العبدلي: المجموعات المسلحة تتحكم في تكليفات المسؤولين وهذا سبب الفساد الكبير
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
ليبيا – علق المحلل السياسي حسام الدين العبدلي،على قرار رئيس حكومة تصريف الأعمال عبد الحميد الدبيبة رقم 835 لعام 2023 الذي خصص لدعم التشكيلات المسلحة.
العبدلي وفي تصريحات خاصة لوكالة “سبوتنيك”، أضاف:” الدبيبة إذن بصرف المبالغ المالية ذات أرقام متفاوتة تصل إلى مئات الملايين، في ظل وجود تضخم في البلاد وارتفاع لسعر صرف الدولار الذي أرهق كاهل المواطن الليبي، نجد أولويات تركها الدبيبة فبعض هذه التشكيلات تمتلك أسلحة ثقيلة مكانها الطبيعي في الحدود والصحراء وحماية أمن الدولة، ولكن نجد جميعها في العاصمة، ليس هناك سبب وجيه سوى أن طرابلس هي مكان الأموال ومن يستحوذ على أكبر رقعة سوف يحصل على نصيب أكبر من الدعم”.
وأوضح أنه ما يجب إدراكه من كل هذا بأن الدبيبة تمكن من ترويض المجموعات المسلحة لمصالحه بعكس من سبقه من رؤساء الحكومات، فهو منذ البداية عرف المفتاح السري الذي يدخل به للعاصمة طرابلس، قد يراه البعض شراء للولاء ولكن السياسة تريد ذلك.
وتابع حديثه :”الدبيبة لا يخفي بأنه يريد حُكم البلاد، فهو يرددها علناً ولكن هذا الأمر قد يكون لصالح عبدالحميد الدبيبة، ولكنه ضد مصلحة المواطن، حتى الآن هناك بعض المجموعات المسلحة تتحكم في تكليفات المسؤولين، لهذا نفاجئ أحيانا بوجود الفساد الكبير في الوزارات والسفارات”.
كما رأى العبدلي بأن واقع استمرار تمويل الكتائب والتشكيلات الأمنية سوف يستمر طويلاً لسبب واحد بأن الواقع الذي صنعه السياسيين هو ما سبب ذلك من حروب ونهب جعل الجميع يريد أخذ حصته بالقوة.
وأردف: “لا أعتقد بأن دعم الحكومة لهذه التشكيلات سببا في عدم انضمامهم للوزارات، لأن البعض منهم منضم للوزارات السيادية كوزارة الداخلية ووزارة الدفاع، ولكن من يفسد الأمور هُم السياسيين لأنهم يحتمون خلف السلاح والتشكيلات المسلحة، ويحاولون إغراء هذه المجموعات المسلحة برشاوى الأموال المملوكة للدولة، لكي يتحصلون بذلك على الحماية ولا يكون للعدالة يد تصل إليهم”.
وقال العبدلي إن الجميع ينادي بإجراء انتخابات في أسرع وقت، لأن الجشع الموجود الآن من قبل السياسيين سوف يزيد من تفاقم الوضع أكثر، وسوف تصبح لنا جيوش موازية تمتلك قادة وإدارات لوحدها.
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: المجموعات المسلحة
إقرأ أيضاً:
رحل الساحر ولكن.. للثروة حسابات أخرى
حين يُذكر اسم محمود عبد العزيز، يتبادر إلى الذهن فورًا فنان من طراز خاص، لا تُختزل مسيرته في عدد الأفلام أو الجوائز، بل في ما تركه من أثر حقيقي.
لم يكن من هواة الصخب، ولا من نجوم العناوين العريضة، لكنه كان حاضرًا بقوة في قلوب الجمهور، بأدواره الصادقة، وموهبته.
لذلك، يبدو مؤلمًا ومربكًا أن يُستدعى اسمه اليوم في خضم أزمة عائلية، لا تليق بتاريخه، ولا تعبر عن صورته الحقيقية. فالرجل الذي عاش بعيدًا عن الخلافات، واختار دائمًا أن يتحدث فنه نيابةً عنه، لا ينبغي أن يصبح اسمه جزءًا من جدل حول الميراث أو أوراق الطلاق.
أن يتحول "الساحر" الذي ألهم الأجيال، إلى اسم عالق في أزمة عائلية، تتنازعه بيانات وتصريحات عن الميراث، وأوراق الطلاق.
الحقيقة أن هذا المشهد لا يُسيء لمحمود عبد العزيز، بقدر ما يجرح صورة نحب أن نحتفظ بها نقية، كما عرفناها. فهو لم يكن يومًا "ثروة" تُقسم، بل "قيمة" تُحترم. رجل عاش ومات بعيدًا عن المزايدات.
في عام 2016، رحل "الساحر" عن عالمنا، تاركًا إرثًا فنيًا كبيرًا وسيرة عطرة لا يزال يُشهد له بها بين زملائه ومحبيه. واصل نجلاه، محمد وكريم محمود عبد العزيز، المسيرة الفنية بأعمال نالت ترحيب الجمهور، الذي استقبل حضورهما بمحبة تشبه ما كان يكنّه لوالدهما.
