ونفذ الاحتلال الإسرائيلي، يوم أمس، ثلاث غارات على العاصمة اللبنانية بيروت، مستهدفاً الرجل الثاني في حركة حماس الشيخ صالح العاروري، الذي لقي الله شهيداً إثر هذه الغارة مع ثلاثة آخرين، في تصعيد خطير ستكون له تبعات وعواقب وخيمة.

وتأتي هذه الجريمةُ عشية الذكرى الثالثة لاستشهاد قاسم سليماني ورفيق دربه أبو مهدي المهندس، وقبل يوم من خطاب مرتقب لسماحة الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله، الذي ذكرت وسائل إعلام أنه تم تأجيل إلقاء هذا الخطاب.

وعزّى الناطقُ باسم أنصار الله محمد عبد السلام، حركة المقاومة الإسلامية حماس باستشهاد الشيخ العاروري، ووصف ما حدث بأنه “جريمة اغتيال إسرائيلية جبانة”.

وأدان عبد السلام في بيان بشدة هذه الجريمة، وقال إنها تشكل عدواناً غادراً على لبنان، مؤكّـداً وقوف اليمن إلى جانب حركات المقاومة في فلسطين ولبنان.

وأدان المكتب السياسي لأنصار الله بشدة جريمة الاغتيال الآثمة التي ارتكبها العدوّ الإسرائيلي بحق الشهيد القائد صالح العاروري، واثنين من قادة القسام، بطائرة مسيّرة في بيروت.

وعلى صعيد متصل، وصف المكتب السياسي لأنصار الله هذا الاستهداف بالجريمة الوحشية الجبانة التي تعكس مستوى الإفلاس والانحطاط والإجرام الذي وصل إليه الكيان الصهيوني المجرم.

وأوضح في بيان له أن هذه الجريمة تمثل تجاوزاً لكل القوانين الدولية والأعراف الإنسانية، كما أنها تقدم شاهداً دموياً إضافياً على مستوى التوحش والهمجية الإسرائيلية وجزء من مسلسل القتل والإجرام، الذي يرتكبه العدوّ الصهيوني يوميًّا بحق الشعب الفلسطيني.. مؤكّـداً أن العدوّ الإسرائيلي ما كان له أن يتجرَّأَ على هذه الجريمة لولا الدعم والمساندة الأمريكية.

وأشَارَ البيان إلى أن الشهيدَ صالح العاروري كان أحدَ قادة الجهاد والمقاومة الفلسطينية، وكان له دورٌ بارزٌ في العملية البطولية (“طُـوفان الأقصى”) ضد الكيان الصهيوني المجرم، معبِّراً عن التعازي لحركة المقاومة الإسلامية حماس والشعب الفلسطيني، وشعوب الأُمَّــة في استشهاد القائد العاروري ورفاقه.

وأكّـد المكتب السياسي لأنصار الله أن دماء الشهداء لن تذهب هدراً، وأن التضحيات سوف تثمر نصراً وعزاً، وأن هذه الدماء الزكية سوف تشعل النيران في قلب الكيان الصهيوني، وأنها تمثل وقوداً لشعوب الأُمَّــة للتحَرّك الجهادي الفاعل في مواجهة الكيان الصهيوني حتى هزيمته، وتحرير فلسطين والمقدسات الإسلامية.

من جانبه أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور عبد العزيز بن حبتور، تضامن اليمن -قيادةً وحكومةً وشعباً- مع أسرة الفقيد العاروري وحركة حماس خَاصَّة والشعب الفلسطيني عامة في فقدانهم لشخصية فلسطينية مقاومة بارزة، معتبرًا هذه الجريمة النكراء تعكس السلوك الإرهابي لكيان العدوّ الصهيوني وحالة الانهزام التي يمر بها حَـاليًّا ومحاولة التغطية على خسائره الفادحة التي تتكبدها قواتُه في قطاع غزة من قبل رجال المقاومة الفلسطينية.

وطالب بن حبتور المنظماتِ الحقوقيةَ بإدانة النهج الإجرامي لكيان العدوّ الصهيوني والعمل بمختلف الوسائل لمقاضاته وملاحقته على هذه الجريمة وغيرها من جرائم الحرب التي ترتكبها بحق أبناء غزة على مدار الساعة.

وفي السياقِ، جَدَّدَت وزارة الخارجية، إدانتَها بأشد العبارات لجرائم الكيان الصهيوني المُستمرّة على الشعب الفلسطيني وآخرها جريمة اغتيال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس.

واعتبرت في بيان هذا التصعيدَ الصهيوني الخطير، انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ولسيادة لبنان وستكون له تداعياتٌ لا تُحمد عقباها، مؤكّـدة أن انتهاكَ الكيان الصهيوني لمثل هذه الجرائم لن يزيد المقاومة إلا قوة وصموداً، مُشيراً إلى أن ممارسة الكيان الصهيوني لمثل هذه الجرائم، يأتي في إطار محاولته للبحث عن نصر زائف بعد تلقيه هزيمة نكراء في السابع من أُكتوبر الماضي.

ودعا البيان المجتمع الدولي إلى إنهاء العربدة الصهيونية التي أهانت كُـلّ القوانين الدولية وتمثل خطراً كَبيراً على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

كما أكّـدت وزارة الخارجية تضامن اليمن قيادة وحكومة وشعباً مع الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الصهيوني على قطاع غزة وحقه المشروع في الدفاع عن النفس والتحرّر من الاحتلال وإقامة دولته المستقلة على كامل ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف.

 

العاروري مهندسُ “طُـوفان الأقصى”:

وأحدثت جريمة اغتيال الشيخ صالح العاروري، استنكاراً واسعاً على الصعيد الدولي والإقليمي، ودعت فصائل المقاومة الفلسطينية للرد بكل قوة، فيما تصدرت دعوات أُخرى للحداد والإضراب العام.

