مسؤولون نوويون من كوريا الجنوبية وأمريكا واليابان يبحثون استفزازات بيونج يانج
تاريخ النشر: 16th, January 2024 GMT
عواصم "وكالات": هدد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بأنّ أيّ انتهاك من جانب كوريا الجنوبية "ولو حتى لملمتر واحد" من أراضي بلاده سيُشعل حرباً بين الجانبين، في تحذير يأتي إثر حلّ بيونج يانج الوكالات الحكومية المكلّفة ملف إعادة التوحيد بين البلدين.
وقال كيم، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية اليوم الثلاثاء إنّه "إذا انتهكت جمهورية كوريا ولو حتى ملم واحد من أراضينا أو مجالنا الجوي أو البحري، فسيعتبر ذلك استفزازاً للحرب".
وذكّر الزعيم الكوري الشمالي بأنّ بلاده لا تعترف بخط الحدّ الشمالي الذي يمثّل عملياً الحدود البحرية بين البلدين.
وأتى تحذير كيم بعيد إعلان الوكالة أنّ البرلمان الكوري الشمالي حلّ رسمياً الوكالات الحكومية المكلّفة بمسائل تعزيز التعاون وإعادة التوحيد مع الجنوب.
وبحسب الوكالة الكورية الشمالية فقد نصّ القرار الذي تبنّته الهيئة على أنّ "الدولتين الأكثر عدائية واللتين هما في حالة حرب تخوضان الآن مواجهة حادة في شبه الجزيرة الكورية"، بحسب الوكالة الكورية الشمالية.
كذلك، نصّ القرار على أنّ "إعادة توحيد كوريا لا يمكن تحقيقها أبداً مع جمهورية كوريا".
وأتى هذا التصعيد بعد أسابيع على اعتبار الزعيم كيم جونغ أون أنّ مواصلة السعي لمصالحة مع الجنوب كانت "خطأ يجب ألا نكرره".
تدهورت العلاقات بين الكوريتين بشكل حاد في هذا العام، واستدعى إطلاق بوينغ يانغ قمرا صناعيا تجسسيا تعليق سيول اتفاقا عسكريا أبرم في العام 2018 كان يرمي إلى نزع فتيل التوتر.
ومؤخراً، أعلن الزعيم الكوري الشمالي أنّ الرغبة في المصالحة أو إعادة التوحيد مع كوريا الجنوبية هي "خطأ".
وقال كيم في اجتماع نهاية السنة للجنة المركزية لحزب العمال الحاكم "أعتقد أنّ اعتبار الأشخاص الذين يصفوننا بأننا 'العدو الأسوأ'... أشخاصًا نسعى إلى المصالحة والوحدة معهم، هو خطأ يجب ألا نكرره".
وينصّ دستور كلّ من الكوريتين على السيادة على شبه الجزيرة كاملة.
تأسست جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية وجمهورية كوريا (التسميتان الرسميتان للشمال والجنوب) قبل 75 عاماً، لكنّ كلاً منهما ما زالت رسمياً تعتبر الطرف الآخر كياناً غير قانوني.
إجراءات "غير حذرة"
قبل القرار الكوري الشمالي الأخير كانت تتولى إدارة العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين وزارة التوحيد في سول ولجنة إعادة التوحيد السلمي في بيونج يانج، والأخيرة من الوكالات التي أعلنت الجمعية الشعبية العليا حلّها.
واعتبر محللون أن الإجراءات التي اتخذتها بيونج يانج "غير حذرة" وتخالف النهج الذي اتبعته لسنوات.
وقال الباحث في المعهد الكوري للتوحيد الوطني شو هان بوم "كانت كوريا الشمالية تقول لشعبها على مدى عقود إن استكمال الثورة يعني إعادة التوحيد، وأن رغبة كيم إيل سونغ هي إعادة التوحيد"، في إشارة إلى مؤسس كوريا الشمالية.
وأضاف لوكالة فرانس برس "الآن (كيم جونغ أون) ينكر كل ما قام به أسلافه".
