مصادر تكشف تفاصيل غرفة عمليات في صنعاء توجّه هجمات الحوثيين
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
نقلت رويترز عن 4 مصادر إقليمية ومصدرين إيرانيين أن قادة من الحرس الثوري الإيراني وجماعة حزب الله اللبنانية موجودون في اليمن للمساعدة في توجيه هجمات الحوثيين على الملاحة في البحر الأحمر والإشراف عليها.
وذكرت المصادر الإقليمية الأربعة أن إيران، التي سلحت ودربت ومولت الحوثيين، كثفت إمداداتها من الأسلحة للجماعة في أعقاب اندلاع الحرب في غزة بعد أن هاجمت حماس المدعومة من إيران إسرائيل في السابع من أكتوبر.
وأضافت المصادر أن طهران قدمت طائرات مسيرة متطورة وصواريخ كروز مضادة للسفن وصواريخ باليستية يمكنها إصابة أهدافها بدقة وصواريخ متوسطة المدى للحوثيين الذين بدأوا استهداف السفن التجارية في نوفمبر فيما قالوا إنه تضامن مع الفلسطينيين في غزة.
وقالت جميع المصادر إن قادة ومستشارين من الحرس الثوري الإيراني يقدمون أيضا دعما من الخبرة والبيانات والمعلومات الاستخباراتية لتحديد أي من عشرات السفن التي تمر عبر البحر الأحمر يوميا تتجه إلى إسرائيل وتشكل أهدافا للحوثيين الذين صنفتهم واشنطن على قوائم الإرهاب.
وقالت واشنطن الشهر الماضي إن إيران تضطلع بدور كبير في التخطيط للعمليات التي تستهدف الملاحة في البحر الأحمر، وإن معلوماتها الاستخباراتية مهمة في تمكين الحوثيين من استهداف السفن.
وردا على طلب من رويترز للتعليق من أجل هذه القصة، أشار البيت الأبيض إلى تعليقات علنية سابقة له حول كيفية دعم إيران للحوثيين.
ونفى ناصر كنعاني المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرارا في مؤتمرات صحفية أسبوعية ضلوع طهران في هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. ولم يرد مكتب العلاقات العامة التابع للحرس الثوري الإيراني على طلب رويترز للتعليق.
كما نفى محمد عبد السلام المتحدث باسم الحوثيين أي ضلوع لإيران أو حزب الله في المساعدة على توجيه الهجمات في البحر الأحمر. ولم يرد المتحدث باسم حزب الله على طلب رويترز للتعليق.
ويقول الحوثيون، الذين ظهروا في الثمانينات كجماعة مسلحة تعارض النفوذ الديني السني للسعودية في اليمن، إنهم يدعمون حماس من خلال مهاجمة السفن التجارية إما المرتبطة بإسرائيل أو المتجهة إلى موانئ إسرائيلية.
وأضرت هجمات الحوثيين بعمليات الشحن الدولية بين آسيا وأوروبا عبر مضيق باب المندب قبالة اليمن. ودفع ذلك الولايات المتحدة وبريطانيا إلى شن غارات جوية على أهداف للحوثيين في اليمن مما فتح مسرحا جديدا للصراع مرتبطا بالحرب في غزة.
وأثار الصراع في غزة أيضا اشتباكات بين إسرائيل ومسلحي حزب الله على الحدود اللبنانية، بالإضافة إلى هجمات شنتها جماعات مرتبطة بإيران على أهداف أميركية في العراق وسوريا.
وقال مصدر إيراني مطلع لرويترز "الحرس الثوري يساعد الحوثيين في التدريب العسكري (على أسلحة متقدمة)".
وأضاف "مجموعة من المسلحين الحوثيين كانت في إيران الشهر الماضي وتم تدريبها في قاعدة للحرس الثوري في وسط إيران للتعرف على التكنولوجيا الجديدة واستخدام الصواريخ".
وأضاف المصدر أن قادة إيرانيين سافروا إلى اليمن أيضا وأنشأوا مركز قيادة في العاصمة صنعاء لهجمات البحر الأحمر يديره قائد كبير في الحرس الثوري الإيراني معني باليمن.
الاستراتيجية الإقليميةقال محللان إن هجمات البحر الأحمر تتماشى مع استراتيجية إيران الرامية إلى توسيع وتعبئة شبكتها الشيعية الإقليمية من الفصائل المسلحة لإظهار نفوذها وقدرتها على تهديد الأمن البحري في المنطقة وخارجها.