ووصفت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” الشهيد صالح العاروري بـ “مهندس “طُـوفان الأقصى”، مشيرة إلى أنه استشهد مع اثنين من قادة كتائب القسام في العملية الغادرة بالضاحية الجنوبية لبيروت.

وأكّـد عضو المكتب السياسي لحركة حماس عزت الرشق، أن “عمليات الاغتيال الجبانة التي ينفذها الاحتلال الصهيوني ضدّ قيادات ورموز شعبنا الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها، لن تفلح في كسر إرادَة وصمود شعبنا، أَو النيل من استمرار مقاومته الباسلة”، لافتاً إلى أنها تثبت مجدّدًا فشل هذا العدوّ الذريع في تحقيق أياً من أهدافه العدوانية في قطاع غزة.

من جانبها قالت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في بيان نعي للقائد الكبير الشيخ صالح العاروري: إن هذه الجريمة هي محاولة من العدوّ الصهيوني لتوسيع رقعة الاشتباك وجر المنطقة بأسرها إلى الحرب للهروب من الفشل الميداني العسكري في قطاع غزة والمأزق السياسي الذي تعيشه حكومة الكيان، إثر فشلها بعد 90 يوماً من الحرب الهمجية وحرب الإبادة من فرض شروطها على شعبنا، بل إن قوى المقاومة كانت لها اليد العليا سياسيًّا وعسكرياً”.

 وأكّـد البيان، أنها وإذ “نزف القائد العاروري وإخوانه إلى شعبنا الفلسطيني وإلى أمتنا العربية والإسلامية فَــإنَّنا نؤكّـد أن هذه الجريمة لن تمر بلا عقاب، وأن المقاومة مُستمرّة حتى دحره”.

من جانبها، نعت كتائب المقاومة الوطنية في بيان، “الشهيد القائد الوطني الكبير الشيخ صالح العاروري” نائب رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”.

وقالت: “نؤكّـد أن هذه العمليةَ الجَبَّانة واستشهاد الشيخ صالح لن تكسر إرادَة شعبنا بل ستزيد من فعله الثوري ومقاومته الباسلة وستكون نارًا ووبالاً على العدوّ الصهيوني”، مشيرة إلى أن العدوّ الصهيوني وقادته المجرمين سيدفعون ثمن فاشيتهم وجرائمهم كافة بحق أبناء شعبنا ومنها عملية اغتيال القائد صالح العاروري”.

من جانب متصل أكّـدت كتائب حزب الله في العراق، أن العدوَّ الصهيوني المدعوم أمريكياً يستمرُّ في عمليات الغدر الجبانة بحق مجاهدي المقاومة الإسلامية الفلسطينية.

وقالت: إنه الكيان الغاصب وبعد عجزه في مواجهة مقاومي غزة الصمود، يرتكب جريمة اغتيال أُخرى باستهداف نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، القائد صالح العاروري وعدداً من رفاقه، وآخر من المدنيين في بيروت”، مُشيراً إلى أن إجرام الكيان الصهيوني برمي الأطنان من القنابل على المدنيين في غزة، وتماديهم باستهداف مواقع مدنية في لبنان يمثل تصعيداً خطيرًا، فضلاً عن الاعتداءات الصهيونية في سورية والعراق، التي ما كانت لتحصل لولا دعم الإدارة الأمريكية له؛ بهَدفِ تنفيذ مخطّطاتها الخبيثة في المنطقة”.

وجدَّدت كتائب حزب الله في العراق العهد ببذل الغالي والنفيس لدحر المحتلّين، سائلةً الله أن يلحق هذه الكوكبة من الشهداء بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أُولئك رفيقا، ويلهم أهليهم ومحبيهم الصبر والسلوان.

من جهتها أكّـدت الحكومة اللبنانية أن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، طلب من الخارجية تقديم شكوى عاجلة لمجلس الأمن بشأن انفجار بيروت.

بدورها، علقت الخارجية الإيرانية بالقول: إن “اغتيال العاروري جاء نتيجة الفشل الكبير للكيان الصهيوني في مواجهة المقاومة في غزة”، وأشَارَت إلى أن “دماء الشهيد العاروري ستضح دماء جديدة في شريان المقاومة وستضاعف العزيمة لمواجهة كيان العدو”.

وقالت: “ندين بشدة اغتيال العاروري والكيان الصهيوني يتحمل مسؤولية تداعيات مغامرته الجديدة”، وأضافت، أن “اغتيال العاروري و2 من قادة القسام انتهاك لسيادة لبنان وندعو الأمم المتحدة لرد عاجل ومؤثر”.

المولدُ والنشأة:

وُلد صالح محمد سليمان العاروري عام 1966 ببلدة عارورة الواقعة قُرب مدينة رام الله بالضفة الغربية.

 

الدراسةُ والتكوين:

 

تلقى تعليمَه الابتدائي والإعدادي والثانوي في فلسطين، وحصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية من جامعة الخليل بالضفة الغربية.

الوظائفُ والمسؤوليات:

 

تقلَّد العاروري العديدَ من الوظائف المهمة داخل حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، من بينها عضويته منذ عام 2010 في مكتبها السياسي، قبل أن يُختار نائبًا لرئيس المكتب السياسي في 5 أُكتوبر/تشرين الأول 2017.

 

 

 

التجربةُ والمسار:

 

التحق العاروري بالعمل الإسلامي في سن مبكرة من حياته، وقاد العملَ الطلابي الإسلامي في جامعة الخليل منذ عام 1985 حتى اعتقاله عام 1992، والتحق بحركة حماس بعد تأسيسها أواخر عام 1987.

