صحيفة تركية: المخابرات وجهت ضربة نوعية لقيادة العمال الكردستاني بسوريا والعراق
تاريخ النشر: 18th, December 2023 GMT
كشفت صحيفة تركية، الإثنين، عن تفاصيل توجيه جهاز الاستخبارات الوطنية التركي (MIT) ضربة نوعية لقيادة حزب العمال الكردستاني والأطر التنظيمية المتحالفة معه أو التابعة له في سوريا والعراق، عبر 181 عملية في العام الجاري، قضت على 201 ناشطا بالحزب، بينهم 38 قياديا بارزا.
وذكرت "ديلي صباح"، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن عملاء MIT تمكنوا، بإسناد الطائرات المسيرة، من تدمير 45 منشأة للطاقة وأجزاء من البنية التحتية التي بناها أو أدارها "العمال الكردستاني"، الذي تصنفه أنقرة إرهابيا، إلى جانب الأماكن التي يستخدمها الحزب لتخزين الأسلحة والذخائر.
وأضافت أن عمليات الاستخبارات التي قضت على المسؤولين عن الهجمات التي استهدفت تركيا، أدت إلى كبح أنشطة حزب العمال الكردستاني في شمال سوريا والعراق، وهما منطقتان تعجان بمخابئ الحزب.
وأشارت الصحيفة إلى أن "العمال الكردستاني" يعمل علناً تحت اسم "وحدات حماية الشعب"، التي سيطرت على عدة بلدات تحت ستار القتال ضد تنظيم الدولة، وتتمتع بدعم الولايات المتحدة.
وفي السياق، قالت مصادر أمنية إن MIT يلعب دورًا فعالًا في المساهمة في استراتيجية تركيا لمكافحة الإرهاب التي تركز على "القضاء على التهديدات من مصدرها"، أي خارج حدود الدولة، مشيرة إلى أن معلومات MIT تفيد بأن قادة حزب العمال الكردستاني يختبئون في منطقة جبلية شمالي العراق، فيما أوردت تقارير غير مؤكدة أن بعضهم يعبرون من حين لآخر إلى سوريا عبر أجزاء يسهل اختراقها من الحدود بين البلدين.
وعلى عكس العراق، فإن العمال الكردستاني يبدو أكثر "تحضراً" في سوريا حيث أنشأ إداراته الخاصة تحت اسم "قوات سوريا الديمقراطية".
اقرأ أيضاً
محكمة سويدية تسمح بتسليم مناصر لحزب العمال الكردستاني إلى تركيا
ودمرت عمليات MIT في شمال سوريا المرافق الحيوية لوحدات حماية الشعب الكردية، بما في ذلك مصفاة النفط حيث تجني المجموعة عوائد الخام المستخرج في المنطقة.
وأدى العمل الميداني للاستخبارات التركية واستخدام الطائرات المسيرة إلى محاصرة حزب العمال الكردستاني، بحسب المصادر الأمنية، التي أشارت إلى أن العمليات دفعت الحزب إلى الاقتتال الداخلي، حيث اتهم الأعضاء بعضهم بعضا بالخيانة عندما تم الكشف عن موقعهم.
كما أدت الغارات الجوية التي شنتها تركيا إلى إحباط أعضاء حزب العمال الكردستاني وزيادة عدد من يغادرون مواقعه، وانخفاض عدد مجنديه الجدد بشكل ملحوظ.
كما أدت الغارات إلى منع التجمعات الكبيرة للحزب، حيث كان القادة في كثير من الأحيان يحشدون الأعضاء ويرفعون معنوياتهم.
وأثر إنهاء التجمعات، التي يتلقى فيها أعضاء الحزب أوامر بشأن استراتيجيتهم المستقبلية، على آلية اتخاذ القرار لدى قيادة الحزب، وفقًا للمصادر الأمنية.
ولفتت المصادر أن أعضاء "العمال الكردستاني" يضطرون الآن إلى العيش تحت الأرض بسبب أعمال الاستطلاع المستمرة التي تقوم بها القوات التركية.
كما أسفرت العمليات الاستخباراتية والعسكرية التركية عن تأثير قوي بالحالة النفسية لأعضاء الحزب، بحسب المصادر، التي أكدت أنهم "أجبروا على العيش في خوف مستمر"، كما انقطعت اتصالاتهم مع قيادة الحزب في جبل قنديل بالعراق بسبب أعمال الاستطلاع التي يقوم بها جهاز المخابرات.
