تمثيلات المرأة فى الشعر الصينى الكلاسيكي
تاريخ النشر: 4th, February 2024 GMT
لما قالولى ده ولد انشد ضهرى واتسند
لما قالولى ده غلام انشد ضهرى واستقام
وكلونى البيض مقشّر وعليه السمن عام
ولما قالولى بنية الحيطان مالت عليه
وكلونى البيض بقشره وبدال السمن َميّة
هكذا يصور التمييز بين الولد والبنت فى الفولكلور المصرى. ولكننا نجده فى مجتمعات أخرى لبلاد ذات تاريخ عريق مثل الصين.
كنت أتصفح مختارات من الشعر الصينى الكلاسيكى عندما استرعى انتباهى قصيدة للشاعر فو هسوان ( Fu Hsuanت.
فو هسوان، المعروف أيضًا باسم فو شوان، كان شاعرًا وعالِمًا بارزًا فى الصين القديمة. لا يُعْرَف عن حياته إلا النذر القليل، ولكن شعره ترك بصمة دائمة على الأدب الصينى. كان فو هسوان مرتبطًا بتقاليد الديانة التاوية والكونفوشيوسية، وكتاباته كانت تعكس ذلك غالبًا.
تبدأ قصيدة فو هسوان «أن تكونى أنثى» بتعبير مؤثر عن الحزن، مبرزة مدى تحقير المجتمع الصينى للنساء آنذاك. يستخدم الشاعر صورًا حية لتصوير التناقض الفاضح بين نظرة المجتمع للأولاد والبنات. بينما يُحتفى بالأولاد كنعمة هبطت من السماء، يُولد البنات فى عائلات لا تعتبر قدومهن حدثًا مهمًا.
كم هو محزن أن تكونى أنثى!
لا يوجد شيء أرخص على وجه الأرض.
يقف الصبى متكئًا على الباب
يرونه كائنًا خارقًا سقط من السماء،
مغوارًا شجاعًا يقتحم المحيطات الأربعة،
يثير الرياح والغبار لألف ميل
يستكشف الشاعر حياة المرأة، من ولادتها مرورًا بشبابها وحتى زواجها التعس. تُظْهِر القصيدة شعورًا بالحصار والخوف عندما تختبئ المرأة الشابة فى غرفتها، متخوفة من مواجهة الرجال. يلقى فو هسوان نظرة على الحياة الزوجية للمرأة، وكيف أنها محكومة بتوقعات المجتمع ووضع النساء فيه.
تستعرض القصيدة تعقيدات الحب والعلاقة غير المتكافئة بين المرأة وزوجها-سيدها. يستخدم فو هسوان صورة الشمس وزهرة عباد الشمس ليُظهر علاقة الحب من طرف واحد والتضحيات التى تقدّمها النساء من أجل إرضاء الزوج والأهل. يشدّد الشاعر على التغييرات الحتمية فى حياة المرأة، متنبئًا بسعى سيدها لمتع جديدة خارج قفص الزوجية.
الإشارة إلى أن السيد سيجد متعًا جديدة توحى بوجود الزواج المتعدّد والطبيعة العابرة للعلاقات الزوجية. تشير القصيدة إلى أن المرأة، رهنًا لرغبات الذكور، كانت فى كثير من الأحيان تعتبر قابلة للتصرف أو للتبديل.
تقدم قصيدة «أن تكونى أنثى» صيحة احتجاج مؤثرة تذكرنا بأبيات للشاعر أحمد فؤاد نجم ردا على تمييز الولد على البنت فى الفولكلور المصري:
لما قالوا دى البنية
طلعت الحنة ف ايديا
شمس طالعة المغربية
روح يا ليل الوحشة روح
ننه هوووه.
