أوروبا تواجه «ثورة مزارعين».. إغلاق طرق في ألمانيا وبلجيكا وجرارات تحاصر باريس
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
تشهد أوروبا ما يشبه «ثورة مزارعين» غاضبين بسبب انخفاض مداخيلهم والسياسات الزراعية التي تتخذها بلدانهم، حيث انضم مزارعون ألمان الى زملائهم في بلجيكا وفنلندا وپولندا وفرنسا واغلقوا أمس الطرقات المؤدية إلى عدة موانئ ألمانية، بينها ميناء هامبورغ، احتجاجا على إلغاء إعفاءات ضريبية كانوا يستفيدون منها، وذلك في إطار تظاهرات زراعية في جميع أنحاء أوروبا.
وحذرت الشرطة في هامبورغ على منصة «إكس»، من أن «اضطرابات مرورية كبيرة حدثت في منطقة الميناء»، الأكبر في ألمانيا، ما تسبب في عرقلة جزء كبير من «حركة مرور الشاحنات».
كذلك، تسببت طوابير من مئات الجرارات في اضطراب حركة المرور في جميع أنحاء وسط مدينة هامبورغ، بينما نظمت تظاهرة للمزارعين أمام محطة القطار، حسبما أفادت السلطات.
وتعطل العمل في موانئ ألمانية أخرى، ففي ولاية ساكسونيا السفلى، منع مزارعون نحو 40 جرارا من الوصول إلى أحد موانئ الحاويات قرب مدينة فيلهلمسهافن، وفقا للشرطة.
كذلك، أدى «تجمع» للمزارعين على طريق رئيسي قرب مرفأ بريمرهافن، إلى «تباطؤ كبير» في حركة المرور. وتدخل هذه الإجراءات في إطار حركة تعبئة واسعة النطاق للمزارعين الألمان الذين يعارضون منذ عدة أسابيع إصلاح الضرائب على الديزل الزراعي، والذي ينص على إلغاء الإعفاء الذي استفاد منه المزارعون، بحلول العام 2026. وتستهدف هذه التحركات خصوصا الالتزامات البيئية الأوروبية المتزايدة المفروضة على القطاع، والزيادة في تكاليف الإنتاج منذ الحرب في أوكرانيا، والعبء الإداري الذي يقع على عاتق المزارع.
وفي فرنسا، قاد المزارعون الغاضبون جراراتهم لإغلاق الطرق الرئيسية المؤدية إلى باريس ومدن كبرى أخرى، وسط مخاوف من تصاعد التوتر مع اشتداد حراك المزارعين. وأعلن الاتحاد الوطني لنقابات المزارعين (FNSEA) الذي يمثل معظم العاملين في المهنة، بدء فرض حصار على العاصمة أمس و«لأجل غير مسمى». وأغلقت الجرارات الطرق السريعة المؤدية الى باريس في لونغفيل وارومني.
وحول مدينة ليون (وسط شرق فرنسا)، استؤنفت التعبئة في وقت مبكر أمس، وفقا للشرطة في الرون، التي اشارت إلى تباطؤ في حركة السير عند القدوم من منطقة مونت دو ليون وإغلاق الطرق السريعة. وتوعدت الفروع المحلية للاتحاد بـ «تداعيات في جميع أنحاء المنطقة». وأعلنت الحكومة، من جانبها، تعبئة 15 ألف عنصر من الشرطة الاثنين لمنع الجرارات من دخول «باريس والمدن الكبرى».
وحذر الأمين العام للاتحاد الوطني لنقابات المزارعين أرنو روسو من أن المرحلة القادمة تحمل في طياتها «أسبوعا يزخر بالمخاطر، إما لأن الحكومة لا تنصت إلينا أو لأن الغضب سيصل إلى مستوى يدفع الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم» لكنه دعا أيضا إلى «الهدوء والعزيمة».
وقبل ذلك بيوم، أغلق مزارعون بلجيكيون طريقا سريعا في جنوب بلجيكا، لينضموا إلى تعبئة مماثلة للحراك الغاضب الذي يشهده قطاع الزراعة في فرنسا وألمانيا.
وفي عملية أدت إلى تباطؤ كبير في حركة المرور، تقدمت عشرات الجرارات على تقاطع رئيسي قبل أن تغلق السير على الطريق السريع E42 في شمال نامور بجنوب البلاد.
وقال بيار دولست، المتحدث باسم اتحاد المزارعين الشباب في بلجيكا والذي نظم التظاهرة، لوكالة فرانس برس، إنه أصبح «من المستحيل كسب دخل لائق» من الزراعة.
وأضاف «ندعو إلى إصلاح للسياسة الزراعية المشتركة يأخذ في الاعتبار الواقع على الأرض» موضحا «يتعين على جميع المزارعين أن يقوموا بالمزيد مع امكانات أقل. المزارعون على استعداد لبذل الجهود ولكن للقيام بذلك، يجب أن يكونوا قادرين على العيش الكريم». كما ندد دولست بالمنافسة مع المنتجات المستوردة التي لا تخضع للمعايير نفسها.
وتم لصق لافتات على الجرارات كتب عليها «نهايتنا ستكون جوعك»، و«حلم الطفولة، وكابوس الكبار».
المصدر: جريدة الحقيقة
إقرأ أيضاً:
الكرة المصرية في مفترق طرق.. والجبلاية تحتاج ثورة تصحيح
لم يكن خروج المنتخب المصري من كأس العرب الأخيرة مجرد تعثر رياضي عابر، بل جاء ليضيف حلقة جديدة إلى سلسلة الإخفاقات التي تضرب كرة القدم المصرية منذ سنوات، بدءا من السقوط المدوي لمنتخب الشباب في كأس العالم، وصولا إلى الأداء المرتبك والنتائج المخزيه للمنتخبات الوطنية بمختلف فئاته، وآخرها فضيحة المنتخب الثاني بقيادة حلمي طولان فى كأس العرب.
