رحل عوض بابكر السكرتير الخاص الأسبق للأمين العام للمؤتمر الشعبي، الدكتور حسن الترابي، تاركاً وراءه سيرة طيبة اكتسبها الرجل من خلال تواصله الدخلي في السودان والخارجي من خلال علاقات واسعة ساهمت في حل كثير من الملفات التي كان يمسك بها الرجل، دون أن يفصح عنها.

انضم عوض للحركة الإسلامية في أواخر المرحلة المتوسطة، وعاصر خلال المرحلة الثانوية تأسيس الجبهة الإسلامية القومية في العام 1985، ومن بعدها قيام ثورة الإنقاذ وهو في نهاية المرحلة الثانوية في ولاية القضارف، لتستعين به الحركة في تسيير بعض المهام في ذلك الوقت خاصة بأمور التموين والوقود.

يتمتع عوض بابكر بعلاقات واسعة اكتسبها من خلال مرافته للشيخ الترابي لنحو أكثر من عشرين عاما تواصل خلالها مع حركات إسلامية عالمية ورموز خارجية في عدة دول مثل تركيا وقطر ومصر وماليزيا، وكان خلال الفترة الماضية يتواصل معهم بلا انقطاع، وفق مقربين منه تحدثوا لـ”المحقق”.

في المركز العام للمؤتمر الشعبي بمدينة بورتسودان عاصمة ولاية البحر الاحمر شرقي البلاد، قدمت القوى السياسية والمجتمعية واجب العزاء لقيادات حزبه مساء أمس (الثلاثاء) عقب تلقيها خبر وفاته في مدينة عطبرة بولاية نهر النيل.

اتفقت جميع الفصائل الاسلامية وتياراتها السياسية على نعيه في بيانات متعددة وذلك لحرص عوض على وحدة التيارات الاسلامية والوطنية في السودان وكان ينشط من خلال لقاءاته بهم على ذلك.

قال الأمين العام للحركة الإسلامية، علي أحمد كرتي بأن الفقيد “كان شعلة من النشاط والحرص والإخلاص في صفوف شباب الحركة الإسلامية والمؤتمر الشعبي، ورث من الشيخ الجليل حسن الترابي صبرًا على الابتلاء وسعة صدر وحبًا لإخوانه وانحيازًا لمواقفه بصدق وتجرد”.

وتابع كرتي: “خدم عوض الحركة الإسلامية، وحفظ سيرتها، وعايش مسيرتها في أحلك الظروف، وكان جسرًا راسخًا جمع بين الإخاء رغم اختلاف وجهات النظر، ساعيًا إلى جمع الصف ووحدة الكلمة، وتميز الفقيد بسعة العلم ووفرة المعرفة وتخصصه في شؤون دول الجوار، وتمتع بشبكة علاقات واسعة تجاوزت حدود الانتماء الحزبي والتعصب للمواقف”.

وقال المؤتمر الشعبي في بيان نعيه: “ببالغ الحزن والأسى يحتسب الأمين العام للمؤتمر الشعبي، أمين محمود محمد عثمان و نوابه ، وأعضاء الأمانة العامة، و الشيخ إبراهيم السنوسي رئيس هيئة الشورى عند الله تعالى الأخ الكريم عوض بابكر، عمل الفقيد في مكتب الشيخ الراحل الترابي و رافقه لأكثر من خمسة و عشرين عاما مساهما وعاملا في إرساء دعائم العمل التنظيمي و الفكري والسياسي في فترات إنتقال مختلفه مفعمة بالدعوة وذاخرة بالتضحيات والمجاهدات الصابرات الروابح” .

وأضاف البيان: “عرفته دروب العمل الوطني و الإنساني ، وعرفه كل من عرف الشيخ الترابي داخل وخارج السودان موردا ثمينا و مخزنا من الخير و الفائدة للسودان ، و بفقده يفقد المؤتمر الشعبي و الحركة الإسلامية و الساحات الوطنية رجلا من الرجال الذين حملوا هم الدعوة و الدين في السودان و العالم الإسلامي” .

وقال عنه المؤتمر الشعبي بقيادة علي الحاج: “المؤتمر الشعبي يحتسب أخًا كريمًا ومجاهدًا خدم في أروقة الحركة الإسلامية منذ وقت مبكر من سنين عمره. رافق الشيخ الجليل الراحل الترابي – رحمه الله- في سنين اليسر والعسر، وظل شاهدًا على أدوار ومراحل الانتقال وتجدد المسيرة في المؤتمر الشعبي”

وقالت المدير العام لمركز دراسات ثقافة السلام والتنمية فاطمة البصير خلال العزاء في بورتسودان بأن عوض بابكر كان من رموز العمل السياسي وكان يحمل هم الحركات الاسلامية في أفريقيا وله صلات وثيقة معهم في المركز.

من جانبه وصف الداعية والاستاذ ابوبكر جيكوني فقد عوض بابكر بأنه مصيبة من المصائب التي ألمت بحركة الاسلام.

وتابع خلال كلمته في العزاء ببورتسودان: “قام بأدوار كبيرة بعيدا عن الإعلام وكان مرافقا شخصياً للدكتور حسن الترابي، فقدت الحركة الاسلامية بفقده أهم مستودعات ذاكرتها وبياناتها لأنه كان مُلماً بكثير من التفاصيل والملفات.”