ولما قالوا دا ولد
فزّ ضهرى وانسند
واشتكيت حال البلد
للضنا وقدرت أبوح
المصدر: بوابة الوفد
إقرأ أيضاً:
ضد المرأة
يونيو 21, 2025آخر تحديث: يونيو 21, 2025
وفاء نصر شهاب الدين
كاتبة من مصر
ما بين جدران المنازل، وفي دهاليز الصمت، تنكسر أنوثةٌ خُلقت ليحتفي بها ، وتُهان كرامةٌ كُتِب لها أن تُصان.
كثير من النساء تعرضن للعنف الجسدي سواء بمبرر أو بدون مبرر، فمجتمعاتنا تشرع للرجل أن يؤدب زوجته وابنته وشقيقته كفعل من أفعال القوامة، الكثير لا يفهم أن القوامة تعني خدمة المرأة والقيام على أمورها والإنفاق عليها وليس أن تستعرض قوتك الجسدية وتستخدمها في إيذائها واغتصاب حقوقها أو قهرها فانتشر الفكر الرجعي والأمثلة التي تعادي النساء وتحض على إيذائهن والتقليل من شأنهن لصالح الذكور لا لشيء إلا لأنهن خلقن إناث، نرى اليوم الرجال وقد أصابهم سعار القوامة والقوة فيستخدموها لقتل نسائهن أو لإرغامهن على القفز من الشرفات لذا لابد من حملة توعية لمنع العنف ضد الفتيات والسيدات حتى لا ينتشر الأمر أكثر من ذلك ونصبح أضحوكة الأمم.
ليس العنف ضد المرأة مجرّد فعلٍ ماديٍّ يترك أثره على الجلد، بل هو خنجرٌ مسمومٌ يغوص في أعماق الروح، يقتلها ببطء، وهي تتنفس، تبتسم، وتحاول النجاة. العنف البدني ليس رجولة، بل سقوطٌ أخلاقيّ، وانهيارٌ في منظومة الرحمة.
كل صفعةٍ على وجه امرأة، هي صفعةٌ على وجه الإنسانية. وكل كدمةٍ على جسدها، هي كدمةٌ على ضمير العالم.
أخطر من الضرب، ذاك العنف الذي لا يُرى بالعين المجرّدة…كلمةٌ تُقال بقسوة، نظرةٌ تُلقيها بلا رحمة، تجاهلٌ ممن تحب، أو تقليلٌ ممن تُخلص له. العنف النفسي يسلب المرأة ثقتها بنفسها، يشوّه صورتها في عينيها، ويتركها تحارب أشباحًا لا أسماء لها.
إنه جرحٌ لا ينزف، لكنه ينخر القلب نخرًا، ويُطفئ النور في العيون شيئًا فشيئًا. ليس من العدل أن نطلب من امرأةٍ أن تصمت باسم الحب، أو تتحمّل باسم التضحية. فالسكوت عن العنف مشاركةٌ فيه، والتغاضي عنه تواطؤٌ يطيل أمد الجرح.
وليس من العيب أن تطلب المرأة النجدة، بل العيب في مجتمعٍ يُخرس صراخها، ويُبرر وجعها.
المرأة ليست ضلعًا قاصرًا، ولا كائنًا خُلق ليُعذّب ويصبر. هي وطن، هي نبض، هي الحياة حين تُنصف، والجحيم حين تُظلم.
لن تكون العدالة حقيقية، ما دامت النساء تُضرب في الخفاء، وتُهان في العلن، ويُقال لهن: “تحمّلي… فهذه حياتك”. فحياة المرأة أقدس من أن يتم امتهانها وإهانتها ولإنهاء العنف ضد المرأة والوقاية منه ومنع حدوثه ، ويكون ذلك من خلال معالجة أسبابه التي تقوم على الأعراف الاجتماعية الخاطئة، والتمييز بين الجنسين، وذلك من خلال: تحقيق المساواة بين الجنسين، وتعزيز علاقات الاحترام المتبادل بينهما. تمكين المرأة في المجتمع. منح المرأة جميع حقوقها الإنسانية.