قال الدكتور أسامة بن عبد الله خياط، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن المتقين هم أسعد الناس وأعقلهم، مشيرًا إلى أن التقوى هي خير زاد السالكين وأفضل عدة السائرين إلى ربهم.

أسعد الناس

وأوضح " خياط"  خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة،  أن اليسر هو موعود مقترن بشرط الإتيان بأسباب عمادها وأساسها وفي الطليعة منها التقوى، مستشهدًا بقول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) الآية 102 من سورة آل عمران.

وأوصى المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن، داعيًا للمسلمين في فلسطين مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة للشهر الثالث على التوالي: اللهم احفظ المسلمين في فلسطين.

دعاء لفلسطين

وتابع: اللهم احفظهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ومن فوقهم، ونعوذ بعظمتك أن يغتالوا من تحتهم.. اللهم كن لهم معينًا وظهيرًا، ومؤيدًا ونصيرًا، اللهم ارحم ضعفهم، وداو مرضاهم واشف جرحاهم، واكتب أجر الشهادة لقتلاهم.

وأضاف : اللهم اجعل لهم من بعد العسر يسرًا، ومن كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، وعليك اللهم بعدوهم وعدوك يا ذا الجلال والإكرام. اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، واصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير.  

وأشار إلى أن قول الله تعالى (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)، فيه بشارة عظيمة لمن أصابه العسر ونزل به الضر وأحاط به البلاء، واشتد عليه الكرب، باقتراب النصر و تفريج الشدة و كشف الغم و رفع البلاء.

الفلاح مطلب

 وكان في خطبة الجمعة السابقة قد بين الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز بليلة،  إمام وخطيب المسجد الحرام، أن الفلاحُ مَطلَبٌ عَلي، ومَأرَبٌ سَني، إليه شَخَص العاملون، وتفانى مِن أجله المُتفانون، والفلاحُ هو الظَّفَرُ ونَيلُ البغيةِ دنيويًا أو أُخرويًا.

وأفاد " بليلة" بأن الدنيويُّ الظَّفَرُ بمَلَذات الدنيا ومُشتهياتها، والأخرويُّ الظَّفَرُ برضا الله تعالى وجنتِه والذكيُّ الألمعيُّ اللوذعيُّ هو مَن جَمع فِكرَه، وصَوَّب نحو الفلاحِ الأُخرويِّ نظرَه؛ إذْ هو غايةُ الأماني، ومُنتهى الأَراجي! وليس بينه وبينه إلا قوةُ عزيمة، وصبرُ ساعة، وثباتُ قلب.

ولفت إلى أنه لا يُنال الفلاحُ الأخرويُّ إلا بالإيمان وصالحِ العمل؛ وقد أثنى اللهُ سبحانه وتعالى على المؤمنين بإيمانهم وعملهم ثم وصفهم بالفلاح، ذلك أن أُسُّ الفلاحِ الأُخرويِّ الشهادتان، بابةُ الإسلامِ وأصلُ الملة، قال رسول الله  -صلى الله عليه وسلم -: (يا أيها الناس: قولوا لا إله إلا اللهُ تُفلحوا) "، منوهًا بأن أن من التزمَ فرائضَ الله تعالى أفلح.

واستشهد بأنه جاء أعرابيٌّ إلى النبي  -صلى الله عليه وسلم - يسألُه عن شرائع الإسلام فأعْلَمَه عنها، فقال الأعرابي: والذي أكرمك لا أتطوعُ شيئاً، ولا أَنقُصُ مما فرض اللهُ عليَّ شيئاً، فقال عليه الصلاةُ والسلام: (أفلح إن صَدق) ، مشيرًا إلى أن رأسُ الفرائضِ الموصلةِ للفلاحِ هي الصلاة، أمُّ العبادات، وعمودُ الطاعات، وهي الصارفُ عن دَواعي السوءِ ومُغرِياتِه، والعاصمُ من عَوادي الشيطانِ ومُغوِياته.

الفلاح في أذانها

وتابع: لا عَجَبَ أن يُنادى بالفلاح في أذانها وإقامتها! وقال النبيُّ  -صلى الله عليه وسلم -: (إن أولَ ما يُحاسَب عنه العبدُ يومَ القيامة من عمله صلاتُه، فإن صَلَحَت فقد أفلح وأنجح، وإن فَسَدت فقد خاب وخسِر) ، موضحًا أن التطهرُ من الذنب والحَوبة، والتوبةُ إلى الله والأوبة هي، سبيلُ الفلاح، ودليلُ الصلاح، وأن الذاكرُ لربه ولأنعُمِه عليه آخِذٌ بسبب الفلاح، ومَن أدى الحقوقَ إلى أربابها حاز الفلاح، وتطهيرُ النفس من الشرك والظلم وسيء الأخلاق موجِب للفلاح .

ونبه إلى أن نَفْسُ الإنسانِ بين إقبال على الخير وإدبار عنه، مبيناً أن الإقبالُ يُثمِرُ الانكبابَ على الطاعات، والإدبارُ يُداوَى بالاقتصار على الفرائض وشيءٍ من النوافل، مستشهداً بقول النبي المصطفى  -صلى الله عليه وسلم -: (إن لكل عملٍ شِرَّة، ولكل شِرَّة فترة، فمن كانت فَترتُه إلى سُنتي فقد أفلح، ومن كانت فَترتُه إلى غير ذلك فقد هلك)، فما أسعدَ العبدَ وأهناهُ يومَ يرى مَوازينه قد ثقُلت بالأعمال الصالحات، وخَفَّت من الأوزار والذنوب والموبقات، فثَمَّ الفلاح، وثَمَّ النجاح، موصيًا بتقوى الله، فقد فاز التقي الأواب وخاب الشقي المرتاب.
 
