موقع النيلين:
2024-06-01@09:42:44 GMT

مَن قال إن هناك سوقًا سوداء للدولار فى مصر؟

تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT


أبرز مظاهر خداع الذات لدينا أننا مازلنا نتحدث عن سوق سوداء للعملة فى مصر، وفق التعبير الذى تم صكه منذ الستينيات.

كانت تجارة السوق السوداء فى الدولار كتجارة المخدرات فى الميزان الأخلاقى للجمهور العام… وقد كان يصادف أحيانًا مرور رجل من النوع المريب بالقرب من جالسين على مقهى أو تجمع ما، فينبرى أحدهم هامسًا للجميع: ده تاجر عملة!، مُحمِّلًا همسه بكل شحنة الإدانة الممكنة أو الواجبة.

كانت تجارة العملة أيضًا عملًا منتشرًا بدرجات، لكنه شائن، وتمارسه قلة هنا أو هناك، وهى ذات خلفية اجتماعية معينة أو سوابق.

كانت محاصرة هذا النشاط بشكل أساسى مهمة البوليس، وقليلًا ما تدخل البنك المركزى، لكن دور الأخير برز فقط عندما زحف أصحاب شركات الصرافة، والإخوانجية منهم بخاصة، إلى هذا المجال، وتوسعوا فيه وزادوا بأن قدموا خدمات لتهريب العملة بالعمولة، وعندها تدخل «المركزى» ضدهم باعتباره المنظم ومانح التراخيص.

تحركت تجارة العملة فى الأساس لتلبية طلبات فعلية لأغراض السفر والعلاج والدراسة بالخارج لأفراد أو أسر، أو جلب بضائع للأثرياء من لبنان إلى شارع الشواربى وأشباهه، وحتى مع تطوره بظهور دور شركات الصرافة والإخوان فى التسعينيات وما تلاها، ظل حجم الكتلة التى تدور فى فلك تلك التجارة محدودًا، ولو أن النشاط نفسه ظل مزعجًا لأجهزة الدولة لأنه تشابك مع مخاوف أمنية مشروعة من تغذية الإرهاب.

كل ذلك انطوى… عدى وفات… فات بشكل مرحلى أولًا فى الأسابيع التى سبقت تعويم الجنيه فى نوفمبر ٢٠١٦، حيث تفشّت حمى الدولار فى أرجاء المجتمع بنفس طريقة حمى الذهب فى أمريكا، ووقتها لم يعد بمقدور أحد أن يلوم أو يدين أحدًا، ولا حتى أن يلوم هذه السوق نفسها، ناهيك عن أن يصفها بأنها سوداء. ثم هدأت الأمور إلى أن صدر قرار تقييد الاستيراد بشدة فى مارس ٢٠٢٢، فوجدت مئات مليارات الجنيهات ومليارات الدولارات نفسها بلا عمل، وكان من الضرورى ملء الفراغ، ومن هنا تكوّن النظام الجديد بديلًا لما كنا نسميه السوق السوداء فى الدولار… نظام تم تأسيسه وبناء هياكله وشبكاته ومساحات حركته وآلياته بسرعة غير متوقعة، مُوظِّفًا تكنولوجيا المعلومات بمستوى ملحوظ من الكفاءة. تضمن النظام بناء مرجعية أولًا أو «بنش مارك»، حيث أحيا بعبقرية شريرة «قاعدة الذهب»، التى ألغاها نيكسون فى ١٩٧١، ولكن بشكل جديد، فأصبح سعر الذهب مسطرة قياس سعر أى شىء، بادئًا بالعملة، ثم كل السلع والخدمات التى تسمح طبيعتها بزجها فى عالم المضاربات. لم تستطع أجهزة الرقابة ملاحقة السرعة التى تم بها بناء هذا النظام المستحدث لإدارة السياسة النقدية الشعبية، فتعمق النظام، وتم دمج سعر الذهب مع الدولار فى ضفيرة واحدة، بحيث يأخذ كل زبون فى هذا النشاط المضاربى، التجارى، ما يناسبه، وتلقى النظام فى ٢٠٢٣ بخاصة دعمًا عولميًّا زاد من شعور أصحابه بالقوة والرسوخ.