 

وخلال الفترة الممتدة ما بين عامَي 1990 و1992، اعتقل جيش الاحتلال العاروري إداريا (دون محاكمة) فترات محدودة على خلفية نشاطه في حركة حماس، حَيثُ شارك خلال تلك الفترة في تأسيس جهاز الحركة العسكري وتشكيله في الضفة الغربية، وهو ما أسهم في الانطلاقة الفعلية لكتائب القسام في الضفة عام 1992.

 

وفي عام 1992، أعاد جيشُ الاحتلال اعتقال العاروري، وحكم عليه بالسجن 15 عاماً بتهمة تشكيل الخلايا الأولى لكتائب القسام بالضفة، ثم أفرج عنه عام 2007، لكن الكيان أعاد اعتقاله بعد ثلاثة أشهر لمدة ثلاث سنوات (حتّى عام 2010)، حَيثُ قرّرت المحكمة العليا الإسرائيلية الإفراج عنه وإبعاده خارج فلسطين.

 

وفي الخامس من أُكتوبر/تشرين الأول 2017، انتُخب العاروري نائبًا لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس.

 

 

 

مقتطفاتٌ من كلمات العاروري حول “طُـوفان الأقصى”:

 

عقبَ معركة “طُـوفان الأقصى”، التقى الشهيد العاروري الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، رفقة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة، في 25 تشرين الأول/أُكتوبر الماضي، بحيث جرى تقويم المواقف المتخذة دوليًّا ‏وإقليمياً وما يجب على أطراف محور المقاومة القيام به في هذه المرحلة ‏الحساسة، كما بحث في سبل تحقيق انتصار حقيقي للمقاومة في غزة وفلسطين ووقف العدوان على غزة وفي الضفة.

 

أمّا بالنسبةِ إلى رؤيته عن معركة “طُـوفان الأقصى”، أكّـد العاروري، في تصريحاتٍ سابقة له، أنّ هذه المعركة:

 

    هي معركة الرد على جرائم الاحتلال”، و”معركة القدس”، ويجب أنّ يتحَرّك معا “كل أحرار العالم الذين عندهم ضمائر إنسانية.

    جاءت استباقا لهجوم كانت تنوي إسرائيل شنه على قطاع غزة فور انتهاء الأعياد اليهودية، وقال إن الخطة الدفاعية للعملية أقوى من الخطة الهجومية التي أذهلت إسرائيل وفاجأت العالم.

    لا يمكن أن تمُسَّ بالمدنيين أَو بالأسرى وتتصرف وفق قوانين الحرب الدولية.

    الغرب الذي يتهم المقاومة الفلسطينية بارتكاب جرائمَ ضد الإنسانية، يتجاهل أن الحرب التي شنتها إسرائيل ضدهم قامت على أَسَاس استهداف المدنيين.

    الفلسطينيين يقاتلون كي يقر العالم بحقهم في الحياة على أراضي دولتهم كبقية شعوب العالم.

    كشفت الوجه الوحشي للولايات المتحدة الأمريكية، وبينت عجز العالم كله عن أن يوفر غطاء وحماية للمدنيين والأطفال.

    إن العالم الغربي هو من أعطى الاحتلال الغطاء لهذه الوحشية الإجرامية التي كشف عن وجهه الحقيقي المجرم باستمراره في قتل النساء والأطفال عمداً.

    هذه المعركة اسمها “طُـوفان الأقصى” فهي ليست معركة غزة بل معركة القدس ويجب أن يتحَرّك مع هذه المعركة كُـلّ أحرار العالم الذين عندهم ضمائر إنسانية.

    الشعب الفلسطيني لن ينكسر أبدا وانتصاره حتمي.

    إنّ التهديد الإسرائيلي لي لن يغيّر قناعاتي، ولن يترك أي أثر، ولن يغيّر مساري قيد أنملة.

 

العاروري حولَ الشهادة:

 

    نحن مؤمنون، ونتمنى أن تُختتم حياتنا بالشهادة التي نعتزّ بها.

    مُشيراً إلى أنّ الشهادة هي الفوز العظيم في نظر قادة المقاومة.

    إنّ قادة المقاومة جزء من الشعب الفلسطيني، ولا يتباينون عن كُـلّ أبناء الشعب.

 

العاروري حول أداء محور المقاومة في “طُـوفان الأقصى”:

 

    إن أداء محور المقاومة خُصُوصاً حزب الله واليمن والعراق، متقدم.

    قدم لبنان وحزب الله أكثر من 60 شهيداً، آخرهم سيارة مدنية في قصف الاحتلال استشهد فيها ثلاث أطفال وجدتهم وأُصيبت والدتهم بجروح، فكل يوم هناك تشييع شهداء في الضاحية وفي الجنوب والبقاع.

    اليمن يوجد إعلان حرب رسمي وإطلاق صواريخ ومسيَّرات على هذا الكيان، ومع الأسف يتم التصدي لهذه المسيَّرات والصواريخ من دول عربية وكذلك من الأمريكيين، فلماذا تتصدَّى دولٌ عربية لصواريخَ ذاهبة إلى الكيان؟

    إن خطابَ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله جاء أَيْـضاً لتبني هذه المعركة وعدالتِها ومصداقيتها وليدافع عن كُـلّ مواقفها ويرد على كُـلِّ الشبهات التي أثيرت، وليرفع محور المقاومة باستمرار من مشاركته وُصُـولاً إلى المشاركة الكاملة في هذه المعركة حتى نحسمَها بإذن الله.

    إن المقاومة العراقية أَيْـضاً تضربُ القواعد الأميركية في سوريا والعراق ونحن نشجِّعُ على المزيد، فَــإنَّ ضرب الكيان من أية منطقة عربية أَو إسلامية واجب مقدس في مناصرة الأقصى.

