انطلقت السبت، الجولة الأولى لاجتماعات العراق والولايات المتحدة من أجل صياغة جدول زمني لإخراج قوات التحالف الدولي من العراق، إلا أن شكوك أطراف عراقية، خاصة المقربة من إيران، لا تنفك لتراها "إعلانا صوريا ودعائيا".

ونشر المكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء العراقية، أن محمد شياع السوداني يرعى انطلاق الجولة الأولى للحوار الثنائي بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية لإنهاء مهمة التحالف الدولي في الأراضي العراقية.




وكانت وزارة الخارجية العراقية، قد أعلنت قبل أيام، "نجاح الحكومة العراقية مع حكومة الولايات المتحدة بالاتفاق على جولات التفاوض المستمرة بين الجانبين منذ آب/ أغسطس لصياغة جدول زمني محدد وواضح يحدد مدة وجود مستشاري التحالف الدولي في العراق ومباشرة الخفض التدريجي المدروس لمستشاريه على الأرض العراقية وإنهاء المهمة العسكرية للتحالف ضد داعش".

وتنشر الولايات المتحدة 2500 عسكري في العراق تحت ذريعة تقديم المشورة والمساعدة لقواته، ومنع  ظهور تنظيم الدولة مجددا، بعدما سيطر على مساحات شاسعة من البلاد في عام 2014، قبل أن يهزمه الجيش العراقي.
ما هي اللجنة العسكرية العليا؟

وشكلت هذه اللجنة بين الجانبين العراقي والأمريكي، في شهر آب/ أغسطس عام 2023، أي قبل شهرين من الأحداث في قطاع غزة، وفق ما تم إعلانه.

وتتكون اللجنة من أعضاء من رئاسة الوزراء العراقية والخارجية والدفاع واستشارية الأمن القومي، برئاسة رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، من أجل إنهاء تواجد القوات الأجنبية في العراق، وتحويلها إلى علاقات ثنائية تشمل المجالات كافة، منها العسكرية.


"مناورة حكومية"  
ويرى المحلل السياسي العراقي، علي البيدر، أن مستقبل الحوار بين الطرفين "معقد"، لأن الولايات المتحدة لا ترغب بالانسحاب من العراق وفق الطريقة التي تريدها الجماعات المسلحة، والتي تتمثل في كونه "انسحابا مذلا ومشروطا".

ولفت في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن الحكومة تحاول اتباع سياسة الاحتواء مع الجماعات المسلحة، مستبعدا انسحاب القوات الأمريكية.

وبيّن البيدر أن "الأطراف السنية والكردية وبعضا من الشيعية يرغبون في بقاء القوات الأمريكية لأنهم يدركون أن تفرد الجماعات المسلحة في الساحة يعني أنها ستبتلع الدولة".

ولخّص الاتفاق الذي أعلنته الحكومة العراقية مع نظيرتها الأمريكية بأنه "مناورات لا أكثر".

وكانت المتحدثة باسم البنتاغون، سابرينا سينغ قد نفت في إحاطة صحفية، أن تكون محادثات اللجنة العسكرية العليا العراقية-الأمريكية، تتعلق بسحب القوات الأمريكية من العراق.

وبحسب سينغ، فإن المسألة "تتعلق بمستقبل العراق وضمان أنه جاهز لتحقيق النجاح في الدفاع عن أمنه الخاص وسيادته، وكيف بإمكان الولايات المتحدة دعم العراق للقيام بذلك".


"تحايل وخلط أوراق"
وكان الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في العراق، قد نشر أمس الجمعة على "تليغرام"، موقفها من إعلان بغداد وواشنطن، بالقول: "دعوات المقاومة الإسلامية، وقرار مجلس النواب، والتأييد الشعبي، لإخراج القوات الأجنبية، هذه كلها لم تجد طريقا إلى التنفيذ منذ سنوات بسبب التحايل الأمريكي لتنفيذ أجندته الخبيثة في العراق والمنطقة".

وتابع البيان: "ما هذه المحاولة إلا لخلط الأوراق، وقلب الطاولة على المقاومة، وكسب الوقت، لتنفيذ المزيد من الجرائم والمخططات الشيطانية لإيذاء شعبنا وأمتنا".

وأكد المقاومة العراقية أن ردها على ما اعتبرته "ادعاء"، هو "الاستمرار بالعمليات الجهادية ضد الوجود الأجنبي".

 واقترحت المقاومة على الحكومة عدم الخوض في حوارات الانسحاب "حتى تتبين حقيقة نواياهم ومدى جدية التزامهم بإخراج قواتهم الغازية من العراق، ومغادرة طيرانهم المسُيّر والحربي وغيره أجواء البلاد بالكامل، وتسليم قيادة العمليات المشتركة إلى الجانب العراقي وإخراج ضباطهم منها".



