اعتبرت مجلة أوراسيا ريفيو أن إسرائيل تستخدم سلاحا خفيا منذ سنوات للقضاء على الفلسطينيين، يتمثل في تنفيذها تدميرا ممنهجا لصحتهم، لاسيما سكان قطاع غزة المحاصرة منذ 16 عاما. 

وأكدت المجلة في تقرير لها أن استهداف جيش الاحتلال - خلال عدوانه المتواصل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول المنصرم - للبنية التحتية الصحية في قطاع ليس بجديد على الإسرائيليين، ولكنه برز خلال الحرب الجارية.

 

وأوضح التقرير أنه في عام 2018، كان هناك أكثر من 645 هجومًا على البنية التحتية الصحية الفلسطينية الرئيسية من قبل القوات الإسرائيلية. 

ووفق التقرير، فمقارنة بنظرائهم الإسرائيليين، لم يتمكن الفلسطينيون من الوصول إلى المستشفيات والتكنولوجيا الطبية، إذ تحد سلطات الاحتلال بشدة من حركة الفلسطينيين، وينتهي بهم الأمر إلى رفض أكثر من 30٪ من طلبات الحصول تصاريح، الضرورية للسفر إلى مستشفى في فلسطين. 

وكثيرا ما تعرقل السلطات الإسرائيلية الموافقة على طلبات الأطفال في غزة، للحصول على العلاج الطبي؛ ما يؤدي عدم حصول المرضى على النتائج المرجوة؛ فكلما طال انتظار العلاج زادت مخاطر الوفاة. 

على سبيل المثال، حرمت إسرائيل آلاف الفلسطينيين المصابين بالسرطان في قطاع غزة المحاصر، من السفر لتلي العلاج والمساعدات الطبية اللازمة، وفي غضون ذلك، ارتفعت معدلات وفياتهم من 2015-2017 بنسبة 150 ٪ تقريبا. 

ويضاف إلى هذا العدد، آلاف الوفيات بسبب عدم الوصول إلى التكنولوجيا الطبية (مثل أجهزة الأشعة السينية، التصوير بالرنين المغناطيسي، والأدوية الدموية) جراء الحصار الإسرائيلي للقطاع. 

ومثلما حرمت إسرائيل مئات المدنيين من الحصول على العلاج الطبي قبل أشهر فقط، تواصل قواتها حاليا حرمان الأبرياء من احتياجاتهم اليومية. 

وفي وقت سابق، أعلن المسؤولون الإسرائيليون أنهم سيحجبون الكهرباء والوقود والماء لأكثر من 2.3 مليون فلسطيني يعيشون في غزة، التي يمثل الأطفال نصف سكانها بينما يمثل أعضاء حركة حماس جزء صغير من السكان.  

اقرأ أيضاً

4 شهداء في جنين والاحتلال يحاصر مستشفياتها

وذكرت المجلة أن مثل هذه العقوبة الجماعية لن تؤدي إلى مزيد من التصعيد والمعاناة فحسب، بل تعتبر أيضا جريمة حرب. 

وأشارت المجلة إلى أن استهداف إسرائيل للبنية التحتية من شأنه أن يؤدي إلى وفاة الأطفال الجرحى في المستشفيات بسبب نقص الطاقة والكهرباء والإمدادات. 

وبعد أكثر من أسبوعين من قصف المتواصل لغزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين أول، استشهد ما يقرب من 6 آلاف فلسطيني، وما زال مئات آخرون عالقين تحت الأنقاض. 

وفي الوقت الحالي يحصل سكان غزة على 3 لترات من الماء كحد أقصى يوميًا للاستحمام والشرب والطهي، مقابل 100 لتر يوميًا التي أوصت بها الأمم المتحدة. 

وفي ظل هذا المستوى من نقص المياه، وسوء التغذية لا يمكن للفلسطينيين البقاء على قيد الحياة إلا لفترة محدودة من الوقت، وإذا لم يقتلوا عطشاً أو جوعاً، فقد تكون القنابل الإسرائيلية هي التي تنهي حياتهم. 

وبالفعل، استهدف الإسرائيليون مواقع مدنية، مثل الكنائس والمستشفيات، كما هاجموا موظفي الصليب الأحمر وعمال الإغاثة في حربهم مع لبنان عام 2006. 

