ماذا لو خسر بايدن انتخابات الرئاسة الأميركية القادمة؟
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
سيُودع الشرق الأوسط، بعد أقلّ من أسبوعين، هذا العامَ، بينما لا تلوح في الأفق نهاية قريبة للحرب الإسرائيلية على غزة. كما أنّ ارتداداتها الإقليمية آخذة في التصاعد على عدّة مستويات؛ أهمها بؤرة الصراع الجديدة التي أشعلها الحوثيون في منطقة البحر الأحمر، واستمرار مخاطر انفجار حرب أخرى بين إسرائيل وحزب الله.
إن السؤال الأكثر أهمية الذي يدور منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، يتمحور حول الكيفية التي ستنتهي بها، والآثار التي ستتركها على الأمن الإقليمي والجغرافيا السياسية الإقليمية؛ لأنه لا أحدَ بمن في ذلك إسرائيل، يستطيع تقديم إجابة واضحة حول الفترة الزمنية الإضافية التي ستستغرقها الحرب، وحول النتائج التي يُمكن أن تُحققها إسرائيل؛ إذ إنّ حالة عدم اليقين بشأنها ستستمرّ لفترة طويلة.
إن تحوّلًا محتملًا في المشهد السياسي الأميركي -يؤدي إلى هزيمة بايدن، وعودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض- لن تنحصر آثاره الكبيرة على الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي فحسب، بل سيشمل ذلك السياسة الأميركية في الشرق الأوسط عمومًا
لقد بدا واضحًا أن الشرق الأوسط -الذي دخل عام 2023 بمزيد من المصالحات الإقليمية وباتفاق تاريخي بين السعودية وإيران بوساطة صينية؛ لإعادة تطبيع العلاقات الدبلوماسية وبمفاوضات سعودية- إسرائيلية برعاية أميركية؛ لإقامة علاقات دبلوماسية – لم يكن مستعدًا تمامًا لحرب السابع من أكتوبر. ليس فقط لأن التوقيت والشكل اللذين اختارتهما حركة حماس لتنفيذ هجوم "طوفان الأقصى" كانا مباغتين، بل لأن الفاعلين الأساسيين في الشرق الأوسط بدوا مفرطين للغاية في التفاؤل بشأن التحولات التي طرأت على العلاقات الدولية والإقليمية، وبأنها ستنقل المنطقة إلى مستوى جديد أكثر استقرارًا.
كما أن هذه الحرب أظهرت ثلاث حقائق كبيرة، وهي: أن تجاهل جوهر الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي لم يؤدِّ سوى إلى مفاقمته، وأن التطبيع العربي-الإسرائيلي لن يجلب السلام الإقليمي، إذا لم يكن نتيجة للسلام الفلسطيني-الإسرائيلي، وأن استقرار السياقات الإقليمية الأخرى غير مُحصن تمامًا، لذا فإن دول المنطقة سيتعين عليها الأخذ بعين الاعتبار هذه الحقائق عند تشكيل الإستراتيجيات التي ستُدير بها سياساتها الإقليمية في العام الجديد.
إن الأولويات الإقليمية ستبقى تتركز على كيفية إنهاء هذه الحرب، ومعالجة التداعيات الإقليمية التي أفرزتها، لا سيما على المستوى الأمني، وهذا سيتطلب سياسات إقليمية أكثر قدرة على التأثير، مقارنة بما تبدو عليه الآن.
إن الكيفية التي ستسير بها الحرب في الفترة المقبلة، والطريقة التي ستنتهي بها، ستُحددان -على نحو كبير- جانبًا أساسيًا من معالم الشرق الأوسط الجديد بعد السابع من أكتوبر. هناك ثلاثة افتراضات أساسية يُمكن توقّعها في هذا الصدد:
الأول: أن تستمر الحرب لأشهر إضافية أخرى؛ بما يؤدّي إلى تكريس ستاتيكو عسكري تعجز فيه إسرائيل عن تحقيق هدفها المتمثل في القضاء على حركة حماس، وهو ما سيعني أن الارتدادات الإقليمية للحرب ستبقى تسلك منحًى تصاعديًا في العام الجديد. والثاني: أن تتمكَّن إسرائيل من تحقيق نصر حاسم في الحرب في بضعة أشهر إضافية، لكنّه لا يبدو واقعيًا. وحتى لو تحقق هذا الافتراض، فإن سيناريوهات اليوم التالي لانتهاء الحرب، لن تكون أقل تعقيدًا من الحرب نفسها؛ لأن كلًّا من إسرائيل والولايات المتحدة لا تتفقان على تصور مشترك للمرحلة الجديدة، خصوصًا فيما يتعلق بالجهة التي ستُدير غزة في المستقبل، وبقضية إطلاق مسار سلام شامل يُفضي إلى تحقيق حل الدولتين. والافتراض الثالث: أن يؤدي العجز العسكري الإسرائيلي -في القضاء على المقاومة الفلسطينية- إلى تقليص قائمة الأهداف الإسرائيلية في الحرب.وفي جميع الافتراضات الثلاثة، فإن السياسات الإقليمية تجاه الحرب، ستكون أمام اختبار كبير، وستتحدد بطبيعة الحال على ضوء أيّ من هذه الافتراضات الثلاثة سيتحقق. مع ذلك، فإن الحقيقة الواضحة هي أن فشل إسرائيل في الحرب وحده، هو ما سيجعل فرص إطلاق عملية سلام جديدة وشاملة بين الفلسطينيين والإسرائيليين لتحقيق حل الدولتين، مُمكنة، رغم أنها ستبقى معقدة بطبيعة الحال؛ بسبب النزعة العدوانية التي تُهيمن على السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين.
