يقع الشرق الأوسط والعالم تحت تهديد بـ"حالة خطيرة للغاية من الفوضى"؛ بسب استراتيجية اليمين الإسرائيلي الكبرى على غرار عام 1948 (النكبة) لإعادة رسم الحقائق الديموجرافية والجيوسياسية من ناحية، واستغلال إيران الصبور لقوس الصراع المتنامي من ناحية أخرى، وهو وضع قد يبدد الهدوء الراهن في دول الخليج العربي، بحسب بول سالم الرئيس والمدير التنفيذي لـ"معهد الشرق الأوسط بواشنطن" (MEI).

سالم قال، في تحليل ترجمه "الخليج الجديد": "في 2024، ومع عدم وجود تأثير يُذكر للولايات المتحدة على إسرائيل أو إيران وعدم وجود أي لاعب إقليمي أو عالمي آخر قادر على تغيير هذا المسار الخطير، يبدو أن المنطقة تتجه نحو وضع متفجر للغاية".

ولفت إلى أنه "في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول الماضيين، حثت إدارة (الرئيس الأمريكي جو) بايدن إسرائيل على إنهاء عملياتها العسكرية الكبرى في غزة، على أمل أن يسمح ذلك للحرب والمنطقة ككل بالابتعاد عن التصعيد بحلول أوائل 2024".

واستدرك: "لكن الحرب ستستمر لعدة أشهر في غزة، و(تضامنا مع غزة) تقف الجبهة اللبنانية- الإسرائيلية على شفا انفجار كبير، وتتصاعد الهجمات بين وكلاء إيران والقوات الأمريكية في العراق وسوريا، ويعطل الحوثيون الشحن العالمي في البحر الأحمر".

و"منذ هجوم حركة "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول الماضي)، أصبحت التطورات تشبه إلى حد كبير ديناميكيات عام 1948 والنكبة (طرد نحو 750 ألف فلسطيني من أراضيهم لإقامة دولة الاحتلال)"، كما تابع سالم.

وأوضح أن "شخصيات عديدة من اليمين الإسرائيلي المتطرف تدعو إلى نهج أكثر تطرفا يشمل تدمير غزة، وتصعيد العنف في الضفة الغربية، لتهيئة الظروف لتغيير ديموجرافي، وكذلك خوض الحرب مع "حزب الله" (اللبناني)، على أمل "القضاء على "هذا التهديد الأمني مرة واحدة وإلى الأبد".

اقرأ أيضاً

بين طموح بن سلمان وعناد نتنياهو.. بايدن يبحث عن تسوية لغزة

موقف نتنياهو

سالم قال إنه بينما "تعارض إدارة بايدن هذه المسارات الثلاثة: حرب طويلة في غزة وتصعيد في الضفة وحرب واسعة النطاق بين إسرائيل و"حزب الله"، فإن لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وبايدن مخاوف سياسية داخلية متعارضة".

وبيَّن أن "نتنياهو يعرف أنه في "اليوم" الذي يلي انتهاء هذه الحرب الطويلة سيكون خارج منصبه، أو ربما في السجن (يُحاكم بتهم فساد)، فيما يعلم بايدن أنه كلما طال أمد الحرب وانتشرت، كلما زاد تأثيرها ضده في الانتخابات (الرئاسية) في نوفمبر (تشرين الثاني المقبل)".

وأردف: "على الرغم من أن إسرائيل اعتمدت بشكل كامل على الدعم العسكري والمالي الأمريكي في هذا الصراع، إلا أن النفوذ الذي تستطيع الولايات المتحدة أو ترغب في ممارسته على الحكومة الإسرائيلية يقترب من الصفر".

و"منذ فترة طويلة، اعتاد نتنياهو على تحدي الرؤساء الأمريكيين علنا، وخاصة الرؤساء الديمقراطيين، ويدرك أن النظام السياسي الأمريكي لن يسمح بأي عواقب سلبية على إسرائيل"، بحسب سالم.