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إمام و خطيب المسجد الحرام خطيب المسجد الحرام خطبة الجمعة من المسجد الحرام خياط أسعد الناس صلى الله علیه وسلم المسجد الحرام الله تعالى إلى أن الله ت

إقرأ أيضاً:

خطيب الجامع الأزهر: الدين الإسلامي تأسست دعوته على حسن الخلق

ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر، الدكتور إبراهيم الهدهد، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، ودار موضوعها حول "أخلاق النبي محمد.

بث مباشر.. خطبة الجمعة من الحرمين الشريفينموضوع خطبة الجمعة اليوم بمساجد الأوقاف.. ومحافظة واحدة تتحدث عن المخدرات

وقال خطيب الجامع الأزهر، في خطبة الجمعة، إن وصف النبي جاء في الذكر الحكيم في سورة القلم  في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾، وهي وثيقة ربانية  للرسول تتضمن شهادة الحق سبحانه وتعالى لنبينا الكريم، بل إن شهادات غبر المسلمين كانت تؤكد هذا المعنى الرباني الراقي،  فعم النبي ﷺ يقول: "ما جربنا عليه كذباً قط". كلهم شهدوا له بحسن الخلق قبل البعثة،  وفي هذا دلالة على أن هذا الدين قام على حسن الخلق.

وأوضح خطيب الجامع الازهر، أن حسن الخلق جِماعه أمران: حسن الخلق مع الله، وحسن الخلق مع الناس، أن تحسن العبادة لله وكل الخلق، هذا هو الدين، وهذا ما وصف الله به النبي، فحسن الخلق مع الله أن يؤمن العبد بأن كل ما يكون منه لله يوجب عذراً، فكل طاعة مهما كانت، كلها تقصير، فلا يفتتن أحد بطاعة قدمها لله، بل عليه أن يشعر بأنه مقصر دائماً، وأن يؤمن العبد بأن كل ما يكون من الله يوجب شكراً، خيراً كان أم غير ذلك، فرب العباد لا يريد لنا إلا كل خير، يقول: (عجبت لأمر المؤمنِ، إنّ أمرَهُ كُلَّهُ خيرٌ، إن أصابه ما يحب حمدَ اللَّهَ وَكانَ لَهُ خيرٌ، وإن أصابه ما يكره فصبر كانَ لَهُ خيرٌ، وليسَ كلُّ أحدٍ أمرُهُ كلُّهُ خيرٌ إلّا المؤمنُ).

وفي سياق تفصيله لحسن الخلق مع الخلق، بين الهدهد، أن جِماعه أمران: الأول : بذل المعروف قولاً وفعلاً، أن تعيش وعينك على المعروف تصنعه للكل، من يستحقه ومن لا يستحقه.

كما كان شأن النبي، دون انتظار كلمة شكر. والثاني: كف الأذى قولاً وفعلاً ، وأن تقدم النصيحة التي نصح بها المصطفى حين قال: (اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ، وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمْحُهَا، وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسنٍ) فانتهى شرح الدين واجتمع في هذا الأمر. من فعل ذلك وعاش على حسن الخلق مع الله والخلق ارتفع شأنه في الدنيا، وكان شأنه في الآخرة أرفع. يقول: (إنَّ أحبَّكم إليَّ وأقربَكم منِّي في الآخرةِ محاسنُكم أخلاقًا وإنَّ أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم منِّي في الآخرةِ أساوِئُكم أخلاقًا الثَّرثارونَ المُتَفْيهِقونَ المُتشدِّقونَ).

وأوصى بضرورة أن يعيش الجميع في هذه الحياة مصنع خير للناس، لا يرى فيها العبد إلا ربه ورسوله محمد في كل شيء، لا يؤذي فيها أحداً، ولا يبتغي فيها سوى مرضاة الله عزّ وجلَّ ورسوله، وأن يقتدي بالمصطفى، فقد طبق ذلك كثير من صحابته حتى صاروا في حسن الخلق أعلاماً يشار إليهم بالبنان، ومنهم عثمان بن عفان وغيره. فلنكن كذلك، فهو التأسي الصحيح بنبينا.

وفي ختام الخطبة ذكر الهدهد، الثمار التي يجنيها الإنسان من حسن الخلق، يقول تعالى: ﴿وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ﴾، فإذا أردت أن تستل سخائم النفوس، وتخرج العداوة والبغضاء منها، فواجه ذلك بالمعروف لا بالسيئة، ولتكن كما قال: (وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسنٍ). وكن على نهج الله يعصاه الخلق ويطعمهم ويسقيهم، فالله لا يواجه السيئة بالسيئة، بل: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ﴾.

طباعة شارك خطبة الجمعة خطبة الجمعة اليوم الجامع الأزهر الدكتور إبراهيم الهدهد

مقالات مشابهة

  • حبل ممدود بين الأرض والسماء .. خطيب المسجد الحرام يوصي بهذا العمل
  • العبد الموفق.. خطيب المسجد النبوي: من سار إلى ربه سيرا مستقيما
  • خطيب الجامع الأزهر: الدين الإسلامي تأسست دعوته على حسن الخلق
  • خطيب الجامع الأزهر يكشف عن سلوك يرفع شأن الإنسان في الدنيا والآخرة
  • خطيب الجامع الأزهر: اجتمع كل دين الإسلام في هذا الحديث النبوي
  • خطيب المسجد النبوي: أعظم ما يقرب العبد من ربه أداء الفرائض
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
  • خطبتي الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
  • خطيب المسجد الحرام: الدعاء من أعظم أسباب التوفيق والنجاح
  • خطيب المسجد النبوي: اللهم انصر إخواننا المؤمنين في فلسطين على الظالمين المعتدين