الإضراب من أجل غزة.. هل حقّق أهدافه ولماذا اعترض عليه البعض؟
تاريخ النشر: 14th, December 2023 GMT
في خطوة وُصِفت بـ"الرمزية"، عمّ الإضراب الشامل في الكثير من الدول العربية والإسلامية، وحتى الغربية حول العالم، تنديدًا باستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وتضامنًا مع أهل القطاع المُحاصَر في مواجهة الحرب، وكذلك للضغط على الحكومات، وإجبارها على التحرّك بشكل مستمرّ لوقف جرائم الإبادة والمجازر المروّعة التي تُرتكَب بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، على مرأى ومسمع من العالم.
وجاء هذا الإضراب الشامل من أجل غزة، بعد تكريس الجلسة الأخيرة لمجلس الأمن الدولي "العجز" الدولي والأممي في وقف "حرب الإبادة" ضدّ الفلسطينيين، خصوصًا بعد استخدام الولايات المتحدة حقّ النقض (الفيتو) لإحباط مشروع قرار كان يدعو لوقف فوريّ لإطلاق النار في قطاع غزة، ما فُسّر على أنّه "ضوء أخضر" لإسرائيل للمضيّ في حربها، وأعاد طرح علامات استفهام حول بنية مجلس الأمن المعقّدة.
وفي حين جاءت مشاركة لبنان الطبيعيّة في هذا الإضراب محور ترحيب، بعدما لبّى الدعوات العالميّة في هذا الصدد على المستويين الرسمي والشعبي، وشُلّت الحركة في العاصمة والمناطق، كما أقفت الإدارات العامة والمدارس والمصارف وغيرها، لوحِظ "تحفّظ" بعض الأطراف على الخطوة، إما بوصفها غير نافعة، أو غير كافية، أو حتى باعتبار أنّ "لبنان غير معنيّ" كما ذهب البعض إلى القول، فكيف تُفهَم مثل هذه المواقف؟
"رمزية" الإضراب
في المبدأ، يؤكدّ العارفون أنّ الإضراب العالمي من أجل غزة جاء ليعبّر عن "موقف صارم" في وجه استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة، خصوصًا في ضوء المواقف الدولية "المريبة"، إن جاز التعبير، ولا سيما بعد تعطيل قرار وقف إطلاق النار في مجلس الأمن، من قبل الولايات المتحدة التي تجاهر بدعمها لإسرائيل حتى تحقيق كلّ أهدافها من الحرب، وفي مقدّمها "القضاء على حماس"، حتى إنّها تفتح باب النقاش حول من سيحكم القطاع في "اليوم التالي" للحرب.
من هنا، فإنّ الإضراب جاء بعنوان التضامن مع قطاع غزة الذي يواجه أهله "حرب إبادة" بأتمّ معنى الكلمة، لا ضدّ الآلة العسكرية الإسرائيلية التي لا تكفّ عن ارتكاب المجازر الوحشية منذ السابع من تشرين الأول الماضي، ولكن أيضًا ضدّ الآلة الإعلامية والسياسية الغربية، وازدواجية المعايير التي فضحتها، ولا سيما في ظلّ الأرقام "الصادمة" حول حرب غزة، التي بات عدد شهدائها يوازي عدد ضحايا كل الصراعات المسلحة لسنوات طويلة.
وبهذا المعنى، يقول العارفون إنّ الهدف من الإضراب لم يكن "إنهاء" الحرب بالمعنى الكامل للكلمة، ولكن توجيه "رسالة" لمن يعنيه الأمر، وبالتحديد للحكومات في مختلف أنحاء العالم، تشدّد على وجوب التحرك لوضع حدّ لمأساة الشعب الفلسطيني التي باتت تتجاوز كلّ الحدود والضوابط، في ظلّ الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بلا حسيب أو رقيب، ومن دون أيّ رادع فعليّ.
اعتراضات وتحفّظات
مع ذلك، قوبل الإضراب ببعض التحفّظات والاعتراضات في لبنان وخارجه، من بينها أنّه مجرد "خطوة استعراضية أو فولكلورية" لا تقدّم ولا تؤخّر، وأنّ المطلوب تحرّك فاعل وأكثر تأثيرًا، يمكن أن يُحدِث فارقًا حقيقيًا، علمًا أنّ هذا المنطق هو نفسه الذي يتبنّاه المعترضون على حملات المقاطعة للبضائع الأجنبية والشركات الداعمة لإسرائيل، مع أنّ هذه الحملات بدأت تؤثّر إلى حد بعيد، وفق ما تؤكده الإحصائيات والأرقام.