وأضافا أن طهران تريد أن تظهر أن حرب غزة يمكن أن تكبد الغرب خسائر كبيرة جدا إذا استمرت، ويمكن أن تكون لها تداعيات كارثية على المنطقة مع التصعيد.
وقال عبد العزيز الصقر رئيس مركز الخليج للأبحاث إن الحوثيين لا يتصرفون بشكل مستقل، مستندا في الاستنتاج إلى تحليل دقيق لقدرات الجماعة التي يقدر عدد مسلحيها بنحو 20 ألفا.
وأضاف أن الحوثيين من حيث الأفراد والخبرات والإمكانيات ليسوا بهذا القدر من التقدم. وأشار إلى أن عشرات السفن تعبر باب المندب يوميا، ولا يملك الحوثيون الوسائل أو الموارد أو المعرفة أو معلومات الأقمار الصناعية اللازمة لتحديد الهدف ومهاجمته.
وقالت أدريان واتسون المتحدثة باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض الشهر الماضي إن المعلومات الاستخبارية التكتيكية المقدمة من إيران أدت دورا حاسما في تمكين الحوثيين من استهداف السفن.
ووفقا لمصدرين كانا سابقا من قوات الجيش اليمني فإن هناك وجودا واضحا لأعضاء الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في اليمن. وقالا إن هؤلاء مسؤولون عن الإشراف على العمليات العسكرية والتدريب وإعادة تجميع الصواريخ المهربة إلى اليمن على شكل قطع منفصلة.
وقال عبد الغني الإرياني الباحث البارز في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، وهو مؤسسة فكرية مستقلة، إن من الواضح أن الإيرانيين يساعدون في تحديد الهدف والوجهة وإن الحوثيين ليس لديهم القدرة على ذلك.
وذكر مصدر إقليمي كبير يتابع إيران تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته أن "القرار السياسي (يتخذ) في طهران بينما (تتولى) جماعة حزب الله الإدارة والموقع لدى الحوثيين في اليمن".
الأسلحة والمشورةقال عبد السلام إن هدف الجماعة يتمثل في استهداف السفن الإسرائيلية المتجهة إلى إسرائيل دون التسبب في أي خسائر بشرية أو أضرار مادية كبيرة. وأضاف أن الغارات الأميركية والبريطانية على اليمن لن تجبر الجماعة على التراجع.
وأضاف "لا ننكر أن لدينا علاقة مع إيران وأننا استفدنا من التجربة الإيرانية في ما له علاقة بالتصنيع والبنية التحتية العسكرية البحرية والجوية وما غير ذلك... لكن القرار الذي اتخذه اليمن هو قرار مستقل لا علاقة له بأي طرف آخر".
لكن مسؤولا أمنيا مقربا من إيران قال "الحوثيون لديهم طائرات مسيرة وصواريخ وكل ما يحتاجون إليه في قتالهم إسرائيل، لكنهم كانوا بحاجة إلى التوجيه والمشورة بخصوص طرق الشحن والسفن، لذلك قدمت لهم إيران ذلك".
وعند سؤاله عن نوع المشورة الذي قدمته طهران، قال إنه يشبه الدور الاستشاري الذي تقوم به إيران في سوريا والذي يدور حول التدريب والإشراف على العمليات عند الحاجة.
وأضاف "توجد مجموعة من أعضاء الحرس (الثوري) الإيراني في صنعاء الآن للمساعدة في العمليات".
وأرسلت إيران المئات من أعضاء الحرس الثوري إلى سوريا بالإضافة إلى الآلاف من مسلحي حزب الله للمساعدة في تدريب مسلحي فصائل شيعية من أفغانستان والعراق وباكستان وتنظيم صفوفهم لمنع سقوط الرئيس السوري بشار الأسد خلال تمرد قادته جماعات سنية في 2011.
واتهمت واشنطن ودول الخليج العربية إيران مرارا بتسليح وتدريب وتمويل جماعة الحوثي التي تنتمي للطائفة الزيدية الشيعية وتتحالف مع طهران ضمن "محور المقاومة" المناهض للغرب وإسرائيل، الذي يضم أيضا جماعة حزب الله اللبنانية وجماعات في سوريا والعراق.
ورغم أن طهران تنفي أن يكون لها أي دور مباشر في الهجمات التي تقع في البحر الأحمر، أشاد الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بالحوثيين وقال إنه يأمل أن تستمر هجماتهم "حتى النصر".