والحق يُقال، لم يزجّ الثنائي نفسيهما في أي خلافات أو مشادات عبر السنوات، بل ظلا حريصين على الدعاء لوالدهما وذكره بالخير في كل مناسبة.
كما ترك زوجة أحبّته حتى النهاية، هي الإعلامية بوسي شلبي، التي غادرت منزلهما يوم رحيله، مدركةً أنه أوصى بكل ما يملك لنجليه، حسب ما يؤكده عدد من المقربين منهما في الوسط الفني.
وهنا يطرح السؤال نفسه: ما الذي تغير بعد تسع سنوات من الوفاة، حتى يُزج باسمه في قضايا من هذا النوع؟
نجله الأكبر، المنتج والممثل محمد محمود عبد العزيز، نفى تمامًا كل ما تردد حول نزاع على قطعة أرض بمليارات الجنيهات، مؤكدًا أن إعلام الوراثة الرسمي الصادر بعد الوفاة لم يتضمن سوى اسمه واسم شقيقه فقط.
لقد أحبّ محمود عبد العزيز أبناءه حبًا جارفًا، وفضّلهم في حياته على الجميع، وربما اعتقد أن هذا وحده كافٍ ليُدركوا أن قيمة الشرف والاحترام أعلى من أي خلاف على مال. لكن من المؤسف أن يتم الزج باسمه في بيان يطعن في زواجه.
وإن كانت محاولة نفي الزواج مرتبطة بخلاف على الميراث، فهل كان من الأجدر أن تُحل الخلافات في صمت، بدلًا من تشويه صورة فنان عظيم لم يعد بيننا، ولا يملك حق الدفاع عن نفسه؟
على الجانب الآخر، تقف الإعلامية التي ما دام أكدت في لقاءاتها أنها لا تزال على العهد، وفية لزوجها الراحل، ومخلصة لكل لحظة بينهما، حاملة ذكراه في قلبها كما اعتدنا أن نراها. لكن السؤال المشروع هنا: لماذا قررت إثارة هذه القضايا والخلافات، التي بدأت منذ عام 2021، لإثبات أن الطلاق الذي تم في أواخر التسعينيات — بعد شهور قليلة من الزواج — لم يُوثق بشكل نهائي؟
إذا كانت تمتلك بالفعل أوراقًا رسمية تثبت الزواج، كما تقول، وإن كانت لا تطالب بالمال أو الميراث — كما يدّعي بعض أصدقائها من الوسط الفني — فما الذي يدفعها لفتح هذا الملف الآن؟ وهل يمكن أن يُفهم هذا الإصرار على إثبات الزواج كإشارة إلى أن الراحل قد "ردّها" إلى عصمته شفهيًا دون توثيق؟
شرعًا، تُعد زوجته. لكن قانونًا، إذا كانت تملك منذ سنوات ما يثبت الزواج، فلماذا لم تُعلن ذلك إلا بعد مرور تسع سنوات على وفاته؟
وإذا كان الاتفاق — كما يؤكد المقربون منهما — هو ألا تطالب بأي شيء من الإرث احترامًا للعِشرة ولأبنائه، فلماذا تراجعت فجأة؟
هل هذا هو الوفاء الذي اعتادت أن ترفعه ؟ أم أن بعض الأسئلة لا تجد إجابات، لأن الحقيقة ليست دائمًا كما تُروى؟
الجميع يقف الآن طرفًا في حرب من تبادل التصريحات، كلٌّ يحاول إثبات صحة موقفه بكل ما أوتي من قوة. لكن هذه المعارك، بكل ضجيجها، لا تليق بمحمود عبد العزيز. فلا يجب أن تُبنى النزاعات على حساب فنان رحل، لا يملك اليوم أن يدافع عن نفسه، ولا أن يروي ما غاب من تفاصيل لا يعلمها سوى الله.
هو الذي لم يتحدث كثيرًا عن نفسه، ولم يسعَ إلى رسم صورة أسطورية له. اكتفى بأن يكون صادقًا، وترك أعمالًا تُغني عن أي سيرة. من "رأفت الهجان" الذي أصبح رمزًا وطنيًا، إلى أدوار الإنسان البسيط في "الكيت كات"، و"البرئ"، و"الساحر"… لم يكن بطلًا خارقًا، بل إنسانًا يعرف كيف يصل إلى قلوب الناس دون ادعاء.
وهكذا نحب أن نتذكره: فنانًا صدق نفسه فصدقه الناس، أبًا ترك في عيون أبنائه دفئًا حتى وإن اختلفوا بعده، ورجلًا لم يكن بحاجة لمن يُدافع عنه بعد رحيله.
الجدل حول المال لا يُغيّب الحقيقة: أن الإرث الحقيقي لمحمود عبد العزيز لا يُقاس بالممتلكات، بل بالمحبة. محبة جمهور لا يزال يستعيد مشاهده، ويرويها للأبناء، وينحني احترامًا لفنٍّ لا يموت.
ولأن الثروة الحقيقية لا تُورَّث… بل تُستلهم، سيبقى اسمه في المكان الذي يليق به: في القلوب، لا في سجلات المحاكم.