ندوة بوزارة التجارة والصناعة تناقش الملامح الاقتصادية والمالية لدولة قطر
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
سلطت ندوة استضافتها اليوم وزارة التجارة والصناعة الضوء على أهم ملامح الاقتصاد القطري، ومرتكزاته واستراتيجياته خلال المرحلة المقبلة، والتحديات الدولية والإقليمية التي يمكن أن تواجه الاقتصاد الوطني.
وتناولت الندوة التي حملت عنوان "الملامح الاقتصادية والمالية لدولة قطر بين التنمية والاستدامة"، الوضع الحالي للاقتصاد العالمي والإقليمي والمحلي، وتضمنت شرحا للتوجهات الرئيسية للمشهد الاقتصادي العالمي، مع التركيز على مختلف جوانب الاقتصاد القطري.
وفي هذا السياق، قال الدكتور هاشم السيد رئيس مجلس إدارة جمعية المحاسبين القانونيين القطرية خلال الندوة : إن دولة قطر تتمتع باقتصاد قوي أثبت مرونته ومتانته خلال الاضطرابات والأزمات الإقليمية والعالمية، مما جعله موضع ثقة وكالات التصنيف العالمية.
وأشار إلى أن التوسع في قطاع النفط والغاز على مدى السنوات الماضية جعل قطر من أغنى دول العالم، ومنح الدولة الفرص للتوسع في ضخ المزيد من الاستثمارات المحلية والعالمية، وتوفير كل سبل الرفاهية للمواطنين، ليكون نصيب الفرد من الناتج المحلي هو الأعلى عالميا، مبينا كيفية توجه الدولة لتنويع اقتصادها من خلال البنية التحتية والصناعة والاتصالات والتكنولوجيا والرقمنة والسياحة.
وتطرق الدكتور هاشم السيد إلى أهم مرتكزات رؤية قطر 2030 من خلال التنمية الاقتصادية، والتنمية البشرية، والتنمية الاجتماعية، والتنمية البيئية، مشيرا إلى أنها تطمح لنقل دولة قطر إلى مصاف الدول المتقدمة، وتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز جودة الحياة لجميع أفراد الشعب والأجيال القادمة، مؤكدا أن استراتيجية الدولة للمرحلة المقبلة تتسم بالتنوع في الصناعات والخدمات والتعليم، وتكنولوجيا المعلومات، والزراعة والخدمات الصحية، والتكنولوجيا الخضراء، والإعلام والصناعات الإبداعية، لتحقيق الاستدامة البيئية والمالية، والمحافظة على تماسك المجتمع، ورفع كفاءة المؤسسات، وتأهيل قوى عاملة جاهزة للمستقبل ورفع معدلات النمو.
واستعرض رئيس مجلس إدارة جمعية المحاسبين القانونيين القطرية رؤيته لتحسين كفاءة الأداء للمرحلة المقبلة، مشيرا إلى أهمية توحيد الجهود وتحديد نطاق المسؤوليات، وتحديد خطة الأعمال للهيئات والمؤسسات ومراقبة الأداء، وضبط البيانات والمؤشرات التي تتماشى مع المعايير الدولية للبيانات المالية والاقتصادية، وإطلاق المبادرات الوطنية التي تعزز القطاعات الاقتصادية المختلفة، وتقوية عملية المشاركة بين القطاعين العام والخاص، مستعرضا بعضا من المقترحات التي تصب في خانة رفع كفاءة الأداء، وزيادة عمليات التنمية.
وفي المشهد الاقتصادي العالمي، قال الدكتور هاشم السيد: إن النمو العالمي يشهد مزيدا من التباطؤ خلال العام الجاري (2024) بسبب تشديد السياسات النقدية وضعف التجارة والاستثمارات والتغير المناخي والأزمات الجيوسياسية، وارتفاع الدين العام، واضطراب الملاحة البحرية، وأزمة الأمن الغذائي.