التدريب والتجهيزنفى قيادي ضمن تحالف الجماعات المتحالفة مع إيران وجود أي قادة من الحرس الثوري الإيراني أو حزب الله على الأرض في اليمن حاليا.
وقال إن فريقا من الخبراء العسكريين من إيران وحزب الله توجه إلى اليمن في وقت سابق من الحرب الأهلية لتدريب الحوثيين وتجهيزهم وبناء قدراتهم التصنيعية العسكرية.
وأضاف "لقد جاؤوا وساعدوا الحوثيين ثم غادروا، تماما كما فعلوا مع حزب الله وحماس"، مضيفا أنه لا ينبغي الاستهانة بالقدرات العسكرية للحوثيين.
وذكر أن الحوثيين يعرفون التضاريس والطرق البحرية جيدا ولديهم بالفعل الأنظمة اللازمة لمهاجمة السفن، ومنها معدات عالية الدقة أرسلتها لهم إيران.
وخلال سنوات الفوضى التي أعقبت انتفاضة الربيع العربي في اليمن عام 2011، أحكم الحوثيون قبضتهم على شمال البلاد وسيطروا على العاصمة صنعاء في عام 2014، مما دفع تحالفا تقوده السعودية إلى التدخل عسكريا بعد ذلك بأشهر.
وقال محللون إنه عندما هاجمت حماس إسرائيل، لم يكن أمام إيران خيار سوى إظهار الدعم للجماعة الفلسطينية بعد الخطاب المناهض لإسرائيل على مدى سنوات لكنها كانت متخوفة من أن يؤدي إشراك حزب الله في الصراع إلى انتقام هائل من جانب إسرائيل.
وقال الإرياني، الباحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، إن نشوب حرب كبرى بين إسرائيل وحزب الله سيكون كارثيا على لبنان وسيهدد مستقبل الجماعة التي أصبحت الأهم في "محور المقاومة" الإيراني.
وأضاف أن الحوثيين، على النقيض من ذلك، في موقع استراتيجي متميز لإحداث تأثير كبير من خلال تعطيل نشاط الملاحة البحرية العالمية دون بذل مجهود كبير.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الحرس الثوری الإیرانی فی البحر الأحمر هجمات الحوثیین استهداف السفن فی الیمن من إیران حزب الله فی غزة
إقرأ أيضاً:
الرئيس العليمي يحذر من موسكو من خطر التمدد الإيراني ويصحح سرديات مغلوطة بشأن الحوثيين
حذر الرئيس اليمني من أن التمدد الإيراني لا يهدد اليمن وحده، بل يخلّ بالتوازن في كامل منطقة البحر الأحمر والقرن الإفريقي.
وانتقد الرئيس في جلسة حوارية نظمها معهد الدراسات الشرقية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، غياب الفهم الدقيق لطبيعة الأوضاع في اليمن، و شيوع سرديات مضللة داخل بعض الدوائر الدولية، ومن بينها للأسف بعض مراكز التفكير وصناعة القرار التي لا تزال تنظر إلى الحالة اليمنية بعدسة ضبابية، أو تراها جزءا من صراع جيوسياسي يمكن احتواؤه بتنازلات شكلية.
وذكر أن من بين هذه السرديات المغلوطة، الادعاء بأن جماعة الحوثي تمثل “جماعة مظلومة” يمكن استيعابها عبر تسوية سياسية.
واستدرك قائلا: لكن الحقيقة أن ما نواجهه هو تنظيم عقائدي مسلح، يستمد مشروعيته من فكرة "الحق الإلهي"، ويرفض الاعتراف بأي صيغة للدولة المدنية، أو المواطنة المتساوية.
واعتبر رئيس مجلس القيادة الرئاسي أن الأخطر من ذلك، هو تصنيف الحوثيين كـ"تهديد عابر" ارتبط بتداعيات الحرب في غزة.وأكد بان هذا تصور خاطئ ومضلل.
وأوضح أن المليشيات الحوثية ليست تهديداً مؤقتاً، بل خطر دائم وبنيوي على اليمن، والمنطقة، والممرات الملاحية الدولية.
ولفت الرئيس إلى أن اختطاف السفن، وزراعة الألغام البحرية، والقرصنة في البحر الأحمر لم تبدأ في 2024، بل كانت منهجاً حوثياً متكرراً منذ سنوات، حتى في ذروة الهدن والمفاوضات.