وزاد بالقول: “كنا أحوج ما نكون أن نأخذ منه هذه المعلومات لتستفيد منها الأجيال القادمة ولكن كان الموت أسبق.”

وقال منعم سليمان أحد أبرز الداعمين لحكم رئيس الوزراء الاسبق عبد الله حمدوك في بيان نعي: “بكثير من الحزن والألم، أنعي صديقي عوض بابكر، الرجل الذي كان من أصدق الوجوه التي عرفتها في هذه الحياة.

وتابع: “عرفت الراحل عوض جيدًا، ومن مكانٍ قريب؛ كان نقيًّا، مهذبًا، نزيهًا، حسن الخلق، طيب النفس، عطوفًا على من حوله. لم يكن بيننا اتفاق في الفكر أو الطريق، لكننا لم نكن بحاجة إلى ذلك لنحترم بعضنا بصدق، ولم يؤثّر هذا الاختلاف يومًا في صداقتنا”.

وأضاف :” كان في حضوره طمأنينة، وفي كلامه صدق، وفي صحبته لطف لا يُشبه إلا طيبة قلبه، لم أعرفه يومًا إلا كريم النفس، جميل المعشر، وفيًّا في المواقف التي تختبر معدن الرجال”.

ومنذ إعلان رحيله، فاضت مواقع التواصل الاجتماعي، بنعيه والحديث عن خصاله الحميدة، سواء من أصدقائه ومعارفه، من منسوبي الحركة الإسلامية، بأحزابهم المختلفة، أو ممن عرفوه من القوى السياسية الأخرى التي كان حضوراً بجانب الراحل الترابي في الحوار والتوافق معها.

بورتسودان – المحقق – طلال اسماعيل

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الحرکة الإسلامیة المؤتمر الشعبی عوض بابکر من خلال

إقرأ أيضاً:

برحيل الأستاذ عوض بابكر، تُطوى صفحة من صفحات الذاكرة السياسية السودانية

علمتني الصحافة أن لكل حقبة سياسية شخصياتٍ مركزيةً في معرفة المعلومات النوعية عن تلك الفترة، لا تجدها إلا عندهم.

ولا يتأتى لهم ذلك بسبب قربهم الفيزيائي فقط من صناع القرار ومراكز صناعة السياسات، بل لما يتمتعون به من قدرةٍ خاصة على اكتناز المعلومات، وتصنيفها، وتحليلها، واستخلاص خلاصاتها.

ومن بين هؤلاء، كان الرجل الهادئ الرصين الذي رحل اليوم بمدينة عطبرة، الأستاذ عوض بابكر، السكرتير الخاص للدكتور حسن الترابي لهما الرحمة والمغفرة.

كان عوض من القلة النادرة في الدائرة المقرّبة من الدكتور الترابي، ممن يعرفون ما لا يعرفه الآخرون، خاصة في الفترة من منتصف التسعينيات إلى مطلع الألفية الثالثة.
وقد طلبت منه مرارًا إجراء مقابلات لتوثيق تلك المرحلة المهمة من التاريخ السياسي السوداني، لكنه كان يعتذر بلطف، وبتواضع المعايشين الكبار.

قلت لبعض الأصدقاء في حديث عابر إن من أبرز أسباب دوران تاريخنا السياسي في حلقة مغلقة من التجارب المعادة والأخطاء المتكررة، هو غياب التوثيق؛ فلا نكتب مذكراتنا، ولا نسجل تجاربنا، ولا نستفيد من عبرها.

في المكتبة المصرية، تزدهر كتب المذكرات والسير الذاتية، ولذلك تُناقَش القضايا والمواقف التاريخية هناك اليوم بوعي وحيوية، وكأنها وقائع اللحظة.

برحيل الأستاذ عوض بابكر، تُطوى صفحة من صفحات الذاكرة السياسية السودانية، وتغيب معها معلومات ثمينة كانت ستضيء كثيرًا من الزوايا المعتمة في فهم تلك الحقبة.
نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويحسن عزاء أسرته ومحبيه، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

ضياء الدين بلال

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • فرع الشؤون الإسلامية بحائل يغلق أكثر من 1500 بلاغ خلال عام 1446هـ
  • راشد دياب: في انتقال عوض بابكر هل نحن مختلفون إلى هذا الحد من الدمار والخراب !!
  • برحيل الأستاذ عوض بابكر، تُطوى صفحة من صفحات الذاكرة السياسية السودانية
  • «التراث الشعبي بعيون الآخر» ينطلق بالشارقة
  • انطلاق برنامج موهبة الإثرائي والأكاديمي 2025 في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
  • إطلاق الدليل الشامل للتحولات الرقمية وأثرها على البنوك الإسلامية
  • "الشؤون الإسلامية" تنفذ 2700 فرصة تطوعية خلال موسم الحج 1446هـ 
  • فرع الشؤون الإسلامية بمكة المكرمة ينفذ أكثر من 89 ألف جولة رقابية على المساجد خلال عام 1446
  • وفاة الدكتور عوض بابكر ،المدير السابق لمكتب الشيخ حسن الترابي