6 فائزين بجائزة «نوابغ العرب».. تعرف إليهم؟
تاريخ النشر: 25th, December 2023 GMT
اكتمل فريق جائزة «نوابغ العرب»، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بعد انتهاء التصفيات النهائية للمبادرة وإعلان الفائزين بها في دورتها الأولى.
ووفق آلية عمل الجائزة، تم تشكيل لجان من المختصين لتقييم ترشيحات النوابغ العرب ضمن 6 فئات رئيسية تشمل.
وبعد النظر في الترشحات وتقييم اللجان لها؛ تم إجراء مقابلات مع المرشحين لاختيار الفائزين بمبادرة «نوابغ العرب»، وعلى مدار أسابيع، بين 25 نوفمبر/ تشرين الثاني و24 ديسمبر /كانون الأول، قام صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، شخصياً؛ بالإعلان عن أسماء «نوابغ العرب» في الدورة الأولى للجائزة، ضمن الفئات الست.
نال جائزة «نوابغ العرب» كل من.. الدكتور هاني نجم من المملكة العربية السعودية فائزاً عن فئة الطب، والبروفيسور فاضل أديب من لبنان عن فئة الهندسة والتكنولوجيا، والدكتور محمد العريان الذي حاز جائزة «نوابغ العرب» عن فئة الاقتصاد، والبروفيسورة نيفين خشاب عن فئة العلوم الطبيعية، والبروفيسورة لينا الغطمة عن فئة العمارة والتصميم، وصولاً إلى البروفيسور واسيني الأعرج الفائز بـ«نوابغ العرب» عن فئة الأدب والفنون.
وتحتفي جائزة «نوابغ العرب»، بإبداعات العقول العربية المتميزة وبإنجازاتها ودورها الإيجابي المؤثر، وتترجم الجائزة مساندة الابتكار والإبداع والتقدّم العلمي والمعرفي والثقافي والفكري في الوطن العربي؛ إلى دعم ملموس يحتفي بهذه الفئة الفذة المؤثرة إيجاباً في محيطها والعالم.
وتهدف مبادرة «نوابغ العرب» إلى تكريم المتميزين في العالم العربي، وتسليط الضوء على أدوراهم الداعمة لاستئناف إسهام المنطقة العربية في الحضارة الإنسانية، وتقديم دعم ملموس بمختلف أشكاله للمبدعين العرب، وتوسيع أثر إنجازاتهم محلياً وعربياً وعالمياً.
نوبل العربأصبحت «نوابغ العرب» بتركيزها على تكريم المبدعين والعقول العربية الفذة والمتميزة والمبتكرة بمثابة جائزة نوبل للعالم العربي، وباتت «نوبل العرب»، حيث ركّزت على ست فئات حيوية للتقدم الحضاري والثقافي والتنموي والمعرفي في العالم العربي، واعتمدت مبدأ الترشيحات من جانب الأفراد والمؤسسات، وعينت لجان التحكيم من الخبراء لشفافية التقييم، وخصصت جوائز للفائز عن كل فئة حتى يتوسع أثر إبداعاته إلى أبعد مدى.
وترأس لجنة تحكيم مبادرة «نوابغ العرب» هذا العام عن فئة الأدب والفنون، محمد أحمد المر رئيس مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، فيما ضمت اللجنة في عضويتها كلاً من: أحمد عبدالله زايد حجاب مدير مكتبة الإسكندرية، وريما مسمار المدير التنفيذي للصندوق العربي للثقافة والفنون «آفاق».
الفائزون بجائزة «نوبل العرب»1- الدكتور هاني نجم عن فئة «الطب»
أجرى الدكتور هاني نجم نحو 10 آلاف عملية قلب للأطفال والبالغين.
واستحدث ممارسات جراحية مبتكرة واستثنائية في تخصص جراحة القلب.
وشارك في عملية جراحية دقيقة لاستئصال ورم سرطاني حرج، من قلب جنين عمره 26 أسبوعاً داخل رحم والدته.
ويرأس الدكتور نجم، اليوم قسم جراحة قلب الأطفال والبالغين في «كليفلاند كلينك»، في ولاية أوهايو بالولايات المتحدة.