على الرغم من أن الضربة الأكثر أهمية والأكثر إثارة للجدل على المستشفيات في الحرب الحالية، كانت تلك التي استهدفت لمستشفى المعمداني، إلا أنه ليس هناك شك ولا غموض حول الهجمات الإسرائيلية على البنية التحتية الحيوية الأخرى للرعاية الصحية، إذ تترك المستشفيات في غزة، مثل مجمعي ناصر والشفاء، بدون واط من الكهرباء لساعات طويلة. 

ويضطر الجراحون إلى إجراء عمليات جراحية للأطفال دون تخدير، وتتم الاستعانة بالمصابيح الكهربائية فقط لمساعدتهم على رؤية حالات الطوارئ أثناء المداهمات الليلية.  

وفي اللحظة التي تنقطع فيها الكهرباء، سيموت أكثر من 130 طفلاً فلسطينياً بسبب انقطاع التيار الكهربائي عن حاضناتهم. 

وخلصت المجلة إلى أنه من خلال استهداف صحة الفلسطينيين، تكون إسرائيل قد ضمنت موت أعدائها (بما في ذلك المدنيين الفلسطينيين) بأشد الطرق الممكنة إيلاماً ووحشية. 

 اقرأ أيضاً

في اليوم 73 لعدوان غزة.. استهداف المستشفيات وتسجيلات لافتة للقسام

المصدر | أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الحرب على غزة استهداف إسرائيل للمستشفيات صحة الفلسطينيين أکثر من

إقرأ أيضاً:

فيروسات المستقبل.. السلاح الخفي في معركة البقاء

لم تعد الحروب الحديثة تُخاض على جبهات واضحة أو بخطوط تماس تقليدية، بل أصبحت مختبرات الأبحاث البيولوجية والجينية جبهات متقدمة في صراع القوى الدولية، ومع تسارع وتيرة التقدم في علوم الوراثة والتكنولوجيا الحيوية، تلوح في الأفق ملامح عصر جديد من الحروب، الحروب البيولوجية المستقبلية، التي قد تُعيد تشكيل النظام العالمي وتُحدث تحولات جذرية في مفاهيم الأمن القومي والسيادة.

 

التحول الجوهري في طبيعة الحرب البيولوجية المستقبلية يكمن في دقتها الانتقائية، ففيما كانت الأسلحة البيولوجية التقليدية تُطلق في نطاق واسع غير موجه، بات الآن بالإمكان استخدام أدوات مثل تقنية "كريسبر" لتعديل الجينات وتصميم فيروسات موجهة تصيب فئة بشرية معينة بناءً على خصائص وراثية محددة، كالسلالة أو العرق أو حتى التكوين الجيني لسكان منطقة بعينها.

 

في قلب هذه الحرب القادمة تقف البيانات الوراثية للبشر، باعتبارها الوقود الحقيقي للصراعات، ملايين الأشخاص أرسلوا عينات حمضهم النووي إلى شركات لتحليل الأنساب أو الأمراض الوراثية، هذه الشركات، رغم ما تعلنه من التزام بالخصوصية، قد تكون في يوم ما هدفًا للاختراق أو الشراء من قِبل جهات أمنية.

 

 ويمكن استهداف مجموعات بشرية معينة بفيروسات مصممة بدقة. ويمكن معرفة نقاط ضعف الشعوب صحيًا، وتطوير أدوات قتل صامتة، وهذا النوع من الأسلحة يُحدث ثورة في موازين القوى، لأنه يتيح لدولة صغيرة أو تنظيم مسلح امتلاك قدرة تدميرية تضاهي النووي، ولكن دون الدمار الشامل للبنية التحتية أو الحاجة إلى جيوش ضخمة.

 

التهديد لا يأتي فقط من الدول العظمى التي تستثمر في البحث البيولوجي، بل من تعدد اللاعبين غير التقليديين، شركات التكنولوجيا الحيوية العابرة للحدود، التي تُجري تجارب على الجينات، أصبحت تملك بنوك بيانات ضخمة يمكن استخدامها لأغراض هجومية، كما أن السوق السوداء للفيروسات والمُعدلات الجينية باتت متاحة عبر الشبكة المظلمة.