بناء على ما سبق، فإن لدينا فى اللحظة الراهنة- ولأول مرة فى تاريخنا الحديث- بنكين مركزيين… أحدهما للدولة، له استقلالية وقانون، وتحت يديه الاحتياطيات الدولية وحصائل الدولة من النقد الأجنبى من القناة والغاز وصادرات الشركات العامة، وبعض حصائل أخرى، ويجاهد بكل حنكة وقدرات المحافظ المخضرم حسن

عبدالله، وبالنفَس الطويل، لضبط أسواق الصرف وإدارة النقد والسيولة، وضمان سلامة النظام النقدى والمصرفى، وأيضًا لكبح التضخم، و«بنك مركزى» للمجتمع يقوده كبار تجار الذهب، وتحت يديه حصائل متنوعة من العملة تغرد بعيدًا عن الجهاز المصرفى، وتزداد كتلتها يومًا بعد الآخر بحكم الإغراءات، وهو يعلن ويطبق «سياسته النقدية»، التى تشمل استهداف أعلى سعر للصرف وللعائد، بغض النظر عن أى عامل موضوعى. يسير «المركزى الشعبى» وفق مستشعرات خاصة حدسية، وقراءة خاصة لأى خبر أو معلومة، وهى قراءة مغموسة فى التحيزات، لكن مفعولها فى النهاية نافذ.

لهذا، فإننا، ونحن نطالب دائمًا بالتنسيق بين السياسة المالية والسياسة النقدية، أصبحت لدينا مهمة أخرى، هى حل معضلة العلاقة بين البنك المركزى الرسمى والمركزى الشعبى لأن الاختراع المصرى الحالى ليس له مثيل فى العالم.

مصباح قطب – المصري اليوم

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

قوة الدولار تقوض بريق الذهب

تراجعت أسعار الذهب للجلسة الثانية على التوالي خلال تعاملات الخميس المبكرة، في ظل ارتفاع الدولار وعوائد سندات الخزانة، وسط ترقب لبيانات رئيسية للتضخم قد توفر مزيدا من المؤشرات حول خطة مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) بشأن أسعار الفائدة.

تحديث الأسعار

بحلول الساعة 0311 بتوقيت غرينتش، تراجع الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.4 بالمئة إلى 2330.44 دولار للأونصة، بعدما هبط واحدا بالمئة أمس الأربعاء.

كما انخفضت العقود الأميركية الآجلة للذهب بنسبة 0.5 بالمئة إلى 2328.60 دولار.

وارتفع الدولار بنسبة 0.5 بالمئة، مما يجعل المعدن النفيس المسعر به أقل جاذبية لحائزي العملات الأخرى.

وانخفض الذهب بأكثر من 100 دولار منذ أن وصل إلى مستوى قياسي عند 2449.89 دولار في 20 مايو.

وعادة ما يُنظر للذهب على أنه وسيلة للتحوط من التضخم، إلا أن ارتفاع أسعار الفائدة يزيد من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الأصول التي لا تدر عوائد.

ومن المقرر أن تصدر بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة، وهي المقياس المفضل لدى البنك المركزي لقياس التضخم، غدا الجمعة.

وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، هبطت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 1.7 بالمئة إلى 31.40 دولار وتراجع البلاتين بنسبة 0.3 بالمئة إلى 1032.25 دولار ونزل البلاديوم بنسبة 2.1 بالمئة إلى 944.75 دولار.

 

مقالات مشابهة

  • استقرار أسعار الذهب في بغداد و اربيل مع ارتفاع الدولار
  • تعليقا على قرار البنك المركزي.. متخصص في الشأن الإقتصادي يتحدث عن خطوة لإلغاء الطبعة القديمة من العملة اليمنية بشكل كلي
  • عاجل : محافظ البنك المركزي يوضح مصير الودائع في صنعاء واتلاف العملة ويطرح عملة جديدة
  • بريق الذهب يخفت مع ارتفاع الدولار
  • قوة الدولار تقوض بريق الذهب
  • تراجع أسعار الذهب
  • الجنيه الإسترليني ينخفض مقابل الدولار الأمريكي ويرتفع مقابل اليورو الأوروبي
  • احذر تكسر الأسنان نتيجة أسباب وعوامل صحية .. تعرف عليها
  • اقتصاديون: مصر وفرت مناخاً استثمارياً جاذباً ونجحت في القضاء على نقص الدولار
  • بيسكوف: هناك تناقضات بين النظامين السياسي والقانوني في أوكرانيا