يحاضر الدكتور نجم في جامعات سعودية وأمريكية مرموقة، وهو اليوم أستاذ مشارك في تخصص الجراحة في «كلية ليرنر» للطب في كليفلاند بالولايات المتحدة، ومتعاون في مشاريع بحثية متعددة بما في ذلك قاعدة بيانات متعددة المراكز؛ كأداة قيمة للممارسات القائمة على الأدلة في أمراض القلب الخلقية.
ولد هاني نجم وتعلّم في الرياض، وتميّز في دراسته المدرسية والجامعية، حتى تخرج في كلية الطب بجامعة الملك سعود عام 1985.
2- البروفيسور فاضل أديب- فئة «الهندسة والتكنولوجيا»
طوّر البروفيسور فاضل أديب - من لبنان - أجهزة رصد بحري تعمل من غير بطاريات وتكتسب الطاقة من الموجات لدى عملها في أعماق المحيطات.
وتمت تسمية رسالة عمله على درجة الدكتوراه «الرؤية من خلال الجدران»؛ كواحد من أبرز 50 مساهمة تحوّلية من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في علوم الكمبيوتر على مدار الخمسين عاماً الماضية.
وظّف البروفيسور أديب تقنيات الـWIFI في استشعار ما وراء الجدران؛ من حيث رصد النبض والأجسام المتحركة والاستفادة من متابعة الموجات اللاسلكية وارتداداتها في رصد التحركات.
ويمكن استخدام هذه التقنية المتقدمة في مراقبة الحالات الصحية للمرضى على مدار الساعة، وعمليات البحث والإنقاذ تحت الأنقاض وأثناء الكوارث.
3- الدكتور محمد العريان عن فئة «الاقتصاد»
حاز الدكتور محمد العريان جائزة «نوابغ العرب» عن فئة الاقتصاد، تقديراً لإنجازاته ومساهماته البارزة وأبحاثه ومؤلفاته في مجال الاقتصاد، عربياً وعالمياً، ويعتبر الدكتور العريان أحد أكبر المستشارين الاقتصاديين اليوم. وتشكل نظرياته الاقتصادية ورؤاه الاستراتيجية أساساً مؤثراً في العديد من السياسات التنموية على المستويين، المحلي والدولي.
عمل الدكتور العريان في صندوق النقد الدولي، وكان رئيساً لمجلس التنمية العالمية. ومن موقعه كرئيس تنفيذي لمؤسسة هارفرد للوقف التعليمي، حقق لها عوائد استثنائية، هي الأعلى في تاريخها لتزيد قيمتها السوقية عن 53 مليار دولار، وهو الرقم الأعلى في تاريخ الصناديق الوقفية الجامعية.. وعمل العريان رئيساً تنفيذياً لعدد من كبريات المؤسسات العالمية التي تدير أصولاً تزيد قيمتها الإجمالية على 1.1 تريليون دولار.
وساهم في تعزيز الحضور الاقتصادي والدولي لبلده الأم مصر، وللعالم العربي ككل، من خلال مساهماته الأكاديمية والبحثية ومشاركاته في المؤتمرات والندوات الاقتصادية، وتقديمه الاستشارات الاقتصادية التخصصية.
4- البروفيسورة نيفين خشاب- فئة «العلوم الطبيعية»
مُنحت جائزة «نوابغ العرب» عن فئة العلوم الطبيعية للبروفيسورة نيفين خشاب، العميدة المشاركة للعلوم الفيزيائية والهندسية، وأستاذة علوم الكيمياء بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية - المملكة العربية السعودية، لإسهاماتها الريادية في العلوم الطبيعية، وأبحاثها في الجامعات العربية.
وفازت البروفيسورة اللبنانية نيفين محمد علي خشاب، بجائزة «نوابغ العرب» عن فئة العلوم الطبيعية، لإسهاماتها البارزة في علوم الكيمياء، والهندسة الحيوية، والعلوم البيولوجية.
