدر: المركز الخبري الوطني

كلمات دلالية: الوزراء محمد شیاع السودانی فی العراق

إقرأ أيضاً:

القرار 1483 بلا لياقة قانونية.. والأموال العراقية ما زالت تحت الحصار المالي الأميركي

3 يوليو، 2025

بغداد/المسلة:

لا تزال الحكومة العراقية  مستمرة في العمل وفق قرار مجلس الأمن رقم 1483 الصادر عام 2003، رغم زوال أسبابه القانونية والواقعية، إذ لم يعد هناك مبرر لبقاء أموال العراق تحت وصاية بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، لا سيما بعد أن سدد العراق جميع تعويضات غزو الكويت في عام 2021، وأُغلق ملف المطالبات الدولية بقرار أممي في 2022.

وأكد مراقبون اقتصاديون أن بقاء الحساب العراقي تحت السيطرة الأميركية لا يخدم الاستقرار المالي في البلاد، بل يضاعف الضغوط على سعر صرف الدينار، ويكرّس التبعية النقدية لسياسات خارجية لا تنسجم بالضرورة مع مصالح العراق، في وقت تعاني فيه الأسواق من تقلبات حادة بسبب تأخر أو تقنين تحويلات الدولار من الاحتياطي الأميركي إلى المصارف المحلية.

ودعا الخبير في الشأن الاقتصادي أحمد عبد ربه، الحكومة العراقية إلى مراجعة الإطار القانوني الدولي الخاص بإيداع أموال العراق في بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

واستندت التقارير الاقتصادية الحديثة إلى بيانات من البنك المركزي العراقي تُظهر أن أكثر من 97% من الاحتياطات الأجنبية مودعة بالدولار، ما يجعل العراق عرضة مباشرة لسياسات الفيدرالي الأميركي وقرارات وزارة الخزانة، وهو أمر وصفه بعض المحللين بـ”الاحتلال النقدي غير المباشر”، فيما دعت أصوات نيابية إلى ضرورة التحرر منه عبر تنويع العملات الأجنبية المعتمدة.

واستعادت مدونات متخصصة تجربة النرويج في إنشاء صندوق سيادي مستقل لإدارة الفوائض النفطية خارج الحسابات التقليدية، وهو ما عدّه اقتصاديون عراقيون نموذجاً ملائماً لحالة العراق النفطية، حيث يتجاوز الاحتياطي النقدي الـ100 مليار دولار، دون أن ينعكس بشكل فعلي على التنمية أو الاستدامة، بسبب غياب أدوات الحوكمة والتخطيط بعيد المدى.

وذكرت تقارير دولية أن العراق يظل حتى اللحظة واحداً من الدول القليلة التي تضع أموالها النفطية في حسابات دولية تحت رقابة خارجية، رغم أنه لم يعد خاضعاً لأي برنامج للتعويض أو العقوبات، وهو ما دفع مختصين للمطالبة بمراجعة الأطر القانونية في مجلس الأمن، بما يضمن عودة السيادة الكاملة على القرار المالي والاقتصادي.

وانتشرت على وسائل التواصل دعوات لمحاسبة الجهات التي تعيق الإصلاح المالي، حيث كتب أحد المدونين: “ليس من المعقول أن تُصادر أموال العراق بقرار أممي انتهى مفعوله قبل ثلاث سنوات!”، فيما نشر آخر: “استقلال العراق يبدأ من استقلال قراره المالي.. لماذا لا نمتلك شجاعة الخروج من عباءة الدولار؟”.

وشدد اقتصاديون على أن تحقيق السيادة المالية لا يتطلب فقط قرارات فنية من المصرف المركزي، بل إرادة سياسية موحدة، ودعماً من البرلمان، ومفاوضين محترفين في المحافل الدولية، خصوصاً مع مجلس الأمن وصندوق النقد، بما يعيد للعراق هيبته كدولة ذات موارد ضخمة وموقع إقليمي لا يُستهان به.

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • الرئاسات العراقية والمرجعية يؤكدون: لا سلاح خارج إطار الدولة
  • رئيس الحكومة العراقية يؤكد على ضرورة وقف العدوان على غزّة
  • غاز العراق على المحك.. استثمارات غربية تصطدم بـجموح الفصائل
  • رئيس الوزراء العراقي يجتمع مع سفير دولة قطر
  • نائب:البرلمان غير “مستعجل” على مناقشة تهديد السيادة العراقية
  • رئيس الاتحاد القادم بجمهورية كرة القدم العراقية ..!
  • القرار 1483 بلا لياقة قانونية.. والأموال العراقية ما زالت تحت الحصار المالي الأميركي
  • مطالبات شعبية بعزل رئيسة وزراء تايلند إثر زلة دبلوماسية
  • السوداني:إيران وتركيا وراء شحة المياه في العراق ونحن لاحول ولا قوة!!!
  • السوداني يعوّل على التجربة التركية في معالجة أزمة المياه المزمنة في العراق