رجاء صغير : تحوّلتُ من الهندسة المعمارية إلى الرسم لإحياء تراث قسنطينة
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
الجزائر ـ العُمانية: تنقلُ التشكيليّة الجزائرية، رجاء صغير، من يُشاهد لوحاتها على أجنحة من عبق الماضي، برؤى فنانة مرهفة الإحساس. وتُشكّل النقلة التي قامت بها هذه الفنانة، من الهندسة المعمارية إلى الفن التشكيلي، لحظة انعطاف حافظت فيها على روح الإبداع التي تُميّزُها، ولو أنّ الهندسة المعمارية والفن التشكيلي، يُعدّان مجالين يلتقيان في الكثير من التفاصيل.
ويُلاحظ جمهورُ هذه الفنانة بوضوح تركيزها في أعمالها على تصوير المرأة القسنطينيّة وهي ترتدي اللّباس التقليدي المعروف في الشرق الجزائري، كما أنّها خصّصت جزءا من لوحاتها لإعادة تصوير التراث العمراني الذي تشتهر به هذه المدينة العريقة، مثل الجسور المعلّقة المعروفة، فضلًا عن بعض العمائر التي ظلّت عصيّة على الزوال والاندثار. ولأنّ الفنانة، رجاء صغير، تعرف قسنطينة من كثب، فهي لا تخجل من الإقرار بأنّها لم تعد مثلما كانت، وهي تفقد شيئا فشيئا معالم وجهها الأصيل، إذ تقول «شيءٌ مؤسف أن تتلاشى تدريجيًّا كلُّ مظاهر الجمال في هذه المدينة العريقة. إنّنا نرى الأحياء القديمة تكاد تندثر، يومًا بعد يوم، والبيوت العتيقة تنهار، واحدا تلو الآخر، ويتلاشى معها الكثير من تراثنا وهويتنا، وهذا ما جعلني أحاول، خلال السنوات الماضية، إيقاف نشاط مكتبي للدراسات المعمارية لأكرّس كلّ وقتي لممارسة الرسم، وهذا للفت الأنظار من خلال العديد من لوحاتي، إلى التراث القسنطيني، لعلّنا نسارعُ إلى إنقاذ بعض ما يُمكن إنقاذه».
وتعترف هذه الفنانة بأنّ مغامرتها هذه لن تكون سهلة، ومع ذلك فهي تصرُّ على خوضها إلى النهاية، إذ تقول «من المعروف عالميًّا أنّ الفنّ ليس من أيسر، ولا من أضمن الطرق لكسب العيش، والجزائر لا تُمثّل استثناء في هذا الميدان، لكن، الحمد لله، لاحظتُ أنّ الجمهور الجزائري، أو على الأقل فئة كبيرة منه، متعطشٌ لكلّ ما هو إنتاج ثقافي جيّد، وهذا ما يُشجّع الفنان على الاستمرار في مساره ويدفعه إلى التحسُّن دوما لإرضاء جمهوره، وهو الأمر الذي يدفعني رفقة الكثير من الفنانين على مواصلة حمل المشعل، ومن هؤلاء الفنانين أخصُّ بالذكر حسين زياني، ورشيد طالبي، وفايزة مغني، وغيرهم». وتعتبرُ رجاء صغير أنّ الجزائر تعرّضت في تاريخها القريب لهجمة استعمارية شرسة سعت لمحو هويتها، ولذلك كان على الفنانين والمثقفين استرداد هذه الهوية بالبحث والحفاظ على التراث الوطني وإدماجه في أعمالهم الفنيّة، وهي الأمانة التي حملها العديد من الفنانين لعلّ أبرزهم إيسياخم، وخدة، وباية، ومرزوقي، وبن يحي، وغيرهم، وكان لكلّ واحد من هؤلاء العمالقة لمستُه الفريدة. يُشار إلى أنّ الفنانة رجاء صغير تُعدُّ من الفنانات الجزائريّات اللّواتي لا يُخفين تأثُّرهنّ بالفنانة الجزائرية باية محي الدين (1931/1998)، مع فروقات في الأسلوب الفني، وقد شاركت رجاء صغير في العديد من المعارض، أهمُّها معرضٌ فرديٌّ بمتحف الفنون والتعابير الثقافية التقليدية الحاج أحمد باي (2022)، ومعرض جماعي بمنعة بولاية باتنة، ضمن تظاهرة ثقافية لإحياء تراث الأوراس، (2022)، ومعرض جماعي في متحف سيرتا بقسنطينة (2023)، ومعرض جماعي ضمن فعالية ثقافية بمكتبة بوكزون لإحياء تراث مدينة قسنطينة (2023).
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الهندسة المعماریة هذه الفنانة
إقرأ أيضاً:
تراث الجمال العربي يُتوج عالميًا.. الكحل التونسي على لائحة اليونسكو
استعرضت قناة "القاهرة الإخبارية" ملف تسجيل الكحل العربي في سجل اليونسكو للتراث غير المادي، في خطوة تمثل إنجازًا عربيًا مشتركًا، إذ قالت مراسلة القناة نسرين رمضاني، إنه تم تسجيل الكحل العربي خلال اجتماع اللجنة الحكومية المختصة، بحسب ما أعلن المعهد الوطني للتراث التونسي، ويعد هذا التسجيل ضمن ملف مشترك بين تونس وثمان دول عربية أخرى".
وأشارت نسرين في رسالة لها على الهواء، خلال برنامج صباح جديد على شاشة "القاهرة الإخبارية" إلى أن هذا الملف يمثل عاشر عنصر تونسي يُدرج في سجل اليونسكو للتراث غير المادي، موضحة أن أول تسجيل تونسي كان في 2018 بفخار سجنان، وتوالت التسجيلات للعناصر التراثية التونسية، مثل عروض الرقص والغناء لطوائف بونتون في جنوب البلاد، والتي تتميز بخصوصيتها الثقافية والفنية
وأضافت نسرين أن تونس تعمل حاليًا على إعداد ملفات تراثية جديدة، تشمل التعاون مع دول عربية أخرى لتسجيل عناصر مثل الحناء والكسكسي، بهدف إبراز الهوية التراثية المشتركة، مؤكدة أن الكحل العربي يمثل أحد أبرز أشكال الزينة التقليدية للمرأة التونسية والعربية على مر العصور، وما زال يُستخدم بين النساء الكبيرات والصغيرات على حد سواء.
جهود تونس والدول العربية الشريكةوختمت نسرين: "هذا الإنجاز يعكس جهود تونس والدول العربية الشريكة في الحفاظ على التراث الثقافي المشترك، ويؤكد أهمية استمرار تسجيل وحماية عناصر التراث غير المادي على مستوى العالم العربي".