العام الماضي، كرست كوريا الشمالية مكانتها كقوة نووية في دستورها. وأطلقت عدة صواريخ باليستية عابرة للقارات، في انتهاك لقرارات الأمم المتحدة، وكان آخر تلك العميات الأحد عندما أطلقت صاروخا باليستيا متوسط المدى تفوق سرعته سرعة الصوت.
بالتزامن مع ذلك تعبر كوريا الشمالية وروسيا، الحليفتان التقليديتان، عن تقارب منذ رحلة الزعيم الكوري الشمالي إلى الشرق الأقصى الروسي في سبتمبر 2023 للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
سول تتعهد بمعاقبة كوريا الشمالية
من جانبه، تعهد الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول اليوم الثلاثاء بمعاقبة كوريا الشمالية عدة مرات في حال ارتكبت أفعالا استفزازية ضد كوريا الجنوبية، وذلك عقب أن وصف الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون كوريا الجنوبية " بالعدو الرئيسي".
وأبدى الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون رغبته في تكريس تصنيف كوريا الجنوبية كدولة معادية رقم واحد في دستور بلاده.
وفي خطاب ألقاه أمام البرلمان في بيونج يانج، أكد كيم أن إعادة التوحيد مع جارتهما الجنوبية لم تعد ممكنة، حسبما ذكرت وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة اليوم الثلاثاء.
وطالب كيم بحذف عبارات مثل "الاستقلال وإعادة التوحيد السلمي والوحدة الوطنية العظمى" من الدستور.
وقال يون خلال اجتماع رئاسي " حكومة جمهورية كوريا الحالية مختلفة عن أي حكومة سابقة" مضيفا" جيشنا يتمتع بقدرة كاسحة على الرد... في حال استفزتنا كوريا الشمالية، سوف نعاقبها عدة مرات بقوة".
والوضع في شبه الجزيرة الكورية أكثر توترا مما كان عليه منذ سنوات على خلفية الصراع على برنامج الأسلحة النووية لكوريا الشمالية. وتخضع دولة كيم لعقوبات دولية صارمة.
ووصف كيم مؤخرا كوريا الجنوبية بأنها العدو الرئيسي خلال زياراته لمصانع الذخائر، وأعلن عن إعادة توجيه سياسة التوحيد السابقة.
وفي الجلسة البرلمانية، اتهم كيم كوريا الجنوبية مرة أخرى بالرغبة في القضاء على حكومته.
وقال كيم: "نحن لا نريد الحرب، ولكن ليس لدينا أيضا نية لتجنبها".
وذكر كيم أن التعديل الدستوري يجب أن يوضح أنه يجب تعليم جميع الكوريين الشماليين "الفكرة الراسخة بأن جمهورية كوريا (الجنوبية) هي عدوهم الرئيسي وعدوهم الرئيسي الثابت".
وفي إشارة لبيان كوريا الشمالية، قال يون إن كيم تعهد بعدم الاعتراف بخط الحد الشمالي، الذي يمثل الحدود البحرية الفعلية بين الكوريتين، ليقوم بذلك " باستفزاز سياسي" يهدف لتقسيم كوريا الجنوبية و إصابة شعبها بالقلق.
وأضاف" أسلوب السلام المقنع التقليدي الذي يهدد ما بين الحرب والسلام لن ينفع بعد الآن"، في إشارة واضحة للسياسة المؤيدة لاعادة المصالحة التي تبناها سلفه مون جاي ان. وأوضح" السلام المزيف الذي حققنا من خلال الانصياع لتهديدات الاستفزاز سوف يجعل أمننا يقع في خطر أكبر".
ودعا يون خلال الاجتماع الدولة والحكومة للاتحاد " لهزيمة" الأساليب والدعاية المخادعة للنظام الكوري الشمالي.