 

 

 

العاروري في التصريحات العبرية:

 

    قال الصحافي الإسرائيلي إليئور ليفي إنّ “من المهم إدراك أنّ العاروري هو استراتيجي، ويمكن وصفه بالعقل اللامع لحماس في كُـلّ ما يتعلق بتأطير الجهاز العسكري للحركة في خارج قطاع غزة”. وَأَضَـافَ ليفي أنّ العاروري بذلك “تحول إلى أحد المسؤولين المركزيين الذين يشغلون المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية وأجهزة استخبارية أُخرى في العالم”.

    قال الصحفي الإسرائيلي آفي يساخاروف، أن العاروري “عميل قادر، يتمتع بشخصيةٍ كاريزمية، مشبوه، وذكي، وله اتصالاتٌ ممتازة”.

    ذكر موقع “يديعوت أحرونوت” في تقرير له، أنّ “مسؤولَ حماس الذي يمسك بالخيوط في الضفة الغربية صالح العاروري، هدّد بأنّ الاغتيالات ستؤدِّي إلى حرب إقليمية”.

    وَأَضَـافَ الموقع أنّ “كلام العاروري القاسي هذا، يبدو أنّه؛ بسَببِ الحديث عن احتمال اغتياله”، فبحسب مصادر أمنية، فَــإنَّ “إسرائيل مهتمة باغتياله منذ فترة لكونه يحاول قيادة الانتفاضة في الضفة الغربية”.

    وتابع أنّ “موقع العاروري كأحد واضعي جدول الأعمال في الضفة، جعله قريباً جِـدًّا من المحور الذي يرى في الضفة والقدس أدوات مركزية في الصراع ضد إسرائيل”.

    ووفقاً للموقع، فقد طالب مسؤولون في المؤسّسة الأمنية ​​في الماضي باغتيال العاروري منعاً لسيناريو “توحيد الساحات”.

    وأشَارَ إلى أنّ المتقاعد إيتان دانغوت، الذي كان السكرتير العسكري لثلاثة وزراء أمن، ظل يدعو إلى ذلك لسنوات عديدة، قائلاً إنّه “أخطر وأهم شخص لدى حماس اليوم، ويعد شخصية سياسية وعسكرية ماهرة ومحنكة للغاية؛ فهو رجل مميت، وهدفه قتل أكبر عدد ممكن من الإسرائيليين”.

    ووفق تقديرات إسرائيلية، فَــإنَّ العاروري هو من أعطى بشكل أَسَاسي الضوء الأخضر لإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان خلال شهر رمضان الماضي، مشيرة إلى أن هذه الخطوة التي كسرت توازن الردع بين (إسرائيل) ولبنان.

    وذكر أن العاروري يعيش حَـاليًّا بالقرب من مراكز مسؤولي حزب الله في الضاحية الجنوبية في بيروت.

    وَأَضَـافَ الموقع “كان أحد بنود الاتّفاق الإسرائيلي-التركي في عام 2015 هو ترحيل صالح العاروري من إسطنبول، ومن ثم بعد ذلك تم الاتّفاق بين إسرائيل وقطر على ترحيله من الدوحة بعد إقامته هناك لمدة عامين، وأصبح الآن مقره في بيروت، حَيثُ أصبح الشخصية المقربة في حماس من حزب الله وإيران”.

    وتابع “لم يؤد استقرار العاروري في بيروت إلا إلى تعزيز علاقته بإيران وحزب الله، وفي لبنان أنشأ قوة محلية لحماس، تتألف في معظمها من نشطاء من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، وجاءت هذه الخطوة في إطار فهم حماس بأن النضال ضد إسرائيل يجب أن يشمل الفلسطينيين في كافة المجالات، وليس فقط أُولئك الذين يعيشون في غزة والضفة الغربية، لافتة إلى أن القوة التي أنشأها ليست جيشاً مثل حزب الله، لكن التنظيم يضم مئات العناصر الذين خضعوا لتدريبات عسكرية، بعضهم بدعم من إيران، ومخزون صاروخي وقدرة تشغيلية ثابتة”.

    وأردف “على حَــدِّ علمنا، لم تجري أي محاولة سابقة لاغتيال العاروري، وهناك في إسرائيل من يعتقد أن اغتيال العاروري سيؤدي إلى صراع عسكري مهم ضد حماس، وربما ضد حزب الله أَيْـضاً.

    وختم موقع يديعوت تقريره بالقول: “خلال العام الحالي، سُئل مسؤول كبير جِـدًّا في المؤسّسة الأمنية حول إمْكَانية اغتيال العاروري، قال: لا أريد الإجَابَة على هذا السؤال”.

 

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: رئیس المکتب السیاسی لحرکة المکتب السیاسی لحرکة حماس حرکة المقاومة الإسلامیة المقاومة الفلسطینیة الشیخ صالح العاروری الکیان الصهیونی الشعب الفلسطینی اغتیال العاروری ط ـوفان الأقصى محور المقاومة الضفة الغربیة الأمین العام جریمة اغتیال هذه الجریمة هذه المعرکة د العاروری حرکة حماس فی مواجهة فی الضفة حزب الله قطاع غزة فی بیروت أ کتوبر الله أ إلى أن ف ــإن أن هذه فی غزة

إقرأ أيضاً:

بعد اغتيال الطبطبائي..الخرق الأمني لحزب الله بميزان المحللين

منذ اغتياله بتفجير قنبلة زرعت داخل سيارته أثناء توقفها في حي كفر سوسة بدمشق، مساء 12 فبراير/شباط 2008، لم تتكشف ملابسات مقتل القيادي العسكري الأول في حزب الله عماد مغنية. خصوصا أنه لم تعلن أي جهة وقتها مسؤوليتها عن الاغتيال، رغم أن الشكوك اتجهت مباشرة إلى جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي المعروف بـ"الموساد".