وتركّز الاهتمامات البحثية للبروفيسورة خشاب، على تطبيقات المواد المتناهية الصغر، القابلة للبرمجة الذكية والمصنّعة هندسياً، وعلى استخداماتها للأغراض الطبية والصيدلانية والصناعية والبيئية، وهي تدرس الفرص الجديدة التي يمكن لكبسولات وأجهزة النانو أن توفرها في الإفادة من الأدوية والعلاجات الجينية والتشخيص الطبي، وفي الصناعات، نظراً لصلابتها ومتانتها، وما تتميز به من مقاومة حرارية فائقة.
وتشكل الدراسات والأبحاث والابتكارات العلمية للبروفيسورة نيفين خشاب، اليوم، مصدر إلهام لأجيال جديدة من الشباب المتطلعين إلى التخصص في العلوم الطبيعية الواعدة، وقدوة يتطلع إلى محاكاة مسيرتها العلمية الحافلة بالإنجازات الكثير من العلماء في المنطقة العربية، والعالم.
5- البروفيسورة لينا الغطمة، فئة «العمارة والتصميم»
حازت البروفيسورة اللبنانية لينا الغطمة جائزة «نوابغ العرب» عن فئة العمارة والتصميم؛ نظراً لإبداعاتها في تصاميم مبتكرة أرست معايير جديدة للهندسة المعمارية التكاملية التي تمزج بين البيئة المبنية والطبيعية بلمسات عصرية ومقاربة مستدامة.
ووضعت تصاميم العديد من المعالم العمرانية، مثل: برج «ستون جاردن» في بيروت بلبنان، مسقط رأسها، والاستاد الوطني في اليابان، ومركز العلوم في نابولي، ومعرض «ووندرلاب» في بكين، والمتحف الإستوني وغيرها من الإنجازات التي تعتبر اليوم من الأعمال الهندسية المعاصرة المؤثرة، وباتت تفاصيلها مصدر إلهام للكثير من المهندسين المعماريين من مختلف أنحاء العالم، بعد أن أصبحت رمزاً للهندسة المعمارية الطليعية التي تجمع بين الملاءمة والدقة.
وتدير البروفيسورة لينا الغطمة الاستوديو المعماري الخاص بها، وهي حاصلة على البكالوريوس في العمارة من الجامعة الأمريكية في بيروت، والماجستير في هندسة المناظر الطبيعية من كلية التصميم البيئي بجامعة جورجيا بالولايات المتحدة الأمريكية.
وتجسد البروفيسورة لينا الغطمة التزامها بالمسؤولية البيئية وبالحفاظ عليها من خلال مشاريعها المتنوعة التي تسهم في بناء مجتمعات أكثر صحة واستدامة، كما تمكنت من تحقيق التوازن الشامل بين الجوانب الأكاديمية والعملية لإحداث تأثير إيجابي نوعي متنامٍ باستمرار.
6- البروفيسور واسيني الأعرج- فئة «الأدب والفنون»
حاز الأديب والكاتب والباحث والأكاديمي البروفيسور واسيني الأعرج- من الجزائر، جائزة «نوابغ العرب» عن فئة «الأدب والفنون»، لإنجازاته وإبداعاته في الرواية العربية وأبحاثه الأكاديمية التي أبرزت دور الأدب والسرد والرواية في تقديم قضايا الإنسان الملحّة في الوطن العربي، والعالم.
ونشر البروفيسور الأعرج، مجموعة واسعة من الكتب والروايات التي ترجمت إلى لغات عالمية كثيرة، منها الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والألمانية والسويدية والدنماركية والإسبانية، وغيرها.
وشارك في تأسيس وإدارة مخبر المصطلح في باريس الذي يشرف على الكثير من البحوث السردية والترجمية، في جامعتي الجزائر، والسوربون.
كما ساعدت خبراته فرق البحث الجامعية في أبحاث أكاديمية مهمة عن الرواية العربية، والأشكال السردية، والمسارات الجمالية، والممارسات الأدبية.
ويعمل الأعرج، حالياً، أستاذ كرسي في جامعة الجزائر منذ عام 1985، وبروفيسوراً في جامعة السوربون الفرنسية منذ عام 1994. ويترأس قسم المسار العربي في دائرة اللغات التطبيقية لكلية اللغات والآداب وحضارات المجتمعات الأجنبية في السوربون.