مسؤولون نوويون يبحثون استفزازات بيونج يانج
من جهة اخرى، قالت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية، اليوم الثلاثاء، إن كبار المبعوثين النوويين من كوريا الجنوبية والولايات المتحدة واليابان، سيعقدون محادثات في العاصمة سول هذا الأسبوع لبحث أحدث الاستفزازات العسكرية التي تقوم بها كوريا الشمالية وسط علاقاتها المتنامية مع روسيا.
وقالت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء إن كيم جان، الممثل الخاص لشؤون السلام والأمن في شبه الجزيرة الكورية، سيجتمع مع نظيره الأمريكي جونج باك والياباني هيرويوكي نامازو لإجراء محادثات ثلاثية يوم الخميس المقبل.
كما سيجري كيم محادثات ثنائية منفصلة نامازو اليوم الأربعاء، ومع باك،غدا الخميس قبل المباحثات الثلاثية.
وقال المتحدث باسم الوزارة ليم سو- سوك في مؤتمر صحفي إن الثلاثة "يعتزمون تبادل تقييماتهم للوضع في شبه الجزيرة الكورية، بما يشمل استفزازات كوريا الشمالية الأخيرة والتوترات المتصاعدة، وتعاونها العسكري وأوجه التبادل بينها وبين روسيا، وبحث إجراءات الرد على ذلك".
وتأتي هذه المحادثات في الوقت الذي من المقرر أن تجري فيه وزيرة الخارجية الكورية الشمالية تشوي سون هوي محادثات مع نظيرها الروسي سيرجي لافروف في موسكو، اليوم الثلاثاء. وقال الكرملين إنه يعتزم مواصلة تطوير شراكته مع بيونج يانج "في جميع المجالات".
كما تأتي زيارة تشوي وسط مخاوف من أن تقدم كوريا الشمالية أسلحة لروسيا لاستخدامها في حرب موسكو على أوكرانيا مقابل مساعدة موسكو الفنية في تطوير الأسلحة المتقدمة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی شبه الجزیرة الکوریة الزعیم الکوری الشمالی الکوریة الشمالیة الیوم الثلاثاء کوریا الجنوبیة کوریا الشمالیة جمهوریة کوریا إعادة التوحید بیونج یانج
إقرأ أيضاً:
بين الغبار والحصار.. مرضى القرنية بغزة يبحثون عن نور يعيد أبصارهم
لم تكن الفلسطينية خولة الطلاع، تتخيّل أن السنوات الطويلة التي قضتها في متابعة علاج القرنية المخروطية ستتوقف فجأة أمام جدار حرب الإبادة الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة.
وكانت الطلاع (41 عاما) تقترب من موعد عملية زراعة القرنية الثانية التي انتظرتها بشغف، قبل أن يتحوّل كل شيء إلى رماد بعد تدمير الجيش الإسرائيلي للمستشفيات ومنع دخول المستلزمات الطبية.
وخلال عامين من حرب الإبادة، تكبدت المنظومة الصحية في غزة خسائر واسعة نتيجة الاستهداف الإسرائيلي المستمر، ما أدى لخروج 34 مستشفى و80 مركزا صحيا عن الخدمة، إضافة لتدمير 132 مركبة إسعاف، وفق بيانات مكتب الإعلام الحكومي بالقطاع.
وأنهى اتفاق وقف إطلاق نار دخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، الإبادة الإسرائيلية التي استمرت عامين في غزة وخلفت أكثر من 70 ألف شهيد فلسطيني وما يزيد على 171 ألف جريح معظمهم أطفال ونساء، مع إعادة إعمار قدرت الأمم المتحدة كلفتها بنحو 70 مليار دولار.
ومنذ بدء ذلك الاتفاق، تخرقه إسرائيل بوتيرة يومية عبر عمليات القصف ونسف المنازل وإغلاق المعابر، والتضييق على المساعدات الإنسانية والطبية الداخلة إلى القطاع كما ونوعا، وفق معطيات فلسطينية رسمية.