 

والتقارير الاستخباراتية تؤكد أن بعض الدول استثمرت ملايين الدولارات في أبحاث الجينوم البشري بهدف جمع قاعدة بيانات جينية عالمية، يمكن من خلالها تطوير فيروسات مخصصة وهي ليست مجرد خيال علمي، بل مشروع يُطبخ في الخفاء على نار باردة.

 

والتنظيمات المتطرفة قد تستخدم فيروسًا مُهندَسًا كأداة إرهاب واسعة النطاق، بل إن بعض الفرضيات الاستخباراتية تتوقع هجمات بيولوجية بوساطة طائرات درون صغيرة تنشر رذاذًا معديًا في أماكن التجمعات.

 

وقد أظهرت جائحة كوفيد-19 هشاشة البنية الصحية العالمية، حتى في الدول المتقدمة، وكشفت مدى تداخل الأمن الصحي مع الأمن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، والجائحة كانت، في نظر كثير من المحللين الاستراتيجيين، محاكاة عملية لحرب بيولوجية محدودة.

 

فحرب بيولوجية واحدة قد تُسقط دولة قوية دون طلقة واحدة هذا يجعل بعض الدول تفكر بالبيولوجيا كأداة للانتقال من وضعية القُطر الصغير إلى لاعب إقليمي أو عالمي فإذا استطاعت دولة ما توجيه ضربة بيولوجية تُحدث انهيارًا اقتصاديًا في دولة عظمى، دون أن تُكتشف، فقد تحقق نفوذًا غير مسبوق دون الحاجة لمواجهة مباشرة.

 

ولو ظهر الآن فيروسًا أكثر فتكًا، مُصممًا في مختبرات عسكرية، لا يُظهر أعراضه إلا بعد أسبوعين من العدوى، يُصيب فئة عمرية منتجة، ويُطلق بهدوء في أحد المطارات الدولية لن يكون حجم الخسائر يُقاس بالموتى فقط، بل بالانهيار الكلي لسلاسل الإمداد، والثقة المجتمعية، وحتى استقرار الأنظمة السياسية.

 

وفي السنوات الأخيرة، ومع تنامي الصراعات الجيوسياسية وحمى سباق التسلح الصامت، تصاعد الحديث في أوساط المخابرات والمراكز البحثية عن تجارب بيولوجية سرية تجريها بعض الدول الكبرى، هدفها ليس العلاج، بل تطوير فيروسات معدلة وراثيًا لتُستخدم كأسلحة دمار شامل.

 

ويؤكد تقرير صادر عن "معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي" أن هناك دلائل متزايدة على أن بعض الدول تسعى لخلق "فيروسات ذكية"، يصعب اكتشافها، وتتميز بسرعة الانتشار، وارتفاع معدل الوفاة، وإمكانية برمجتها لاستهداف جينات معينة.

 

وفي أوائل عام 2024، أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة التأهب القصوى بعد ظهور سلالة متحورة من فيروس "ماربورغ" في وسط إفريقيا، أُطلق عليها اسم “ماربورغ 2.0”، السلالة الجديدة لم تكن طبيعية في نمط تطورها، وهو ما أثار شكوكًا حول تدخل بشري في تعديل بنيتها الجينية.

 

وتمتاز هذه النسخة بسرعة الانتشار عبر الهواء وهو تطور خطير مقارنة بالسلالة الأصلية التي كانت تنتقل عبر سوائل الجسم فقط، ومع معدل وفاة يصل إلى 85% في الحالات المصابة، وغياب لقاح فعال حتى اللحظة، بدا العالم وكأنه على شفا كارثة بيولوجية.

 

لكن ما أثار الجدل أكثر، هو تسريب وثائق من مركز أبحاث في أوروبا الشرقية، تشير إلى تجربة سرية كانت تهدف لاختبار قدرة الفيروس على الانتشار في بيئات مغلقة كالمطارات والسجون، وهو ما أعاد إلى الأذهان كابوس "مختبرات الموت".