حصلت أعمال البروفيسور الأعرج، على مدى أكثر من ربع قرن، على جوائز عربية ودولية مرموقة.
ومن أعماله الروائية «الليلة السابعة بعد الألف»، «سيرة المنتهى»، «طوق الياسمين»، «ذاكرة الماء»، «ضمير الغائب»، «البيت الأندلسي».
6 فئات رئيسيةتم تحديد معايير أساسية وسمات في المترشحين لجوائز «نوابغ العرب» بما في ذلك أن يكون المرشح ممثلاً للهوية العربية من خلال دوره الإيجابي على مستوى مجتمعه والعالم العربي، وأن يثبت قدرته على التفكير الإبداعي، وأن يجسد المعرفة في مجال اختصاصه من خلال اطلاعه وفهمه لأهم الموارد المعرفية ومتابعته لما توصل له الآخرون، وأن يكون مثالاً يحتذى به في التميز ويلهم ويحفز الأجيال العربية على المشاركة في صناعة الحضارة وتسريع تقدمها، وأن يدعم بأفكاره وعمله التقدّم في مجال اختصاصه ويساهم في صناعة التوجهات المستقبلية.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات نوابغ العرب الإمارات البروفیسورة لینا الغطمة العمارة والتصمیم العلوم الطبیعیة الأدب والفنون نوابغ العرب نیفین خشاب هانی نجم من خلال عن فئة
إقرأ أيضاً:
كتاب مقومات النظرية اللغوية العربية.. قراءة تحليلية دقيقة للتراث النحوي
يعد التراث النحوي العربي أحد أبرز إنجازات الحضارة الإسلامية في مجال المعرفة، حيث قدم النحاة العرب تصورات عميقة حول بنية اللغة وآليات اشتغالها، لم تزل تثير اهتمام الباحثين والمشتغلين بالدراسات اللسانية المعاصرة. غير أن هذا التراث غالبا ما يتناول إما بروح تمجيدية تغفل منطلقاته المعرفية، أو من منظور نقدي يستند إلى نماذج تفسيرية مستوردة، مما يفضي إلى اختزاله أو إساءة فهمه.
في هذا السياق، يبرز كتاب "مقومات النظرية اللغوية العربية" للدكتور رمزي منير بعلبكي كمحاولة رصينة لإعادة قراءة التراث النحوي العربي من الداخل، بوصفه نظرية لغوية متكاملة، لا مجموعة من القواعد والمفاهيم المنفصلة المجتزأة، نظرية قائمة على جملة من المفاهيم الكبرى التي وجهت الفكر النحوي العربي.
فالكتاب، الصادر عن دار النشر في الجامعة الأميركية في بيروت، ضمن سلسلة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، يمثل إسهاما معرفيا نوعيا، يهدف إلى إعادة الاعتبار للنظرية اللغوية العربية، من خلال تفكيك مفاهيمها الكبرى، وقراءة أنساقها المنهجية، في ضوء رؤية تحليلية دقيقة، تتجنب الإسقاط وتستنطق النصوص من داخلها.
والمؤلف رمزي منير بعلبكي هو أكاديمي لبناني، حائز درجة الدكتوراه في النحو العربي وعلم الساميات المقارن من جامعة لندن، وحاصل على جائزة الملك فيصل العالمية في اللغة العربية والأدب عام 2010، يعمل رئيسا لدائرة اللغة العربية في الجامعة الأميركية في بيروت، وكان أستاذا زائرا في جامعات كامبردج وشيكاغو، وأستاذا مقيما في جامعة جورج تاون، وهو رئيس المجمع العلمي لمعجم الدوحة التاريخي.
إعلانيقع الكتاب في 415 صفحة تتوزع على 7 فصول يتناول فيها فيما يتناوله النظرية النحوية العربية وما تمتاز به من شمول في المادة وتماسك في الأركان.