واستمر غموض هذا الملف لغاية يومي 30 و31 يناير/كانون الثاني 2015 عندما نقلت صحيفتا "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز" في عددين متتاليين عن ضباط استخبارات أميركيين قولهم إن اغتيال القيادي اللبناني الذي كان يعرف باسم "الحاج رضوان" تم بالتنسيق بين أجهزة المخابرات الأميركية والإسرائيلية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2حرب التجويع مستمرة في غزة رغم اتفاق وقف إطلاق النارlist 2 of 2تأجير الشهادات الطبية في الأردن.. سوق خفية تضعف الثقة بقطاعه الصحيend of list

كان ذلك بديهيا بالنظر إلى أن الأميركيين يحملونه مسؤولية عدة عمليات تفجير استهدفت منشآتهم وقواتهم أثناء عملها بلبنان في الثمانينيات، أبرزها تفجير السفارة في بيروت في 13 أبريل/نيسان 1983 الذي قتل فيه 63 شخصا. في حين أنه في نظر الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية يعتبر العدو رقم واحد المطلوب التخلص منه، بالنظر إلى تحميله مسؤولية أسر جنديين على الحدود مع جنوب لبنان، إلى جانب مزاعم عن تفجيرات ضد مصالح إسرائيلية في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس عام 1985.

وتضمنت كشوفات الصحيفتين معلومات عن المراحل التي مر بها التحضير للاغتيال وأدواته وتوقيته والتنسيق على أعلى مستوى بشأنه، بين قادة الأجهزة الاستخبارية في واشنطن وتل أبيب.

إلا أن الخرق الأمني الذي أوصل إلى التعرف على تحركات مغنية ولقاءاته بقي طي الكتمان.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أصدر يوسي كوهين المدير السابق للموساد كتابا عنوانه بالعبرية "بالأحابيل تصنع لك حربا" وبنسخته الإنجليزية "سيف الحرية: إسرائيل «الموساد» والحرب السرية". تناول في جزئه الأخير إرثه في الموساد وخصوصا أساليبه في تجنيد العملاء. وروي كوهين كيف تقلّد أثناء خدمته شخصية "خبير آثار" في بعلبك اللبنانية، وشخصية "هاوي جمع أكياس شاي" أمام تاجر شاي لبناني في السودان.

لبنانية تمر أمام لوحة إعلانية تحمل صورة القائد العسكري لحزب الله عماد مغنية، في بيروت سبتمبر 2008 (غيتي إيميجز)

لكن أهم ما جاء في الكتاب، وهو ما رواه يوسي كوهين في فصله السادس عن كيفية قيامه في مطلع التسعينيات بتجنيد عميل لبناني كان مقربا من عماد مغنية. فيقول إنه وضع عينه "على شخص متعلم من قدامي المخربين في لبنان أسماه للتمويه "عبد الله". وعن الأخير يقول كوهين إنه كان مقربا من الحزب، وإنه اكتشف أنه يبحث عن مستقبل اقتصادي آمن يضمن له مستقبله في أميركا اللاتينية.

عبد الله والأرجنتيني

تحت غطاء رجل أعمال أرجنتيني يفتش عن شريك لمشروع تجاري في الشرق الأوسط نسج كوهين علاقة مع عبد الله. وبعد عدة لقاءات شعر فيها كوهين بأن الرجل أحبه ووثق به، فعرض عليه أن يكونا شريكين. وحول ماهية العمل المشترك قال له كوهين إن هناك شركة تعرض عليهما القيام بعمل استقصائي عن "حزب الله"، لقاء مبلغ محترم من المال. رفض عبد الله المهمة بشكل قاطع في البداية، وقطع الاتصال مع كوهين لعدة أيام. لكنه بشكل مفاجئ عاد إليه وأبلغه موافقته. وفي وقت لاحق زارا معا إسرائيل، وتجولا في تل أبيب، دون أن يعرف عبد الله أن شريكه الأرجنتيني ضابط في الموساد.

إعلان

وفي 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أي بعد أقل من شهر على نشر كتاب كوهين ومعلوماته الجديدة كليا حول الخرق الأمني الذي مهد قبل 17 عاما لاغتيال مغنية بدمشق، نفذ الطيران الحربي الإسرائيلي غارة على مبنى سكني في حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت أسفرت عن مقتل شخصية أخرى من حزب الله من وزن مغنية. وبعد الاغتيال فقط تبين أن الشخصية المستهدفة معروفة على نطاق ضيق يقتصر على قيادات الحزب نفسه، لكنه يشمل أيضا أجهزة الاستخبارات الغربية والإسرائيلية التي تطاردها.

بعد شهر من نشر كتاب يوسي كوهين وتناوله قصة الوصول إلى عماد مغنية تم اغتيال الطبطبائي (رويترز)

فقد ذكرت البيانات العسكرية الإسرائيلية بعد الاغتيال أن المستهدف به يدعى هيثم حسين الطبطبائي، وأنه "كان عنصرا مركزيا في حزب الله، حيث انضم إلى صفوفه في ثمانينيات القرن الماضي وتولى سلسلة مناصب قيادية ومنها قائد وحدة قوة الرضوان، وكان عنصرا بارزا في تطويرها (…) كما عمل على تعزيز قدرات حزب الله".