واعتبر أن "هذا يعني أن الجولة الحالية التي يقوم بها وزير الخارجية أنتوني بلينكن في المنطقة لا يمكن أن يكون لها سوى تأثير محدود للغاية.. إذ تريد بقية دول المنطقة أن تعمل الولايات المتحدة على دفع إسرائيل إلى إنهاء حربها في غزة، لكن بلينكن لا يستطيع تحقيق ذلك".

اقرأ أيضاً

مؤرخ يهودي: حكومة نتنياهو تخطط لنكبة فلسطينية ثانية وحاسمة

استراتيجية إيران

في الوقت نفسه، وفقا لسالم، "مارست إيران استراتيجيتها الخاصة المتمثلة في التصعيد المطرد والمدروس (...) وأثبت نموذج طهران فعاليته للغاية، كما أنها سعيدة بتوقف الاندفاع (العربي) إلى التطبيع مع إسرائيل، وحشد الرأي العام العربي بشكل حاد ضدها".

وتابع: "أخيرا، من المؤكد أن السلطات الإيرانية سعيدة أيضا لأن واشنطن أصبحت معزولة بشكل متزايد في المنطقة؛ بسبب دعمها لهذه الحرب".

وزاد بأن "المنطقة الفرعية الوحيدة التي نجت من الصراع هي الخليج، حيث نجح التقارب السعودي الإماراتي الإيراني حتى الآن في الحفاظ على الهدوء وتسهيل التدفق المستمر للتجارة".

"لكن مع تصاعد التوترات في غزة وبلاد الشام والبحر الأحمر، فإن هذا الهدوء الخليجي لا يمكن ضمانه، وأي توقف للشحن سيؤثر بشكل مباشر على أسواق الطاقة والاقتصاد العالمي الأوسع"، كما استدرك سالم.

اقرأ أيضاً

إيران حققت أقصى نفوذ إقليمي ممكن.. المرشد وإسرائيل بين 5 أسباب

المصدر | بول سالم/ معهد الشرق الأوسط بواشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إسرائيل أمريكا إيران الخليج المنطقة غزة حرب فی غزة

إقرأ أيضاً:

الحرب تُطيل عُمر نتنياهو

 

 

علي بن مسعود المعشني

ali95312606@gmail.com

يعتقدُ الكثير من المتابعين للأوضاع في وطننا العربي، أنَّ العربدة الصهيونية ومسلسل القتل والدمار في غزة ولبنان واليمن وسوريا نتاج قوة الكيان الصهيوني وضعف الآخر وعظم خسائره، بينما الحقيقة تقول إنَّ استمرار الحرب من قبل الكيان يخدم حزب الليكود ورئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وحلفاءه من اليمين المُتطرِّف بكيان العدو؛ لأنَّ إعلان وقف الحرب من طرفهم يعني تقليب صفحات يومياتها ونتائجها، وبالنتيجة زوال "النتن" واليمين من المشهد، وعرضهم على المحاكم، مثلما كان مصير إيهود أولمرت رئيس حكومة العدو بعد حرب يوليو 2006؛ حيث حُوكم بتهم فساد وأودع السجن، بينما كان مصير الصقور في طاقمه الحكومي العزل والوفاة السياسية؛ حيث غابوا عن المشهد نهائيًا.

بالطبع لا يُمكن مُقارنة ما أحدثه أولمرت بالكيان في حرب يوليو 2006 بما أحدثه نتنياهو اليوم في "طوفان الأقصى"؛ حيث بدَّد عناد وإصرار "النتن" على مواصلة الحرب سرديات العدو التي تسلَّح بها وتستر خلفها طيلة أكثر من 7 عقود من الصراع، من قوة عسكرية لا تُقهر وقوة استخبارية لا يُمكن مواجهتها، وتطور تقني يفوق دول المنطقة ويجعلها تحت رحمة الكيان المؤقت، ولم يكتفِ "النتن" وطاقمه المتطرف بذلك؛ بل أحرق جميع أوراقه العسكرية والأمنية دفعة واحدة في ميدان المعركة؛ لتحقيق جاه شخصي ونصر استراتيجي واحد، لكنه فشل في جميع مساعيه!