بيد أنّ أكثر الاعتراضات إثارة للاستغراب في الداخل اللبناني جاءت من قبل البعض ممّن "استكثروا" يوم إقفال من أجل غزة، وتضامنًا مع الفلسطينيين، مع أنّهم لا يبدون أيّ انزعاج من "الإقفال" في مناسباتٍ أخرى، بمعزل عن أهميتها، أو ممّن اعتبروا أنّ القضية الفلسطينية "ليست قضيّتهم"، مع كامل تعاطفهم مع المأساة الإنسانية الحاصلة في غزة، أو ممّن أطلقوا معادلة أنّ "الفلسطينيين لم يعلنوا الإضراب في حرب تموز أو بعد انفجار المرفأ".
يقول العارفون إنّ مثل هذه الاعتراضات والتحفّظات، التي صدرت عن "أقلّية"، لا تعكس بطبيعة الحال الموقف اللبناني الشعبي المؤيد للفلسطينيين والمتعاطف معهم حتى الرمق الأخير، وهي مع ذلك لا تبدو موفقة، فاللبنانيون الذين اختبروا "خبث العدو"، ولا يزالوا يشتبكون معه في الجبهة اللبنانية المفتوحة، لا يمكن أن يكونوا "غير معنيّين" بمثل هذه الحرب، ولا بالقضيّة التي تبقى في "أساس" نضالهم وصراعهم المستمرّ.
الأهمّ من كلّ ما سبق، أن اللبنانيين وإن اختلفوا حول مدى شعورهم أنّهم "معنيّون" بالحرب على غزة، وتداعياتها غير البسيطة على "الجبهة" في جنوب لبنان، الذي يبدو أنّه تحوّل بالنسبة للبعض إلى "مقاطعة" لدولة أخرى، لا يمكن أن "يجرَّدوا من إنسانيتهم" بهذا الشكل، حتى ولو أتت مثل هذه التحفّظات في سياق انقسامات سياسية، يبدو أنّها كانت "عصيّة" حتى على "فظائع" الحرب في غزة، وهنا بيت القصيد! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: من أجل غزة ة التی
إقرأ أيضاً:
صدور قانون التعبئة العامة في الجريدة الرسمية.. وهذه أهدافه وكيفيات تنظيمه
صدر في العدد ما قبل الأخير من الجريدة الرسمية رقم 47، القانون الخاص بالتعبئة العامة.
تنص المادة الأولى من القانون على أن “يهدف هذا القانون إلى تحديد الأحكام المتعلقة بكيفيات تنظيم وتحضير وتنفيذ التعبئة العامة المنصوص عليها في المادة 99 من الدستور.”
وتُعرّف المادة 2 المفاهيم الأساسية المرتبطة بالقانون، حيث جاء فيها:
“يقصد، في مفهوم هذا القانون، بما يأتي:
التعبئة العامة: مجموع التدابير الواجب اتخاذها لضمان أكبر فعالية في انتقال القوات المسلحة وأجهزة الدولة والهيئات والمؤسسات الوطنية وكذا الاقتصاد الوطني من حالة السلم إلى حالة الحرب، ووضع القدرات الوطنية تحت تصرف المجهود الحربي.
المجهود الحربي: تركيز كافة أو بعض القدرات والموارد البشرية والوسائل المادية والاقتصادية والمالية للدولة، وكذا تكييف الإنتاج الصناعي مع احتياجات القوات المسلحة.”
أهداف التعبئة العامةأما المادة 3، فقد حددت الغرض من التعبئة العامة كما يلي:
“تهدف التعبئة العامة إلى تعزيز الطاقة الدفاعية للأمة ورفع قدرات القوات المسلحة عن طريق وضع تحت تصرفها كل الموارد البشرية المتوفرة وكل الوسائل المادية والموارد الضرورية للسماح لها بأداء مهامها في الدفاع عن وحدة البلاد، وسلامتها الترابية، وحماية مجالها البري والجوي والبحري، في أفضل الظروف.”
وأكدت المادة 4 على الطابع الشامل للتعبئة العامة، وجاء فيها:
“ترتكز التعبئة العامة على منظومة شاملة ومتكاملة تقع مسؤولية تنظيمها وتحضيرها وتنفيذها على عاتق الدولة، من خلال المشاركة الفعلية لكل الأجهزة والهيئات والمؤسسات الوطنية وكذا القطاعين العمومي والخاص والمجتمع المدني والمواطنين، ضمن الشروط المحددة بموجب هذا القانون.”
إعلان التعبئة العامةوتحدد المادة 5 السلطة المخولة بإعلان التعبئة العامة، حيث تنص على:
“تُقرَّر التعبئة العامة من طرف رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء، إذا كانت البلاد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية أو استقلالها أو سلامة ترابها، أو في حالة وقوع عدوان فعلي عليها أو يوشك أن يقع، طبقا للأحكام المنصوص عليها في الدستور.
وتنهى التعبئة العامة وفقا لنفس الأشكال.”