ومن بين الأسماء التي قتلتها العمليات التركية: عبد الرحمن قادرجي، الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال من الإنتربول، و"سيكو بير"، الذي كان مسؤولاً عن أعضاء العمال الكردستاني في سنجار بالعراق، وصبري عبد الله، الذي كان مديرا لـ "وحدة الاستخبارات" التابعة للعمال الكردستاني، في شمالي سوريا.
وتعتمد تركيا في عملية تصفية قادة "وحدات حماية الشعب" أو "سوريا الديمقراطية" على خيار من بين اثنين: الأول يأخذ طابعا أمنيا وينفذه "عملاء ميدانيون"، كما يطلق عليهم، بينما الآخر تتصدره الطائرات المسيّرة، بحسب المصادر.
اقرأ أيضاً
تركيا تعلن قصف مواقع لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق
المصدر | ديلي صباح/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: تركيا حزب العمال الكردستاني سوريا العراق وحدات حماية الشعب قوات سوريا الديمقراطية حزب العمال الکردستانی
إقرأ أيضاً:
المرحلة الانتقالية بسوريا.. مجلس شعب جديد وسط جدل التمثيل والشرعية
دمشق- في 13 مارس/آذار الماضي، أصدر الرئيس السوري أحمد الشرع الإعلان الدستوري الذي يشكل الإطار القانوني لإدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية، نص على حل مجلس الشعب السابق التابع لنظام الأسد، وإلغاء دستور 2012، وتفكيك الأجهزة الأمنية والفصائل العسكرية، والتركيز على بناء دولة قائمة على العدل والشفافية.
كما نص على تشكيل مجلس شعب جديد يتولى السلطة التشريعية، مع منح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة لإدارة هذه المرحلة.
وفي 13 يونيو/حزيران الجاري أصدر الشرع المرسوم الرئاسي رقم 66 لسنة 2025 الذي قضى بتشكيل "اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب" برئاسة محمد طه الأحمد، وعضوية عدد من الأفراد، منهم حسن إبراهيم الدغيم، وعماد يعقوب برق، ولارا شاهر عيزوقي، وآخرون. وتتولى هذه اللجنة الإشراف على تشكيل هيئات فرعية ناخبة لاختيار أعضاء مجلس الشعب.
ظروف استثنائيةوفقا للمادة 24 من الإعلان الدستوري، يتكون مجلس الشعب من 150 عضوا، يُختار ثلثاهم (100 عضو) عبر هيئات فرعية تشرف عليها اللجنة العليا، بينما يعين رئيس الجمهورية الثلث المتبقي (50 عضوا) لضمان تمثيل عادل وكفاءة. ويتولى المجلس السلطة التشريعية كاملة، إلى جانب مسؤوليات تنفيذية محدودة، بينما تظل السلطة التنفيذية الكبرى بيد رئيس الجمهورية.
لم يعلَن عن انتخابات شعبية مباشرة لاختيار أعضاء المجلس، وأثار هذا النظام الجديد جدلا، إذ اعتبره البعض تعيينا غير مباشر بدلا من انتخابات ديمقراطية حقيقية.
وأكد المحامي أنور البني، رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، للجزيرة نت، أن الظروف الراهنة في سوريا تجعل إجراء انتخابات تشريعية أمرا غير ممكن، وأن الوضع الطبيعي في مثل هذه الظروف يقتضي تعيين مجلس تشريعي بدلا من انتخابه.
وأوضح أن خطة المرحلة الانتقالية التي اقترحها المركز تركز على تشكيل جمعية تأسيسية، وليس مجلس نواب تقليدي، تتولى التشريع وصياغة مشروع دستور جديد.
إعلانواقترح البني تشكيل جمعية تأسيسية معينة، بحيث يُعيّن ثلث أعضائها من المجتمع الدولي، وثلث من المجتمع المدني والمستقلين، وثلث من أطراف الصراع (المعارضة والنظام سابقا). واعتبر أن تعيين أعضاء المجلس التشريعي خطوة إيجابية، خاصة إذا خُصص ثلثا المقاعد لأعضاء منتخبين، رغم غياب الوضوح حول آلية الانتخابات وسط التحديات اللوجستية.
وبرأيه، فإن التعيين يضمن تمثيل جميع مكونات المجتمع السوري، بما في ذلك الأقليات مثل الكرد، والمسيحيين، والعلويين، والإسماعيليين، والأرمن، والسريان، وأن الانتخابات قد لا تحقق تمثيلا متوازنا. وأضاف أن التعيين يعالج الثغرات المحتملة في الانتخابات، مما يحقق توازنا اجتماعيا وسياسيا.