الإقصاء من كأس العرب ليس مجرد نتيجة مخيبة، بل مؤشر إضافي على أزمة شاملة تطال المنظومة بأكملها من دون استثناء، بأداء باهت، غياب استقرار فني، تراجع مستوى الدوري المحلي، وضعف في إنتاج المواهب الشابة.
وازدادت حالة الإحباط بعد المشهد المقلق الذي فرضه خروج منتخب الشباب قبل أشهر، ما فجر موجة انتقادات واسعة تجاه أداء المنتخبات الوطنية وبرامج التطوير التي باتت شبه غائبة.
فالمنافسة لم تصبح فقط مع القارة الإفريقية، بل مع كرة عربية تتطور بسرعة فائقه، ومصر لم تعد تحتمل إخفاقا جديدا، فالمشهد العام يوحي بأن الكرة المصرية تقف اليوم في مفترق طرق وسط مخاوف جماهيرية متصاعدة من تكرار الصدمات في الاستحقاق القاري المقبل “كأس الأمم الإفريقية”، في ظل حالة عدم الثقة بقدرة المنتخب الحالي على استعادة أمجاد بطولات 2006 و2008 و2010 حين كان الفراعنة رقما صعبا في القارة السمراء.
ولا يخفى على القائمين على كرة القدم أو الجماهير أن المنتخب الأول تحت قيادة حسام حسن لم يصل بعد إلى مستوى الجاهزية الفنية أو الإدارية للمنافسة على اللقب القاري.
ورغم أن النقاش العام يتركز غالبا على اللاعبين والمدربين، إلا أن جوهر الأزمة يتجاوز ذلك بكثير، فالمنظومة الرياضية لم تعد قادرة على مواكبة التطور العالمي في كرة القدم، فيما تراجع الدوري المصري بفعل اضطراب جدول المباريات فى الدوري الممتاز ودروي الدرجة الثانية، والضعف البدني الواضح، وغياب التخطيط طويل المدى.
في الوقت الذي تعاني فيه الكرة المصرية من التراجع، تعيش الكرة المغربية طفرة مبهره، سواء في كأس العالم أو تتويجات قارية متتالية لأنديتها، بجانب صعود لافت للمستوى الفني في السعودية وقطر والإمارات.
النجاح المغربي لا يعود فقط إلى وفرة المحترفين في أوروبا، بل نتيجة مشروع بدأ قبل أكثر من عشر سنوات يعتمد على بنية تحتية حديثة، وأكاديميات لرعاية الموهوبين، واستقرار فني وإداري، بينما لا تزال الكرة المصرية عالقة في دائرة الأخطاء المتكررة.
النهضة المغربية أصبحت نموذجا يحتذى به بعد أن اقترنت بالتخطيط الطويل ومحاربة الفساد، وهو ما تفتقده الرياضة المصرية التي لا تزال بحاجة إلى إصلاحات جذرية تعيدها إلى موقع الريادة.
فالأزمة باتت هيكلية بسبب التغيرات المستمر في الأجهزة الفنية، وغياب رؤية طويلة المدى، المسئول عنها اتحاد الكرة الذى يدير المشهد بشكل غير احترافي بقرارات ارتجالية تربك المنتخبات في مختلف الأعمار، بجانب عدم الاهتمام ببرامج تطوير الناشئين وتراجع إنتاج المواهب القادرة على المنافسة الدولية.
وفي ظل هذا المناخ المضطرب يصبح من الصعب بناء مشروع كروي حقيقي، بينما يزداد الضغط على المنتخبات قبل الظهور في بطولات عالمية وقاريه، لينتهي بنا المطاف بالخروج صفر اليديدن من معظم البطولات طوال السنوات الماضية.
يؤكد خبراء الإعداد البدني أن الفارق بين اللاعب المصري ونظيره الإفريقي أو العربي لم يعد مهاريا بقدر ما هو بدني، فمع توقف الأندية عن الاستثمار في برامج اللياقة الحديثة تراجع الأداء البدني للاعبين بشكل واضح، وهو ما يظهر عند مواجهة منتخبات شمال إفريقيا الأكثر جاهزية وقوة.
بينما يرى خبراء التدريب أن الأزمة الأكبر تكمن في تراجع منظومة الناشئين، إذ تعتمد أغلب الأندية الكبرى على شراء اللاعبين بدل صناعة جيل جديد، وفي وقت تبني فيه الدول العربية وعلى رأسها المغرب مراكز تكوين تضاهي الأكاديميات الأوروبية، ما زالت قطاعات الناشئين المصرية تدار بأساليب تقليدية تفتقد للرؤية.
أكبر نجاحات الكرة المصرية في تاريخها جاءت حين كان هناك مشروع واضح واتحاد مستقر وأهداف طويلة المدى، أما اليوم فالمشهد مختلف تماما: لا رؤية، ولا تخطيط، ولا استمرارية، بل قرارات متلاحقة معظمها وفقا للأهواء والانتماء، وهو ما يعمق الفوضى داخل المنتخبات والأندية.
الأزمة الحالية أعمق من مجرد خروج من بطولة، فهي نتيجة غياب مشروع حقيقي يربط بين المنتخبات والأندية، وتبني معايير واضحة للتطوير الفني والبدني والإداري، وإذا أرادت الكرة المصرية أن تستعيد موقعها الطبيعي فعليها التخلي عن الحلول المؤقتة والبدء في بناء المنظومة من القاعدة إلى القمة.