ورأى أن الاقتصاد العالمي يواجه مجموعة من التحديات تتمثل في: ضعف معدلات النمو، وعدم وضوح الأهداف والرؤى، وارتفاع تكاليف الإقراض، والأزمات الجيوسياسية، وضعف الواردات والصادرات، وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، وتقلبات أسعار الطاقة، لكنه شدد على أن الاقتصاد القطري رغم هذه التحديات لديه من المقومات ما يجعله يتجاوزها، ويواصل النمو والازدهار.
يشار إلى أن الندوة شهدت تدشين جمعية المحاسبين القانونيين القطرية الإصدار الجديد من دليل المحاسبين ومدققي الحسابات في دولة قطر، إضافة إلى إطلاق خطتها التدريبية لعام 2024، التي تشمل أكثر من 100 برنامج متنوع.
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: وزارة التجارة والصناعة
إقرأ أيضاً:
أسباب تباطؤ النمو السكاني بتونس وتداعياته الاقتصادية والاجتماعية
تونس- رغم أن غالبية السكان في تونس لا تزال تنتمي إلى الفئة الشابة، فإن مؤشرات الشيخوخة السكانية باتت أكثر وضوحا سنة بعد أخرى ما لم يتم اتخاذ سياسات جذرية تعيد التوزان المفقود إلى الهرم السكاني.
ويؤكد باحثون في علم الاجتماع أن البلاد دخلت فعليا مرحلة تهرم سكاني تدريجي بناء على إحصاءات رسمية، ستكون له تداعيات عميقة على اليد العاملة والتوازنات المالية للصناديق الاجتماعية المختلة أصلا.
وأظهرت نتائج التعداد العام للسكان والسكنى لسنة 2024 أن عدد سكان تونس بلغ أكثر من 11.9 مليون نسمة، بمعدل نمو سنوي لا يتجاوز 0.87%، وهو الأضعف منذ الاستقلال الوطني في 1956.
أطفال أقلوإذا كانت الفئة النشيطة المتراوحة بين 15 و60 سنة لا تزال تمثل نحو 60% من مجموع السكان، فإن تركيبة الأعمار بدأت تميل بوضوح نحو الكبر والشيخوخة، مما ينذر بتحولات ديمغرافية عميقة.
فقد بلغت نسبة من تفوق أعمارهم 60 سنة نحو 16.9%، مقابل 5.9% فقط للأطفال دون سن الخامسة، وهي نسبة كانت تتجاوز 18% سنة 1966، وكانت في حدود 8% في سنة 2004.
وانخفضت نسبة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و14 عاما إلى 17%، بعد أن كانت تبلغ 27.8% في الستينيات. أما مؤشر الشيخوخة فبلغ 73.9%، في حين وصل متوسط العمر 35 سنة.
إعلانوحول تفسيره للتراجع الملحوظ للولادات، يقول الباحث في علم الاجتماع مهدي مبروك للجزيرة نت إن ذلك يعود إلى استمرار السياسة السكانية نفسها التي بدأت منذ أواخر الستينيات ولم تخضع لمراجعة جوهرية.
ويوضح أن الدولة اعتمدت بعيد الاستقلال سياسة لتحديد النسل ساندها خطاب تمجيدي للأسرة النووية، التي لا تتجاوز طفلين أو 3 أطفال ضمن رؤية تعتبر أن موارد البلاد المحدودة لا تسمح بارتفاع السكان.
سياسة دولةويرى أن الدولة واصلت تمجيد الأسرة محدودة العدد وقد انعكس ذلك على عدد من السياسات الاجتماعية كالتغطية الاجتماعية التي لا تشمل الطفل الرابع، وبرامج الإسكان التي لا تراعي الأسر الكبيرة.