معاناة يومية
خولة التي تشعر بالمعاناة كلما هبّت رياح تحمل غبارا أو أتربة وتحاول أن تغمض عينيها للتخفيف من الألم، قالت للأناضول: لا أرى بشكل جيد، وكل شيء صعب، الشمس والغبار والنار تؤثر على عينيّ. حتى القصف للمنازل المجاورة تسبب لي بحدوث تشويش في الرؤية.
وعانت خولة من القرنية المخروطية منذ عام 2008، وخضعت آنذاك لأول عملية زراعة قرنية ساعدتها على استعادة جزء من بصرها.
ومع ذلك، ظلّت مضطرة للالتزام بإرشادات صارمة: تجنّب الغبار، وعدم التعرّض للشمس، والامتناع عن حمل الأوزان الثقيلة. وعلى الرغم من الصعوبات، كانت تواصل علاجها وفحوصها الدورية، إلى أن اندلعت الحرب في غزة.
إعلانوبصوت متعب يخفي خوفا عميقا من فقدان بصرها نهائيا، أضافت خولة: العلاج لم يعد متوفرا، وأسعاره ارتفعت، والفحوصات الشهرية ليست موجودة.
وتطالب بتوفير العلاج لمرضى القرنية المخروطية أو السماح لهم بالسفر إلى الخارج لزراعة القرنية.
بنية منهارة
في مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة، حيث كان من المفترض أن تُتابع خولة علاجها، يقف الطبيب علي حجازي، اختصاصي طب وجراحة العيون، أمام واقع يصفه بـالمنهار تماما.
وشرح حجازي لمراسل الأناضول أن مرض القرنية المخروطية يبدأ تدريجيا، ويمكن تداركه مبكرا عبر الفحوصات اللازمة ونظارات طبية، لكن إذا تطور في ظل غياب تشخيص مبكر، يصل المريض لمرحلة يصبح فيها إجراء زراعة قرنية أمرا لا جدال فيه.
وقبل حرب الإبادة الإسرائيلية المدمرة، كانت وزارة الصحة تُشرف على برنامج ناجح لزراعة القرنيات في قطاع غزة، وأُجريت مئات العمليات من خلاله، إلا أن هذه المنظومة توقفت بالكامل بعد تدمير إسرائيل للمستشفيات في غزة، بحسب الطبيب.
وأضاف حجازي: كان لدينا أجهزة حديثة لفحص سماكة القرنية.. كلها دُمّرت. اليوم؛ لا تشخيص، ولا علاج، ولا عمليات والقطرات الأساسية غير متوفرة، ولا الحلقات، ولا حتى النظارات المناسبة.
وأشار إلى أن الجزء الأخطر في الأزمة هو أن المرضى الذين يحتاجون للخروج للعلاج لم يتمكنوا من مغادرة القطاع بسبب إغلاق المعابر، ما أدى إلى تفاقم الحالات التي كانت قابلة للعلاج سابقا.
علاج نادر
من جانبه، قال محمد ريان، مسؤول قسم الاستقبال والطوارئ في مستشفى شهداء الأقصى، إن الوضع ازداد تعقيدا مع موجات النزوح الكبيرة التي جلبت معها آلاف المرضى، بينهم مرضى القرنية المخروطية الذين فقدوا إمكانية الوصول للعلاج.
وأوضح ريان أن غزة كان فيها أطباء وأجهزة لفحص المرض وعمليات زراعة قرنية لكن الحرب دمرت كل شيء.
وأضاف لمراسل الأناضول أن جراحة القرنية الآن غير موجودة، كما التشخيص، بينما العلاج نادر.
وتابع: كل يوم نستقبل حالات فقدت الأمل لأنها لا تستطيع تلقي العلاج داخل او خارج غزة.
وأشار إلى أن غياب التشخيص المبكر، ونقص الأدوية، وتوقف برنامج زراعة القرنية، وافتقاد أجهزة القياس والتشخيص، كلها عوامل جعلت المرضى مثل خولة في مواجهة خطر فقدان البصر.