كاتب إسرائيلي: موقف الصين المعادي لـإسرائيل في غزة نابع من تنافسها مع أمريكا
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية مقالا للباحث الأنثروبولوجي والدراسات الآسيوية بجامعة بار إيلان، جدعون إلزار قال فيه إنه "في الأيام التي تبعت أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر كانت هناك دهشة واسعة هنا حول الموقف المعادي الذي اتخذته الصين من إسرائيل.
وأضاف إلزار، أن "الصحافة الصينية لم تنشر أي شيء عن المذابح التي ارتكبتها حماس وأكدت بدلا من ذلك على معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة وشجبت بدلا من ذلك أفعال إسرائيل إلى جانب الدعوات لوقف عاجل وسريع للنار".
وظهر التعاطف الصيني مع الفلسطينيين خلال الحرب بزيارة في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر لوفد من وزراء الخارجية العرب، بمن فيهم وزير خارجية السلطة الوطنية رياض المالكي.
وفي الفترة الأخيرة بدأ الصينيون أيضا بوضع عراقيل بيروقراطية على المستوردين "الإسرائيليين" للمكونات الإلكترونية والتي يمكن أن تستخدم في أغراض عسكرية محتملة وفق الكاتب.
وتزايد القلق من النهج الصيني في "إسرائيل" مقارنة بالمواقف السابقة "فبالرغم من تعاطف الصين مع منظمة التحرير الفلسطينية أثناء الحرب الباردة، إلا أنها تمسكت بموقفها الحيادي من الموضوع الإسرائيلي-الفلسطيني والهادف للحفاظ على علاقات جيدة مع كل دول المنطقة في الشرق الأوسط".
وفي تقرير نشره معهد دراسات الأمن القومي في 2022، ناقش جيداليا إفترمان من مركز الدراسات المتداخلة ( جامعة ريكمان حاليا) وصف فيه السياسة الصينية في المنطقة وحتى 2012 بـ"الحذرة جدا والضيقة في المنظور".
وتابع الكاتب، بأنه "رغم النشاط الصيني في ظل شي جينبينغ إلا أنها تميزت بالحفاظ على صورة البلد بأنه غير منحاز وبراغماتي بشكل نسبي، وكانت الصين وبشكل دائم متحدية لفكرة المعايير الأخلاقية الدولية لحقوق الإنسان، محافظة بدلا من ذلك على موقف أن كل دولة لها الحق في التصرف بناء على ثقافتها وظروفها".
والسؤال هو ماذا حدث؟ والجواب يكمن في طموحات الصين العالمية ومواقفها من المواجهة مع الولايات المتحدة، وتداخل هذان العنصرين، حيث تجسدت خطط (شي) في مشروعه الحزام والطريق والذي يشار إليه أحيانا طريق الحرير الجديد.
وهذا المشروع يضعها بتصادم مباشر مع الولايات المتحدة.
وتوترت العلاقات بين البلدين، ففي مقال أخير نشر في الصحيفة الناطقة باسم الحكومة "تشاينا ديلي" وصفت العلاقات الأمريكية-الصينية بأنها في حالة "توتر متطرف" وأن سلوك واشنطن هو "استفزاز عال".
ومن بين الأخطاء الأخرى التي ذكرها المقال هو دعم واشنطن لتايوان والتي تعتبرها الصين دولة غير شرعية.
وأنها تدعم حركة الاحتجاج في هونغ كونغ وتريد جعل دول المحيطين الهادئ والهندي جزءا من الناتو، وهي مناطق تعتبرها الصين جزءا من مجال تأثيرها، وأن الولايات المتحدة تعمل على "خنق صناعة التكنولوجيا الصينية" من خلال منع تصدير الرقائق المتقدمة للكمبيوتر إلى الصين.
وذكرت الحرب في غزة مرتين في المقال، وإن كانت على سبيل المثال، ولكن بعبارات جديرة بالملاحظة.
كما أن تورط أمريكا في الصين وغزة يعني وقوعها في مستنقع الحروب المحلية، ويعني ضعفا في قوة أمريكا وصعودا في قوة الصين.
وما يزيد في حالة التوتر، هو شجب الولايات المتحدة للصين بسبب قمعها للمسلمين الإيغور في إقليم تشنجيانغ، حيث أقامت معسكرات عمالة قسرية لأكثر من مليون مسلم، كما أن الصين تبنت في السنوات الماضية سياسة متشددة ضد المسلمين في مناطق الصين الأخرى، فقد هدمت المساجد والبنايات المصممة على معمار دول الشرق الأوسط بأعداد كبيرة وبذريعة أنها تمثل تأثيرات أجنبية على الدين.