ويؤكد أن السياسات السكانية لم تشهد إلى اليوم سوى تغييرات طفيفة تجلت في تغيير سياسة تحديد النسل إلى التنظيم العائلي، في حين بقيت القناعة الأساسية ذاتها وهي عدم التشجيع على التناسل.
لكن مبروك لا يُحمّل السياسات العمومية المسؤولية وحدها في تراجع الولادات، بل يشير أيضا إلى تحولات ثقافية وقيمية طرأت على المجتمع، خاصة لدى الفئات المتعلمة التي تمجد الأسرة محدودة العدد.
ويقول إن "كثيرا من الأزواج باتوا يعتقدون أن الإنجاب المفرط ينهك الجسد ويُقيد حياة المرأة ويؤثر على جودة العلاقة الزوجية والعائلية"، مؤكدا أن تراجع الإنجاب لا يتعلق فقط بمسألة الإمكانيات المادية.
كما أن ارتفاع أمل الحياة بفضل الخدمات الصحية وتطور طب الشيخوخة ساهم في اتساع شريحة كبار السن، دون أن يقابله تجديد في القاعدة السكانية الشابة، مما يهدد التوازن العام للهرم السكاني، وفق مبروك.
عوامل اجتماعيةمن جهته، يعتبر الباحث في علم الاجتماع سامي نصر أن تونس على عتبة التهرم السكاني، مشيرا إلى أن نسبة الولادات لم تتجاوز 0.87% في سنة 2024 مقارنة بآخر تعداد سكاني رسمي في سنة 2014.
ويقول للجزيرة نت إن مؤشرات تراجع الولادات وتقلص الأطفال بدأت مؤشراتها تظهر على أرض الواقع منذ سنوات من خلال تراجع عدد التلاميذ في التعليم الابتدائي دون اتخاذ أي سياسات لحل الأزمة.
إعلانورغم أنه يقر بتأثيرات السياسة السكانية القديمة لتحديد النسل في تراجع الولادات، فإنه يشير إلى تأثيرات العوامل الاجتماعية والاقتصادية في تفسيره إلى تراجع نسبة الولادات بشكل ملحوظ في تونس.
ويقول إن "الصعوبات الاجتماعية والعزوف عن الزواج وتأخر سن الزواج وتراجع الخصوبة لدى الرجل والمرأة والتوتر النفسي ورداءة نوعية الغذاء وانتشار التدخين والمخدرات كلها عوامل تقلص من الولادات".
تداعيات متوقعةوحول رأيه في تداعيات ارتفاع نسبة كبار السن مقارنة خاصة بفئة الشباب، يقول نصر إن التأثيرات ستكون مباشرة على منظومة الحماية الصحية والاجتماعية، في ظل الصعوبات المالية للصناديق الاجتماعية.
فمع تقلص الفئة المنتجة، وتحديدا من هم بين 20 و45 سنة، ستواجه صناديق التقاعد والضمان الاجتماعي صعوبات كبرى في التوازن المالي، لأنها ستدفع لمعاشات أكثر مقابل مساهمين أقل، وفق نصر.
من جانبه، يقول الباحث مبروك إن تونس قد تجد نفسها خلال عقد أو 15 سنة مضطرة إلى استيراد يد عاملة لتغطية العجز في قطاعات حيوية، في حال لم تتخذ إجراءات سريعة لإعادة التوازن إلى الهرم السكاني.
ويتفق الباحثان على أن الحل لهذه الوضعية الديمغرافية يمر حتما عبر مراجعة جذرية للسياسات السكانية والتأسيس لمرحلة جديدة تقوم على توازن بين الحاجيات الاقتصادية والواقع الديمغرافي التونسي.
ويدعو الباحثان إلى صياغة إستراتيجية عمومية متكاملة، تقوم على تشخيص دقيق للوضع، ورسم بدائل واقعية قابلة للتطبيق، لأن تفاقم الأزمة الديمغرافية سيؤدي إلى إضعاف المجتمع اقتصاديا واجتماعيا.