وأكد أن الحوثيين لا يختلفون في سلوكهم الإجرامي عن التنظيمات، أو الجماعات التي تدينها موسكو نفسها، بما في ذلك استهداف المطارات والموانئ، وتفخيخ المساجد والمدارس والمستشفيات، وازدراء عمل النساء، وتجنيد الأطفال، وتحويل البنية المدنية إلى أهداف عسكرية.
وأضاف "رغم كل ذلك، يتلقى الحوثيون حوافز وتنازلات من بعض الأطراف الدولية، بينما تُتهم الحكومة الشرعية التي تمثل الإطار الدستوري للدولة، بالضعف أو الانقسام، في تجاهل تام لحقيقة أنها تسيطر فعلياً على نحو 70% من الجغرافيا اليمنية، وتضم تحت مظلتها كافة التيارات الوطنية.
وقال إن المطلوب اليوم هو استعادة منطق الدولة في مقابل مزاعم الولاية والاصطفاء الالهي، والانتصار للمؤسسات الشرعية في مواجهة الجماعات اللاشرعية، وهو المبدأ ذاته الذي لطالما تبنته روسيا في حربها ضد الإرهاب في أماكن عدة من العالم.
وجدد رئيس مجلس القيادة التأكيد على موقف اليمن الواضح إلى جانب حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، ومع ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية، معربا عن رفضه لأن يستخدم هذا الموقف لتبرير سلوك إيران في منطقتنا، أو تمرير أجندتها عبر وكلائها، كما هو الحال في اليمن.
وأشار إلى أن ما يبعث على القلق أيضا هو العلاقة الوثيقة بين جماعة الحوثيين وتنظيمي القاعدة وداعش وغيرها من التنظيمات الاجرامية، التي تتقاسم مع الجماعة المفاهيم، و المنفعة، والتعاون اللوجستي، بما يشير إلى إعادة تشكّل منظومات الإرهاب العابرة للحدود.
وأكد الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أهمية منح العلاقات اليمنية الروسية العريقة حقها من الدراسة، والتحليل، والإنصاف.
وقال رئيس مجلس القيادة الرئاسي " أن العلاقات بين اليمن وروسيا ليست عابرة أو طارئة، بل هي واحدة من أقدم العلاقات التي أقامتها دولة عربية مع الاتحاد السوفيتي، وواحدة من أصدقها وأعمقها أثراً في وجدان اليمنيين.
وأوضح أن اليمن كانت من أوائل الدول العربية التي فتحت نافذتها على موسكو في عشرينيات القرن الماضي، حين أبحرت أول سفينة سوفييتية إلى الحديدة محملة بالمواد الأساسية.
أضاف"منذ تلك اللحظة، لم تكن العلاقة مجرد تبادل تجاري، بل كانت شراكة، وتضامن تاريخي، وجسر علمي وثقافي امتد عبر العقود.
وأشار إلى أنه حين أسقط اليمن الإمامة بثورة السادس والعشرين من سبتمبر، كانت موسكو أول من اعترف بالجمهورية الوليدة، وعندما نال جنوب اليمن استقلاله، كان الاتحاد السوفيتي حاضراً منذ اللحظة الأولى داعما لبناء الدولة ومدنيتها.
وتحدث الرئيس عن دور روسيا في تأسيس منشآت البنية التحتية اليمنية: من الموانىء إلى مصانع الاسمنت، إلى الجامعات والمعاهد التي تخرّج منها عشرات ألآف اليمنيين، الذين ما زالوا حتى اليوم يحملون في وجدانهم ذكرى موسكو، ويحفظون كلماتها.
وأضاف "و كما كانت روسيا حليفا في لحظة البناء، فإننا على ثقة بأنها ستكون شريكا في لحظة الصمود والتعافي".
وتابع "نحن نواجه مشروعاً طائفيا ثيوقراطيا لا يعترف بالدولة ولا بالقانون، ويتبنى أفكار الولاية والحق الإلهي في حكم البشر، وهي ذات الأفكار التي لطالما وقفت روسيا ضدها في ساحات متعددة دفاعاً عن الدولة المدنية".
حضر الجلسة الحوارية، وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، ومستشارو رئيس مجلس القيادة الرئاسي للدفاع والأمن الفريق محمود الصبيحي، والتنمية والإعمار المهندس عمر العمودي، والشؤون الثقافية مروان دماج، وسفير اليمن لدى روسيا الاتحادية أحمد سالم الوحيشي، ومدير مكتب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اللواء الركن صالح المقالح.