 

وفي جنوب آسيا، رُصدت حالات لفيروس "نيباه" المتحور، والذي تم تطويره في ظروف غامضة ليصبح أكثر مقاومة للأدوية وأسرع في الانتقال من إنسان لآخر والنسخة الجديدة، التي أُطلق عليها اسم "نيباه X"، تتسبب في تورم دماغي حاد يودي بحياة الضحية خلال أقل من 48 ساعة من ظهور الأعراض.

 

اللافت أن التحاليل الجينية أظهرت تلاعبًا واضحًا في الشيفرة الوراثية للفيروس، مما دفع جهات استخباراتية غربية إلى اتهام أطراف غير معلومة بتطوير الفيروس داخل مختبرات عسكرية، ربما بغرض اختباره كسلاح كتمهيد لحرب بيولوجية محتملة.

 

ما يجعل هذه الأسلحة البيولوجية الفيروسية أكثر خطورة من غيرها، هو أن اكتشافها يتم بعد فوات الأوان، فغالبًا ما يُعتقد أن انتشار الفيروس هو وباء طبيعي، حتى تتضح الحقيقة، ولا يمكن مواجهة هذه الفيروسات بأسلحة تقليدية، ولا حتى بالجيوش، مما يجعل الدول أمام خيارين الانهيار أو العزلة، ولعل ما حدث في أعقاب جائحة "كوفيد-19" يُعد تحذيرًا مبكرًا لما هو قادم لكن الفرق أن الفيروسات التي ظهرت مؤخرًا أكثر خبثًا، وأسرع فتكًا، وربما للأسف أكثر ذكاءً.

 

وفرض التوازن النووي حالة من الردع بين القوى العظمى،  والعالم الآن بحاجة إلى مفهوم جديد للردع البيولوجي لكن التعقيد في الأسلحة البيولوجية يكمن في إمكانية إنكار استخدامها، وصعوبة تتبع مصدرها، مما يجعل المحاسبة الدولية شبه مستحيلة.

 

من هنا تنبع الحاجة إلى معاهدة دولية مُلزمة تُعزز الشفافية في الأبحاث البيولوجية، وتُنشئ هيئة تحقيق عالمية لديها صلاحية التفتيش الفوري على المختبرات، تمامًا كما هو الحال مع وكالة الطاقة الذرية.

 

وسيحتاج الأمن القومي في العقود القادمة إلى إعادة تعريف جذري. الجيوش التقليدية، مهما كانت قوتها، لن تستطيع حماية دولة من فيروس موجه، والمطلوب هو بنية تحتية للذكاء الحيوي، تُراقب التغيرات البيولوجية غير المعتادة، وتحلل التسلسل الجيني للفيروسات الجديدة فور ظهورها.

الدول الذكية لن تستثمر فقط في الطائرات والسفن، بل في قدرات رصد بيولوجي مبكر، وفي العلماء باعتبارهم جنود الخط الأمامي في الحروب القادمة والتي قد لا تصدر عنها أصوات انفجارات، ولا ترفع فيها رايات، لكنها ستكون الأكثر تأثيرًا في تاريخ البشرية، حرب تُخاض داخل خلايا الجسد، وميادينها مجهرية، ولكن عواقبها عالمية.

مقالات مشابهة

  • أدان إنشاء وكالة لتهجير الفلسطينيين من غزة .. «الوزاري الخليجي» يستعرض سبل تعزيز العمل المشترك
  • ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان على غزة إلى 54,470 شهيدًا
  • جُلّهم أطفال ونساء.. ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين بقطاع غزة إلى 54,470 شهيدًا
  • استخدام إسرائيل سلاح التجويع بحربها على غزة من منظور القانون الدولي الإنساني
  • الهمص يتهم الجيش الإسرائيلي باستهداف المستشفيات بشكل ممنهج في قطاع غزة
  • صحيفة إسرائيلية: تركيا أصبحت القوة الجديدة التي تُقلق إسرائيل في الشرق الأوسط!
  • وزير الخارجية: من غير المقبول استخدام الجوع كسلاح ضد الفلسطينيين في غزة
  • جُلّهم من الأطفال والنساء.. ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين بقطاع غزة إلى 54.381 شهيدًا
  • فيروسات المستقبل.. السلاح الخفي في معركة البقاء
  • أونروا: المساعدات التي ترسل لغزة سخرية من المأساة الجماعية