"استقلال العراق ليس بالانسحاب العسكري"


من جانبها، قالت حركة "النجباء"، وهي الفصيل الأكثر نشاطا في ضرب القواعد الأمريكية في سوريا والعراق، والتي قتلت واشنطن القيادي فيها "أبا تقوى السعيدي" بضربة جوية أمام مقر الحشد الشعبي في بغداد يوم 4 كانون الثاني/يناير الجاري مع آخرين كانوا برفقته، إنها "لن تلتفت لأكاذيب المحتل" وستواصل العمليات العسكرية "رداً على العدوان الأمريكي الصهيوني على غزة".

وذكرت في بيان السبت أن "المقاومة تمتلك رؤية متكاملة للوجود الأمريكي بكل أنواعه ورؤية واضحة لاستقلال العراق وتحريره من التبعية الحقيقية للأمريكي وتقويته وتسليحه، وعليه فإن المقاومة حتى وإن استكملت طرد المحتل عسكريا فإنها غير غائبة عن نفوذه وهيمنته في مفاصل الدولة".

وأوضح أن من نماذج الهيمنة الأمريكية على بغداد "تدخل سفارة المحتل وإنهاء مجموعة من الاتفاقات والقرارات بل والقوانين التي شرعها الاحتلال، مثل قانون 64 الذي أصدره بريمر (الذي يجبر هيئة الإعلام والاتصالات على التعامل مع السفارة في حال انسحاب سلطة الائتلاف)، وكذلك سيطرة القوات الأمريكية على قيادة العمليات المشتركة لدرجة أنهم هم من يصدرون تخاويل الدخول مرتين أسبوعياً لكل ضابط في القيادة مهما علت رتبته، وكذلك سيطرة الشركات التابعة للاحتلال وعملائه على الكهرباء والملاحة الجوية وبرقيات الطيران وإباحة الأجواء للمحتل الأمريكي والإسرائيلي أيضا وموضوع عقود التسليح بالأسلحة الاستراتيجية وكيف يمنع الأمريكي ذلك ويتحكم به، وغير ذلك كثير سيتم تسليط الضوء عليه في حينه".


وكانت بغداد وواشنطن قد توصلتا في يوليو 2021 إلى اتفاق حول سحب جميع القوات القتالية التابعة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بحلول نهاية العام آنذاك.

يشار إلى أنه في عام 2008، تم توقيع اتفاقية إطار استراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق، ساهمت في خروج القوات الأمريكية بشكل كامل في نهاية عام 2011 بعد ثماني سنوات من الاحتلال.

لكن عادت القوات الأمريكية إلى العراق في عام 2014 بناء على طلب من الحكومة العراقية لدعمها في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، الذي اجتاح جزءا كبيرا من الأراضي في الشمال والغرب بعد أن أوشك الجيش العراقي على الانهيار.

وشهد العراق تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران منذ انسحاب الأخيرة من اتفاق حول برنامج طهران النووي عام 2018.



المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية العراق التحالف الدولي إيران النجباء العراق إيران المقاومة الاسلامية النجباء التحالف الدولي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الحکومة العراقیة القوات الأمریکیة من العراق فی العراق

إقرأ أيضاً:

انقطاع الكهرباء في العراق: عندما تمنع الضغوط الأمريكية حل مشكلة الكهرباء

الاقتصاد نيوز - بغداد

 

  انقطاع الكهرباء في العراق لم يعد ظاهرة فصلية، بل تبدل إلى جزء من حياة الشعب في هذا البلد. ففي البلد التي تصل درجة الحرارة إلى 50 درجة مئوية في الصيف وتعد البنية التحتية الحضرية فيه هشة، غياب الكهرباء لا يسبب إزعاجا فقط، بل يخلق أزمة حياتية. ولكن لماذا بعد عقدين من الزمن وإنفاق عشرات المليارات من الدولارات، لم تحل هذه المشكلة؟ الجواب يكون في تقاطع ضعف الكفاءات الداخلية، والضغوط الخارجية، والبنية الرديئة للتجارة الإقليمية. الحكومة العراقية منذ عام 2003 إلى الان أنفقت أكثر من 80 مليار دولار[1] من أجل تحسين البنية التحتية للكهرباء، ومع ذلك لم تستطع حتى الان حل مشكلة الكهرباء.منذ حوالي 14 عامًا، لجأت بغداد إلى استيراد الغاز من إيران من أجل تعويض نقص الكهرباء، وتم توقيع عقد لتوريد 20 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً. ولكن تنفيذ هذا العقد لم يصل أبدا إلى المستوى المتوافق عليه. في عام 2023، استورد العراق 7.3 مليار متر مكعب من الغاز؛ يعني أقل من نصف الكمية المتوقعة. ظاهرياً قد تبدو المشكلة من إيران، ولكن تشير الدراسات أن إيران لا تواجه نقصا في موارد الغاز، ولا في القدرة على إنتاجه، ولا تواجه مشكله في تصديره إلى العراق والحصول على العوائد بالنقد الأجنبي. وتعد إيران ثاني أكبر دولة من حيث احتياطي الغاز في العالم، وفي عام 2022 احتلت المركز الثالث عالميًا في إنتاج الغاز بإنتاج قدره 259 مليار متر مكعب. وتشكل الصادرات البالغة 20 مليار متر مكعب من الغاز إلى العراق أقل من 8% من إنتاج إيران.