في حين تُوكل مهمة تحديد التوجهات الكبرى للتعبئة إلى رئيس الجمهورية بموجب المادة 6، والتي تنص على:
“يحدد رئيس الجمهورية المحاور الأساسية للاستراتيجية الوطنية للتعبئة العامة والتوجيهات الخاصة بها بموجب مرسوم رئاسي.”
وتوضح المادة 7 الدور التنفيذي للحكومة في هذا الإطار:
“يضمن الوزير الأول أو رئيس الحكومة حسب الحالة تنسيق وتوجيه ومراقبة نشاطات أعضاء الحكومة، كل في مجال اختصاصه، في مجال تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتعبئة العامة.”
وتنص المادة 8 على:
“يضمن وزير الدفاع الوطني الإشراف على جميع النشاطات المرتبطة بتحضير التعبئة العامة وتنفيذها.”
كيفيات ومتطلبات تنظيم التعبئة العامةأما المادة 9 من القانون، فقد فصّلت كيفيات ومتطلبات تنظيم التعبئة العامة، حيث ورد فيها:
“يتمثل تنظيم التعبئة العامة في مجموعة من الإجراءات والتدابير يتم وضعها في وقت السلم وتستمر بشكل دائم في حالة وضعها حيز التنفيذ، ويرتكز بالخصوص، على ما يأتي:
وضع حيز التطبيق الإطار التشريعي والتنظيمي الذي يحكم التعبئة العامة.
وضع آليات مكلفة بنشاطات التعبئة العامة.
إعداد مخططات التعبئة العامة.
تجريب فعالية مخططات التعبئة العامة وتحيينها.
تشكيل احتياطات التعبئة العامة.
تسخير الأشخاص والممتلكات والخدمات.
التنسيق الوثيق بين المتدخلين على جميع المستويات.”
ففي المادة 10، يُنص على ضرورة:
“وضع آلية على مستوى الوزارات والهيئات والمؤسسات الوطنية المعنية تُكلف بالنشاطات المرتبطة بالتعبئة العامة ومتابعة تنفيذها.”
بينما تحدد المادة 11 طبيعة التخطيط اللازم، حيث تنص على:
“تُعد مخططات خاصة ومخطط عام للتعبئة العامة.
يتم إعداد المخططات الخاصة للتعبئة العامة من طرف الوزارات المعنية، كل في مجال اختصاصها، بالتنسيق مع وزارة الدفاع الوطني.
يتم إعداد المخطط العام للتعبئة العامة من طرف وزارة الدفاع الوطني على أساس المخططات الخاصة للتعبئة العامة، ويُعرض للموافقة على رئيس الجمهورية من طرف وزير الدفاع الوطني.
تُحدد كيفيات تطبيق هذه المادة عن طريق التنظيم.”
أما المادة 12، فتوضح مضمون هذه المخططات وأهميتها:
“تُحدد المخططات المنصوص عليها في المادة 11 من هذا القانون، لا سيما كيفيات تسيير النشاطات المرتبطة بالتعبئة العامة وتنفيذها وتكييفها، وكذا المتدخلين وآليات التنسيق ذات الصلة.
وتشكل هذه المخططات وثائق تخطيط تتضمن كل المعطيات والمعلومات، وكذا كل الوثائق ذات الصلة التي يتم تحضيرها في وقت السلم، وتعد ضرورية عند تنفيذ التعبئة العامة.”
وفي جانب التحضير اللوجستي، تنص المادة 13 على:
“يتم تشكيل احتياطات التعبئة العامة من طرف الوزارات المعنية، كل في مجال اختصاصها، لتلبية الاحتياجات المترتبة عن تنفيذ التعبئة العامة.
تُحدد شروط وكيفيات تشكيل احتياطات التعبئة العامة وتسييرها واستعمالها عن طريق التنظيم.”
أما تبادل المعلومات والتنسيق المؤسساتي، فقد تم التأكيد عليه في المادة 14 التي جاء فيها:
“يتعين على الوزارات والهيئات والمؤسسات الوطنية المعنية، كل فيما يخصها، وضع تحت تصرف وزارة الدفاع الوطني، في كل وقت، المعطيات والمعلومات والوثائق المعينة المرتبطة بالتعبئة العامة.”
وتناولت المادة 15 مسألة التسخير، مؤكدة:
“يتم تسخير الأشخاص والممتلكات والخدمات في حالة التعبئة العامة للمساهمة في دعم المجهود الحربي، وذلك طبقًا للتشريع والتنظيم الساري المفعول وأحكام هذا القانون.”
أما المادة 16، فقد أبرزت أن نشاطات التعبئة العامة تستوجب التنسيق الوثيق بين مختلف المتدخلين وعلى جميع المستويات طبقا لأحكام هذا القانون.
و في هذا الصدد، تلزم الوزارات والهيئات والمؤسسات الوطنية المعنية، كل في مجال اختصاصها، بالتنسيق الوثيق لنشاطاتها مع وزارة الدفاع الوطني.