هكذا هى، تتقبل قدرا فرضته عليها الظروف والأحوال، وقبلهما موقعها كشقيقة كبرى، وهو ما يفرض عليها بدوره أداء أدوار ربما أكبر مما يمكنها القيام به، تفعلها مضطلعة بما ينوء عنه كاهلها ويئن من وطأته أبناؤها، حتى لو انسحب ما تقدمه لشقيقاتها على احتياجات أبنائها، بل وخصم منها، وهو ما يحدث بالفعل.. لكنهم مثلها، اعتادوا على كرم أمهم، وانتقل إليهم بالوراثة، فصاروا يفضلون الضيف على أنفسهم ويعاملونه كصاحب بيت وأكثر، ينصهر بيننا ويقيم المشروعات الخاصة به على أرضنا، بل ويعمل معه ولديه مصريون، حتى ننسى وقد ينسى هو أيضا أنه ليس مصريا.
هو دور تفهمناه وصرنا نساندها فيه، فنحتوى أشقاء سوريين وليبيين ويمنيين، وسودانيين، لا لشيء إلا لأن هذا ما يجب علينا فعله، نفعله والابتسامة تملأ وجوهنا والرضا يسكن قلوبنا.. ولكن.. ما حدث ويحدث مؤخرا لم يعد كاهلنا يتحمله، ولا أظننا سنتحمله طويلا.
فمنذ حل الأخوة السودانيون على مصر، وراحت أسعار العقارات على وجه الخصوص ترتفع بشكل جنونى، فوصلت الإيجارات لأرقام فلكية، فما كان منذ شهور يؤجر بألف أو ألفين شهريا، تجاوز الآن السبعة آلاف، بل هناك وحدات وصل سعر إيجارها لأكثر من عشرين ألفا فى الشهر، بالطبع أتحدث هنا عن الإيجارات الجديدة، فما بالك بأسعار التمليك؟
فى البداية ظننت وظن غيرى أن تلك الأسعار ستقتصر على السودانيين المستأجرين فقط، وأن معاملة المستأجر المصرى ستظل ثابتة عند ما تعارف عليه من أسعار، لكن الكارثة أن العكس قد حدث، فقد تم تعميم أسعار الإيجارات ليجد المصرى صاحب الأرض نفسه خاضعا للأسعار الجديدة المخصصة لغير المصريين، وإذا ما رفض فليبحث عن أقرب شارع يؤويه!
ترى هل هذا منطق؟
فقط على الحكومة أن تجيب سؤالا مهما: كيف لشاب فى مقتبل العمر لا يتعدى راتبه الثلاثة آلاف-وقد يقل كثيرا فى القطاع الخاص- كيف له أن يتزوج ويدفع إيجارا فقط، يتخطى راتبه بعدة آلاف؟ والسبب مثلما نسمع من سماسرة العقارات؛ الأخوة السودانيون الذين تسمح ظروفهم المادية بعد تلقى منح اللجوء، بأن يدفعوا أضعاف أضعاف ما يطلبه أصحاب العقارات المستغلون.
وإذا كانت أحكام استئجار وتملك الأجانب تخضع للقانون رقم ٢٣٠ لسنة ١٩٩٦، والذى يحدد عدد العقارات التى يمكن للأجنبى تملكها ومساحتها، فإن القانون ذاته يؤكد أن عقود الإيجار لغير المصريين هى نفسها عقود الإيجار للمصريين، ولكن يجب على مالك الوحدة إبلاغ قسم الشرطة التابع له، ويجب أن يكون للمالك صورة من إقامة المستأجر ودخوله أرض الوطن بشكل رسمى.
ونلحظ أن القانون لم يتطرق لتنظيم الأسعار سواء بالنسبة للأجنبى أو المصرى، وتركها ل»ضمير» المالك، الذى فى أغلب الأحوال يكون غائبًا أو مستترًا، وهو ما يستلزم تدخلا عاجلا من الدولة، بسن قانون يفصل بين أسعار ايجارات الأجانب والمصريين، فليس من المنطقى أن يتحمل المصرى كرم بلده واحتضانها لغيره، ويكفيه ما يتحمله من جشع التجار وتوحش الأسعار وتجاهل الحكومة لمعاناته، وليكن أقل ما يقدم له كمصرى صاحب بلد أن يكرم فى بلده، مثلما يكرم الضيوف، لا أن نحتضن غيرنا ونطرد أبناءنا من بين أحضاننا!
الأمر جد خطير، وعلى مجلس الشعب أن يأخذه مأخذ الجد، ويعمل على تشريع يضمن حقوق المصريين فى بلدهم، وإلا سيحل علينا يوم نرى فيه أن من يسكن منازلنا غيرنا، ونحن نبحث عن جدران تؤوينا فلا نجد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نبضات
إقرأ أيضاً:
عدن تختنق بغلاء الأسعار وسط تدهور اقتصادي متسارع
ومع غياب إجراءات حقيقية لضبط الأسواق، يتصاعد القلق بين سكان المحافظة من استمرار هذا الوضع دون وجود رادع يحد من انفلات الأسعار.
وسجلت أسواق عدن، خلال الأيام الماضية، ارتفاعات متتالية وملحوظة في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، بالتزامن مع تراجع القدرة الشرائية للمواطنين واستمرار تذبذب سعر صرف العملة المحلية.
وشهدت أسعار السلع الأساسية والأدوية ارتفعت بنسبة تتراوح بين 15% و20% خلال أقل من أسبوع، بينما شهدت أسعار الخضروات والفواكه قفزات أكبر، الأمر الذي ضاعف الضغوط على ميزانيات الأسر محدودة الدخل.
وانعكس هذا التدهور بشكل مباشر على معيشة الأسر، ما أدى إلى موجة واسعة من الاستياء والغضب في أوساط السكان الذين أصبحوا يجدون صعوبة متزايدة في توفير احتياجاتهم الأساسية.
ويرى خبراء اقتصاديون أن استمرار التدهور الاقتصادي، إلى جانب التجاذبات السياسية التي تشهدها الساحة، يسهم في خلق بيئة غير مستقرة تنعكس سلبًا على أسعار السلع والخدمات.
وفي ظل هذه الأوضاع، يطالب المواطنون حكومة المرتزقة الموالية لتحالف العدوان بالتدخل العاجل لوضع حد لحالة الانفلات السعري وتشديد الرقابة على التجار، إضافة إلى اتخاذ إجراءات تخفف من معاناة المستهلكين الذين يعيشون تحت ضغوط اقتصادية ومعيشية غير مسبوقة. ويحذر السكان من أن استمرار تجاهل هذه الأزمة قد يؤدي إلى مزيد من التدهور في حياتهم اليومية داخل مدينة عدن.