أين تكمن المشكلة؟ الجواب يكمن في السياسة، لا في التكنولوجيا. العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران، وتسلط واشنطن على النظام المصرفي في العراق، وهما العائقان الرئيسيان أمام التنفيذ الفعلي لهذا العقد. إذ إن الأموال الناتجة عن صادرات الغاز الإيراني مجمدة في البنك التجاري العراقTBI.ولا تستطيع إيران أن تسحبها. حتى إن رئيس مجلس الوزراء العراقي قد أقر بأن ديون العراق لإيران من واردات الغاز قد بلغت 11 مليار يورو[2]، وهي متراكمة في هذا البنك. وفي مثل هذه الظروف، تتراجع رغبة إيران في تصدير الغاز إلى العراق، وتحت وطأة هذه العقوبات والضغوط تفضل طهران استهلاك الغاز في الصناعات الداخلية مثل البتروكيماويات والصلب، وتصدير المنتجات النهائية إلى الأسواق العالمية، وهو نهج يوفر عائدا نقديا أكبر ويقلل من المخاطر السياسية.

ومن اللافت أن العراق، في سعيه إلى إيجاد بديل عن إيران، اتجه إلى تركمانستان، لكن مسار انتقال غاز التركمانستاني يمر عبر الأراضي الإيرانية، وبالتالي يتعين على العراق دفع تكلفة شراء الغاز بالإضافة إلى رسوم عبوره من إيران. وينتج عن هذا زيادة تكاليف الطاقة وضغط أكبر على الميزانية العامة وعلى الشعب العراقي.

النقطة الرئيسية في هذه الأزمة هي أن السياسة قد حلت محل التنمية. في حين كان من الممكن تعزيز أمن الطاقة، وتحقيق مصالح اقتصادية مشتركة، ورفع مستوى رفاه الشعب من خلال تجارة الغاز الإقليمية، اليومبسبب العقوبات الاقتصادية والعراقيل الأمريكية، لا يزال الشعب العراقي يعاني من الانقطاعات المتواصلة في التيار الكهربائي.

إذا تحرر مسار التفاعل بين إيران والعراق من الضغوطات السياسية الخارجية، فإن البلدين لن يتمكنا فقط من تجاوز أزمة الكهرباء، بل سيتمكنان من تأسيس نموذج ناجح للتعاون الإقليمي في مجال الطاقة. ولكن ما دامت واشنطن هي من يضع قواعد اللعبة، فيبدو أن ليس فقط مصابيح منازل العراقيين ستبقى مطفأة، بل فرص التنمية الإقليمية ايضا ستبقى مطفأة.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • حسين:على سوريا ان تستفيد من “التجربة العراقية” !!!
  • وزير الحرب الأمريكي يعترف بفشل التدخل العسكري في اليمن .. ماذا قال ؟
  • رئيس مجلس الشورى يعقد جلسة مباحثات رسمية مع رئيس مجلس النواب المصري
  • قائد بعثة “الناتو” الجديد في بغداد.. والحكومة العراقية تؤكد التزامها بالتعاون الإستراتيجي
  • غوتيريش يوجه الوكالات الأممية لدعم الحكومة العراقية
  • انقطاع الكهرباء في العراق: عندما تمنع الضغوط الأمريكية حل مشكلة الكهرباء
  • يجري مباحثات ولقاءات.. رئيس مجلس الشورى يصل مصر في زيارة رسمية
  • 32.6 مليار دولار لا تكفي.. العراق خارج قائمة كبار حائزي السندات الأمريكية
  • وزير البيئة:صندوق المناخ الأخضر يخصص (1.3) مليار دولار لتحسين البيئة العراقية
  • المرصد السوري: القوات الأمريكية في سوريا تعيد تمركزها في بعض المواقع