بدورها، أكدت البيانات والمعلومات الصادرة عن حزب الله وقادته بعد الاغتيال صحة المعلومات الإسرائيلية عن الطبطبائي. فقال بيان نعيه ونعي 4 من رفاقه قضوا في الغارة ذاتها إنه تولى "القيادة العسكرية في المقاومة الإسلامية" بعد الحرب الأخيرة مع إسرائيل (أي ما بعد 7 أكتوبر 2023) وفي حفل التأبين في الأسبوع اللاحق على الاغتيال قال الأمين العام للحزب نعيم قاسم إن الطبطبائي "كان يتولّى إدارة العمليات في معركة "أولي البأس" (المعروفة لبنانيا بحرب إسناد غزة) قبل أن يتولّى رسميا المسؤولية العسكرية في المقاومة مطلع هذه السنة. وكشف كذلك أن القيادي غير المعروف لعامة اللبنانيين "كان يدير ويبرمج المعركة خصوصا على صعيد إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة".

اليمن وسوريا

وأسهمت وكالات الأنباء العالمية في التعريف بالطبطبائي، حيث تبين أن وزارة الخارجية الأميركية صنفته في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2016 كإرهابي عالمي، وخصصت 5 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه استنادا إلى قيادته للقوات الخاصة التابعة للحزب التي نشطت في سوريا واليمن. وبحسب الخارجية الأميركية فإن أدوار الطبطبائي تُعدّ في هذين البلدين (اليمن وسوريا) جزءا "من جهود أوسع للحزب تشمل توفير التدريب والمعدّات والعناصر دعما لأنشطته المزعزعة للاستقرار في المنطقة".

ولم تقتصر مفاجأة الاغتيال (أتت بعد عام من اتفاق لوقف النار بوساطة أميركية فرنسية) في تشابه أسلوب القتل المستخدم فيها، وأدواته (صواريخ موجهة) مع عمليات اغتيال 4 قادة آخرين في الضاحية الجنوبية لبيروت. هم: القيادي الفلسطيني صالح العاروري في الثاني من يناير/كانون الثاني 2024، والقائد العسكري للحزب فؤاد شكر في 30 يوليو/تموز من العام ذاته، ثم الأمين العام نفسه حسن نصر الله 27 سبتمبر/أيلول وصولا لخليفته صفي الدين يوم الثالث من أكتوبر/تشرين الأول اللذين قتلا على خلاف سابقيهم في ملجأيهما بصواريخ خارقة للتحصينات.

تشييع حزب الله في بيروت لقائده العسكري البارز هيثم الطبطبائي (الجزيرة)

المفاجأة كانت في دقة الإصابة وتكرار نمط الاغتيال، مع عجز الحزب وآلته الأمنية عن وضع يدها على طبيعة الخرق الأمني -الذي سهلها- وتجنبه. فما بالك مع تكراره بعد سنة من توقف الحرب (اسميا) وامتداده ليطال من اعتبره محلل أمني لبناني رمزا لـ"الجيل الثاني للجماعة بعد أن قتلت معظم قيادييها المؤسسين".

إعلان

موقع "أساس" اللبناني حاول مبكرا تقديم الإجابة عن هذا السؤال الحساس. فعرض في الثاني من ديسمبر/كانون الأول 2024 قراءة خبراء أمنيين لم يسمهم لأسباب ما حدث وتكراره. فنقل أولا عمن سماه "خبيرا أمنيّا مُطّلعا على هيكلية الحزب" قوله إن "أحد مسؤولي ما يُعرف بـ”وحدة الأمكنة”، أو كما تُسمى في أوساط الحزب بـ"الأماكن"، ويُدعى "الحاج حمزة" السّبلانيّ، كان المسؤول عن تسليم إسرائيل كل الداتا (البيانات) المرتبطة بأماكن وجود المسؤولين في “الحزب” في أيام السلم، والمقرات الاحتياطية لهم في أيام الحرب، والمنشآت القيادية والعسكرية السرية". وتحدث الموقع كذلك عن فرار أحد مسؤولي وحدة “الإشارة” (الاتصالات) في “الحزب” إلى الداخل الإسرائيلي في عز المواجهة بين الحزب وإسرائيل.

كما تحدث الموقع عن اختراق إسرائيل لشبكة الاتصالات الداخلية للحزب والتنصت عليها في الجنوب والبقاع والضاحية وأي بقعة فيها هاتف موصول بالشبكة. وهو ما دفع -وفقا لمعلومات أساس- مسؤول الأمن الوقائي في “الحزب” الشيخ نبيل قاووق للتعميم على كل المسؤولين والعناصر تجنب استخدام الشبكة إلا للضرورة القصوى، قبل أن يقع هو ضحية “داتا الأماكن” بعد استهدافه داخل شقة في الضاحية الجنوبيّة.

وربط "أساس" بين فرار مسؤول وحدة الإشارة، وصدور توجيه من قاووق لأجهزة الحزب بضرورة استعمال البيجر أو أجهزة الاتصال ذات الموجة القصيرة للتواصل باعتبارها أكثر أمانا لتأتي "واقعة البيجر" لتؤكد أن هذه الأجهزة كانت بدورها مخترقة ومتعقبة ومفخخة.

حزب الله اعتمد أجهزة البيجر باعتبارها أكثر أمانا بعد اختراق سلاح الإشارة التابعة له (شترستوك)

مع نجاح إسرائيل في اغتيال الطبطبائي، القيادي المتواري عن الأنظار والعدسات في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، تجدد تلقائيا الحديث عن شكل الاختراق الأمني وعمقه، خصوصا أنه أتى بعد أكثر من عام من اغتيال هاشم صفي الدين، أبرز قيادي في حزب الله بعد نصر الله. فهل كان النجاح الإسرائيلي الجديد ثمرة لاستخدام التكنولوجيا المتطورة؟ أم العامل البشري؟ أم لكليهما؟

في الأيام الأولى التي أعقبت الاغتيال انقسم المحللون في تفسير نجاح إسرائيل في الوصول إلى هذه الشخصية العسكرية والأمنية الغامضة. فقد نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الباحث في مركز "أتلانتيك كاونسل" نيكولاس بلانفورد قوله إن اغتيال الطبطبائي "الصفعة الأقوى لحزب الله منذ وقف إطلاق النار، بالنظر الى موقعه القيادي، ولكونه يظهر أن الإسرائيليين ما زالوا قادرين على تحديد مواقع كبار القادة واستهدافهم، بغض النظر عن أي إجراءات حماية يتخذها حزب الله" منذ انتهاء الحرب.

وعن طبيعة الخرق الأمني باستخدام التكنولوجيا، تعددت آراء المحللين المحليين. فبينما نقلت وكالة رويترز عن مصدر أمني لبناني قوله إن "إسرائيل تواصل أيضا جمع المعلومات المخابراتية عن أنشطة حزب الله باستخدام طائرات مسيرة تختص بمهام الاستطلاع"، قال مالك أيوب، وهو محلل عسكري متقاعد، لقناة المنار التلفزيونية التابعة لحزب الله إن إسرائيل ربما تستخدم تقنية التعرف على الوجوه لتحديد شخصيات حزب الله من خلال تغطية المحطة لجنازة الطبطبائي".

وفي شرح تفصيلي عبر أحد المنافذ الإعلامية المقربة من الحزب، قال الخبير العسكري نضال أبو زيد "الاحتلال استخدم وسائل فنية لا بشرية في العملية"، فإذا نظرنا إلى المبنى المستهدف في حارة حريك فإننا نرى أنه مؤلف من 9 طوابق وقد جرى استهداف الطابقين الثالث والرابع وهذا يقود مباشرة إلى طبيعة الأداة المستخدمة".

وأضاف "يبدو أن الاحتلال لجأ إلى استخدام صواريخ جي بي يو 39، هي صواريخ دقيقة خفيفة موجهة بنظام جي بي إس، وبحسب المعلومات المتداولة فإن الاستهداف نفذ عبر طائرات إف 16 أو إف 35 وليس بواسطة طائرات مسيرة".

وشدد أبو زيد على أن "الاختراق كان فنيا وليس بشريا". وأوضح قائلا "لو كان الاختراق بشريا لتطلب وقتا أطول لمعالجة الهدف وللجأ إلى استخدام المسيرة لأنه لا يغامر باستخدام هذا النوع من المخاطر، كدخول الطائرات الحربية وانتهاك الأجواء اللبنانية والاقتراب المباشر مع الهدف".

إعلان

وفي محاولة لتقصي تفاصيل هذا الملف، وجهت الجزيرة نت أسئلة مباشرة إلى مسؤول في الحزب -فضل عدم الإفصاح عن هويته- وإلى خبير عسكري لبناني، وإلى إعلامي متخصص بدارسة حزب الله .

مصدر في حزب الله رفض احتمال وجود ثغرات أمنية داخلية أدت إلى اغتيال الطبطبائي (الفرنسية)ماذا يقول حزب الله؟

القيادي في الحزب رفض احتمال وجود ثغرة أمنية. وقال إن الربط بين التطورات الميدانية الأخيرة وحديث البعض عن "ثغرات أمنية داخلية" "غير دقيق"، مشيرا إلى أن التحقيقات والإجراءات التي اتخذت خلال الفترة الماضية أغلقت العديد من الثغرات وساهمت في منع العدو من تكرار سيناريوهات سابقة.

وأضاف المصدر الحزبي للجزيرة نت أن "الشخصية القيادية التي استُهدفت تؤدي دورا محوريا وتتحرك باستمرار، وهو ما يجعل تتبعها ممكنا في ظل التكنولوجيا المتقدمة جدا التي يمتلكها العدو، والدعم التقني الذي توفره له دول كبرى معادية للمقاومة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إضافة إلى أجهزة استخبارات عالمية تضع قدراتها في خدمته". وأكد أن العامل التكنولوجي هو العنصر الحاسم في نجاح إسرائيل بعمليات الاستهداف، سواء ضد الصف الأول القيادي أو الصف الثاني، لافتا إلى أن الاغتيالات الجارية حاليا تعتمد بشكل كامل على هذا التفوق التقني.

وحول استخدامات التكنولوجيا في رصد وتنفيذ عمليات الاغتيال، أقر المصدر الحزبي بأن "الذكاء الاصطناعي، ومنظومات الرصد عبر الأقمار الصناعية، والسيطرة الواسعة على الاتصالات "تمثل أدوات أساسية في تحديد مواقع الشخصيات المستهدفة ومراقبتها"، وأن "هذه القدرات قد تضعهم في دائرة الاستهداف المباشر".

تراكم اختراقات

بالمقابل، تحدث العميد اللبناني المتقاعد منير شحادة عن تراكم معرفي ومتعدد المصادر سهل للاستخبارات الإسرائيلية اغتيال هذا العدد من قادة الحزب إسرائيل. وقال إن سلسلة الاغتيالات التي طالت قيادات بارزة في المقاومة خلال الأشهر الماضية، وصولا إلى السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين وأخيرا القائد الميداني ورئيس الأركان هيثم الطبطبائي، جاءت نتيجة تراكم اختراقات إسرائيلية عمرها نحو عقدين، لا بسبب ثغرة أمنية طارئة فقط.

وأوضح شحادة -في حديثه للجزيرة نت- أن تحقيقات داخلية تجري داخل المقاومة لتقييم الإخفاقات، لكنه شدد على أن "فهم كيفية تمكن إسرائيل من الوصول إلى هذا المستوى من الخرق يتطلب العودة إلى عام 2005″، حين جاءت لجنة التحقيق الدولية الخاصة باغتيال رفيق الحريري إلى لبنان.

وأشار العميد شحادة إلى أن لجنة التحقيق الدولية حصلت خلال عملها على "كل قواعد البيانات اللبنانية بلا استثناء"، بما في ذلك بيانات المصارف والمستشفيات والجامعات والأجهزة الأمنية وشركات الاتصال الأرضية والخلوية. وأضاف: "منذ 2005 انتقلت هذه البيانات إلى إسرائيل، التي راقبت تطورها طوال 18 عاما، حتى طوفان الأقصى في أكتوبر/تشرين الأول 2023، مما أتاح لها بنكا ضخما من المعلومات عن كل فرد في لبنان".

منير شحادة: خرق أجهزة النداء "البيجر" مكّن إسرائيل من تحديد مواقع شديدة الحساسية (الجزيرة)

ورأى شحادة أن قتال حزب الله في سوريا عام 2011 شكّل "ثاني أخطر بنك معلومات" وصل إلى إسرائيل، إذ كشف استخدام المقاتلين للهواتف الذكية والاتصالات اللاسلكية هويات أغلب العناصر، من الصفوف الدنيا وحتى أعلى القيادات. وأضاف: "من 2011 إلى 2023، أي 12 عاما، امتلكت إسرائيل داتا كاملة عن المقاتلين، ولم تعد بحاجة إلى عنصر بشري لتتبعهم".

خطوة متأخرة

وبحسب شحادة، فإن قرار حزب الله لاحقا منع استخدام الهواتف الذكية في الحرب لم يكن كافيا، لأن إسرائيل "تعرف كامل شبكة العلاقات المحيطة بكل قائد ومقاتل، من العائلة إلى الأصدقاء"، ويمكنها عبر التنصت على محيطهم معرفة تحركاتهم حتى لو تخلّوا عن أجهزتهم.

وأشار شحادة إلى أن خرق أجهزة النداء "البيجر" مكّن إسرائيل من تحديد مواقع شديدة الحساسية، وصولا إلى غرف العمليات. كما لفت إلى أن جزءا من شبكة الاتصالات الخاصة بالمقاومة (سلاح الإشارة) تعرّض للاختراق في الجنوب، وهو ما أسهم أيضا في الوصول إلى عدد من القادة.

وحول واقعة اغتيال هيثم الطبطبائي وملابساتها، قال شحادة إن إسرائيل كانت تمتلك عنه "كامل الداتا (البيانات)"، وإنه اتخذ إجراءات أمنية مشددة، لكن تعيينه رئيسا للأركان بعد اغتيال فؤاد شكر فرض عليه التنقل بشكل مكثف. وأضاف: "في ظل هذه المعطيات، لم يعد بالإمكان التخفي. استغلت إسرائيل اضطراره للتحرك في ظل حرب مفتوحة، ومع امتلاكها المسبق لكل معلوماته، وصلت إليه بوسائل تقنية دقيقة فاغتالته".

لا نتائج نهائية

ورغم واقعية التحليل الذي عرضه شحادة لملابسات الوصول إلى الطبطبائي، فإن تكتم حزب الله حيال التحقيقات المتعلقة بالاختراق أبقت الغموض قائما حول دور العنصر البشري فيه. ويقول الباحث اللبناني المتخصص في شؤون حزب الله قاسم قصير في هذا الصدد إن الحزب لم يعلن بعد نتائج التحقيقات المتعلقة بالاغتيال، مما يبقي السؤال مفتوحا حول حجم الاختراق الإلكتروني مقابل الدور المحتمل للعملاء.

قاسم قصير: عمليات إسرائيل مزيج من التكنولوجيا والعمل البشري (الجزيرة)

وأشار إلى أن إسرائيل، بحسب ما كشفه رئيس الموساد السابق يوسي كوهين، تعتمد في عملياتها على “مزيج من التكنولوجيا المتطورة والعمل البشري”، لكن من غير المعروف من هم هؤلاء العملاء وكيف تصل إليهم تل أبيب.

إعلان

وختم قاسم قصير بالإشارة إلى أن تعدد مصادر المعلومات يجعل من الصعب الجزم بالعامل الحاسم في الوصول إلى الطبطبائي، مؤكدا أن "الاختراق قد يكون مركبا بين الجانب الإلكتروني والبشري"، وأن كل الاحتمالات تبقى واردة إلى حين صدور النتائج الرسمية لتحقيقات حزب الله. وهو ما أكده أمين عام الحزب نعيم قاسم في حفل تأبين الطبطبائي في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بإقراره "بوجود اختراق" وإمكانية "أن يكون هناك عملاء لأننا في ساحة مفتوحة".

مقالات مشابهة

  • طارق صالح يعلق على أحداث حضرموت والمهرة ويتحدث عن معركة قادمة واسعة
  • طارق صالح: معركتنا القادمة شاملة والظروف مهيأة للحسم
  • بعد اغتيال الطبطبائي..الخرق الأمني لحزب الله بميزان المحللين
  • ناطق “حماس”: العدو الصهيوني يتمسك بمخطط التهجير من غزة عبر معبر رفح
  • اغتيال نائب مدير الأمن في فرع العدين بمحافظة إب
  • “حماس”:”إسرائيل” تُريد أن تُخضع كل المنطقة لسيطرتها ويجب حماية سلاح المقاومة
  • طارق صالح: استعادة الجمهورية مرهونة بهزيمة الحوثي وتحرير صنعاء
  • الأحرار الفلسطينية: مقتل العميل أبو شباب رسالة للعدو الصهيوني بفشل مخططاته الخبيثة
  • لجان المقاومة: مقتل أبو شباب رسالة رادعة لمن يتعاون مع العدو الصهيوني
  • حماس: نثمن موقف العشائر التي تبرأت من ياسر أبو شباب