وبخلاف المتوقع، من حساسية الصينيين لانتقاد شؤونهم الداخلية، فإن دعم الولايات المتحدة للحرب في غزة، نظر إليه في الصين كفرصة للرد على واشنطن وخطابها الناقد.. مثل تحديد وزارة الخارجية الأمريكية في 2021، أن ما تقوم به الصين ضد الإيغور هو "إبادة".
وأضاف الكاتب: "كمثال على هذا تغريدة من سفارة الصين في باريس وضم صور للفضاء المزروع في تشنجيانغ والذي ربط بالخراب الذي خلفته إسرائيل في غزة".
ويرى الكاتب أن "نشر الدمار في قطاع غزة والتقارير عن العملية العسكرية الإسرائيلية هناك، تساعد على حرف الانتباه عن الوضع القاتم للإيغور".
ويرد موقف الصين الحالي الجميل للحلفاء المسلمين في الشرق الأوسط على دعمهم السابق، فلم تنتقد إيران والسعودية الصين، رغم المعاملة القاسية للإيغور وبقية المسلمين وفقا لكاتب المقال.
وفي الحقيقة، وقعت عدة دول مسلمة في 2019 على رسالة قدرت فيها "إنجازات الصين في مجال حقوق الإنسان".
وبعيدا عن التنافس مع الولايات المتحدة، فإن تحرك الصين يعكس حضورها المتزايد خلال السنوات الماضية في الشرق الأوسط.
وأوضح إلزار، أن "ذلك الحضور، ظهر في التحالفات الاستراتيجية والاقتصادية مع عدة دول بالمنطقة، وبخاصة إيران".
وكان هناك نشاط اقتصادي متزايد، مثل الدور الذي لعبته في استئناف العلاقات السعودية-الإيرانية في آذار/ مارس الماضي.
وفي لقاء وزاري أثناء منبر التعاون الصيني والدول العربية عام 2018، أعلن شي أن الدول العربية هي الحليف الطبيعي، في مبادرة الحزام والطريق، ووعد باستثمارات صينية بالمنطقة إلى حد 23 مليار دولار.
وفي الحقيقة، تعمل الصين على مشاريع كبيرة في المنطقة، من قطار سريع في إيران إلى خط حديدي بين مكة والمدينة وإعادة تأهيل قناة السويس.
وذكر، أنه "في إسرائيل، كانت هناك عناوين إخبارية عن مشاريع بنى تحتية مع شركات إسرائيلية، مثل إنشاء خط حديدي في تل أبيب وبناء ميناء جديد جنوب أسدود وتشغيل ميناء حيفا الذي منح بعقد لشركة سيبغ الصينية حتى عام 2046. كل هذا رغم الضغوط الأمريكية من أن وجود الصين هناك سيعطيها فرصة للتجسس على الأسطول السادس الأمريكي أثناء زياراته".
وهناك مخاطر أخرى من وجود الصين في حيفا، كونه قريبا من قاعدة للغواصات النووية وإمكانية تجسس الصين عليها.
وتحدثت "التقارير الإسرائيلية عن علاقة خاصة بين شي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وتحدثت تقارير في حزيران/ يونيو عن زيارة نتنياهو إلى الصين"، وفقا للكاتب.
ورغم كل هذا، فإنه في كل الاعتبارات المتعلقة بالصين، فإن التنافس الأمريكي-الصيني هو أهم من هذه المبادرة أو تلك.
ويرى إلزار، أن "نهج العداء لإسرائيل الذي تبنته الصين وتبنيها خطابا يشبه خطاب الدول العربية، هو تمظهرات واضحة عن محدودية التعاون بين الصين وإسرائيل والعلاقة الدافئة بين قادة البلدين. فالصين في ظل شي مصممة على العودة إلى المكان الطبيعي كقوى عظمى لكي تستطيع تشكيل العولمة على صورتها".
وبحسب المقال، فإن "الصين بحاجة للسيطرة على مصادر الطاقة وتوسيع تأثيرها في أوراسيا من خلال إنشاء عدد من مشاريع البنية التحتية، مثل طرق السكك الحديدية والموانئ ومصافي النفط لتحقيق أهدافها".
وكما تفهم الصين، فتحقيق هذه الطموحات مرتبط ببناء علاقات مع الدول العربية وإيران. وتظل إسرائيل بولائها الواضح للولايات المتحدة على الجانب الآخر من المعادلة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الصين غزة الولايات المتحدة التنافس الولايات المتحدة غزة الصين الاحتلال تنافس صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الشرق الأوسط الصین فی فی غزة
إقرأ أيضاً:
300 كاتب بالفرنسية بينهم فائزان بنوبل يدينون الإبادة الجماعية ويدعون لعقوبات على إسرائيل
دان نحو 300 كاتب بالفرنسية، في مقال نشر يوم الثلاثاء، ما وصفوه ب"الإبادة الجماعية" للسكان في غزة، من بينهم اثنان من الحائزين على جائزة نوبل للأدب، هما آني إرنو وجان ماري غوستاف لوكليزيو. وقد دعوا إلى "وقف فوري لإطلاق النار".
وكتب هؤلاء في المقال الذي نشرته صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية: "تماما كما كان من الملح وصف الجرائم المرتكبة ضد المدنيين في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يتعين علينا اليوم أن نصف ما يحدث بأنه (إبادة جماعية)". وهو المصطلح الذي يحمل تبعات قانونية وفقا لاتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948.
"لم نعد نستطيع الاكتفاء بكلمة (رعب)؛ اليوم يجب أن نسمي ما يحدث في غزة إبادة جماعية"
وأضافوا: "أكثر من أي وقت مضى، نطالب بفرض عقوبات على دولة إسرائيل، ونطالب بوقفٍ فوري لإطلاق النار، يضمن الأمن والعدالة للفلسطينيين، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، وآلاف السجناء الفلسطينيين المعتقلين تعسفياً في السجون الإسرائيلية، ويضع نهاية فورية لهذه الإبادة الجماعية".
يذكر أن آني إرنو، الحائزة على جائزة نوبل للأدب عام 2022، تقديرا لـ "شجاعتها وبراعتها السريرية في كشف الجذور والاغتراب والقيود الجماعية للذاكرة الشخصية"، معروفة بمواقفها السياسية الداعمة لحرية فلسطين. كما أن جان ماري غوستاف لوكليزيو، الحائز على الجائزة نفسها عام 2008، له تاريخ طويل في الدفاع عن حقوق الإنسان، وتعرف أعماله بالتركيز على موضوعات مثل الهجرة، والهوية الثقافية، والتفاعل بين الحضارات.
إعلانومن بين الموقعين على المقال كتاب فازوا مؤخرا بجائزة غونكور الأدبية المرموقة، مثل إيرفيه لو تيلييه، وجيروم فيراري، ولوران غوديه، وبريجيت جيرو، وليلى سليماني، وليدي سالفير، والأديب من أصل سنغالي محمد مبوغار سار، ونيكولا ماتيو، وإيريك فويار.
وإيرفيه لو تيلييه، المولود في باريس عام 1957، هو كاتب ولغوي وعضو في مجموعة "أوليبو" الأدبية، وقد فاز بجائزة غونكور عام 2020 عن روايته "لانومالي"، التي حققت مبيعات تجاوزت المليون نسخة في فرنسا. أما جيروم فيراري، المولود عام 1968، فهو كاتب ومترجم فرنسي حاز على جائزة غونكور عام 2012 عن روايته "موعظة عن سقوط روما". بينما لوران غوديه، المولود عام 1972، فهو روائي وكاتب مسرحي فاز بجائزة غونكور عام 2004 عن روايته "شمس آل سكورتا"، بعد أن حصل على جائزة غونكور للثانويات عام 2002 عن روايته "موت الملك تسونغور".
وتتزايد الاتهامات ضد إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة من قبل الأمم المتحدة، ومجموعات حقوق الإنسان، والعديد من البلدان، لكن هذا المصطلح، الذي ترفضه إسرائيل بشدة، يثير انقساما بين مراقبي هذه الحرب.
وشدد موقعو المقال على أن هذا الوصف "ليس شعارا"، رافضين "إبداء تعاطف عام غير مجد، من دون توصيف ماهية هذا الرعب".
وأشار الموقعون إلى أن تصريحات علنية لوزراء إسرائيليين، مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، تعبر عن نوايا إبادة، مؤكدين أن استخدام مصطلح "إبادة جماعية" لم يعد موضع جدل بين خبراء القانون الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
كما شدد البيان على أن مسؤولية جماعية تقع على عاتق المثقفين، داعيا إلى اتخاذ موقف واضح ضد ما وصفوه ب"جريمة العصر".
إعلانوأثار البيان جدلا واسعا في الأوساط الثقافية والسياسية الفرنسية. وفي حين رحب به العديد من المثقفين والناشطين الحقوقيين، اعتبره آخرون موقفا "متحيزا" أو "مسيسا"، خاصة في ظل حساسية استخدام مصطلح "إبادة جماعية" وما يترتب عليه من تبعات قانونية وأخلاقية.
من جهة أخرى، انضم أكثر من 380 كاتبا وفنانا عالميا، بينهم زادي سميث، وإيان ماك إيوان، وإليف شافاق، إلى بيان مماثل نشر في صحيفة الغارديان، وصفوا فيه ما يحدث في غزة ب"الإبادة الجماعية"، مطالبين بوقف فوري لإطلاق النار، وتقديم مساعدات إنسانية غير مشروطة.