والأدهى والأمرّ من كل ذلك، هو عجزه التام عن إزالة خطر فصائل المقاومة وقادتها وسلاحها، رغم كل ما فعله، وهنا مقتله ومقتل من أيَّده ودعمه وتحالف معه.

إصرار "النتن" اليوم على المزيد من القتل والدمار في غزة ولبنان واليمن لم يُظهر عجزه وضعفه وكذبه في الداخل فحسب؛ بل ألَّب عليه الرأي العام العالمي كمجرم حرب سيدفع ثمنها وسيدفع بالكيان نحو حالة تصنيف عالمي جديد لم يكن مُصنَّفًا فيها قبل "طوفان الأقصى" نتيجة تستُّره خلف سرديات ومبررات سوَّقتها اللوبيات المُناصِرة له في الغرب للتغطية على جرائمه واحتلاله.

الرأي العام الغربي وفي شرق وجنوب الكرة الأرضية اليوم، لم يعد بحاجة إلى وسيط، كما لم يعد مُجبرًا على تصديق كل ما يُسكب في عقله من مخدرات عقلية وسرديات إعلامية لا تنتمي الى الحقيقة بشيء، في ظل تفشِّي ظاهرة التقنية والإعلام الاجتماعي في العالم والذي أصبح يغطي الحدث ويصنعه وينقله حول العالم في ثوانٍ معدودة.

أعود الى التذكير بمسلمات من واقع يوميات "طوفان الأقصى" المُبارك، وهي أن المُنتصِر يُملي شروطه ولا يدخل في مفاوضات مُطلقًا، وأنَّ الخطر الداهم على العدو والمتمثل في فصائل المقاومة وسلاحها، ما زال باقيًا، وسيكون للفصائل الكلمة الفصل وبجدارة في المشهد القادم، وأن الأهداف المُعلنة والضمنية التي خاض من أجلها العدو هذه الحرب والمتمثلة في التهجير من قطاع غزة والقضاء على فصائل المقاومة ونزع سلاحها في لبنان وغزة لم تتحقق.

وتبقى الحقيقة الكبرى وهي، لو أنَّ العدو تمكن حقيقةً من القضاء على "خطر" فصائل المقاومة وسلاحها، لكان اليوم على أرض غزة وجنوب لبنان مُنفِّذًا لمخططاته، ومُحقِّقًا لأهدافه دون مشاورة أو استئذان من أحد كأمر واقع.

قبل اللقاء:

وقد يُمزقنا غدر الرصاص هنا... أو هاهنا // فنروع القتل إصرارًا

لأننا ما ولدنا كي نموت سُدىً // بل كي نُعمر بعد العمر إعمارًا

نصفر كالخوخ كي نندى جنى وشذى // كالبذر نُدفن كي نمتد إثمار

لكي نعي أننا نحيا نموت كما // تفنى الأهلة كي تنساب أقمار

شعر: عبدالله البردوني.

وبالشكر تدوم النعم.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • اليمن كلمة سر التقدم في غزة وإيران
  • مصر وإيران وتركيا: مثلث التوازن الجديد في الشرق الأوسط
  • الحرب تُطيل عُمر نتنياهو
  • مصر وإيران تبحثان قضايا المنطقة .. دعم فلسطيني ولبناني وتسوية نووية مرتقبة
  • الخارجية: نرحب بدور سلطنة عمان في المفاوضات بين إيران وأمريكا بشأن الملف النووي الإيراني
  • ترامب والحلفاء الخليجيون وردع تهور نتنياهو من غزة إلى إيران
  • إيران تعيد تموضع نفسها لمواجهة صعود إسرائيل وتركيا
  • حماس تحمّل إسرائيل وأمريكا مسؤولية مجــ.ـازر مواقع توزيع المساعدات
  • ترامب يفقد صبره على نتنياهو.. تسونامي سياسي عالمي يهدد الاحتلال
  • نتنياهو: إيران مصممة على حيازة سلاح نووي وعلى العالم أن يتحرك