كما أصبح واضحًا على نحو متزايد أن الموقف الأميركي من الحرب على وجه الخصوص، يلعب دورًا حاسمًا في تحديد مستقبلها. وهنا يبرزُ عامل آخر مُحدد للسياسة الأميركية في الصراع، يتمثل في الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستجرى في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
إن تحوّلًا محتملًا في المشهد السياسي الأميركي -يؤدي إلى هزيمة بايدن، وعودة الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض- لن تنحصر آثاره الكبيرة على الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي فحسب، بل سيشمل ذلك السياسة الأميركية في الشرق الأوسط عمومًا.
ومثل هذا التحول قد يؤدي إلى إعادة تشكيل علاقات واشنطن مع كل من إسرائيل، ومنطقة الخليج، وتركيا وإيران. لذلك، لن يكون من المبالغة تحديد أن أهم استحقاق سيواجه الشرق الأوسط في العام الجديد، يتمثل في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
ففي حال استطاع بايدن الفوز بولاية رئاسية ثانية، فإن المسار الذي تسير عليه السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، سيبقى مستقرًّا على نحو كبير، على عكس ما ستكون عليه في ظل عودة الجمهوريين إلى البيت الأبيض.
الافتراض الأكثر واقعية في هذا الصدد؛ أن العلاقات الإسرائيلية-الأميركية ستزدهر من جديد، وأن حالة الاستقرار التي حققتها إدارة بايدن في الصراع مع إيران ستنتهي، وأن الجمهوريين سيولون أهمية أكبر لإعادة الزخم للعلاقة مع منطقة الخليج.
وبالنسبة لتركيا التي واجهت بعض الأزمات الكبيرة مع واشنطن خلال ولاية بايدن، فإنها ستكون أكثر ارتياحًا لعودة محتملة لترامب إلى البيت الأبيض؛ لأنها من جانب ستسعى إلى تحقيق المزيد من المكاسب في تفاعلاتها مع واشنطن بشأن الملف السوري، ومن جانب آخر، ستكون في وضع مريح نسبيًا لناحية تراجع الضغط الأميركي عليها فيما يتعلّق بعلاقاتها مع روسيا.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الفلسطینی الإسرائیلی إلى البیت الأبیض فی العام الجدید فی الشرق الأوسط الأمیرکیة فی
إقرأ أيضاً:
أردوغان: وقف إطلاق النار في غزة هشّ.. وتركيا مستعدة لقيادة مسارات السلام
شدّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خلال كلمته في المنتدى الدولي للسلام والثقة المنعقد في العاصمة التركمانستانية عشق آباد، على أن الوضع في قطاع غزة لا يزال في مرحلة دقيقة تتطلّب تدخلاً دولياً مكثفاً.
وأوضح أن وقف إطلاق النار القائم، رغم أهميته، يبقى هشًّا بفعل الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، ما يفرض — بحسب قوله — ضرورة وجود دعم دولي حقيقي يضمن صموده ويمنع انهياره.
وأشار أردوغان إلى أن أي مسار جاد لتحقيق السلام في الشرق الأوسط لا يمكن أن يُبنى بمعزل عن الفلسطينيين، مؤكداً وجوب إشراكهم بشكل كامل في كل مراحل العملية السياسية، وأن الهدف النهائي يجب أن يظل ثابتًا: إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود معترف بها دوليًا.
وفي سياق حديثه عن الأزمات العالمية، أكد الرئيس التركي استعداد بلاده لتقديم دعم ملموس لكل المبادرات الدبلوماسية الهادفة إلى إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، مشيراً إلى أن مسار مفاوضات إسطنبول ما يزال يشكل أرضية فعّالة يمكن البناء عليها لاستعادة التفاهم وفتح الطريق أمام تسوية مستدامة.
وشدد أردوغان على أن تركيا — انطلاقًا من إرثها التاريخي وموقعها الجغرافي ودورها الحضاري — تتحمل مسؤولية خاصة في دعم الاستقرار الدولي. وقال إن أنقرة تعمل «بكل ما تملك من إمكانات» لتعزيز مناخ الحوار، والحد من النزاعات، وتوسيع الجهود الدبلوماسية التي تعيد الثقة بين الأطراف المتنازعة.
ويأتي خطاب أردوغان في ظل تسارع التطورات الإقليمية والدولية، ليؤكد مجددًا رغبة تركيا في لعب دور محوري في صناعة السلام، سواء في الشرق الأوسط أو في ساحات الصراع العالمية، من خلال حضورها الدبلوماسي النشط وشراكاتها المتعددة.