الخليج الجديد:
2025-06-13@15:04:29 GMT

القيمة المضافة في حكم محكمة العدل الدولية

تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT

القيمة المضافة في حكم محكمة العدل الدولية

القيمة المضافة في حكم "العدل الدولية"

جرّدت تهمة الإبادة الجماعية إسرائيل من المبادئ والتماثل مع الغرب في قيمه العليا وأسقطت قوتها الناعمة، وهي القيمة النوعية المضافة في حكم المحكمة.

قوة دولة الاحتلال ليست في عسكرها ودبّاباتها وطائراتها وتحالفها مع أميركا فقط، بل في تفوّقها على محيطها، بفعل ما روّجته عن نفسها، كديمقراطية وحيدة في الإقليم.

بمجرّد قبولها الدعوى، فضّت محكمة العدل الدولية بنيان الرواية الإسرائيلية، القائمة على التفوّق العرقي والأحقية، ناهيك عن المظلومية الأبدية، ونقلتها إلى هامش الدونية الأخلاقية.

* * *

بعيداً عن المغزى القانوني الذي أشبعه الحقوقيون شرحاً وتأويلاً في الأيام القليلة الماضية، وبمنأى عن السجال السياسي بين قلة قليلة من خائبي الأمل وكثرة كاثرة من المستبشرين بحكم محكمة العدل الدولية، تودّ هذه المقاربة المتواضعة الإضاءة على القيمة المضافة في هذا الحكم المتعلّق بجريمة الإبادة الجماعية، التي ترتكبها دولة الاحتلال، في قطاع غزّة، على مدى أربعة أشهر طافحاتٍ بالدم والدمار والتهجير، لعلنا نتمكّن من الإسهام بقسطٍ متواضعٍ في النقاش المحتدم بشأن مآلات التدابير المتخذة، من وجهة نظر مغايرة.

ومن غير أي تقليلٍ أو تبخيس بهذه القرارات الصادرة بأغلبية ساحقة من حكّام أرفع مرجعية قضائية دولية، أو الاستهانة بفاعلية ما سيترتّب على تدابيرها الاحترازية المؤقتة من نتائج محتملة، حتى وإن امتنعت حكومة بنيامين نتنياهو عن تنفيذها في المدى القريب، تظلّ هذه القرارات الإلزامية، بحكم نصّ اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، ذات جدوى بالغة الأهمية، سيّما في البعد القيمي، الغائب عن حوارات معظم المعلّقين المنخرطين في النقاش السياسي العام، أو ذوي الاختصاص، المتبارزين في لفت الانتباه حول قصور المحكمة في الاستجابة لطلب إصدار قرار احترازي واضح بوقف إطلاق النار.

تنبني هذه المقاربة على فرضية أن قوة دولة الاحتلال ليست في عديد عسكرها وأعداد دبّاباتها وطائراتها فقط، ولم تكن كفّة ميزانها راجحة ذات يوم، بفعل تقدّمها التكنولوجي والاقتصادي فحسب، أو بفضل تحالفاتها الواسعة، سيما مع أميركا، وإنما كانت فوق ذلك كله متفوّقة على محيطها كله، بفعل ما روّجته عن نفسها، بنجاح، دولة ديمقراطية وحيدة في صحراء الشرق الأوسط، وأنها نبتٌ حضاريٌّ متفتحٌ وسط بيئة متوحّشة من الأشرار والإرهابيين وأحفاد تجار العبيد، فيلّا فاخرة في قلب غابة مليئة بالضباع والذئاب و"الوحوش الآدمية". فقد قدمت دولة الاحتلال نفسها طوال الوقت الطويل أنها الضحية الأبدية وصاحبة المظلومية التاريخية، دولة الناجين من المحرقة النازية، وسوّقت صورتها معجزةً تفيض بالتقدّم والحيوية، وأنها جزءٌ من المركزية الأوروبية، تشارك الغرب قيمه العليا، مبادئه السامية ومثُله الحضارية، وكل مفرداته الثقافية، فيما ظلت صورة العرب في المقابل عدمية، مظلّلة بالآراء المسبقة والتقييمات الظالمة عن خاصيات التعصّب والكراهة والأصولية، التخلف والفساد والميول الاستبدادية، الأمر الذي أحدث كل هذا التسامح المديد مع فظائع الاحتلال من دون أي مساءلة، وسوّغ غضّ البصر والتغاضي عن جرائمه المروّعة.

عقب "طوفان الأقصى" وعلى وقع هزيمتها المدوّية، حاولت دولة الاحتلال أن تجدّد صورتها التي تحطّمت على غلاف غزّة، استعادة هيبتها ومضاء سيفها وقوة ردعها، واسترداد روحها الممزّقة، ومن ثمّ إعادة بناء مظلوميّتها الملفقة، بالحديث الكاذب عن قطع رؤوس الأطفال واغتصاب النساء، غير أن الاحتلال تخطّى حدود القوة، أفرط كثيراً في استخدام آلة قتله المدمّرة، وقارف كل جريمة أخلاقية ممكنة، الأمر الذي قلب عليه الرأي العام في المطرح الأكثر أهمية له، أوروبا وأميركا.

على هذه الخلفية الدامية، المتشكّلة في غزّة، جاءت المحكمة الدولية، بحكمها غير المثالي ربما، لتضع دولة الاحتلال في قفص الاتهام باقتراف أم الجرائم، الإبادة الجماعية، ولتستكمل بهذه السابقة غير المسبوقة عملية جلاء صورة الدولة المارقة، القلعة الباغية المحصّنة ضد كل مساءلة، كما أتت لائحة الشبهات والتهم المُحكمة، بما في ذلك إلزام دولة الاحتلال بالامتناع عن التجويع والتقتيل للغزّيين، وبتقديم تقرير مفصّل عما طلبته الهيئة القضائية من أجوبة عن جملة من الأسئلة المحدّدة، في غضون شهر، كعملية إخضاع لا مراء فيها، لتلك الغطرسة ونهج الغرور، اللذيْن اتّسمت بهما تصرّفات آخر دولة احتلال.