دعائم النظرية النحويةينطلق المؤلف من فرضية مركزية عنده مفادها أن النحو العربي لم يكن نتاج ملاحظات متفرقة على كلام العرب، بل هو مشروع علمي واع تعاون عليه النحاة العرب، وتطور وتشكل من خلال جهود معرفية تراكمية بنائية منظمة، استهدفت بناء تصور شامل لطبيعة اللغة وعملها حتى شكلت نظرية لغوية متماسكة-وإن لم تدون صراحة- تقوم عليها الممارسة النحوية والمعجمية في القرون الهجرية الأولى.
فالنظرية اللغوية العربية تستوفي -كما يقول الدكتور رمزي بعلبكي- أهم شرطين لازمين لها، هما شمول المادة وسعتها، وتماسك أركانها، وذلك بفضل العناية الفائقة التي أولاها علماؤنا العرب لدراسة الأبعاد الذهنية والسياقية التي تصاحب عملية التواصل بين المتكلم والمخاطب، تلك العناية التي جعلتهم يختبرون قدرة النظرية وكفاءتها في جمل وتراكيب مصنوعة فضلا عن الجمل المنطوقة المستعملة، ويعمل الكتاب على استخلاص معالم هذه النظرية من خلال تحليل أدواتها المعرفية والمنهجية.
ومن هنا تأتي أهمية الكتاب في إعادة النظر إلى هذا المشروع المعرفي العربي من خلال تحليل المفاهيم الخمسة التي عدها المؤلف دعائم النظرية النحوية وقوامها، وهي: العمل والقياس والتقدير والتعليل والأصل.
يعتمد المؤلف في مقاربته منهجا تحليليا دقيقا، يستند إلى قراءة متأنية للنصوص اللغوية التراثية، ويبتعد عن الإسقاطات الخارجية أو التأويلات المتعسفة، فهو لا يفرض على المادة التراثية نماذج تفسيرية جاهزة، بل ينطلق من داخلها، محللا آلياتها ومفاهيمها في ضوء معايير منطقية ولسانية رصينة.
إعلانفالمعالجة الفكرية تأتي مرتبة ومنسقة، حيث يسير التحليل من المفهوم إلى الوظيفة، ومن النص إلى الفرضية، بما يكشف عن وعي منهجي لافت، يميز هذا الكتاب عن غيره من الأعمال التي تناولت التراث النحوي إما بتمجيد غفل أو بنقد يتكئ على نماذج غربية لا تلائم طبيعة المدونة العربية.
ويرى بعلبكي أن النظرية اللغوية العربية بنية فكرية متكاملة تحكمها تصورات معينة عن اللغة، نشأ معظمها في بيئة لغوية شفهية.
ويحوز مفهوم "العمل النحوي" محل الصدارة في هذه المقومات، والعمل عند النحاة مصطلح يشير باختصار إلى التأثير الذي يكون في التركيب الجملي، ويؤدي إلى الأحكام الإعرابية من رفع أو نصب أوجر أو جزم، فالعمل هو إذا الإطار النظري الذي يفسر من خلاله الإعراب والتحولات التركيبية.
ولا يكتفي بعلبكي بتعريفه الظاهري، بل يتتبع جذوره المفاهيمية، مبينا كيف أن النحاة الأوائل تصوروا العلاقات النحوية بوصفها تفاعلات بين عناصر الجملة، تحكمها قوانين داخلية دقيقة، تسند فيها وظيفة نحوية معينة إلى كل مكون في السياق.
فالعمل -كما يراه الدكتور بعلبكي- انعكاس للمنطق الوظيفي الذي انطلق منه النحاة العرب، ثم ينتقل إلى مفهوم "القياس"، موضحا الرؤية التراثية له، فهو ليس مجرد وسيلة لتوليد القواعد، بل أداة عقلية لإدراك التماثل بين الظواهر، مبنية على الاستقراء والتناظر.
ويبين أن النحاة العرب استخدموا القياس وفق قواعد صارمة تخضع الظاهرة لمعايير الانسجام مع النظام الكلي للغة، ويقارن المؤلف بين هذه النظرة التراثية للقياس والنظرة اللسانية الحديثة مظهرا أوجه الشبه وأوجه الاختلاف بين المنهجين على بعد ما بينهما من زمان.
ويأتي الدكتور بعلبكي على "التقدير" بوصفه أحد القضايا والمقومات الأساسية في النظرية اللغوية العربية، فيعرض بوصفه حلا معرفيا لظواهر لا يظهر فيها العنصر النحوي بصيغته الصريحة، واللجوء إلى التقدير لا يكون حينها اعتباطيا أو لسد ثغرة في النظام، بل يأتي نتيجة إدراك دقيق لبنية الجملة ومراميها الدلالية.
إعلانويسير الدكتور بعلبكي في تحليله لهذا المفهوم مبرزا كيف تعامل النحاة مع التراكيب اللغوية بوصفها تمثيلات ظاهرية لبنى أعمق، تستعاد بالتقدير حين تقتضي الحاجة ذلك، وفي هذا السياق، يكشف المؤلف عن عمق النظرة البنيوية للنحاة العرب، وإدراكهم للعلاقة بين المستويات السطحية والمستويات العميقة للجملة، وهو ما يشابه في أساليبه الاستدلالية المناهج اللغوية الحديثة.
ويعرض الدكتور بعلبكي مفهوم "التعليل" ضمن النظرية اللغوية العربية، بوصفه أداة لفهم النظام اللغوي لا مبررا شكليا للقواعد والظواهر، فالتعليل كان أداة منهجية لدى النحاة العرب، تعكس انشغالهم بإبراز الترابط المنطقي بين الظواهر وأسبابها وما بينها من علائق.
يقدم الكتاب رؤية متسقة للطريقة التي بنى بها النحاة قواعدهم، ويبرز كيف أن كل قاعدة نشأت عن حاجة تفسيرية، ترتبط بمستوى معين من التحليل، سواء أكان تركيبيا أم دلاليا أم صوتيا.
لا يغفل الكتاب معالجة العلاقة بين اللفظ والمعنى، فالمعنى إنما كان في مقدمة العوامل التي وضعها النحاة لتوجيه الإعراب، كما يتطرق الكتاب لمسألة الشذوذ في النحو، ويدرس طريقة ضبط النحاة لهذه المسألة، وطريقة تعاملهم معها بمرونة ضمن منطق نسقي، يوازن بين القاعدة والاستعمال، فالنحاة العرب قد طوروا أساليب جعلتهم يدمجون الحالات الخاصة في إطارهم النظري الكلي.
ويأتي الدكتور بعلبكي في كتابه على وصف المدونة اللغوية التي انصرف اللغويون لدراستها وتمحيصها والعمل عليها بعد تضخم المادة اللغوية وانتشار الغريب من الألفاظ في اللغة، مبرزا دور البيئة القبلية، وتواتر الرواية، وصحة النقل في تشكيل قاعدة الاستشهاد، ويتناول أثر الرواية الشفوية في رسم صورة اللغة الفصيحة، مبينا أن هذه العملية لم تكن عشوائية، بل خضعت لمعايير صارمة أسهمت في ضبط المادة وتحقيقها، فتوزعت مهام اللغويين بين جمع ووصف وتحليل وضبط للظواهر اللغوية بعد أن ضبطوا هذه المدونة اللغوية.
إعلانومن أهم ما يسِم تحليلات الدكتور بعلبكي في كتابه هذا أنها تشتمل على قراءة واعية للعلاقة بين التراث واللسانيات الحديثة، إذ لا يقحم مفاهيمها على التراث، ولا يعزل التراث عنها، بل يجري مقارنات مدروسة حين يكون ذلك نافعا، كما في مقاربته بين القياس النحوي العربي والنحو التوليدي. ويحرص على التمييز بين المنهج والنتائج، تفاديا للاختزال أو التشويه.
يمثل هذا العمل مساهمة مميزة في حقل النظرية اللغوية العربية، إذ يعيد للفكر النحوي تقديره بوصفه مشروعا معرفيا متكاملا، يمتلك مفاهيمه الخاصة، وآلياته الداخلية، وقيمه المنهجية.
ويظن أن يفتح هذا الكتاب آفاقا جديدة في قراءة التراث النحوي، واستثماره في تطوير النظرية اللغوية المعاصرة.