واقترح البني إنشاء مجلس شيوخ إلى جانب مجلس النواب، لتعزيز تمثيل الأقليات وتحقيق العدالة الاجتماعية في ظل التحديات التي تواجه البلاد.
وشدد على أهمية تشكيل محكمة دستورية عليا، كما نص الإعلان الدستوري، لتفسير القوانين والتأكد من توافقها مع الإعلان. وأوضح أن هذه المحكمة ستكون قادرة على إلغاء أي تشريع يتعارض مع الإعلان، خاصة أنه يتضمن الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي وقّعت عليها سوريا، وهو ما وصفه بخطوة إيجابية لحماية حقوق الإنسان.
واجهت العملية انتقادات من بعض الأطراف، خاصة المكونات الكردية وبعض القوى السياسية في محافظة السويداء، التي عبّرت عن استيائها من عدم إشراكها في مشاورات تشكيل الحكومة أو هياكل المرحلة الانتقالية.
وقال الحقوقي مهند شهاب الدين، من السويداء، للجزيرة نت، إن الإعلان الدستوري غير قانوني ولا يمثل كل القوى السياسية في البلاد، مشيرا إلى أن المحافظة وشمال شرق سوريا لن يكونا ممثلين بشكل حقيقي في مجلس الشعب القادم.
وأضاف أن القوى السياسية في السويداء والإدارة الذاتية الكردية اعتبرت الإعلان "يتنافى مع تنوع سوريا"، مشبهة إياه بسياسات حزب البعث السابقة.
من ناحيته، رحب المبعوث الأممي إلى سوريا، غير بيدرسون، بتشكيل هيئات مثل هيئة العدالة الانتقالية والهيئة العليا للمفقودين، واعتبر تشكيل اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب خطوة أساسية، لكنه شدد على ضرورة ضمان الشمولية والشفافية في العملية.
اثنان منها في عهد نظام الأسد.. تعرف إلى أبرز دساتير #سوريا خلال 100 عام#ألبوم pic.twitter.com/iEad9KKzVh
— الجزيرة سوريا (@AJSyriaNowN) March 4, 2025
شرعية نسبيةأما المحامي عبد العزيز درويش فقال للجزيرة نت إن الحديث عن دستورية الإعلان غير ممكن، لأنه دستور مؤقت يهدف إلى تنظيم شؤون الدولة خلال المرحلة الانتقالية بعد إسقاط النظام السابق وتعليق دستور 2012. وأكد أن شرعيته تُستمد من انتصار الثورة والضرورة الواقعية لتوفير قواعد عامة للمشاركة في الحياة العامة.
واعتبر أن شرعية آلية تشكيل المجلس، التي تجمع بين انتخاب ثلثي الأعضاء وتعيين الثلث المتبقي، نسبية وتفرضها الضرورة الواقعية لغياب بيئة آمنة لإجراء انتخابات حرة. وأشار إلى أن اللجنة المشكلة لتنظيم العملية، رغم كفاءة أعضائها، تفتقر إلى وجود قانونيين، مما قد يؤثر على فاعليتها.
إعلانوعن توافق المرسوم الرئاسي رقم 66 مع مبدأ فصل السلطات، قال درويش إن سوريا، كونها دولة "تعاني الفساد وانهيار المؤسسات"، تحتاج إلى إجراءات غير تقليدية خلال المرحلة الانتقالية، وإن تطبيق فصل السلطات يتطلب إعادة بناء المؤسسات مع دستور دائم.
واقترح الاستفادة من تجربة المجالس المحلية الحرة خلال الثورة لتشكيل هيئات ناخبة تمثل المجتمعات المحلية بناء على نسبة السكان في كل محافظة، لضمان الشفافية والنزاهة في اختيار ثلثي الأعضاء.
ووفقا له، فإن غياب بيئة آمنة يجعل الانتخابات المباشرة غير ممكنة، كما أن الخطر الأكبر يكمن في غياب هيئة تشريعية بالكامل. وأكد أن السلطة التشريعية، سواء كانت منتخبة أو معينة، قادرة على إعادة النظر في تشريعاتها. وأوضح أن تعيين 50 عضوا من قبل الرئيس لا يمنحه صلاحية إعفائهم، مما يجعل استقلالية المجلس تعتمد على نزاهة النواب.
وأكد المحامي درويش ضرورة إيجاد حلول عملية تأخذ في الاعتبار الواقع المعقد في سوريا، مع العمل على بناء مؤسسات شرعية وشفافة تمهد لدستور دائم واستقرار طويل الأمد.