بكلام آخر، فضّت محكمة العدل الدولية، بمجرّد قبولها الدعوى، بنيان الرواية الكلاسيكية الإسرائيلية، القائمة على الحسّ بالتفوّق العرقي والعدالة والأحقية، ناهيك عن المظلومية الأبدية، ونقلتها من موضع الزعم بالغلبة والتميّز والفرادة إلى هامش الهامش وحضيض الدونية الأخلاقية، وأهم من ذلك كله، جرّدتها شبهة تهمة الإبادة الجماعية من كل مُثل ومبادئ مزعومة، بما في ذلك الزعم بالتماثل مع الغرب في قيمه العليا، كما أسقطت من بين يديها درّة تاج قوتها الناعمة، ولعلّ هذه هي القيمة النوعية المضافة في حكم محكمة العدل الدولية.

*عيسى الشعيبي كاتب وصحفي من الأردن

المصدر | العربي الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إسرائيل حكومة نتنياهو القيمة المضافة الإبادة الجماعية القوة الناعمة طوفان الأقصى محكمة العدل الدولية الرواية الإسرائيلية محکمة العدل الدولیة الإبادة الجماعیة دولة الاحتلال

إقرأ أيضاً:

تأكيدًا لمكانتها المتزايدة في المحافل الدولية.. تجديد انتخاب المملكة عضوًا في اللجنة الإدارية بمجلس الحبوب الدولي

جدد مجلس الحبوب الدولي “IGC” في جلسته الـ”62″ بلندن أمس انتخاب المملكة العربية السعودية عضوًا في اللجنة الإدارية للمجلس للدورة 2025 / 2026م.

وتضم اللجنة في عضويتها “16” دولة، يتم انتخابها من إجمالي “30” دولةً، من ضمنها الاتحاد الأوروبي الممثل لعدد “27” دولةً.

وأوضح رئيس الهيئة العامة للأمن الغذائي المهندس أحمد بن عبدالعزيز الفارس أن تجديد انتخاب المملكة في عضوية اللجنة الإدارية للمجلس تأكيد على مكانة المملكة المتزايدة في المحافل الدولية وثقلها الاقتصادي البارز على المستوى الدولي والإقليمي، حيث تشارك المملكة منذ الانضمام للمجلس في الأول من سبتمبر 2010م بفاعلية في قرارات المجلس التي تسهم في استقرار أسواق الحبوب العالمية.

اقرأ أيضاًالمملكةرئيس البرلمان العربي يرفع التهنئة للقيادة بنجاح موسم الحج

وناقش المجلس في جلسته الـ”62″ العديد من القضايا المتعلقة بأسواق الحبوب، والأرز، والبذور الزيتية، أبرزها تطورات العرض والطلب العالمي والشحن البحري، وتأثيرات القيود غير الجمركية على التجارة العالمية للسلع الغذائية، وتطورات السياسات المرتبطة بالتجارة، وآليات تعزيز التعاون التجاري العالمي من خلال الاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف، إضافة إلى الموضوعات الإدارية والمالية المتعلقة بأعمال المجلس؟

ورأس وفد المملكة المشارك في جلسة المجلس نائب رئيس الهيئة العامة للأمن الغذائي محمد بن إبراهيم الفوزان.

ويعد مجلس “IGC” منظمة حكومية دولية، وقد تأسس في العام 1949م بهدف تعزيز التعاون الدولي في مجال تجارة الحبوب، والإسهام في استقرار أسواقها، وتعزيز الأمن الغذائي العالمي من خلال تقديم تحليل محايد لأساسيات العرض والطلب في قطاعي الحبوب، والبذور الزيتية، وتحسين الشفافية من خلال تبادل المعلومات والتحليل والتشاور بشأن تطورات السوق والسياسات، والإبلاغ المنتظم عن تطورات السوق والسياسات.

مقالات مشابهة

  • تأكيدًا لمكانتها المتزايدة في المحافل الدولية.. تجديد انتخاب المملكة عضوًا في اللجنة الإدارية بمجلس الحبوب الدولي
  • بريطانيا تُقر بتدريب إسرائيليين على أراضيها رغم تصاعد الرفض من دعم الإبادة بغزة
  • حماس : قطع الإتصالات بغزة خطوة عدوانية في سياق حرب الإبادة الجماعية
  • حاخامات أوروبيون يلغون مؤتمرهم في سراييفو.. ما علاقة غزة؟
  • بيرو تلاحق جنديا إسرائيليا بقضية الإبادة الجماعية في غزة
  • وزارة العدل: لم نتعرض لأي اختراق ونعتمد أحدث المعايير الدولية في مجال الأمن السيبراني
  • محكمة قطر الدولية تختتم مشاركتها في أعمال أسبوع لندن الدولي لتسوية المنازعات 2025
  • بالفيديو: الحكومة الفلسطينية تتسلم من روسيا منحة 30 ألف طن قمح لغزة
  • الصلابي لـعربي21: الشعوب تتحرك نحو غزة.. وعلى قادة الغرب العودة للحق
  • خلال لقائه رئيس مجلس الشورى في دولة قطر: رئيس البرلمان العربي يشيد بالجهود التي يقوم بها أمير دولة قطر لوقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني